عالم يتغير

فوزية رشيد
حتى قبعتك صينية!
{ حتى لحظة كتابة المقال رفع ترامب الرسوم الجمركية على الصين لتصل إلى 145% فيما ردت الصين بدورها برفع الرسوم على البضائع الأمريكية لتصل إلى 125% ..! ويبدو أن مزاد الرسوم لن يتوقف عند هذا الحد، بل هناك من يطالب ترامب من متطرفي التجارة حوله ليرفع الرسوم على الصين دفعة واحدة لتصل إلى 500% ! وبالطبع الصين لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ذلك ليجد العالم نفسه أمام حرب تجارية ذات طابع عبثي! ولتصبح المواجهة التجارية ذات بُعد كلامي أيضا، حين نشرت متحدثة الخارجية الصينية صورة للرئيس الأمريكي ترامب وهو يرتدي قبعة حمراء مذكرة إياه بأن حتى قبعتك صينية! وهي من طرائف التعليقات بين البلدين!
{ الصين في ظل هذه الحرب التجارية يحذر رئيسها تشي بأن الولايات المتحدة تواجه العالم وقريبا ستعيش العزلة! يقول ذلك وهو يتطلع في انتهاز الفرصة التي أمامه ليحول التحديات التي تواجه بلده إلى فرصة ذهبية! لرفع مكانة الصين كثاني أكبر اقتصاد في العالم وأحد أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة إلى أول اقتصاد في العالم من خلال رؤيتها المختلفة للتجارة العالمية وفتح الأبواب أمام السوق العالمي المتضرر من السياسة التجارية الأمريكية التي قد تصيب الاقتصاد العالمي بالكساد! ولذلك فإن النهج الصدامي الذي تتخذه الصين حاليا، مبني على أوراق كثيرة تمتلكها الصين في يدها سواء بما يخص أمريكا من حيث وارداتها المهمة لها أو بما يخص ما بنته من علاقات تجارية واسعة مع كثير من دول العالم حتى غطت منتجاتها الأسواق العالمية كلها سواء في أمريكا أو أوروبا أو بقية العالم مؤكدة في الوقت ذاته أنها لا تسعى إلى خوض حرب تجارية لكنها لن تتردد في الرد إذا فُرضت عليها المواجهة ولجأت مؤخرا إلى توسعة نطاق استخدام العملة الصينية الإلكترونية مع عديد من الدول بما يشكل تحديا للدولار!
{ سياسة ترامب التجارية أضرت العالم كله وأسواقه والبورصات في العالم، بل ووصلت إلى التأثير في سعر النفط حيث توقعت مجموعة غولدمان ساكس أن يتراجع سعر برميل خام برنت إلى ما دون (40 دولارا) للبرميل في ظل سيناريو متطرف إذا اشتعلت الحرب التجارية واستمرت! وحيث سعر النفط يواجه حاليا تذبذبات بين الانخفاض والصعود فبعد تعليق ترامب الرسوم على بعض الدول عاود النفط ارتفاعه بشكل لا يزال يدخل فيه القلق الدولي والتذبذب في كل الأسواق بسبب عدم معرفة أية إجراءات أخرى متطرفة قد يأخذها الرئيس الأمريكي وما سيكون عليه تحديدا رد الفعل الصيني بالمقابل! ولكأن العالم واقع اليوم في خضم الصراع التجاري والاقتصادي بين أكبر عملاقين اقتصاديين هما أمريكا والصين، ودول العالم وشعوبها هي من يدفع في النهاية ثمن هذا الصراع أو جنون المواجهة بين الطرفين!
{ «لاري فينك» الرئيس التنفيذي للشركة العملاقة بلاك روك (BKACK ROCK) والمتحكمة في كثير من الأسواق العالمية قال أمريكا قريبة جدا من الركود الاقتصادي وربما تكون في حالة ركود الآن، ولعل من استفاد من قرارات ترامب هو ترامب نفسه! حيث بعد قراراته في الرسوم الجمركية تهاوت أسعار الأسهم في البورصة الأمريكية فاشترى منها كمية كبيرة ثم بعد ذلك أصدر قراره حول مهلة 90 يوما للرسوم ليرتفع سعر ذات الأسهم التي اشتراها ويجني ثروة طائلة إلى جانب ثروته السابقة!
{ هكذا وكما تناقلت الأخبار ذلك فإننا أمام تاجر صفقات يستغل منصبه كرئيس لأكبر اقتصاد في العالم ويمتلك ما يقترب من الصلاحية الكاملة وحيث التشريع والتنفيذ بيده بعد الانتخابات الأخيرة ليقامر باقتصاد بلده والاقتصاد العالمي والتجارة الدولية! ويضرب كل قوانينها عرض الحائط ثم يحقق لنفسه جني الثروات! والمسألة هي قرارات متطرفة ثم تعديل وربما لاحقا تراجع عن القرارات ذاتها بعد أن يكون قد شفط مئات المليارات لجيبه الخاص! لكأننا أمام كوميديا أو تراجيديا تجارية واقتصادية يتلاعب بالتمثيل فيها ترامب بامتياز ويتصرف وفق رؤاه المتطرفة التي لا تقل كوميدية أو تراجيدية عن تمثيله وما يتسبب به لكل دول العالم وشعوبها! والطريف أنه يستخف بكل ما أنتجته قراراته من تأثيرات في الاقتصاد الأمريكي نفسه وفي الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية وفي أسعار البضائع في العالم بل ويتفلسف في الدفاع عنها! وعن أمريكا العظيمة!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك