العدد : ١٧٢٠٣ - الثلاثاء ٢٩ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٠٣ - الثلاثاء ٢٩ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

أنا غال.. جسمي خط أحمر

كل‭ ‬التحية‭ ‬لمسلسل‭ ‬‮«‬لام‭ ‬شمسية‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تفوق‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الدرامي،‭ ‬والذي‭ ‬تناول‭ ‬قضية‭ ‬التحرش‭ ‬بالأطفال‭ ‬الذكور،‭ ‬مبرزا‭ ‬مدى‭ ‬الأذى‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الأبناء‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬الحيوانية،‭ ‬ودور‭ ‬الآباء‭ ‬في‭ ‬مساعدتهم‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المحنة،‭ ‬والخروج‭ ‬منها‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر‭ ‬النفسية،‭ ‬وعدم‭ ‬ملازمة‭ ‬آثارها‭ ‬المدمرة‭ ‬لهم‭ ‬طوال‭ ‬حياتهم‭.‬

البعض‭ ‬وصف‭ ‬هذا‭ ‬المسلسل‭ ‬بالمؤلم‭ ‬وبالمرعب‭ ‬لذلك‭ ‬فضل‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬مشاهدته‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بالفزع‭ ‬تجاه‭ ‬أبنائه‭ ‬أو‭ ‬يصاب‭ ‬بالشك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬حوله،‭ ‬وشخصيا‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬العكس‭ ‬هو‭ ‬الصحيح،‭ ‬فمتابعته‭ ‬تنفع‭ ‬كثيرا‭ ‬ولا‭ ‬تضر‭ ‬قيد‭ ‬أنمله،‭ ‬فهو‭ ‬عمل‭ ‬درامي‭ ‬تعليمي‭ ‬إرشادي‭ ‬يجيب‭ ‬عن‭ ‬تساؤلات‭ ‬عديدة‭ ‬يبحث‭ ‬آباء‭ ‬الأطفال‭ ‬المتضررين‭ ‬عن‭ ‬إجابات‭ ‬شافية‭ ‬لها‭ ‬منها‭ ‬ماذا‭ ‬نفعل؟‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬نذهب؟‭ ‬لمن‭ ‬نلجأ؟‭ ‬كيف‭ ‬نحصل‭ ‬على‭ ‬حقنا‭ ‬القانوني؟‭ ‬والأهم‭ ‬كيف‭ ‬نتعامل‭ ‬مع‭ ‬الضحية؟

هذا‭ ‬العمل‭ ‬المهم‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬شخصية‭ ‬المتحرش‭ ‬الذي‭ ‬يعمد‭ ‬إلى‭ ‬اللعب‭ ‬بمشاعر‭ ‬الطفل‭ ‬وإلى‭ ‬بناء‭ ‬علاقة‭ ‬متينة‭ ‬معه‭ ‬ومعرفة‭ ‬مداخله‭ ‬وكسب‭ ‬ثقته‭ ‬والتأثير‭ ‬عليه‭ ‬حتى‭ ‬درجة‭ ‬استمالته‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليه،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬أبنائنا،‭ ‬والتوقف‭ ‬عند‭ ‬أي‭ ‬تغييرات‭ ‬قد‭ ‬تطرأ‭ ‬عليهم،‭ ‬والتحاور‭ ‬معهم‭ ‬بصورة‭ ‬مستمرة،‭ ‬وإشعارهم‭ ‬بالأمان،‭ ‬وبعدم‭ ‬التردد‭ ‬أو‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬قد‭ ‬تواجههم‭.‬

اسم‭ ‬المسلسل‭ ‬جاء‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬السكوت‭ ‬عن‭ ‬مشكلة‭ ‬موجودة‭ ‬بالفعل،‭ ‬ومن‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬أو‭ ‬التحدث‭ ‬عنها،‭ ‬فاللام‭ ‬الشمسية‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬المنطوق،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خللا‭ ‬ما‭ ‬تجاه‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬قضية‭ ‬التحرش‭ ‬الجنسي‭ ‬ضد‭ ‬الاطفال‭ ‬الذكور‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬الأرقام‭ ‬المفزعة‭ ‬للذين‭ ‬تعرضوا‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الجرم‭.‬

مؤخرا‭ ‬كشفت‭ ‬المنظمة‭ ‬الأممية‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬310‭ ‬ملايين‭ ‬صبي‭ (‬أي‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬11‭) ‬تعرضوا‭ ‬للاغتصاب‭ ‬أو‭ ‬العنف‭ ‬الجنسي‭ ‬في‭ ‬طفولتهم،‭ ‬موضحة‭ ‬أن‭ ‬العنف‭ ‬الجنسي‭ ‬ضد‭ ‬الأطفال‭ ‬منتشر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬والثقافية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يستلزم‭ ‬وقفة‭ ‬جادة‭ ‬تشريعية‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬توعوية،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الدرامي‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬كل‭ ‬طفل‭ ‬إلى‭ ‬الشعور‭ ‬بأن‭ ‬جسمه‭ ‬غالٍ،‭ ‬وبأن‭ ‬هناك‭ ‬حدودا‭ ‬للتعامل‭ ‬معه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬عدم‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬حقه‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الحدود‭.‬

باختصار،‭ ‬المطلوب‭ ‬ترسيخ‭ ‬مبدأ‭ ‬خصوصية‭ ‬الجسد‭ ‬عند‭ ‬الطفل‭ ‬منذ‭ ‬نشأته،‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬أولى‭ ‬خطوات‭ ‬حمايته‭ ‬لنفسه،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬مسلسل‭ ‬لام‭ ‬شمسية‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا