العدد : ١٧١٧٦ - الأربعاء ٠٢ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧٦ - الأربعاء ٠٢ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ شوّال ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن غزواتي العاطفية

لسبب‭ ‬لا‭ ‬أعرفه‭ ‬لم‭ ‬تعرن‭ ‬أي‭ ‬زميلة‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬نظرة‭ ‬اعجاب،‭ ‬فرغم‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬طيبة‭ ‬بالعشرات‭ ‬منهن،‭ ‬إلا‭ ‬أنهن‭ ‬كن‭ ‬أعقل‭ ‬من‭ ‬التورط‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬‮«‬قصة‭ ‬حب‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬‮«‬يفرِق‮»‬‭ ‬معي،‭ ‬فحتى‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬هجرت‭ ‬سعاد‭ ‬حسني‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬ضبطتها‭ ‬تقبل‭ ‬المطرب‭ ‬الراحل‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ،‭ ‬كنت‭ ‬واثقا‭ ‬من‭ ‬‮«‬جاذبيتي‮»‬،‭ ‬وبحكم‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬سينما‭ ‬النيل‭ ‬الأزرق‮»‬‭ ‬في‭ ‬النطاق‭ ‬الجغرافي‭ ‬لجامعة‭ ‬الخرطوم‭ ‬وبحكم‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬أفلام‭ ‬هوليوود،‭ ‬وبسبب‭ ‬ضعف‭ ‬جيناتي‭ ‬العربية،‭ (‬بحكم‭ ‬أنني‭ ‬نوبي‭ ‬على‭ ‬السكين‭. ‬بالمناسبة‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬على‭ ‬السكين‮»‬‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬تجارة‭ ‬البطيخ،‭ ‬وعندما‭ ‬يقول‭ ‬لك‭ ‬البائع‭: ‬على‭ ‬السكين‭ ‬فمعناها‭ ‬‮«‬على‭ ‬ضمانتي‭. ‬نقطعها‭ ‬وسترى‭ ‬كم‭ ‬وكيف‭ ‬هي‭ ‬حمراء‭ ‬ولذيذة‭ ‬الطعم‮»‬،‭ ‬وهكذا‭ ‬صارت‭ ‬العبارة‭ ‬تطلق‭ ‬على‭ ‬الشيء‭ ‬المضمون‭ ‬او‭ ‬القاطع‭/‬الحاسم،‭ ‬فتقول‭ ‬عن‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬مثلا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬بعثي‭ ‬على‭ ‬السكين‮»‬‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬إرهابي‭. ‬بحكم‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬زبائن‭ ‬تلك‭ ‬السينما‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يدخلها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬يجيد‭ ‬الانجليزية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬كانت‭ ‬شبه‭ ‬مخصصة‭ ‬لطلاب‭ ‬جامعة‭ ‬الخرطوم،‭ ‬وكنا‭ ‬ندخلها‭ ‬بتذاكر‭ ‬مخفضة‭. ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬السينما‭ ‬حدثت‭ ‬لي‭ ‬الطفرات‭ ‬العاطفية‭ ‬التي‭ ‬اعترف‭ ‬بأنني‭ ‬تباهيت‭ ‬بها‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬مقالاتي،‭ ‬فقد‭ ‬أحببت‭ ‬الممثلة‭ ‬الراحلة‭ ‬ناتالي‭ ‬وود‭ ‬حد‭ ‬الجنون،‭ ‬وبادلتني‭ ‬حبا‭ ‬بحب،‭ ‬وكانت‭ ‬تستغل‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬جلوس‭ ‬الجمهور‭ ‬مظلمة‭ ‬وترسل‭ ‬إلى‭ ‬نظرات‭ ‬وغمزات‭ ‬ذات‭ ‬معنى،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬تبتسم‭ ‬لي‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الموقف‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬يتطلب‭ ‬الحزن،‭ ‬ولكنني‭ ‬اعترف‭ ‬بأن‭ ‬عيني‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬زائغة‮»‬‭ ‬ففي‭ ‬أول‭ ‬لقاء‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬الممثلة‭ ‬الايطالية‭ ‬كلوديا‭ ‬كاردينالي،‭ ‬كان‭ ‬الحب‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬نظرة‭.. ‬تعلق‭ ‬قلبي‭ ‬بها‭ ‬ونسيت‭ ‬ناتالي‭ ‬وود،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬فيما‭ ‬قالت‭ ‬مصادر‭ ‬في‭ ‬هوليوود‭ ‬سبب‭ ‬انتحار‭ ‬ناتالي‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬الشباب،‭ ‬حزنت‭ ‬عليها‭ ‬كثيرا‭ ‬وأحسست‭ ‬بالذنب،‭ ‬ثم‭ ‬حزنت‭ ‬على‭ ‬نفسي‭ ‬عندما‭ ‬اكتشفت‭ ‬ان‭ ‬كلوديا‭ ‬خائنة‭ ‬وغشاشة،‭ ‬فقد‭ ‬انجبت‭ ‬طفلين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬متزوجة،‭ ‬وهكذا‭ ‬هجرتها‭ ‬كما‭ ‬عشقتها‭ ‬الى‭ ‬الأبد،‭ ‬ورددت‭ ‬مع‭ ‬الصديق‭ ‬الشاعر‭ ‬الراحل‭ ‬علي‭ ‬عبد‭ ‬القيوم‭: ‬يا‭ ‬قدرتي‭ ‬على‭ ‬الصمود‭/ ‬يا‭ ‬تماسكي‭ / ‬مدد،‭ ‬مدد‭.‬

كانت‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬مقسمة‭ ‬الى‭ ‬فئتين‭: ‬واحدة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬العربية‭ ‬والهندية،‭ ‬وإذا‭ ‬دخلت‭ ‬أيا‭ ‬منها‭ ‬تكتشف‭ ‬ان‭ ‬الجمهور‭ ‬يحفظ‭ ‬الحوار‭ ‬والأغاني‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬عن‭ ‬ظهر‭ ‬قلب‭ ‬ويرددها‭ ‬مع‭ ‬الممثلين‭ ‬والممثلات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ممكنا‭ ‬لمن‭ ‬يدخل‭ ‬تلك‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬السينمات‭ ‬فهم‭ ‬شيء‭ ‬مما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬تعرضها‭ (‬ولكن‭ ‬أحيانا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬فاعلو‭ ‬خير‭ ‬يتطوعون‭ ‬لطمأنة‭ ‬المشاهدين‭ ‬بأن‭ ‬بطل‭ ‬الفيلم‭ ‬لن‭ ‬يموت‭ ‬بسبب‭ ‬الإصابة‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬به،‭ ‬أو‭ ‬بأن‭ ‬سوسو‭ ‬ستتزوج‭ ‬حمودة‭ ‬رغم‭ ‬الجفاء‭ ‬الظاهر‭ ‬بينهما‭ ‬وبأنهما‭ ‬سيأكلان‭ ‬فرخة‭ ‬كاملة‭ ‬بمفردهما‭) ‬وكانت‭ ‬الفئة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬سينمات‭ ‬‮«‬الخرطوم‭ ‬غرب‮»‬‭ ‬وكانت‭ ‬تعرض‭ ‬دائما‭ ‬أحدث‭ ‬أفلام‭ ‬هوليوود‭ ‬الناجح‭.. ‬وكنا‭ ‬نذهب‭ ‬الى‭ ‬سينما‭ ‬الخرطوم‭ ‬غرب‭ ‬جيئة‭ ‬وذهابا‭ ‬سيرا‭ ‬على‭ ‬الأقدام‭ ‬قاطعين‭ ‬نحو‭ ‬25‭ ‬كيلومترا،‭ ‬فلم‭ ‬تكن‭ ‬مواردنا‭ ‬المالية‭ ‬تسمح‭ ‬بترف‭ ‬استخدام‭ ‬المواصلات‭ ‬العامة‭ ‬بانتظام‭. ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬أيام‭ ‬الأفلام‭ ‬اللي‭ ‬‮«‬هي‮»‬‭: ‬مدافع‭ ‬نافرون،‭ ‬وصوت‭ ‬الموسيقى،‭ ‬وماي‭ ‬فير‭ ‬ليدي،‭ ‬ومحاكمات‭ ‬نورمبيرغ،‭ ‬وسبليندر‭ ‬إن‭ ‬ذا‭ ‬قراس‭ ‬وسقوط‭ ‬الامبراطورية‭ ‬الرومانية‭ ‬وهلل‭ ‬العرب‭ ‬لهذا‭ ‬الفيلم‭ ‬تحديدا‭ ‬لأن‭ ‬المصري‭ ‬عمر‭ ‬الشريف‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬البطولة‭. (‬كان‭ ‬آخر‭ ‬فيلم‭ ‬عربي‭ ‬شاهدته‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬هو‭ ‬فيلم‭ ‬الأرض‭ ‬للمخرج‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين‭ ‬وبطولة‭ ‬محمود‭ ‬المليجي‭ ‬وعزت‭ ‬العلايلي‭). ‬ولكن‭ ‬وخلال‭ ‬المراهقة‭ ‬الثانية‭ ‬عشقت‭ ‬ليلى‭ ‬علوي‭ ‬ثم‭ ‬حولت‭ ‬عواطفي‭ ‬الى‭ ‬نبيلة‭ ‬عبيد‭ ‬وكتبت‭ ‬المقالات‭ ‬الطوال‭ ‬طالبا‭ ‬يدها‭ ‬وجاء‭ ‬ردها‭ ‬البايخ‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬نشرته‭ ‬باسمها‭ ‬تعبر‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬تقديرها‭ ‬لعواطفي،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬أحسن‭ ‬نكون‭ ‬أصحاب‭ ‬وبس‮»‬‭. ‬والله‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬أكتب‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬المجلة‮»‬‭ ‬ونشرت‭ ‬هي‭ ‬مقالها‭ ‬ايضا‭ ‬في‭ ‬المجلة،‭ ‬وحاولت‭ ‬أن‭ ‬تكحلها‭ ‬بأن‭ ‬قالت‭ ‬إنها‭ ‬‮«‬حاليا‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭ ‬وإيه‭ ‬رأيك‭ ‬أنت‭ ‬والمدام‭ ‬تكونوا‭ ‬ضيوفي‭ ‬أسبوع؟‮»‬‭. ‬وبسبب‭ ‬ذلك‭ ‬منعتني‭ ‬المدام‭ ‬نهائيا‭ ‬من‭ ‬مشاهدة‭ ‬حتى‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬العربية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا