العدد : ١٧٢٤٩ - السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٤٩ - السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

اخطفوا هذا الطفل

ثبت‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬الفاجرة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وحرب‭ ‬السودانيين‭ ‬على‭ ‬السودانيين،‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬‮«‬تعسيلة‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬دقت‭ ‬ساعة‭ ‬العمل‭ ‬‮«‬الفوري‮»‬‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬تحرك‭ ‬سريع‭ ‬لاستغلال‭ ‬الفرصة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬ولادة‭ ‬طفل‭ ‬صيني‭ ‬بمخين‭. ‬نعم‭ ‬عنده‭ ‬‮«‬2‭ ‬مخ‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬جيدة‭ ‬ومشكلته‭ ‬الوحيدة‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬مخين‭ ‬في‭ ‬جمجمته‭ ‬يحرمه‭ ‬من‭ ‬النوم‭. ‬والرأي‭ ‬عندي‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬نقوم‭ ‬بتشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬قومية‭ ‬تمثل‭ ‬كافة‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬لاختطاف‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬الأطباء‭ ‬الصينيون‭ ‬بإبرهم‭ ‬العجيبة‭ ‬لاستئصال‭ ‬أحد‭ ‬المخين‭. ‬والغرض‭ ‬من‭ ‬الاختطاف‭ ‬نبيل‭ ‬وليس‭ ‬إجراميا،‭ ‬بل‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬التعهد‭ ‬بإعادته‭ ‬إلى‭ ‬ذويه‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬يبلغ‭ ‬الخامسة‭ ‬والخمسين‭. ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬لـ«تحسين‭ ‬النسل‮»‬،‭ ‬فهو‭ ‬يحمل‭ ‬الدواء‭ ‬الشافي‭ ‬والناجع‭ ‬لواحدة‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬العلل‭ ‬التي‭ ‬نعاني‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬التعسيلة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬اسم‭ ‬الدلع‭ ‬للنوم‮»‬‭. ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لدينا‭ ‬الشجاعة‭ ‬للاعتراف‭ ‬بأننا‭ ‬نعاني‭ ‬من‭ ‬داء‭ ‬النوم‭.. ‬أفقنا‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬لبرهة‭ ‬قصيرة‭ ‬فوجدنا‭ ‬بلداننا‭ ‬مستعمرة‭. ‬فتثاءبنا‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬استيائنا‭ ‬ثم‭ ‬واصلنا‭ ‬النوم‭ (‬فزهج‭) ‬الاستعماريون‭ ‬منا‭ ‬وعادوا‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭ ‬فاستيقظ‭ ‬بعضنا‭ ‬وجلسوا‭ ‬بتثاقل‭ ‬على‭ ‬كراسي‭ ‬الحكم‭. ‬وكلما‭ ‬استرسل‭ ‬هؤلاء‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬النوم‭ ‬استيقظت‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬واستولت‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬بحيث‭ ‬أصبح‭ ‬تداول‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وفقا‭ ‬على‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬الاستيقاظ‭ ‬المبكر‭.‬

وقبل‭ ‬بضعة‭ ‬قرون‭ ‬عبر‭ ‬بعض‭ ‬أسلافنا‭ ‬مضيق‭ ‬جبل‭ ‬طارق‭. ‬ودخلوا‭ ‬إسبانيا‭/ ‬الأندلس‭: ‬آخر‭ ‬حلاوة‭ ‬وطراوة‭ ‬ونداوة،‭ ‬وشيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬أصيب‭ ‬أحفاد‭ ‬من‭ ‬عبروا‭ ‬المضيق،‭ ‬بفيروس‭ ‬النوم‭ ‬الحميد،‭ ‬وبينما‭ ‬هم‭ ‬نائمون‭ ‬سقطت‭ ‬دولتهم،‭ ‬ولكنهم‭ ‬تركوا‭ ‬أثرا‭ ‬باقيا‭ ‬في‭ ‬الأندلس،‭ ‬فالأسبان‭ ‬الأمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬نوم‭ ‬القيلولة،‭ ‬ولولا‭ ‬ان‭ ‬ادركتهم‭ ‬رحمة‭ ‬من‭ ‬ربي‭ ‬لأصبحوا‭ ‬مثلنا‭ ‬ينامون‭ ‬عقب‭ ‬كل‭ ‬صلاة،‭ ‬شاعرنا‭ ‬القديم‭ ‬كان‭ ‬فخورا‭ ‬بحبيبته‭ ‬لأنها‭ ‬‮«‬نؤووم‭ ‬الضحى‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬السودان‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬استثمر‭ ‬العسكريون‭ ‬الشيوعيون‭ ‬وباء‭ ‬النوم‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬ذكاء‭ ‬شديد‭ ‬وحركوا‭ ‬قواتهم‭ ‬ضد‭ ‬حكومة‭ ‬جعفر‭ ‬نميري،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تناول‭ ‬الشعب‭ ‬السوداني‭ ‬طعام‭ ‬الغذاء‭ ‬وهجع‭. ‬واستولوا‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحس‭ ‬بهم‭ ‬أحد‭ ‬وأذاعوا‭ ‬بيانهم‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬وأعلنوا‭ ‬حظر‭ ‬التجوال،‭ ‬وفي‭ ‬الخامسة‭ ‬مساء‭ ‬استيقظت‭ ‬الجماهير‭ ‬من‭ ‬نومة‭ ‬القيلولة‭ ‬وتدفقت‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬لاستئناف‭ ‬حياتها‭ ‬العادية‭ ‬واسقط‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الجنود‭ ‬المناط‭ ‬بهم‭ ‬تنفيذ‭ ‬حظر‭ ‬التجوال‭. ‬ماذا‭ ‬يفعلون‭ ‬بتلك‭ ‬الملايين‭ ‬‮«‬اللي‭ ‬مش‭ ‬جايبة‭ ‬خبر‮»‬،‭ ‬ولم‭ ‬تسمع‭ ‬بسقوط‭ ‬حكم‭ ‬نميري؟‭! ‬المهم‭ ‬بحلول‭ ‬صباح‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬كانت‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬قد‭ ‬أكدت‭ ‬الخبر‭ ‬فخرجت‭ ‬مظاهرات‭ ‬التأييد‭ ‬للانقلاب‭ ‬هادرة‭ ‬وسرت‭ ‬همهمات‭ ‬المعارضة‭ ‬مستنكرة‭. ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬الثالث‭ ‬لجأ‭ ‬أنصار‭ ‬نميري‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬الحيلة‭. ‬انتظروا‭ ‬حتى‭ ‬أتت‭ ‬‮«‬الملوخية‭ ‬والامية‭ ‬والفاصوليا‮»‬‭ ‬مفعولها،‭ ‬وقاموا‭ ‬بتحرك‭ ‬مضاد‭ ‬حتى‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬أبواب‭ ‬القصر‭ ‬الجمهوري‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬نميري‭ ‬محتجزا،‭ ‬واضطروا‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬زخات‭ ‬من‭ ‬الرصاص‭ ‬على‭ ‬نافذة‭ ‬الغرفة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سجنه‭ ‬لإيقاظه‭ ‬والإيعاز‭ ‬إليه‭ ‬بالفرار‭ ‬من‭ ‬القصر‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬لهم‭ ‬مقاتلة‭ ‬القوات‭ ‬اليسارية‭. ‬وعاد‭ ‬نميري‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬التي‭ ‬حرم‭ ‬منها‭ ‬لثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬ولكن‭ ‬الجماهير‭ ‬الوفية‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬بذلك‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬اليساريين‭ ‬ظلوا‭ ‬يقاتلون‭ ‬انصار‭ ‬نميري‭ ‬من‭ ‬شارع‭ ‬إلى‭ ‬شارع،‭ ‬فكان‭ ‬أن‭ ‬هرع‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬مكاتب‭ ‬البريد‭ ‬لإرسال‭ ‬برقيات‭ ‬التأييد‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬اليسارية،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يدرون‭ ‬انها‭ ‬كانت‭ ‬قادتها‭ ‬صاروا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬قتيل‭ ‬وسجين،‭ ‬وهكذا‭ ‬جنى‭ ‬مرض‭ ‬النوم‭ ‬على‭ ‬الانتهازيين‭ ‬مؤيدي‭ ‬كل‭ ‬حكومة،‭ ‬فدخل‭ ‬السجون‭ ‬منهم‭ ‬العشرات‭.‬

وقد‭ ‬شهدت‭ ‬مختلف‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المضحكات‭ ‬المبكيات‭ ‬بسبب‭ ‬داء‭ ‬النوم‭ ‬هذا،‭ ‬فمنها‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يستيقظ‭ ‬اهله‭ ‬بعد‭ ‬ليكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اشياء‭ ‬مثل‭ ‬السينما‭ ‬والبلاي‭ ‬ستيشن،‭ ‬وعربسات‭ (‬وهو‭ ‬للعلم‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬ناقل‭ ‬لفيروس‭ ‬النوم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القنوات‭ ‬التي‭ ‬ينوء‭ ‬بحملها‭).‬

المهم‭.. ‬الحل‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الصيني‭ ‬واستغلاله‭ ‬لإنجاب‭ ‬سلالات‭ ‬عربية‭ ‬ذات‭ ‬مخين‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬النوم‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬عيون‭ ‬‮«‬الأمة‮»‬‭ ‬وحتى‭ ‬يكون‭ ‬للإنسان‭ ‬العربي‭ ‬مخ‭ ‬‮«‬احتياطي‮»‬‭ ‬يقوم‭ ‬مقام‭ ‬المخ‭ ‬الأصلي‭ ‬المخلخل‭ ‬أصلا‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا