زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
اخطفوا هذا الطفل
ثبت خلال حرب إسرائيل الفاجرة على غزة، وحرب السودانيين على السودانيين، أن العالم العربي في «تعسيلة»، ولكن دقت ساعة العمل «الفوري» ولابد من تحرك سريع لاستغلال الفرصة المتمثلة في ولادة طفل صيني بمخين. نعم عنده «2 مخ» وهو في صحة جيدة ومشكلته الوحيدة أن وجود مخين في جمجمته يحرمه من النوم. والرأي عندي هو ان نقوم بتشكيل لجنة قومية تمثل كافة القبائل العربية من المحيط إلى الخليج لاختطاف هذا الطفل قبل أن يتدخل الأطباء الصينيون بإبرهم العجيبة لاستئصال أحد المخين. والغرض من الاختطاف نبيل وليس إجراميا، بل ولابد من التعهد بإعادته إلى ذويه بعد ان يبلغ الخامسة والخمسين. يا جماعة نحن بحاجة ماسة إلى هذا الطفل لـ«تحسين النسل»، فهو يحمل الدواء الشافي والناجع لواحدة من أخطر العلل التي نعاني منها إلا وهي «التعسيلة التي هي اسم الدلع للنوم». ولابد أن تكون لدينا الشجاعة للاعتراف بأننا نعاني من داء النوم.. أفقنا ذات مرة لبرهة قصيرة فوجدنا بلداننا مستعمرة. فتثاءبنا تعبيرا عن استيائنا ثم واصلنا النوم (فزهج) الاستعماريون منا وعادوا إلى ديارهم فاستيقظ بعضنا وجلسوا بتثاقل على كراسي الحكم. وكلما استرسل هؤلاء البعض في النوم استيقظت مجموعة أخرى واستولت على الحكم بحيث أصبح تداول السلطة في العالم العربي وفقا على القادرين على الاستيقاظ المبكر.
وقبل بضعة قرون عبر بعض أسلافنا مضيق جبل طارق. ودخلوا إسبانيا/ الأندلس: آخر حلاوة وطراوة ونداوة، وشيئا فشيئا أصيب أحفاد من عبروا المضيق، بفيروس النوم الحميد، وبينما هم نائمون سقطت دولتهم، ولكنهم تركوا أثرا باقيا في الأندلس، فالأسبان الأمة الأوروبية الوحيدة التي تعرف نوم القيلولة، ولولا ان ادركتهم رحمة من ربي لأصبحوا مثلنا ينامون عقب كل صلاة، شاعرنا القديم كان فخورا بحبيبته لأنها «نؤووم الضحى». وفي السودان وفي عام 1971 استثمر العسكريون الشيوعيون وباء النوم هذا في ذكاء شديد وحركوا قواتهم ضد حكومة جعفر نميري، بعد أن تناول الشعب السوداني طعام الغذاء وهجع. واستولوا على السلطة من دون أن يحس بهم أحد وأذاعوا بيانهم رقم واحد وأعلنوا حظر التجوال، وفي الخامسة مساء استيقظت الجماهير من نومة القيلولة وتدفقت إلى الشوارع لاستئناف حياتها العادية واسقط في يد الجنود المناط بهم تنفيذ حظر التجوال. ماذا يفعلون بتلك الملايين «اللي مش جايبة خبر»، ولم تسمع بسقوط حكم نميري؟! المهم بحلول صباح اليوم التالي كانت أجهزة الإعلام قد أكدت الخبر فخرجت مظاهرات التأييد للانقلاب هادرة وسرت همهمات المعارضة مستنكرة. وفي اليوم الثالث لجأ أنصار نميري إلى نفس الحيلة. انتظروا حتى أتت «الملوخية والامية والفاصوليا» مفعولها، وقاموا بتحرك مضاد حتى وصلوا إلى أبواب القصر الجمهوري حيث كان نميري محتجزا، واضطروا إلى إطلاق زخات من الرصاص على نافذة الغرفة التي كانت سجنه لإيقاظه والإيعاز إليه بالفرار من القصر حتى يتسنى لهم مقاتلة القوات اليسارية. وعاد نميري إلى السلطة التي حرم منها لثلاثة أيام ولكن الجماهير الوفية لم تعرف بذلك إلا بعد ساعات طويلة بالرغم من أن اليساريين ظلوا يقاتلون انصار نميري من شارع إلى شارع، فكان أن هرع البعض إلى مكاتب البريد لإرسال برقيات التأييد إلى الحكومة اليسارية، وهم لا يدرون انها كانت قادتها صاروا ما بين قتيل وسجين، وهكذا جنى مرض النوم على الانتهازيين مؤيدي كل حكومة، فدخل السجون منهم العشرات.
وقد شهدت مختلف البلدان العربية الكثير من المضحكات المبكيات بسبب داء النوم هذا، فمنها من لم يستيقظ اهله بعد ليكتشفوا أن هناك اشياء مثل السينما والبلاي ستيشن، وعربسات (وهو للعلم قمر صناعي ناقل لفيروس النوم من خلال القنوات التي ينوء بحملها).
المهم.. الحل يكمن في إلقاء القبض على ذلك الصيني واستغلاله لإنجاب سلالات عربية ذات مخين حتى لا يعرف النوم طريقه إلى عيون «الأمة» وحتى يكون للإنسان العربي مخ «احتياطي» يقوم مقام المخ الأصلي المخلخل أصلا!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك