زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
أدق جرس الخطر
قلت في مقالي هنا يوم أمس إن تقنيات اختيار جنس المولود ستؤدي إلى ندرة في عالم المرأة، لأن معظم الرجال العرب سيحجمون عن إنجاب البنات، فتصبح النساء عملة صعبة ونادرة، ومن ثم فقد رأيت أنه لا بد من التنبيه إلى أمر مسكوت عنه، وهو أن الحقوق التاريخية للرجل باتت مهددة بالانقراض. فخلال اقامتي في لندن ما بين 1994 و1996 رأيت أشياء يندى لها الجبين. رجال أشاوس تجلس الصقور على حواف شواربهم يقومون بغسل الأطباق ومسح الطاولات في بيوتهم. وزرت بيوتا عربية في لندن وجدت فيها رب الأسرة مكلفا بحراسة العيال، بينما «المدام» في الخارج لتشتري شيئا أو آخر، أو لتزور صديقة أو قريبة ... فوا عروبتاه.. ووا أسفاه.. ها نحن نجني ثمرات «تعليم المرأة» والدفاع عن حقوقها.
الخطر لا ينتهي هنا فأمام البرلمان الهندي مشروع قانون يقضي بمنح جميع النساء الهنديات عطلة أسبوعية يقوم خلالها الرجال بالأعمال المنزلية. وبمنطق الديمقراطية والحساب، فإن برلمان الهند هو برلمان العالم، ويجب أن تصبح قراراته ملزمة في جميع البلدان، وهو الأمر الذي اكتشفه الشاعر والفيلسوف اللبناني إيليا أبو ماضي عندما قال:
لما سألت عن الحقيقة قيل لي / الحق ما اتفقت السواد عليه
فعجبت كيف ذبحت ثوري في الضحى / والهند ساجدة هناك لديه
ولكن لماذا أتخوف من مشروع القانون هذا طالما أن العديد من الرجال «فضحونا» سلفا بقيامهم بغسل الأطباق؟ سأرد على هذا التساؤل فيما بعد. ولكن أود أن أنبه أولا إلى أن الرجل العربي الأصيل لا يدخل المطبخ إطلاقا حتى لو شم فيه رائحة غاز متسرب. وعلى أيام آبائنا، عندما كان الرجال رجالا والنساء إناثاً، ما كان ينبغي لزوجة أن تأكل من نفس الطبق الذي يأكل منه زوجها. ولا تترك لنفسها طعاما «على جنب»، بل تأكل مما يتبقى من طعام الزوج. أما رجال آخر الزمان فحالتهم مأساوية ومحزنة. بعضهم لا يتناول طعامه ما لم تجلس زوجته إلى جواره، بل يبلغ بهم الأمر إلى درجة الابتسام في وجه الزوجة أثناء الأكل. يفعلون ذلك على حساب هيبتهم وحقوقهم الثابتة والمفترض فيها أن تكون غير قابلة للنقص او.. النقاش.
نعود إلى مشروع القرار الهندي. أتذكرون حكاية الرجل الأمريكي توماس بيتاي الذي حبل وحمل وأنجب مرتين. طالما أن أمريكا سمحت بذلك، وطالما أن الهند هي منبع عشرات الأشياء التي اكتسبت صفة العالمية (السانسكرتية أم كل اللغات .. الكاري.. أفلام الخيال الوهمي .. إلخ) فليس من المستبعد أن يصدر البرلمان الهندي قرارا يلزم الرجال «بالحمل» مناصفة مع النساء. ولا تنسوا أن الهند كانت قبل نحو 40 عاما مسرحا لأكبر عملية بهدلة تعرض لها الرجال على أيدي النساء عندما أمرت رئيسة الوزراء الراحلة انديرا غاندي بتعقيم الرجال إجباريا، بينما احتفظت النساء الهنديات بخصوبتهن حتى إن الواحدة منهن تلد ثلاث مرات في السنة.
الشاهد في كل ذلك ان نفوذ النساء في ازدياد على حسابنا نحن الرجال. هناك الآن سبع دول خمس منها أوروبية تحكمها -يا للعار- النساء، وهناك امرأة أخرى فشلت جميع محاولاتي في حفظ او استحضار اسمها، كانت تحكم سريلانكا «كوماراتونغا ما أدري إيش» ومارغريت تاتشر التي حكمت بريطانيا بالعين الحمراء، أحالوها إلى أرشيف السياسيين البريطانيين (مجلس اللوردات) ومع ذلك فإنها حتى رحيلها عن الدنيا ظلت مصدر إزعاج دائم للحكومة والمعارضة. وتوجان الفيصل من الأردن يا ما بهدلت شوارب مفتولة. اذن لا بد من جهة رجالية صلدة لرد كيد النساء! نغسل صحون ونمسح بلاط ونغير البامبرز قلنا: ماشي، وحكم القوي على الضعيف.. بس نحمل ونتوحم؟ ما يصير. عيب.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك