العدد : ١٧١٥٥ - الأربعاء ١٢ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٥٥ - الأربعاء ١٢ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ رمضان ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

إعادة التوازن في الحياة!

{‭ ‬ليست‭ ‬الحياة‭ ‬مجرد‭ ‬مادة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬أبعاد‭ ‬روحية‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وأبعاد‭ ‬غيبية‭ ‬وحدسية‭ ‬وما‭ ‬وراء‭ ‬الطبيعة‭ ‬جعلت‭ ‬الإنسان‭ ‬يبحر‭ ‬طويلا‭ ‬لاستكشاف‭ ‬ماهيتها،‭ ‬بل‭ ‬أخضعتها‭ ‬دراسات‭ ‬علمية‭ ‬للفحص‭ ‬والتمعن‭ ‬لاكتشاف‭ ‬تلك‭ ‬الأبعاد‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬للتفسير‭ ‬العلمي‭ ‬المادي‭ ‬وحده‭! ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بينها‭ ‬أمريكا‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬سابقا‭ ‬وروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬حاليا‭ ‬لديها‭ ‬علماء‭ ‬ومراكز‭ ‬علمية‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬‮«‬الميتافيزيقا‮»‬‭ ‬أو‭ ‬علم‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الطبيعة‭ ‬وأيضا‭ ‬الاهتمام‭ ‬بعلم‭ ‬‮«‬الباراسيكولوجي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬معرفة‭ ‬أمور‭ ‬مثل‭ ‬التخاطر‭ ‬والحدس‭ ‬والحاسة‭ ‬السادسة‭ ‬وما‭ ‬بعدها،‭ ‬بل‭ ‬وماهية‭ ‬الأحلام‭ ‬التي‭ ‬تصاحب‭ ‬مخيلة‭ ‬الإنسان‭ ‬أثناء‭ ‬نومه‭! ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬مما‭ ‬ينسب‭ ‬إلى‭ ‬القدرات‭ ‬الخارقة‭ ‬ومجالات‭ ‬التجارب‭ ‬الروحية‭ ‬العميقة‭ ‬وتجارب‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬الموت،‭ ‬أو‭ ‬الموت‭ ‬إكلينيكيا‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬وتجارب‭ ‬العائدين‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الموت‭! ‬

{‭ ‬إن‭ ‬الفيزياء‭ ‬الحديثة‭ ‬واكتشافاتها‭ ‬الجديدة‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬أصغر‭ ‬مكونات‭ ‬الذرة‭ ‬كالفوتون‭ ‬تتصرف‭ ‬ببعد‭ ‬غير‭ ‬مرئي‭ ‬أو‭ ‬غيبي‭ ‬وبالإمكان‭ ‬ملاحظة‭ ‬تصرفاتها‭ ‬بالتوقع‭ ‬وليس‭ ‬بالرؤية‭! ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬العلم‭ ‬رغم‭ ‬تطوراته‭ ‬المذهلة‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬اكتشاف‭ ‬كل‭ ‬الأبعاد‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬العقل‭ ‬والقلب‭ ‬وما‭ ‬يحملانه‭ ‬من‭ ‬تعقيد‭ ‬في‭ ‬الخلق‭! ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الدماغ‭ ‬بتكوينه‭ ‬المادي‭ ‬والكيماوي‭ ‬والكهرومغناطيسي‭ ‬هو‭ ‬منبع‭ ‬الأفكار‭ ‬والمخيلة‭ ‬مثلا‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الأفكار‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬اتصال‭ ‬غيبي‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬ورائي‭ ‬ملغز‭! ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬وأفكاره‭ ‬ومخيلته‭ ‬وعناصر‭ ‬تكوينه‭ ‬الإبداعي‭ ‬والفكري‭ ‬يعمل‭ ‬الدماغ‭ ‬بماديته‭ ‬مجرد‭ ‬وسيط‭ ‬لعلاقات‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬مما‭ ‬يعتقده‭ ‬الكثيرون‭! ‬حتى‭ ‬جعل‭ ‬العلماء‭ ‬أنفسهم‭ ‬يقفون‭ ‬مبهورين‭ ‬أمام‭ ‬ذلك‭ ‬التشابك‭ ‬الفريد‭ ‬بين‭ ‬بساطة‭ ‬الحياة‭ ‬وتعقيدها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العلمي‭ ‬وحيث‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنه‭ ‬بسيطا‭ ‬اتضح‭ ‬أنه‭ ‬معقد‭ ‬جدا،‭ ‬وأن‭ ‬الأبواب‭ ‬العلمية‭ ‬كلما‭ ‬انفتح‭ ‬فيها‭ ‬باب‭ ‬ظهر‭ ‬لهم‭ ‬باب‭ ‬آخر‭ ‬خلفه‭! ‬والعلم‭ ‬الحديث‭ ‬فقط‭ ‬يستغل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أبحاثه‭ ‬ومكتشفاته‭ ‬العلمية‭ ‬وتجاربه‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الراهنة‭! ‬أي‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يخترع‭ ‬شيئا‭ ‬إنما‭ ‬يكتشف‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬غامضا‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭!‬

{‭ ‬ببساطة‭ ‬الخالق‭ ‬وحده‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وضرب‭ ‬للإنسان‭ ‬الجاهل‭ ‬بقدرات‭ ‬ومكامن‭ ‬وكينونة‭ ‬الخلق‭ ‬تحديا‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائما،‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬ذبابة‭ ‬أو‭ ‬بعوضة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أدنى‭ ‬إن‭ ‬استطاع‭! ‬ومثلما‭ ‬العقل‭ ‬بأبعاده‭ ‬واتصالاته‭ ‬الماورائية‭ ‬بقي‭ ‬لغزا‭ ‬كبيرا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬فإن‭ ‬الروح‭ ‬وماهيتها‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬اللغز‭ ‬الأكثر‭ ‬تعقيدا،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الادعاءات‭ ‬والتجارب‭ ‬العلمية‭ ‬حولها‭ ‬لأن‭ ‬علمها‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬وحده‭ ‬وما‭ ‬أوتيتم‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬إلا‭ ‬قليلا‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ونحن‭ ‬نتأمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬قدرات‭ ‬ومعجزات‭ ‬الخلق‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬والطبيعة‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬التفسير‭ ‬المادي‭ ‬البحت‭ ‬للخلق‭ ‬والخليقة‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الإشباع‭ ‬المعرفي‭ ‬الحقيقي‭ ‬لفهم‭ ‬ماهية‭ ‬الحياة‭ ‬وكيف‭ ‬تشكلت‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬وأن‭ ‬عامل‭ ‬الصدفة‭ ‬في‭ ‬نظرية‭ ‬الانفجار‭ ‬الكبير‭ ‬لا‭ ‬يفسر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬جاءت‭ ‬المادة‭ ‬الأولى‭! ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬العدم‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬النظرية‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الصدفة‭ ‬التي‭ ‬خلقت‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التوازن‭ ‬والاتساق‭ ‬والإعجاز‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭! ‬لا‭ ‬لشيء‭ ‬إلا‭ ‬لأنهم‭ ‬هؤلاء‭ ‬العلماء‭ ‬الماديون‭ ‬يريدون‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬وراء‭ ‬الخلق‭ ‬خالقا‭ ‬عظيما‭ ‬قادرا‭ ‬ومدبرا‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭ ‬وبميزان‭ ‬ونظام‭ ‬كوني‭ ‬مذهل‭!‬

{‭ ‬ومع‭ ‬فساد‭ ‬التفسير‭ ‬المادي‭ ‬علميا‭ ‬للحياة‭ ‬انتشرت‭ ‬بسذاجة‭ ‬أفكار‭ ‬العقول‭ ‬المنبهرة‭ ‬والتابعة‭ ‬للنظريات‭ ‬والبعيدة‭ ‬عن‭ ‬إدراك‭ ‬ماهية‭ ‬الخليقة‭ ‬والحياة‭ ‬وانتشرت‭ ‬معها‭ ‬مظاهر‭ ‬القيم‭ ‬الفاسدة‭ ‬والإلحاد‭ ‬والعبث‭ ‬العلمي‭ ‬بالوجود‭ ‬الإنساني‭ ‬والطبيعة‭! ‬حتى‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الإنسان‭ ‬وباستخفاف‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬ماهية‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬الذي‭ ‬سخره‭ ‬الله‭ ‬للإنسان‭ ‬وحده‭ ‬والذي‭ ‬كرمه‭ ‬أفضل‭ ‬تكريم‭ ‬وجعل‭ ‬بيده‭ ‬مفتاح‭ ‬البناء‭ ‬والعمران‭ ‬والخلافة‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬بعد‭ ‬خلق‭ ‬آدم‭ ‬أو‭ ‬الإنسان‭ ‬العاقل‭!‬

{‭ ‬مع‭ ‬اختلال‭ ‬التوازن‭ ‬المعرفي‭ ‬لإدراك‭ ‬قيمة‭ ‬الحياة‭ ‬والإنسان‭ ‬والصلة‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬الخالق‭ ‬فإن‭ ‬الشطحات‭ ‬العلمية‭ ‬تتواصل‭ ‬لإنهاء‭ ‬المعجزة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬وهي‭ ‬الإنسان‭! ‬والعبث‭ ‬بوجوده‭ ‬وهدفه‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬الإدراك،‭ ‬بل‭ ‬واليقين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬علاقات‭ ‬مادية‭ ‬أو‭ ‬كيماوية‭ ‬أو‭ ‬كهرومغناطيسية‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬مجرد‭ ‬وسائط‭ ‬للوجود‭ ‬الإنساني‭ ‬حتى‭ ‬يدرك‭ ‬ويفكر‭ ‬ويتسامى‭ ‬روحيا‭ ‬ويتواصل‭ ‬مع‭ ‬خالقه‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الدين‭ ‬السماوي‭ ‬والقيم‭ ‬الإسلامية‭ ‬وحدها‭ ‬القادرة‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬الفراغ‭ ‬الفكري‭ ‬العلمي‭ ‬وسد‭ ‬الفراغ‭ ‬الروحي‭ ‬وإعادة‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بأبعادها‭ ‬المادية‭ ‬والروحية‭ ‬والميتافيزيقية‭! ‬وسد‭ ‬ثغرات‭ ‬الخواء‭ ‬الروحي‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬عبيدا‭ ‬للماديات‭ ‬والمظهريات‭ ‬والإلحاد‭ ‬والفساد‭ ‬الأخلاقي‭! ‬ففي‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬العارف‭ ‬بأسرار‭ ‬خلقه‭ ‬يكمن‭ ‬التفسير‭ ‬العلمي‭ ‬والروحي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬لماهية‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬وماهية‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسه‭ ‬كخليفة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭! ‬ويكمن‭ ‬التفسير‭ ‬للغاية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭!‬

{‭ ‬الدين‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬عبادة‭ ‬مظهرية،‭ ‬بل‭ ‬علم‭ ‬إلهي‭ ‬عميق‭ ‬بأسرار‭ ‬الروح‭ ‬والعبادة‭ ‬والمعاملات‭ ‬والأخلاق‭ ‬والقيم‭ ‬السامية‭ ‬وهذا‭ ‬العلم‭ ‬الإلهي‭ ‬وحده‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أفسد‭ ‬الطبيعة‭ ‬البشرية‭ ‬وأفسد‭ ‬أصول‭ ‬الحياة‭ ‬ومبادئها‭ ‬وقيمها‭ ‬وإعادة‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬المادة‭ ‬والروح‭ ‬والطبيعة‭ ‬وأبعادها‭ ‬الغيبية‭ ‬وبين‭ ‬العلم‭ ‬والإيمان‭ ‬وحقيقة‭ ‬الحياة‭ ‬وسعي‭ ‬العلم‭ ‬بوسائله‭ ‬المادية‭ ‬القاصرة‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أراده‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬خلقه‭ ‬وخليقته‭ ‬وإعجازه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وفي‭ ‬الكون‭! ‬فهل‭ ‬من‭ ‬متأمل‭ ‬لمعرفة‭ ‬أسرار‭ ‬الإيمان؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا