عالم يتغير

فوزية رشيد
إعادة التوازن في الحياة!
{ ليست الحياة مجرد مادة، بل هي ذات أبعاد روحية تتجلى في كل شيء وأبعاد غيبية وحدسية وما وراء الطبيعة جعلت الإنسان يبحر طويلا لاستكشاف ماهيتها، بل أخضعتها دراسات علمية للفحص والتمعن لاكتشاف تلك الأبعاد التي لا تخضع للتفسير العلمي المادي وحده! حيث هناك الكثير من الدول بينها أمريكا والاتحاد السوفيتي سابقا وروسيا الاتحادية حاليا لديها علماء ومراكز علمية متخصصة في «الميتافيزيقا» أو علم ما وراء الطبيعة وأيضا الاهتمام بعلم «الباراسيكولوجي» الذي يحاول معرفة أمور مثل التخاطر والحدس والحاسة السادسة وما بعدها، بل وماهية الأحلام التي تصاحب مخيلة الإنسان أثناء نومه! وغير ذلك مما ينسب إلى القدرات الخارقة ومجالات التجارب الروحية العميقة وتجارب الاقتراب من الموت، أو الموت إكلينيكيا فترة من الزمن وتجارب العائدين من ذلك الموت!
{ إن الفيزياء الحديثة واكتشافاتها الجديدة أثبتت أن أصغر مكونات الذرة كالفوتون تتصرف ببعد غير مرئي أو غيبي وبالإمكان ملاحظة تصرفاتها بالتوقع وليس بالرؤية! وإلى جانب كل ذلك فإن العلم رغم تطوراته المذهلة لا يزال عاجزا عن اكتشاف كل الأبعاد التي يعمل على أساسها العقل والقلب وما يحملانه من تعقيد في الخلق! وإن كان الدماغ بتكوينه المادي والكيماوي والكهرومغناطيسي هو منبع الأفكار والمخيلة مثلا أم أن الأفكار تنبع من اتصال غيبي أو ما ورائي ملغز! يثبت أن الإنسان وأفكاره ومخيلته وعناصر تكوينه الإبداعي والفكري يعمل الدماغ بماديته مجرد وسيط لعلاقات أكثر تعقيدا مما يعتقده الكثيرون! حتى جعل العلماء أنفسهم يقفون مبهورين أمام ذلك التشابك الفريد بين بساطة الحياة وتعقيدها في الوقت ذاته على المستوى العلمي وحيث ما كانوا يعتقدون أنه بسيطا اتضح أنه معقد جدا، وأن الأبواب العلمية كلما انفتح فيها باب ظهر لهم باب آخر خلفه! والعلم الحديث فقط يستغل ذلك في أبحاثه ومكتشفاته العلمية وتجاربه في الثورة الإلكترونية الراهنة! أي هو لا يخترع شيئا إنما يكتشف ما كان غامضا قبل ذلك لا أكثر!
{ ببساطة الخالق وحده من خلق كل شيء وضرب للإنسان الجاهل بقدرات ومكامن وكينونة الخلق تحديا لا يزال قائما، أن يخلق ذبابة أو بعوضة أو ما هو أدنى إن استطاع! ومثلما العقل بأبعاده واتصالاته الماورائية بقي لغزا كبيرا حتى الآن فإن الروح وماهيتها هي الأخرى اللغز الأكثر تعقيدا، رغم كل الادعاءات والتجارب العلمية حولها لأن علمها عند الله وحده وما أوتيتم من العلم إلا قليلا!
{ كل ذلك ونحن نتأمل في هذا الشهر الفضيل قدرات ومعجزات الخلق في الإنسان والطبيعة ندرك أن التفسير المادي البحت للخلق والخليقة غير قادر على الإشباع المعرفي الحقيقي لفهم ماهية الحياة وكيف تشكلت هذه الحياة وأن عامل الصدفة في نظرية الانفجار الكبير لا يفسر حتى الآن من أين جاءت المادة الأولى! وإن كانت من العدم كما تقول النظرية أو من الصدفة التي خلقت كل هذا التوازن والاتساق والإعجاز في كل شيء! لا لشيء إلا لأنهم هؤلاء العلماء الماديون يريدون الاعتراف بأن وراء الخلق خالقا عظيما قادرا ومدبرا لكل شيء وبميزان ونظام كوني مذهل!
{ ومع فساد التفسير المادي علميا للحياة انتشرت بسذاجة أفكار العقول المنبهرة والتابعة للنظريات والبعيدة عن إدراك ماهية الخليقة والحياة وانتشرت معها مظاهر القيم الفاسدة والإلحاد والعبث العلمي بالوجود الإنساني والطبيعة! حتى وصلنا إلى العمل على مرحلة ما بعد الإنسان وباستخفاف حقيقي في فهم ماهية هذا الكون الذي سخره الله للإنسان وحده والذي كرمه أفضل تكريم وجعل بيده مفتاح البناء والعمران والخلافة البشرية في الأرض بعد خلق آدم أو الإنسان العاقل!
{ مع اختلال التوازن المعرفي لإدراك قيمة الحياة والإنسان والصلة مع الله الخالق فإن الشطحات العلمية تتواصل لإنهاء المعجزة الكبرى في هذه الحياة وهي الإنسان! والعبث بوجوده وهدفه من هذا الوجود مع عدم الإدراك، بل واليقين أن هذه الحياة ليست مجرد علاقات مادية أو كيماوية أو كهرومغناطيسية بل إن كل ذلك مجرد وسائط للوجود الإنساني حتى يدرك ويفكر ويتسامى روحيا ويتواصل مع خالقه لذلك فإن الدين السماوي والقيم الإسلامية وحدها القادرة اليوم على سد الفراغ الفكري العلمي وسد الفراغ الروحي وإعادة التوازن في الحياة بأبعادها المادية والروحية والميتافيزيقية! وسد ثغرات الخواء الروحي الذي يجعل من البشر عبيدا للماديات والمظهريات والإلحاد والفساد الأخلاقي! ففي كتاب الله العارف بأسرار خلقه يكمن التفسير العلمي والروحي والأخلاقي لماهية هذه الحياة وماهية الإنسان نفسه كخليفة على الأرض! ويكمن التفسير للغاية من هذا الوجود!
{ الدين ليس مجرد عبادة مظهرية، بل علم إلهي عميق بأسرار الروح والعبادة والمعاملات والأخلاق والقيم السامية وهذا العلم الإلهي وحده القادر على إصلاح كل ما أفسد الطبيعة البشرية وأفسد أصول الحياة ومبادئها وقيمها وإعادة التوازن بين المادة والروح والطبيعة وأبعادها الغيبية وبين العلم والإيمان وحقيقة الحياة وسعي العلم بوسائله المادية القاصرة مهما بلغت من تطور من العودة إلى ما أراده الله في خلقه وخليقته وإعجازه في كل ذلك وفي الكون! فهل من متأمل لمعرفة أسرار الإيمان؟!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك