عالم يتغير

فوزية رشيد
دين نختاره لا لأننا وُلدنا به!
{ بعد تمعن في أفكار ومعتقدات مختلفة وكتاب سماوي محرف (التوراة والإنجيل) وفلسفات وأيديولوجيات وضعية، بل وفلسفات باطنية بحركات سرّية وعلنية تُظهر غير ما تبطن!، وصل قارب الفكر إلى الأعظم من ذلك وهو كتاب الله الكريم ودين الإسلام، الذي قلّة من معتنقيه يدركون قيمته وقيمة أبعاده الروحية والفكرية والوجودية والأخلاقية!، فتصاب الأغلبية المسلمة بداء الفصل بين العبادات والشعائر، وتلك الأبعاد التي في الإسلام وحده لا يمكن فصلها عن بعض، لأنه دين دنيا وآخرة، ودين قيم مترابطة، إن تم فصل أحدها عن الآخر ضاع الجوهر الذي فيه، وأرادنا الخالق أن نسمو به، وأن نعترك محن الحياة من خلاله!، فهو الدين الخاتم الذي أنزله الله على آخر أنبيائه ليكون الفصل في الكلام، وينتشل الإنسان من التيه الذي هو فيه بين فروع الطرقات التي تاه فيها بين كفر وشرك، فوحده الطريق المستقيم، ووحده النور بين الظلمات، أيًا كانت تلك الظلمات سواء روحية أو فكرية أو معتقدية أو وجودية!
{ ولهذا يستحق من معتنقيه أن يكونوا مسلمين بالاختيار الحرّ، لا لأنهم وُلدوا به وبالتسمية أنهم مسلمون! وغالبيتهم أبعد ما يكونون عن نوره العظيم والحقيقي، فيدخلون في البحث عن ما يشبع فراغ أرواحهم في كل الأيديولوجيات ليختاروا إحداها! أو في الحركات الباطنية ليستمدوا منها الطاقة الروحية كما يتوهمون! أو أنهم يشكلون حركات باسم الدين ومعتقدات خارجة عن فحوى وجوهر وحقيقة الإسلام ويتصورون أنهم مسلمون!
{ خزين العمر لدى كل واحد منّا يحمل في داخله الكثير، ولكن أهمها التعرف على حقيقة الإسلام معرفيًّا وفكريًّا وروحيًّا ووجوديًّا، ليأتي الاختيار له اختيارًا حرّا، وليس كما قلنا لأننا ولدنا به كمسمى!، ولنصل إلى العمق قد ندخل الكثير من دهاليز الطرقات الفرعية، لنعرف أين هو النور الحقيقي، وأين هي كشافات الإضاءة الصناعية، التي قد تُبهر العين بأضوائها في الطريق، ولكن نهايته غير المتوقعة أبعد ما يكون عن النور، وأقرب ما يكون إلى الظلام في معناه الوجودي!
{ ونحن في هذا الشهر الفضيل، أحرى بنا، وكما أمرنا الله خالق كل شيء، أن نتفكرّ ونعقِل ونجوب دهاليز كل الأفكار والمعتقدات مجدّدًا، لنصل في النهاية إلى القيمة الحقيقية والنعمة الفائضة لكوننا مسلمين! أحد قادة اليهود الصهاينة، لا أذكر إن كان «بيجين» أو «رابين» قال مرة: «المسلمون يملكون شيئًا هو أعظم ما في هذا الكون، ولكنهم لا يعرفون قيمته» فلما سُئِل ما هو؟! قال: «كتاب الله الذي بين أيديهم» أي القرآن الكريم!. هم يعرفون جيدًا قيمة هذا الكتاب الذي بيد المسلمين، ولذلك هم خططوا طويلاً ومازالوا يخططون لإبعاد المسلمين عن حقيقته وسرّ قوته!، إلى أن فكروّا بإسلام بديل تمت تسميته مرة بالإسلام الأمريكي! ومرة بالإسلام الليبرالي! إلخ.. ويضغطون بكل الطرق لتحريف التأويل فيه، لأنهم يعرفون أيضًا أنهم غير قادرين على التحريف في كلام الله الذي وعده بحفظه من أي تحريف، ولذلك فإن أول وأقدم نسخة تم اكتشافها من القرآن مؤخرًا، مطابقة لما بين أيدي المسلمين حتى الآن!
{ المعرفة الدينية العميقة التي تفتح كثيرا من الأبواب المغلقة، والتي وصل إليها وعي بعض المفكرين الحقيقيين في الإسلام، لا تزال للأسف مهمشة وبعيدًا عن تداول العامة وحتى المثقفين!
ولا تجد من يقوم بذات القدرات الفكرية لهؤلاء بتفسير المعاني العميقة، التي وصلوا إليها في معرفة أصول الدين الحضارية والقيمة – من القيم – والروحية والوجودية والتي تتخطى كل زمان ومكان، لأنها كلام الله، وتزكي النفس الإنسانية وتضع النقاط على الحروف لمعرفة أخرى هي معرفة مكامن هذا الدين وقوته الراسخة لتفسير معنى الوجود، وجوهر التوحيد، والصلة بين الإنسان وخالقه، بعيدًا عن الضلالات الفكرية التي تُفسر الكون وبدايته، والتصورات حول الإنسان العاقل، اعتمادًا على «نظرية التطور»، التي قد يصلح بعضها في تفسير جوانب تطورية معينة، ولكنها تخفق تمامًا في تصوّر حقيقة الإنسان ووجوده وخلقه كإنسان عاقل منذ آدم الذي خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحه وعلمه كل الأسماء، أي كل المعارف والعلوم! وفساد هذه النظرية التي تهزأ بالعقل، وهي تُرجع أصل الإنسان إلى القرود!، يبدو أنها طغت على بعض العقول بالفعل وربما الكثير منها، ليدخل العالم في دهاليز الظلمات بعيدًا عن حقيقة الوجود، وحقيقة الإنسان، ولماذا هو موجود في هذه الدنيا! فإذا جُلنا في «الأيديولوجيات» القائمة على هذه النظرية، وجُلنا في الحركات الباطنية، اكتشفنا أنها تضليلات شيطانية لتمويه العقل عن حقيقة الوجود والخلق والخالق، تنتج بدورها قيمًا فاسدة رغم طغيانها على العصور الحديثة، وبمخيلات مريضة لا يتسع المقام هنا لذكرها وحصرها! ولذلك فإن المسلم الواعي بنفسه وخالقه وأسباب وجوده، قادر وحده على فرز الحقيقة من المخيلات الظلامية، وفرز النور الذي لا نور حقيقي غيره من الظلمات وهي كثيرة، لأن الذي بين يديه ويفسر كل شيء هو كلام الله جل جلاله.
كل عام وأنتم بخير.. رمضان كريم
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك