العدد : ١٧١٤٦ - الاثنين ٠٣ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٤٦ - الاثنين ٠٣ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ رمضان ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

السعودية ملتقى السلام العالمي!

{‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬البناء‭ ‬العالمي‭ ‬أو‭ ‬المتغير‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يتجه‭ ‬نحو‭ ‬تعدد‭ ‬القطبية‭ ‬مهما‭ ‬حاولت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الاستفراد‭ ‬بالقيادة‭! ‬فإن‭ ‬الواقع‭ ‬العالمي‭ ‬يدرك‭ ‬ما‭ ‬لتلك‭ ‬القيادات‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬وخيارات‭ ‬جيوستراتيجية‭ ‬أججت‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭! ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬السعودية‭ ‬كبلد‭ ‬ذي‭ ‬ثقل‭ ‬استراتيجي‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬مختلفة‭ ‬سواء‭ ‬كبلد‭ ‬التوحيد‭ ‬وقبلة‭ ‬المسلمين،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬والطاقي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ثقلها‭ ‬العربي‭ ‬والإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬فإنها‭ ‬وحدها‭ ‬اليوم‭ ‬بما‭ ‬تحظى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬دولية‭ ‬القادرة‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬ملتقى‭ ‬ومحطة‭ ‬للسلام‭ ‬العالمي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انجرف‭ ‬العالم‭ ‬نحو‭ ‬هاوية‭ ‬ما‭ ‬يراد‭ ‬فرضه‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬خلخلة‭ ‬تراكمية‭ ‬لكل‭ ‬مؤسسات‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬حتى‭ ‬باب‭ ‬الطبق‭ ‬العالمي‭ ‬مكشوفا‭ ‬وعاريا‭ ‬أمام‭ ‬جملة‭ ‬قضايا‭ ‬عالمية‭ ‬ودولية‭ ‬وإقليمية‭ ‬كادت‭ ‬أن‭ ‬تورط‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة‭ ‬لن‭ ‬تبقي‭ ‬ولن‭ ‬تذر‭!‬

{‭ ‬حين‭ ‬جمعت‭ ‬الرياض‭ ‬على‭ ‬طاولتها‭ ‬طرفي‭ ‬التفاوض‭ ‬الأمريكي‭ ‬والروسي‭ ‬كمقدمة‭ ‬للقاء‭ ‬رئاسي‭ ‬بين‭ ‬ترامب‭ ‬وبوتين‭ ‬لاحقا‭ ‬فإن‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭ ‬شهدا‭ ‬بما‭ ‬للسعودية‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬وقابلية‭ ‬لإنجاح‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وبما‭ ‬يمهد‭ ‬لمناقشة‭ ‬قضايا‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭! ‬لتتحول‭ ‬الرياض‭ ‬إلى‭ ‬عاصمة‭ ‬للقرار‭ ‬والسلم‭ ‬والمباحثات‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وموسكو،‭ ‬ولتشهد‭ ‬السعودية‭ ‬تحولا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬في‭ ‬موقعها‭ ‬الدولي‭ ‬وفي‭ ‬تاريخها‭ ‬الحديث‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبوأت‭ ‬المراكز‭ ‬المتقدمة‭ ‬والتحولات‭ ‬الريادية‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والتنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬والتنويع‭ ‬في‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬وحده‭ ‬مثلما‭ ‬شهدت‭ ‬كوادرها‭ ‬السياسية‭ ‬أطروحات‭ ‬متوافقة‭ ‬مع‭ ‬كون‭ ‬السعودية‭ ‬بدبلوماسيتها‭ ‬العقلانية‭ ‬والثابتة‭ ‬صانعة‭ ‬للسلام‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وبما‭ ‬يتوافق‭ ‬أيضا‭ ‬مع‭ ‬كونها‭ ‬منبع‭ ‬أعظم‭ ‬الرسالات‭ ‬السماوية‭ ‬والقيم‭ ‬الإسلامية‭ ‬وتاريخها‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬يشهد‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬وترسيخ‭ ‬السلام‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭.‬

{‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تحركاتها‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬2014‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬الناتو‭ ‬والغرب‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬كانت‭ ‬تهدد‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬قاطبة‭ ‬ولذلك‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬رحالها‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬لإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬للأزمة‭ ‬لهي‭ ‬مرآة‭ ‬تعكس‭ ‬ما‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬فاعلية‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجمع‭ ‬التفاوضي‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الكبيرة‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬العربي‭ ‬والإقليمي‭ ‬إلى‭ ‬التأثير‭ ‬الدولي‭ ‬الفاعل‭ ‬جعلها‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الفاعلية‭ ‬الدولية‭ ‬لترسيخ‭ ‬الوساطة‭ ‬الموثوقة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأطراف،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬مساعيها‭ ‬الحيادية‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وموسكو‭ ‬بمحاولات‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬وإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬وتبادل‭ ‬الأسرى‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬الحرب‭ ‬والاجتماعات‭ ‬لإيجاد‭ ‬طرق‭ ‬وسبل‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬باعتبارها‭ ‬مهددة‭ ‬للسلم‭ ‬والأمن‭ ‬العالمي‭!‬

{‭ ‬القمة‭ ‬الروسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تتزامن‭ ‬معها‭ ‬قمة‭ ‬عربية‭ ‬مصغرة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬ومصر‭ ‬والأردن‭ ‬لتدارس‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬قبل‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الطارئة‭ ‬التي‭ ‬تأجلت‭ ‬إلى‭ ‬4‭ ‬مارس،‭ ‬والقمة‭ ‬المصغرة‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬أيضا‭ ‬يوم‭ ‬21‭/‬2‭/‬2025‭ ‬بخصوص‭ ‬غزة‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لتأكيد‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬الرافض‭ ‬للتهجير‭ ‬واستمرار‭ ‬الحرب‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬السعودية‭ ‬ومصر،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬وساطتها‭ ‬التفاوضية‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وموسكو،‭ ‬بطلب‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬ترامب‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬الخطة‭ ‬المصرية‭ ‬لإعمار‭ ‬غزة‭ ‬وإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬عليها‭ ‬وهو‭ ‬الحدث‭ ‬الآخر‭ ‬المهم‭ ‬والمتزامن‭ ‬مع‭ ‬قمة‭ ‬ترامب‭ ‬‭ ‬بوتين،‭ ‬لتنزل‭ ‬الرؤى‭ ‬الخيالية‭ ‬واللامنطقية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬طرحها‭ ‬أمريكيا‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الموقف‭ ‬الثابت‭ ‬سعوديا‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭!‬

{ ‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬واقع‭ ‬التدمير‭ ‬والحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬والرؤى‭ ‬التي‭ ‬تؤجج‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تأتي‭ ‬السعودية‭ ‬لتؤكد‭ ‬دورها‭ ‬الريادي‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬الرؤى‭ ‬المتوازنة‭ ‬لحل‭ ‬القضايا‭ ‬وتطرح‭ ‬الرؤى‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مكانا‭ ‬أكثر‭ ‬أمنا‭ ‬واستقرارا‭ ‬وسلما‭ ‬للبشرية،‭ ‬ولتجعل‭ ‬للعرب‭ ‬مكانا‭ ‬مختلفا‭ ‬في‭ ‬المتغيرات‭ ‬العالمية،‭ ‬بل‭ ‬ومكانا‭ ‬رياديا‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬النزاعات‭ ‬حتى‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬المصغرة‭ ‬وقرارات‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الطارئة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الرياض‭ ‬والقاهرة‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬وأخذا‭ ‬بالاعتبار‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الأمريكي‭ ‬والدولي‭ ‬لنشهد‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬ربما‭ ‬فاعلية‭ ‬عربية‭ ‬جديدة‭ ‬تقودها‭ ‬السعودية‭ ‬بثقلها‭ ‬المتعدد‭ ‬الزوايا‭ ‬ومعها‭ ‬مصر‭ ‬بتأثيرات‭ ‬قوة‭ ‬جيشها‭ ‬وليتم‭ ‬إحباط‭ ‬كل‭ ‬المحاولات‭ ‬الخبيثة‭ ‬السابقة‭ ‬لتهميش‭ ‬العرب‭ ‬حتى‭ ‬تجاه‭ ‬قضاياهم‭ ‬الأساسية‭ ‬والوجودية‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا