عالم يتغير

فوزية رشيد
غزة مجرد البداية للمخطط الكبير!
{ ليس ما حدث ويحدث في غزة والضفة وجنوب لبنان وجبل الشيخ في سوريا هو حدث اعتباطي! وليس بالأصل أيضا مجرد رد فعل على عملية 7 أكتوبر التي قامت بها حماس، لأن ما حدث من تدمير ممنهج وإبادة والسعي للتهجير الفلسطيني من فلسطين لم يكن إلا مخططا صهيونيا مستمرا وجد ضالته في ذريعة 7 أكتوبر! والدليل التصريحات الصهيونية المتطرفة منذ أعوام سبقت ذلك التاريخ، والخارطة التي ظل يدور بها نتنياهو في الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل ذلك التاريخ أيضا!
هذا يضع أمام القيادات الفلسطينية وأمام العرب رد فعل موازيا وبقوة ما يطرحه الصهاينة والإنجيليون الأمريكيون من تصورات دينية محرفة لخروج المسيح الدجال بعد إنجاح مخطط إسرائيل الكبرى!
وحدة الموقف العربي تبدأ بوحدة الفصائل والقيادات الفلسطينية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية وبما يليق بفلسطين التاريخية وشعبها الصامد، بحيث يكون التحرير هو الهدف الأسمى لكل تلك الفصائل والقيادات الفلسطينية والتنسيق الفلسطيني العربي، من دون إدخال فلسطين وقضيتها في تجاذبات إقليمية أخرى إيرانية أو تركية جعلت من القضية سلعة للمتاجرة السياسية والإنسانية لتحقيق أهداف ومآرب أخرى!
{ النظام العربي الذي اتخذ في أغلبه موقف المتفرج على حرب الإبادة في غزة والضفة إلا في البعد الإنساني والدبلوماسي والدعم الشعبي العربي الخجول قياسا لهول الحدث كان موقفه ذاك مبنيا في الأساس على رفض حماس واستفرادها بقرار 7 أكتوبر وباعتباره فصيلا إخوانيا اعتبرته إيران جزءا من محورها في المنطقة وبما نعرفه جميعا عن النوايا الإيرانية القومية والتوسعية، والتي لم تقل خطورة عن المخططات الصهيونية التوسعية منذ نشوء الكيان الصهيوني. ولقد شهدت المنطقة وشهد العالم كله الآثار التخريبية والتدميرية في كل الدول العربية التي وقعت تحت الهيمنة الإيرانية بضوء أخضر أمريكي منذ احتلال العراق 2003!
{ اليوم القضية الفلسطينية وكل القيادات والفصائل وحتى السلطة الفلسطينية أمام محك تاريخي ككل قيادات المنطقة العربية، ولذلك على حماس أن تتنازل عن طموحها السلطوي وتعيد مأسسة نفسها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية لتتيح الفرصة أمام غزة بعد دمارها كي لا تكون مستعمرة استيطانية، أو مستوطنة عقارية كما تدفع به أمريكا لتبني التصور الخيالي الذي طرحه على العرب بحجة القضاء على حماس أولا! والمطلوب أن يبدأ تهجير أهل غزة وبعدهم فلسطينيو الضفة وفلسطينيو 48 بقوة تصور وتحقيق الدولة اليهودية الخالصة لليهود وحدهم، وبما يعني تصفية القضية الفلسطينية تماما!
{ كذلك على القيادة في السلطة الفلسطينية فتح الباب أمام انتخابات جديدة تأجلت طويلا لصعود كوادر وقيادات فلسطينية مؤهلة لمواجهة مخاطر وتهديدات المرحلة الراهنة، وحيث ضعف السلطة الفلسطينية في إطارها الراهن يستوجب البدء بإصلاحات حقيقية وقيادات سياسية جديدة تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل دورها السياسي والقانوني كممثل وحيد للقضية الفلسطينية معترف به من غالبية دول العالم.
{ ليس أمام حماس اليوم بعد ما أصاب غزة من تدمير وإبادة واستشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 100 ألف فلسطيني إلا أن تتوقف بهدوء وموضوعية أمام استحقاقات قراراتها الانفرادية كمقاومة وتنهي حالة الانقسام الفلسطيني الذي غذّاه الكيان الصهيوني وغذّته إيران بحجة دعم فصيل في محورها الإيراني في المنطقة!
ولكي يستقيم الموقف الفلسطيني وبعده الموقف العربي والدولي لا بد للفصائل الفلسطينية بما فيها فصيل (فتح السلطة) أن تطرح خطابا موحدا ومتماسكا حول قضيتها وقضية العرب الأولى، وأن تنهي الانقسام الفلسطيني الذي ينخر كالسوس في جسد القضية الفلسطينية لكي يرتقي الأداء الفلسطيني ومعه العربي إلى ما يناسب التحديات والتهديدات الجيوستراتيجية الخطيرة بتصفية القضية وتهجير الفلسطينيين وإن بالقوة!
{ إن الترهل في أداء القيادات الفلسطينية (فصائل وسلطة) ومهما كانت التبريرات، لا يليق إطلاقا بالتضحيات الجسيمة التي دفعها ولايزال يدفعها الشعب الفلسطيني، الذي لا وجود للقضية من دونه ومن دون وجوده على أرضه! ولذلك تأتي الحاجة الملحة إلى التوحد من جهة، وإلى أن تفرز الساحة الفلسطينية قيادات جديدة في السلطة ذات رؤى قوية توحد في البداية بين غزة والضفة والقدس تحت إدارة موحدة بمظلة عربية إلى أن يعاد تعمير غزة وفق الخطة المصرية والدعم العربي! وهذا يحتاج بعد إنهاء الانقسام الفلسطيني إلى حوار فلسطيني/عربي جديد ومباشر، يتحمل كل طرف فيه المسؤولية التاريخية للقضية الفلسطينية في ظل التهديدات والمخططات الصهيونية الخطيرة التي تريد الاستيلاء على كامل الأرض الفلسطينية ثم التوسع في الجغرافيا العربية والدوس على كل القرارات الأممية والقوانين الدولية، والحق المشروع للشعب الفلسطيني وسيادة الدول العربية على أراضيها بعيدا عن أطماع اقتطاع أجزاء منها!
{ البديل في غزة بعد إنهاء الانقسام هو إدارة مدنية أو تكنوقراط بمظلة ودعم عربي موحد لمواجهة مخطط (التهجير الترامبي) المقترح، والذي زاد الحديث عنه أمريكيا!
ومن وحدة الفصائل الفلسطينية إلى وحدة الموقف العربي، بالإمكان إفشال المخططات الصهيونية الدينية وتحويل الآثار والتبعات المؤسفة لحرب الإبادة على غزة إلى فرصة، وتحويل المحنة إلى منحة، خاصة أمام التفاعل والتعاطف الدولي الكبير مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بعد حرب الإبادة، وهذا يحتاج إلى خطة وخريطة عمل وتحرك عربي/فلسطيني ومشروع عربي استراتيجي لاستثمار الموقف العالمي المؤيد للقضية قانونيا وسياسيا ودبلوماسيا وإنسانيا! يجب ألا تمر حرب الإبادة على غزة وكأنها لم تحدث! وألا يكون الانشغال الفلسطيني والعربي بمخطط التهجير وحده من دون ربطه بجرائم الحرب التي جرت على غزة والضفة! يريدون من العرب والعالم أن ينسوا تلك الجرائم والإبادة فأشغل ترامب العقول بالاستيطان الاستعماري العقاري في غزة! الخيوط مرتبطة ببعضها والعالم مهيأ لتحرك عربي/فلسطيني جاد فهل سيتم ذلك؟! ولا لاستمرار حرب الإبادة، ولا للتهجير والتطهير العرقي لتصفية القضية الفلسطينية! غزة مجرد البداية لمخطط صهيوني أكبر بكثير!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك