عالم يتغير

فوزية رشيد
العملاق العربي إذا صحا!
{ بين حين وآخر لابد للعودة إلى جذور الأزمات والصراع في المنطقة العربية لكي نفهم ما يحدث في المرحلة الراهنة على خلفية التصريحات الصهيونية والترامبية الجديدة!
بالأصل لم يتم إنشاء وتأسيس الكيان الصهيوني الذي تعود فكرته كمقترح أول لنابليون بونابرت لشق الجغرافيا العربية من منتصفها! ثم إلى مؤتمر بازل الصهيوني وهرتزل 1897 ثم مؤتمر لندن 1905-1907 ثم وعد بلفور وتقاسم المنطقة بحسب اتفاق سايكس – بيكو! إلا لهدف واحد هو منع الوحدة العربية بدءا من زرع كيان دخيل وظيفي استعماريا لتقسيم المنطقة وشقها من منتصفها ومنع نهوضها وتنميتها بل احتكار ثرواتها وإمكانياتها بأساليب استعمارية مختلفة!
والسؤال لماذا؟! والجواب لأن المنطقة العربية إذا توحدت بما تملكه من إمكانيات حضارية ودينية وثقافية وعنصر بشري وموقع استراتيجي في منتصف القارات، فهي المشروع العالمي الوحيد والحقيقي القادر على فرض المثال والقيم الإلهية في وجه الحضارة والقيم الغربية الاستعمارية ونموذجه العالمي!
هذا ما جاء في أدبيات مؤتمر لندن 1905! بل أشارت تلك الأدبيات أيضا في المؤتمر الغربي نفسه آنذاك أن الإسلام هو الوحيد أو وحده على المستوى العالمي يقدم البديل القيمي والحضاري المتكامل للإنسان عن القيم الغربية ويهددها! ولذلك لابد من الهجوم والحرب عليه وتشويهه بكل الطرق وخاصة إذا تم إنهاض الروح الحقيقية المعتدلة والوسطية والعقلانية لهذا الدين السماوي الذي لم يصبه أي تحريف أو تغيير منذ نزوله كوحي على الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام!
{ تلك الاستنتاجات وصلت إلى العالم الغربي بعد ما شهده الغرب والعالم من آثار الحضارات العربية القديمة في المنطقة ومن آثار الحضارة الإسلامية الكبيرة منذ الخلفاء الراشدين والدولة الأموية ثم العباسية والحضارة العربية في الأندلس! وجميعها أثبتت كيف تتجسد الروح العربية الإسلامية في تقديم النموذج البديل والمنافس للغرب في كل المجالات كما تم وصفه بعد ذلك لتبدأ بعد سقوطها الأندلس الحقبة الاستعمارية الغربية على دول المنطقة لإضعافها واحتوائها!
{ اليوم يجد النظام العربي الرسمي وتجد الشعوب العربية نفسها في مواجهة مباشرة مع التهديد الوجودي الذي تمثله الصهيونية الدينية في الكيان وفي أمريكا وحيث طوال 75 عاما لم يستطع العرب احتواء هذا الكيان الدخيل لا حربا ولا سلما! وحيث أثبتت أمريكا ومعها قوى الغرب الاستعمارية أنها لم تعد عامل استقرار وسلام للمنطقة، كما تدعي وادعت طوال العقود الماضية! ورغم كل ما شهدته المنطقة من حروب وويلات إلا أن ما يحدث اليوم يختلف تماما عن ما سبق حيث التوسع الصهيوني بات مطروحا علنا وتنفيذا وليس كرؤى وأساطير وخرافات ونظرية مؤامرة!
{ رغم كل الأطروحات المتفذلكة عربيا وغربيا في السخرية من فكرة الوحدة العربية والانتماء العربي والقومية العربية إلا أن التجارب أثبتت للعرب وللغرب أنه حين يتوحد العرب في كلمتهم وإرادتهم السياسية فإنهم يحدثون الفارق الحقيقي الذي يخلخل عوامل الضعف العربي المعتاد! ولذلك ومع الشعور العربي والوعي الجمعي العربي بخطورة ما يحدث اليوم بعد حرب الإبادة على غزة وخطورة التصريحات والتوجهات الصهيونية في المنطقة ككل لجأت الدول العربية بقيادة الدول العربية الفاعلة إلى التماسك العربي في مواجهة الأحداث والمخططات والتصريحات الترامبية فما بالنا لو تحققت الوحدة العربية بشروطها التكاملية الجيوستراتيجية ونهض العملاق العربي النائم منذ سقوط الأندلس؟! الشرق والغرب يعرف جيدا أثر ذلك النهوض وخاصة إن تم في إطار رؤى علمية موضوعية تطرح هيكلية التكاملية العربية في أطرها الاستراتيجية والعقلانية والأنساق الجديدة للوحدة وحيث نموذج الاتحاد الأوروبي يدل على المقصود رغم ما يتخلل هذا الاتحاد من ثغرات!
{ النظام العربي الذي بنى استراتيجياته التحالفية مع الولايات المتحدة والغرب الاستعماري لابد أنه يدرك جيدا كيف كانت تعمل تلك القوى الغربية على إبقاء العرب في حالة ضعف واتكال عليها! وكيف كانت ولا تزال تعمل على التمزيق والصراعات والتقسيم رغم التحالف معها! لكي تصل اليوم إلى تبني كل الأوراق الصهيونية المتطرفة، بل تعمل الولايات المتحدة الترامبية على تنفيذها بما يهدد الحلفاء العرب أو النظام العربي والدول العربية وشعوبها! بل وصلت الأمور إلى أن يزايد ترامب على قادة الكيان المتطرفين والإرهابيين بما هو أبعد من أحلامهم وخيالهم! وهو الخيال التوراتي الملفق الذي يهدد الوجود العربي والنظام العربي!
{ هي لحظة تاريخية مفصلية لا تتعلق بغزة وفلسطين والقضية الفلسطينية وحدها، بل بمصير كل المنطقة العربية التي تم إدراجها تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد الذي حمل خارطته رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني نتنياهو وجاء ترامب بعد أيام قليلة من رئاسته الثانية ليدق على الطاولة أمامه ويعلن مقترحاته لكيفية تنفيذ تلك الخارطة باستعمار استيطاني عقاري في غزة في البداية ولفتح الباب أمام ضم الضفة الغربية ثم التوسع في الجغرافيا العربية واعتبار ذلك أنه المقترح المطلوب للسلام في المنطقة!
الآن ليس أمام العرب إلا وحدة الموقف العربي الرافض واستخدام كل الإمكانيات العربية المتوافرة لإفشال مخططات المجانين الصهاينة! وبانتظار نتائج القمة الطارئة في القاهرة!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك