عالم يتغير

فوزية رشيد
التهريج السياسي يجوب العالم!
{ ونحن في خضّم ردود الفعل العربية والدولية الكبيرة على (مخطط التهجير الترامبي) الذي تم اعتباره شطحًا غير مسبوق في السياسة الدولية من رئيس دولة كبرى! إذا بشريكه الذي وقف كالطفل الفرح بما تلقّاه من هدية ترامبية غير متوقعة، ونقصد رئيس الحكومة اليمينية المتطرفة «نتنياهو» يُدلي بدوره بتصريح يُكمل فيه حلقات «التهريج السياسي» الذي بدأه الرئيس الأمريكي تاجر العقارات، حين سُئل على القناة الصهيونية 14 حول حلّ الدولتين أو الدولة الفلسطينية، ليصرّح بأن (الدولة الفلسطينية بالإمكان إقامتها في السعودية فلديها أراضٍ واسعة)!
وبهذا التناغم التهريجي والتلاعب العبثي وانتهاك قواعد السياسة والدبلوماسية والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، يتبادل الصديقان لعبة (الدموية والتهريج) في آن واحد! فبعد حرب الإبادة التي لا تزال مستمرة وتوسعت نحو الضفة الغربية ووصلت إلى 16 شهرًا، يطرح الأول التهجير للمواطنين الفلسطينيين وإقامة «ريفيرا» الشرق الأوسط في غزة! ويطرح الثاني إقامة الدولة الفلسطينية في المملكة العربية السعودية! وبذلك تصفو فلسطين وتخلو من الفلسطينيين، ولكأن شهية التهريج انفتحت أبوابها على الآخر!
والسؤال هو لماذا لم يطرح الصديقان نقل الصهاينة إلى موطنهم الأصلي في أوروبا وبلاد الخزر! أو لماذا لا يتبرع ترامب بإحدى ولاياته وأرض أمريكا أكبر من السعودية وغيرها لينشئ فيها دولة الكيان الصهيوني فتكون في حضنه؟!
{ ردّت المملكة ببيانين قويين سواء على ما قاله الرئيس الأمريكي أو ما قاله رئيس حكومة الاحتلال، وبدون ذكر اسميهما، بالتأكيد على أمن واستقرار وسيادة دول المنطقة والسلام العادل والشامل والتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، ورفض التهجير، والالتزام بالقرارات الدولية والعودة إلى «منطق العقل» في إشارة إلى الهذيان واللاعقلانية اللتين يتحدث بهما الاثنان! مثلما صدر بيان مصري قوي وبيانات أخرى من دول الخليج العربي والجامعة العربية والدعوة إلى قمة عربية طارئة نهاية هذا الشهر، لطرح الموقف العربي الذي وجد صداه في كل العالم، ورفض التصريحات العبثية تلك من الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والكثير من الدول الأخرى!
{ وبالتعليق على تصريح «نتنياهو» الذي يعتقد أنه بجنون التطرّف لديه ولدى من حوله من إرهابيي حرب الإبادة على غزة، بالإمكان الدوس على ثوابت القضية الفلسطينية التي طال أمد حلها بسبب التلاعب الأمريكي والغربي والدعم المطلق لإرهاب دولة الاحتلال الصهيوني، وأن ما لم يتم حله بالمنطق والعقل بالإمكان فرض الحلول العبثية من خلال «التهريج السياسي» نقول إن المجنون يتحدث والعاقل يتصرف!
{ إن المصالح الأمريكية الخليجية والعربية كثيرة، وإذا ما قررّ العرب وخاصة السعودية ودول الخليج ومصر والأردن وفي إطار جماعي استخدامها معًا، فإن تلك المصالح بإمكانها أن تشهد تراجعًا بل وتُنزل أصحاب الشطحات والجنون من فوق الشجرة! وحيث من المفترض أن تشهد «القمة العربية الطارئة» التي دعت إليها مصر، موقفًا عربيًّا جماعيًّا، حازمًا يعيد العقل الأمريكي والصهيوني إلى مكانه! ويوضح أن لا مكان للهزل أو المزاح أو التهريج في قضايا جادة، على رأسها القضية الفلسطينية، وسيادة دول المنطقة، وأمنها واستقرارها!
{ بإمكان السعودية وثقلها الدولي والعربي والإسلامي كبير جدًا، أن تستخدم أوراق الضغط التي تمتلكها وهي كثيرة، وقد بدأت في استخدام بعضها! كذلك مصر بإمكانها أن تلوّح باتفاقيات كامب ديفيد للسلام مع الكيان، مما سيفقد هذا الكيان اللقيط مشروعية بقائه سياسيًّا، خاصة إذا فعلت الأردن ذلك.
وهناك أوراق اقتصادية واستثمارية عربية مختلفة، وحيث الشهية الصهيونية المفتوحة، تريد الانتقال من نكبة 1948 إلى نكبة أخرى، لتصل إلى الدول العربية! بإمكان العرب فعل الكثير من دون الدخول في مواجهة عسكرية، إلا إذا تم فرضها، وبالدفاع المشروع عن النفس! فالمرحلة بالفعل خطيرة وإن لبست لباس (التهريج) ولنا حول ذلك وقفة أخرى، خاصة أن بالونات الاختبار، الأمريكية والصهيونية، بإمكانها أن تتحوّل إلى نقطة التحوّل الاستراتيجي الخطير، جرّاء هذا النهم الصهيوني، حين يتناغم التطرف الأمريكي مع التطرف الأزلي في الكيان الصهيوني منذ نشوئه! إذا لم يتم التعامل العربي معه بحسم، وقد آن أوان أن يتم هزّ عصا العِزّ، لأننا في بداية سيل الشدّة، الذي لا بدّ من إيقافه بوضع السدود أمامه قبل أن تنهمر مياهه على رؤوس الجميع في كامل فلسطين وكل المنطقة العربية! ولنا وقفة أخرى.
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك