العدد : ١٧١٤٦ - الاثنين ٠٣ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٤٦ - الاثنين ٠٣ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ رمضان ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

التهريج السياسي يجوب العالم!

{‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬خضّم‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬العربية‭ ‬والدولية‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ (‬مخطط‭ ‬التهجير‭ ‬الترامبي‭) ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬اعتباره‭ ‬شطحًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬كبرى‭! ‬إذا‭ ‬بشريكه‭ ‬الذي‭ ‬وقف‭ ‬كالطفل‭ ‬الفرح‭ ‬بما‭ ‬تلقّاه‭ ‬من‭ ‬هدية‭ ‬ترامبية‭ ‬غير‭ ‬متوقعة،‭ ‬ونقصد‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬يُدلي‭ ‬بدوره‭ ‬بتصريح‭ ‬يُكمل‭ ‬فيه‭ ‬حلقات‭ ‬‮«‬التهريج‭ ‬السياسي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬بدأه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬تاجر‭ ‬العقارات،‭ ‬حين‭ ‬سُئل‭ ‬على‭ ‬القناة‭ ‬الصهيونية‭ ‬14‭ ‬حول‭ ‬حلّ‭ ‬الدولتين‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ليصرّح‭ ‬بأن‭ (‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالإمكان‭ ‬إقامتها‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬فلديها‭ ‬أراضٍ‭ ‬واسعة‭)!‬

وبهذا‭ ‬التناغم‭ ‬التهريجي‭ ‬والتلاعب‭ ‬العبثي‭ ‬وانتهاك‭ ‬قواعد‭ ‬السياسة‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬يتبادل‭ ‬الصديقان‭ ‬لعبة‭ (‬الدموية‭ ‬والتهريج‭) ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭! ‬فبعد‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مستمرة‭ ‬وتوسعت‭ ‬نحو‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬16‭ ‬شهرًا،‭ ‬يطرح‭ ‬الأول‭ ‬التهجير‭ ‬للمواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإقامة‭ ‬‮«‬ريفيرا‮»‬‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬ويطرح‭ ‬الثاني‭ ‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭! ‬وبذلك‭ ‬تصفو‭ ‬فلسطين‭ ‬وتخلو‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ولكأن‭ ‬شهية‭ ‬التهريج‭ ‬انفتحت‭ ‬أبوابها‭ ‬على‭ ‬الآخر‭!‬

والسؤال‭ ‬هو‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يطرح‭ ‬الصديقان‭ ‬نقل‭ ‬الصهاينة‭ ‬إلى‭ ‬موطنهم‭ ‬الأصلي‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وبلاد‭ ‬الخزر‭! ‬أو‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يتبرع‭ ‬ترامب‭ ‬بإحدى‭ ‬ولاياته‭ ‬وأرض‭ ‬أمريكا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬السعودية‭ ‬وغيرها‭ ‬لينشئ‭ ‬فيها‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬فتكون‭ ‬في‭ ‬حضنه؟‭!‬

{‭ ‬ردّت‭ ‬المملكة‭ ‬ببيانين‭ ‬قويين‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وبدون‭ ‬ذكر‭ ‬اسميهما،‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬وسيادة‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬والسلام‭ ‬العادل‭ ‬والشامل‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬أرضه‭ ‬ووطنه،‭ ‬ورفض‭ ‬التهجير،‭ ‬والالتزام‭ ‬بالقرارات‭ ‬الدولية‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬منطق‭ ‬العقل‮»‬‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الهذيان‭ ‬واللاعقلانية‭ ‬اللتين‭ ‬يتحدث‭ ‬بهما‭ ‬الاثنان‭! ‬مثلما‭ ‬صدر‭ ‬بيان‭ ‬مصري‭ ‬قوي‭ ‬وبيانات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والجامعة‭ ‬العربية‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬عربية‭ ‬طارئة‭ ‬نهاية‭ ‬هذا‭ ‬الشهر،‭ ‬لطرح‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬وجد‭ ‬صداه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم،‭ ‬ورفض‭ ‬التصريحات‭ ‬العبثية‭ ‬تلك‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وروسيا‭ ‬والصين‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭!‬

{‭ ‬وبالتعليق‭ ‬على‭ ‬تصريح‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬بجنون‭ ‬التطرّف‭ ‬لديه‭ ‬ولدى‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬من‭ ‬إرهابيي‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬بالإمكان‭ ‬الدوس‭ ‬على‭ ‬ثوابت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬طال‭ ‬أمد‭ ‬حلها‭ ‬بسبب‭ ‬التلاعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬والدعم‭ ‬المطلق‭ ‬لإرهاب‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬حله‭ ‬بالمنطق‭ ‬والعقل‭ ‬بالإمكان‭ ‬فرض‭ ‬الحلول‭ ‬العبثية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬التهريج‭ ‬السياسي‮»‬‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬المجنون‭ ‬يتحدث‭ ‬والعاقل‭ ‬يتصرف‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬كثيرة،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬قررّ‭ ‬العرب‭ ‬وخاصة‭ ‬السعودية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬ومصر‭ ‬والأردن‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬جماعي‭ ‬استخدامها‭ ‬معًا،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬المصالح‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬تراجعًا‭ ‬بل‭ ‬وتُنزل‭ ‬أصحاب‭ ‬الشطحات‭ ‬والجنون‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬الشجرة‭! ‬وحيث‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬‮«‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الطارئة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬دعت‭ ‬إليها‭ ‬مصر،‭ ‬موقفًا‭ ‬عربيًّا‭ ‬جماعيًّا،‭ ‬حازمًا‭ ‬يعيد‭ ‬العقل‭ ‬الأمريكي‭ ‬والصهيوني‭ ‬إلى‭ ‬مكانه‭! ‬ويوضح‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬للهزل‭ ‬أو‭ ‬المزاح‭ ‬أو‭ ‬التهريج‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬جادة،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وسيادة‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأمنها‭ ‬واستقرارها‭!‬

{‭ ‬بإمكان‭ ‬السعودية‭ ‬وثقلها‭ ‬الدولي‭ ‬والعربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬كبير‭ ‬جدًا،‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬أوراق‭ ‬الضغط‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬وهي‭ ‬كثيرة،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬بعضها‭! ‬كذلك‭ ‬مصر‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تلوّح‭ ‬باتفاقيات‭ ‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬للسلام‭ ‬مع‭ ‬الكيان،‭ ‬مما‭ ‬سيفقد‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬اللقيط‭ ‬مشروعية‭ ‬بقائه‭ ‬سياسيًّا،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬فعلت‭ ‬الأردن‭ ‬ذلك‭.‬

وهناك‭ ‬أوراق‭ ‬اقتصادية‭ ‬واستثمارية‭ ‬عربية‭ ‬مختلفة،‭ ‬وحيث‭ ‬الشهية‭ ‬الصهيونية‭ ‬المفتوحة،‭ ‬تريد‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬نكبة‭ ‬1948‭ ‬إلى‭ ‬نكبة‭ ‬أخرى،‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭! ‬بإمكان‭ ‬العرب‭ ‬فعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬فرضها،‭ ‬وبالدفاع‭ ‬المشروع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭! ‬فالمرحلة‭ ‬بالفعل‭ ‬خطيرة‭ ‬وإن‭ ‬لبست‭ ‬لباس‭ (‬التهريج‭) ‬ولنا‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬وقفة‭ ‬أخرى،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬بالونات‭ ‬الاختبار،‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصهيونية،‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬التحوّل‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الخطير،‭ ‬جرّاء‭ ‬هذا‭ ‬النهم‭ ‬الصهيوني،‭ ‬حين‭ ‬يتناغم‭ ‬التطرف‭ ‬الأمريكي‭ ‬مع‭ ‬التطرف‭ ‬الأزلي‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬منذ‭ ‬نشوئه‭! ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬العربي‭ ‬معه‭ ‬بحسم،‭ ‬وقد‭ ‬آن‭ ‬أوان‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬هزّ‭ ‬عصا‭ ‬العِزّ،‭ ‬لأننا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬سيل‭ ‬الشدّة،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬إيقافه‭ ‬بوضع‭ ‬السدود‭ ‬أمامه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنهمر‭ ‬مياهه‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬فلسطين‭ ‬وكل‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭! ‬ولنا‭ ‬وقفة‭ ‬أخرى‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا