الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
مستقبل الوظائف.. والاختصاصات النادرة
يقول الكاتب والأديب جبران خليل جبران: (كنا أطفالا نرتعب إن رأينا حذاء مقلوبة جهة السماء، فنركض لتسويتها.. وكنا إذا رأينا قطعة خبز ملقاة على الأرض، نركض ونحملها إلى مكان عال، ونرسل قبلة اعتذارا إلى الله.. أي أرواح بريئة طاهرة خسرناها في الطريق؟).
تذكرت كلام جبران.. خلال قراءتي لمقولة للدكتور غازي القصيبي، حين قال: «أنا لا أملك إحصائيات، ولكني مستعد للمراهنة على أن كتب المستقبل لا تصل إلى واحد في المائة من كتب الماضي: الذكريات، المذكرات، والسير الذاتية، وكتب التاريخ، وكتب البكاء على الأطلال... إلى آخر القائمة»، والأمر لا يقتصر على الشيوخ أمثالي، سواء جاءت شيخوختهم مبكرة أو متأخرة، حتى الأطفال الصغار يتحدثون عما كان «يوم كانوا صغاراً». هذا شيء يدعو إلى الحيرة: أن «يتحدث طفل الثامنة عن ذكرياته ويرفض الحديث عن السنة الدراسية المقبلة».
ومن حديث جبران عن الطفولة.. وإلى كلام القصيبي عن المستقبل.. استوقفني بالأمس مقال للأستاذ عبدالعزيز الكندري حول شكل وظائف المستقبل، في مختلف المهن والتخصصات.
إذ يقول الذين يستشرفون المستقبل بحسب المعطيات الحالية، إن التكنولوجيا في المستقبل ستستبدل 75 مليون وظيفة، ولكنها في المقابل ستوفر أضعاف هذا الرقم؛ أي حوالي 130 مليون وظيفة جديدة، كما أفادت دراسة استقصائية أن ما يقرب من 40 في المائة من قادة الأعمال توقّعوا تسريحاً للعمال، وكان أحد العوامل الرئيسية التي ذكروها هو الذكاء الاصطناعي.
ونشهد حالياً في بعض دول الخليج اهتماماً كبيراً في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، الذي حقق نجاحات ملموسة على أرض الواقع، والتغيير نحو الأفضل ليس بالأمر الصعب، لكنه يحتاج إلى نية صادقة وخطة استراتيجية تدعمها خطة تشغيلية بمؤشرات محددة وواضحة، وإذا لم نبدأ الآن فهناك الكثير من الأمور ستتغير علينا، خصوصاً أن البرمجيات ستغيّر كل شيء في حياتنا خلال سنوات قليلة جداً، ولدينا أمثلة لشركات تسابق الزمن لقيادة التغيير.
وبعد نجاح دول الخليج والتقدم في تقارير التنافسية العالمي واستخدام الذكاء الاصطناعي أعتقد من الممكن أننا نسير بالطريق ذاته ونتعلم من التجربة الخليجية، وأولى خطوات الإصلاح الحقيقية هي الشفافية والتشخيص السليم، وعلينا تنويع مصادر الدخل، وتوجيه الدعوم إلى المستفيد الحقيقي، وترشيد الإنفاق، والاهتمام أكثر بالاقتصاد ودعم القطاع الخاص، فهو شريك أساسي في استيعاب أعداد الخريجين.
وبدورنا نقول إن التوازن مطلوب.. وإن الاهتمام بالمستقبل والذكاء الاصطناعي يجب ألا ينسينا كذلك أهمية أن يعيش الطفل في مرحلته.. وأن بعض الكلام يكون مبالغا فيه.. ربما لمصالح شركات تجارية تريد أن تروج لبضائعها.. أو لدول تريد أن تصدر قراراتها.. أو لمجتمع لم يحسم بعد قرار توطين الوظائف لأبنائه، ومازال يقوم بتوظيف الأجانب، تحت مبرر ومسوغ «الاختصاصات النادرة»..!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك