عالم يتغير
فوزية رشيد
هي قضايانا ولكنها على طاولة ترامب / نتنياهو!
{ من البديهي القول أو من المنطقي والطبيعي أن من يقرر مصير البلد، أي بلد، هو قيادة ذلك البلد ومؤسسات الدولة، ومن يقرر مصير المنطقة العربية هو دولها وشعوبها المزروعين في جغرافية بلدانهم منذ التاريخ السحيق، ومنذ الحضارات الأولى حتى قبل الميلاد! ولكن تلك البديهية ومعها المنطق الطبيعي ينقلب انقلابا كبيراً، حين يجتمع طامعون، استعماريون واستيطانيون، عبثوا طويلا بدول ومقدرات هذه المنطقة، وزرعوا كيانهم الاستيطاني كقاعدة وظيفية متقدمة، ليقرروا مصائر هذه المنطقة، دولها وشعوبها، عبر القوة والضغوط وخارج الشرعية الدولية والقانون الدولي! فيجتمع «نتنياهو» إرهابي الإبادة، مع ترامب تاجر الصفقات والمال والبلطجة الدولية يوم الثلاثاء الماضي، ليقررا معا في كواليس «الصهيونية الدينية» مصائر دولنا ومناقشة قضايا منطقتنا! ومن دون السماع بجدية لمواقف وآراء قيادات الدول العربية وشعوبها، والتي أكدت مؤخرا في اجتماع سداسي في الجامعة العربية (مصر، السعودية، الإمارات، قطر، الأردن، فلسطين بممثل السلطة الفلسطينية وأمين الجامعة العربية) الرفض العربي ضد التهجير للفلسطينيين، واعتباره قضية وجودية وتمس الأمن القومي العربي!
{ ولكن ثنائي الصهيونية الدينية «ترامب ونتنياهو»، يعتقدان أن القرار هو قرارهما! وأن المنطقة العربية ساحة خالية من دولها وشعوبها! ولذلك هي مكان للعب العشوائي والأطماع الاستعمارية والتوسعية! وهذا يستوجب من دول الاجتماع السداسي، ومن كل الدول العربية الممثلة في الجامعة العربية رفع الصوت عاليا، واتخاذ كل الإجراءات العملية والإمكانيات العربية، والإصرار على حل القضية الفلسطينية حلا عادلا يُرسخ السلام الدائم، مما يستدعي التحرك العربي السريع للبناء على الرفض العربي لمخططات الكيان الصهيوني وأمريكا، من خلال استنهاض عربي وإسلامي عبر «منظمة التعاون الإسلامي» والدول الرافضة للتهجير، من خلال تحالف عربي /إقليمي /دولي، يؤكد أن القضية الفلسطينية هي قضية عربية عالمية ودولية، وأن القضايا العربية وشؤون دولها هي قضايا يقررها العرب، وأن (مبادرة السلام العربية) هي الحل الذي لا يمكن استبعاده بما لقي من إجماع عربي منذ 2002 في بيروت، وتأييد من كل الدول المؤيدة للقضية الفلسطينية، والموقف العربي «العملي» هو المطلوب اليوم قبل دخول المنطقة في عبث الرؤى الاستعمارية الجديدة للصهيونية الدينية!
{ ترامب.. الواقع بدوره في وهم (النبوءات الصهيونية الملفقة) يبدو أنه لا يدرك تبعات ما يؤيده من إعادة هندسة المنطقة، بانحياز أمريكي معروف للكيان الصهيوني، ودون وضع أي اعتبار لمآلات ذلك الانحياز الأعمى للمخططات الصهيونية التوسعية، ولكأن دول المنطقة مجرد أراض وعقارات للاستثمار وبوضع اليد! وفي ذات الوقت يتصرف في قضايا المنطقة العربية، رغم فشل التطهير العرقي والتهجير في غزة، ورغم السقوط القانوني والأخلاقي والإنساني لحرب الإبادة، يتصرف وكأن جغرافيا المنطقة العربية من دون شعوب ومن دون تاريخ، وأن خرائط نتنياهو التي حتما أخذها معه إلى البيت الأبيض في لقائه مع ترامب هي المرجعية التي يريد تأكيدها، إنكارا للحق الفلسطيني في وطنه، واستهدافا لدول عربية أخرى!
مما يشجع على استمرار دوامة العنف والصراع وخرق القوانين والأعراف الدولية! والسند الوحيد الذي يتحرك من خلاله ترامب «ومن سبقه من الرؤساء الخاضعين للصهيونية» والايباك «والـ BlackRock و «فانجارد» Vanguard، وState Street، وكلها في قبضة الماسون والصهاينة وهي الشركات الثلاث الكبرى التي تتحكم في الاقتصاد الأمريكي والعالمي، نقول إن «ترامب» تاجر الصفقات العقارية الذي يريد التحول إلى تاجر الصفقات السياسية! هو واقع تحت سطوة الأكاذيب التي يلفقها الصهاينة، وسطوة المعلومات المشوهة وخرائط الزيف واختراع تاريخ غير موجود وتجاهل حقوق دول، وشعوب المنطقة وسيادتها واستقلالها!
{ قضايا المنطقة لا بد أن يقررها أصحاب المنطقة، وحيث الكيان الصهيوني مجرد نبت شيطاني استعماري في هذه المنطقة! وعلى الدول العربية مجتمعة أن تصحو من غفلتها!، فالعدو المجتمع على طاولات تحديد المصائر العربية، يعتقد أنه جالس على طاولات القمار «السياسي» مستغلاً الوهن وحالة الضعف التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية، ولذلك لا بد اليوم من تفعيل كل الإمكانيات العربية الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والإعلامية، لمواجهة الخطر الوجودي ليس فقط للقضية الفلسطينية ومحاولة الصهاينة تصفيتها وتهجير أهلها وتطهيرهم عرقيا! بل العين الصهيونية كما أكدنا مرارا هي على مجمل الجغرافيا العربية، وإمكانياتها وثرواتها وموقعها! وتعطيلها عن التنمية والنهوض، وصناعة أزمات وصراعات جديدة فيها، بدأت بقوة مع نشوء الكيان الصهيوني ولم تنته حتى اللحظة لتصل المنطقة العربية إلى أخطر مراحلها اليوم! ماذا سيكون الرد العربي على وضع قضايا منطقتنا على طاولة ترامب / نتنياهو وكيف سيواجه العرب هذه المحنة الجديدة التي لم يكتف صانعوها بحرب الإبادة في غزة والتي هزت العالم كله!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك