العدد : ١٧١٢١ - الخميس ٠٦ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢١ - الخميس ٠٦ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ شعبان ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

هي قضايانا ولكنها على طاولة ترامب / نتنياهو!

{‭ ‬من‭ ‬البديهي‭ ‬القول‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬والطبيعي‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يقرر‭ ‬مصير‭ ‬البلد،‭ ‬أي‭ ‬بلد،‭ ‬هو‭ ‬قيادة‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬ومن‭ ‬يقرر‭ ‬مصير‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬هو‭ ‬دولها‭ ‬وشعوبها‭ ‬المزروعين‭ ‬في‭ ‬جغرافية‭ ‬بلدانهم‭ ‬منذ‭ ‬التاريخ‭ ‬السحيق،‭ ‬ومنذ‭ ‬الحضارات‭ ‬الأولى‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭! ‬ولكن‭ ‬تلك‭ ‬البديهية‭ ‬ومعها‭ ‬المنطق‭ ‬الطبيعي‭ ‬ينقلب‭ ‬انقلابا‭ ‬كبيراً،‭ ‬حين‭ ‬يجتمع‭ ‬طامعون،‭ ‬استعماريون‭ ‬واستيطانيون،‭ ‬عبثوا‭ ‬طويلا‭ ‬بدول‭ ‬ومقدرات‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬وزرعوا‭ ‬كيانهم‭ ‬الاستيطاني‭ ‬كقاعدة‭ ‬وظيفية‭ ‬متقدمة،‭ ‬ليقرروا‭ ‬مصائر‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬دولها‭ ‬وشعوبها،‭ ‬عبر‭ ‬القوة‭ ‬والضغوط‭ ‬وخارج‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭! ‬فيجتمع‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬إرهابي‭ ‬الإبادة،‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭ ‬تاجر‭ ‬الصفقات‭ ‬والمال‭ ‬والبلطجة‭ ‬الدولية‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الماضي،‭ ‬ليقررا‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬كواليس‭ ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬الدينية‮»‬‭ ‬مصائر‭ ‬دولنا‭ ‬ومناقشة‭ ‬قضايا‭ ‬منطقتنا‭! ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬السماع‭ ‬بجدية‭ ‬لمواقف‭ ‬وآراء‭ ‬قيادات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وشعوبها،‭ ‬والتي‭ ‬أكدت‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬سداسي‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ (‬مصر،‭ ‬السعودية،‭ ‬الإمارات،‭ ‬قطر،‭ ‬الأردن،‭ ‬فلسطين‭ ‬بممثل‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وأمين‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭) ‬الرفض‭ ‬العربي‭ ‬ضد‭ ‬التهجير‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬واعتباره‭ ‬قضية‭ ‬وجودية‭ ‬وتمس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭!‬

{‭ ‬ولكن‭ ‬ثنائي‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬‮«‬ترامب‭ ‬ونتنياهو‮»‬،‭ ‬يعتقدان‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬قرارهما‭! ‬وأن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬ساحة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬دولها‭ ‬وشعوبها‭! ‬ولذلك‭ ‬هي‭ ‬مكان‭ ‬للعب‭ ‬العشوائي‭ ‬والأطماع‭ ‬الاستعمارية‭ ‬والتوسعية‭! ‬وهذا‭ ‬يستوجب‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الاجتماع‭ ‬السداسي،‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الممثلة‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬رفع‭ ‬الصوت‭ ‬عاليا،‭ ‬واتخاذ‭ ‬كل‭ ‬الإجراءات‭ ‬العملية‭ ‬والإمكانيات‭ ‬العربية،‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حلا‭ ‬عادلا‭ ‬يُرسخ‭ ‬السلام‭ ‬الدائم،‭ ‬مما‭ ‬يستدعي‭ ‬التحرك‭ ‬العربي‭ ‬السريع‭ ‬للبناء‭ ‬على‭ ‬الرفض‭ ‬العربي‭ ‬لمخططات‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وأمريكا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استنهاض‭ ‬عربي‭ ‬وإسلامي‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‮»‬‭ ‬والدول‭ ‬الرافضة‭ ‬للتهجير،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحالف‭ ‬عربي‭ /‬إقليمي‭ /‬دولي،‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬عربية‭ ‬عالمية‭ ‬ودولية،‭ ‬وأن‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬وشؤون‭ ‬دولها‭ ‬هي‭ ‬قضايا‭ ‬يقررها‭ ‬العرب،‭ ‬وأن‭ (‬مبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية‭) ‬هي‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استبعاده‭ ‬بما‭ ‬لقي‭ ‬من‭ ‬إجماع‭ ‬عربي‭ ‬منذ‭ ‬2002‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬وتأييد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬المؤيدة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والموقف‭ ‬العربي‭ ‬‮«‬العملي‮»‬‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬اليوم‭ ‬قبل‭ ‬دخول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬عبث‭ ‬الرؤى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الجديدة‭ ‬للصهيونية‭ ‬الدينية‭!‬

{‭ ‬ترامب‭.. ‬الواقع‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬وهم‭ (‬النبوءات‭ ‬الصهيونية‭ ‬الملفقة‭) ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬تبعات‭ ‬ما‭ ‬يؤيده‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬هندسة‭ ‬المنطقة،‭ ‬بانحياز‭ ‬أمريكي‭ ‬معروف‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ودون‭ ‬وضع‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لمآلات‭ ‬ذلك‭ ‬الانحياز‭ ‬الأعمى‭ ‬للمخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬التوسعية،‭ ‬ولكأن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬مجرد‭ ‬أراض‭ ‬وعقارات‭ ‬للاستثمار‭ ‬وبوضع‭ ‬اليد‭! ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬يتصرف‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬رغم‭ ‬فشل‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والتهجير‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ورغم‭ ‬السقوط‭ ‬القانوني‭ ‬والأخلاقي‭ ‬والإنساني‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬يتصرف‭ ‬وكأن‭ ‬جغرافيا‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شعوب‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬تاريخ،‭ ‬وأن‭ ‬خرائط‭ ‬نتنياهو‭ ‬التي‭ ‬حتما‭ ‬أخذها‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭ ‬هي‭ ‬المرجعية‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬تأكيدها،‭ ‬إنكارا‭ ‬للحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬وطنه،‭ ‬واستهدافا‭ ‬لدول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭!‬

مما‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬دوامة‭ ‬العنف‭ ‬والصراع‭ ‬وخرق‭ ‬القوانين‭ ‬والأعراف‭ ‬الدولية‭! ‬والسند‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يتحرك‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬ترامب‭ ‬‮«‬ومن‭ ‬سبقه‭ ‬من‭ ‬الرؤساء‭ ‬الخاضعين‭ ‬للصهيونية‮»‬‭ ‬والايباك‭ ‬‮«‬والـ‭ ‬BlackRock‭ ‬و‭ ‬‮«‬فانجارد‮»‬‭ ‬Vanguard،‭ ‬وState‭ ‬Street،‭ ‬وكلها‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬الماسون‭ ‬والصهاينة‭ ‬وهي‭ ‬الشركات‭ ‬الثلاث‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬والعالمي،‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬تاجر‭ ‬الصفقات‭ ‬العقارية‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬تاجر‭ ‬الصفقات‭ ‬السياسية‭! ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬تحت‭ ‬سطوة‭ ‬الأكاذيب‭ ‬التي‭ ‬يلفقها‭ ‬الصهاينة،‭ ‬وسطوة‭ ‬المعلومات‭ ‬المشوهة‭ ‬وخرائط‭ ‬الزيف‭ ‬واختراع‭ ‬تاريخ‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬وتجاهل‭ ‬حقوق‭ ‬دول،‭ ‬وشعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬وسيادتها‭ ‬واستقلالها‭!‬

{‭ ‬قضايا‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يقررها‭ ‬أصحاب‭ ‬المنطقة،‭ ‬وحيث‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬مجرد‭ ‬نبت‭ ‬شيطاني‭ ‬استعماري‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭! ‬وعلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مجتمعة‭ ‬أن‭ ‬تصحو‭ ‬من‭ ‬غفلتها‭!‬،‭ ‬فالعدو‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬طاولات‭ ‬تحديد‭ ‬المصائر‭ ‬العربية،‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬جالس‭ ‬على‭ ‬طاولات‭ ‬القمار‭ ‬‮«‬السياسي‮»‬‭ ‬مستغلاً‭ ‬الوهن‭ ‬وحالة‭ ‬الضعف‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تفعيل‭ ‬كل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬العربية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬لمواجهة‭ ‬الخطر‭ ‬الوجودي‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومحاولة‭ ‬الصهاينة‭ ‬تصفيتها‭ ‬وتهجير‭ ‬أهلها‭ ‬وتطهيرهم‭ ‬عرقيا‭! ‬بل‭ ‬العين‭ ‬الصهيونية‭ ‬كما‭ ‬أكدنا‭ ‬مرارا‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬مجمل‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية،‭ ‬وإمكانياتها‭ ‬وثرواتها‭ ‬وموقعها‭! ‬وتعطيلها‭ ‬عن‭ ‬التنمية‭ ‬والنهوض،‭ ‬وصناعة‭ ‬أزمات‭ ‬وصراعات‭ ‬جديدة‭ ‬فيها،‭ ‬بدأت‭ ‬بقوة‭ ‬مع‭ ‬نشوء‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ولم‭ ‬تنته‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬لتصل‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬أخطر‭ ‬مراحلها‭ ‬اليوم‭! ‬ماذا‭ ‬سيكون‭ ‬الرد‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬قضايا‭ ‬منطقتنا‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬ترامب‭ / ‬نتنياهو‭ ‬وكيف‭ ‬سيواجه‭ ‬العرب‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬صانعوها‭ ‬بحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والتي‭ ‬هزت‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا