زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عن العلم الذي لا ينفع
هنالك حالة ترقب مقرونة بالقلق مما يسمى الذكاء الاصطناعي، بدرجة ان هناك من يتشكك في كل مقطع صوتي او فيديو يراه ولا يعجبه محتواه، وينسبه الى الذكاء الاصطناعي، ويفوت على كثيرين أنهم ظلوا يستمتعون بخواص ذلك اللون من الذكاء في هواتفهم وكمبيوتراتهم على مدى سنوات وسنوات، ولكن من حق الجميع، أن يحسوا بالقلق، لما يمكن ان يجلبه الذكاء الاصطناعي من شرور إذا استخدمه معتادو الاجرام.
الطفرات التكنولوجية المتوالية جعلت بعض الجهات تنشغل بأمور «هايفة»: خذ عندك مثلا، ديفيد كينغ وهو شخصية بريطانية مرموقة، فقد كان مستشارا لحكومة بريطانيا للشؤون العلمية عدة سنوات، بحكم تخصصه الأكاديمي (في مجال العلوم الطبيعية) ما أهّله للانضمام الى طبقة النبلاء، بالفوز بلقب «سير».. وهو عريض المنكبين وطوله طول النخلة و....بالضبط: «عقله عقل السخلة»، والسخلة لفائدة المستغربين من القراء هي بيبي المعزة/ العنزة! هل ظلمت الرجل؟ لتكن أيها القارئ الحكم المحايد: ديفيد كينغ هذا أشرف على أكثر من مائتي تقرير تتعلق بحقوق الإنسان. لا داعي للعجلة واستنتاج ان الرجل مستنير وذو ضمير طالما أنه مهتم بحقوق الإنسان. التقارير تتعلق بحقوق الإنسان الآلي.. الروبوت.. قالوا له: يا رجل انطسيت في عقلك ونافوخك؟ أي حقوق واي بطيخ للروبوت؟ قال: من الوارد جدا ان تصبح الروبوتات ذات ذكاء فائق، ولا بد من ثم من ضمان حقوقها كاملة بما في ذلك حق التصويت في الانتخابات وحرية الحركة، والمعونات المالية في حالة فقدان العمل، والضمان الصحي (حتى يتسنى له شراء قطع الغيار، ودفع نفقات إصلاح ما يلحق بها من أعطال).. ومعاش التقاعد! اقسم بالله ان ما أقوله على لسان الرجل ليست تخاريف جعفرية بل أنقلها بالمسطرة من جريدة «التايمز» اللندنية ويمكن الرجوع اليه في الانترنت لقراءة تقرير بعنوان:
Human Rights for Robots We are getting carried away
والجملة الأخيرة في هذا العنوان تعني بالمصري «زودناها حبتين».. يعني الصحيفة ترى في الحديث عن حقوق الإنسان الآلي شطحا ونطحا في الفاضي.. قرأت عن الحقوق التي طالب بها السير ديفيد كينغ للروبوت وصحت: حسرة عليك يا أبو الجعافر.. حق التصويت الوحيد المكفول لك هو ان «تصوِّت»/تصيح: يا لهوي عندما تنتهك حقوقك. ضمان صحي؟ مستشفياتنا تعاني من أزمات صحية مزمنة! حرية الحركة؟ طلب إجازة من جهة عمل وتصريح خروج من الكفيل والزوجة. لا أريد ان «أقلب» المسألة الى قضية شخصية رغم ان ما قلته عن نفسي ينطبق على معظم القراء.. ولكن ما لم يتطرق إليه السير كينغ هو: من سيضمن حقوق الإنسان البشري إذا تغول عليها الإنسان الآلي. يجري في العراق منذ سنوات، استخدام روبوتات لاقتحام مواقع يخشى ان تكون فيها كمائن تستهدف القوات الأمريكية، وهذه الروبوتات، مثل طائرات الدرون (التي تطير بلا طيار) لها قدرات قتالية، يعني إذا اشتمت رائحة الخطر فإنها تفتح النار وتدمر كل ما أمامها.. طيب ما الذي يضمن لأهل بغداد والبصرة والموصل والرمادي والأنبار – مثلاً – ان الروبوت المحارب سيميز بين عناصر جيش بدر وجيش الدعوة وجيش البعث والحشد الشعبي والجيش الكردي، وجيش رئيس الحكومة وجيش وزير الدفاع وجيش وزير الداخلية والجيوش الرسمية السرية الأخرى؟ السؤال في محله خاصة وقد بات معروفا أن أسلحة الولايات المتحدة الذكية لا تقل غباء عن المسؤولين الذين أمروا باستخدامها.
وقد يكون ديفيد كينغ عالما وحاملا للقب «سير»، ولكنني أقول بقلب جامد إنه غبي، لأن الروبوت يستمد ذكاءه من الناس الذين يصنعونه، ولا يمكن أبدا أن يكون «المصنوع» أفضل من «الصانع».. والروبوت أولا وأخيرا جهاز مثل غسالة الملابس والمكنسة الكهربائية، يتعرض للعطل والتلف بل قد يصير كلش خراب بسبب عامل الزمن.. يا عمي ابن آدم يتلف بمرور الزمن ثم يدفن في قبر والروبوت على الأقل يوضع في مخزن أو يتم تفكيكه للاستفادة من بعض عناصره. بالمصري يا ديفيد يا بتاع حقوق الروبوت: جالك كسر في حُقك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك