العدد : ١٧١٢١ - الخميس ٠٦ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢١ - الخميس ٠٦ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ شعبان ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

خطاب التطهير العرقي من الحرب إلى الهُدنة!

{‭ ‬فعلا‭ ‬كان‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬ترامب‭ ‬وهو‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬دولة‭ ‬كبرى،‭ ‬وبعد‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬دخوله‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬مقترحا‭ ‬يوصف‭ ‬بالفانتازي‭ ‬بـ‭(‬نقل‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭)! ‬ليتلاقى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬أو‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬وكأنه‭ ‬أي‭ ‬ترامب‭ ‬بدوره‭ ‬هو‭ ‬لسان‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬إدارته‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬سوى‭ ‬جغرافيا‭ ‬للإعمار‭ ‬الاستثماري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬في‭ ‬موقعها‭ ‬والغاز‭ ‬المدفون‭ ‬في‭ ‬بحرها‭! ‬أو‭ ‬لكأن‭ ‬غزة‭ ‬بدون‭ ‬شعبها‭ ‬الذي‭ ‬واجه‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والموت‭ ‬والدمار‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬15‭ ‬شهرا‭ ‬ولم‭ ‬يقبل‭ ‬الرضوخ‭ ‬للتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والتهجير‭! ‬فجاء‭ ‬ترامب‭ ‬ليقوم‭ ‬بالمهمة‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬عليها‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ولم‭ ‬تنجح،‭ ‬مقدما‭ ‬مقترحه‭ ‬الاستفزازي‭ ‬ليهجر‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭! ‬وقد‭ ‬اقترح‭ ‬سابقا‭ ‬إلى‭ ‬إندونيسيا‭ ‬بحجة‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬أيضا‭! ‬وحين‭ ‬سئل‭ ‬هل‭ ‬ذلك‭ ‬مؤقت‭ ‬أم‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬رد‭ ‬بصلافة‭ (‬يمكن‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭) ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬التشجيع‭ ‬من‭ ‬سموريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬هدفهما‭ ‬وهدف‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والتهجير‭!‬

{‭ ‬ترامب‭ ‬الذي‭ ‬اتصل‭ ‬بالعاهل‭ ‬الأردني‭ ‬لطرح‭ ‬المقترح‭ ‬عليه‭ ‬جاءه‭ ‬الرد‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأردني‭ ‬بأن‭ (‬موقف‭ ‬الأردن‭ ‬ثابت‭ ‬ولا‭ ‬يتغير‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومن‭ ‬التهجير‭)‬،‭ ‬ورد‭ ‬مصر‭ ‬معروف‭ ‬بدوره‭ ‬ضد‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والتهجير‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬وقبلها‭ ‬وكما‭ ‬لم‭ ‬تقبله‭ ‬أثناء‭ ‬ضغوط‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬خلال‭ ‬شهور‭ ‬طويلة‭ ‬لن‭ ‬تقبله‭ ‬في‭ ‬السلم،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬للأردن‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬أمنهما‭ ‬الوطني‭ ‬والقومي‭ ‬ومركزية‭ ‬القضية‭ ‬عربيا‭! ‬

{‭ ‬وبالطبع‭ ‬فإن‭ ‬موقف‭ ‬ترامب‭ ‬الغرائبي‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وهو‭ ‬يواصل‭ ‬دعم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬كما‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬بايدن‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قبوله‭ ‬ومرفوض‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬نفسه‭ ‬وهو‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬المعادلة‭ ‬كلها‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬يلغي‭ ‬حظر‭ ‬تسليم‭ ‬القنابل‭ ‬الأمريكية‭ ‬الثقيلة،‭ ‬التي‭ ‬يزيد‭ ‬وزنها‭ ‬على‭ ‬900‭ ‬كيلوجرام،‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬قوة‭ ‬إبادة‭ ‬كبيرة،‭ ‬نقول‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مرفوض‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬أهمل‭ ‬ذكره‭ ‬في‭ ‬مقترحه‭ ‬الفوضوي،‭ ‬وكأن‭ ‬لا‭ ‬شعب‭ ‬ولا‭ ‬قضية‭! ‬فيما‭ ‬وقائع‭ ‬15‭ ‬شهرا‭ ‬من‭ ‬الإبادة‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬شعب‭ ‬صمد‭ ‬بشكل‭ ‬أسطوري‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬أساليب‭ ‬الإبادة‭ ‬والقتل‭ ‬والتهجير‭ ‬والتطهير،‭ ‬فكيف‭ ‬يتوقع‭ ‬ترامب‭ ‬ومن‭ ‬خلفه‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتطرف‭ ‬أن‭ ‬يقبل‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الهدنة‭ ‬أو‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬إذا‭ ‬حدث،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يقبله‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬اليومي؟‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬المتباهي‭ ‬بشخصيته‭ ‬الاستعراضية‭ ‬والنرجسية‭ ‬يعتقد‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬إرادة‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬عبر‭ ‬التنظير‭ ‬والكلام‭ ‬الخارج‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬منطق‭! ‬وعبر‭ ‬استعراض‭ ‬القوة‭ ‬والضغوط‭ ‬وتحويل‭ ‬مسار‭ ‬السلام‭ ‬المرجو‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬ذات‭ ‬المسارات‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المشروعة‭ ‬دوليا،‭ ‬وعبر‭ ‬ملفات‭ ‬مختلفة‭ ‬وقرارات‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يأتي‭ ‬بتصريح‭ ‬استعراضي‭ ‬مقيت‭ ‬يحاول‭ ‬مواصلة‭ ‬أهداف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬سواء‭ ‬بالتطهير‭ ‬أو‭ ‬التهجير‭ ‬أو‭ ‬تشجيع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاستيطان‭ ‬فيهما‭ ‬وخاصة‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬احتمال‭ ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سلمي‭ ‬عادل‭ ‬للقضية‭!‬

{‭ ‬موقف‭ ‬ترامب‭ ‬هذا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬قوية‭ ‬بالرفض،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مصر‭ ‬والأردن،‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬لأنه‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬صهيوني‭ ‬فلسطيني‭ ‬كما‭ ‬خطط‭ ‬الصهاينة‭! ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قبول‭ ‬اختزال‭ ‬معاناة‭ ‬أكثر‭ ‬قضايا‭ ‬الشعوب‭ ‬حساسية‭ ‬وأرقا‭ ‬للعالم‭ ‬كله،‭ ‬ببضع‭ ‬كلمات‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬يتصرف‭ ‬وكأن‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬قضية‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬شعب‭! ‬وأن‭ ‬التهجير‭ ‬وما‭ ‬سماه‭ ‬تطهير‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬سكانها‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬لغزة‭ ‬وللشعب‭ ‬الفلسطيني‭! ‬ليقوم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بإعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬الاستثماري‭ ‬والتجاري‭ ‬والسياحي‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬وليقوم‭ ‬بضم‭ ‬الضفة‭ ‬وتحقيق‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬تحقيقه‭ ‬بالحرب‭ ‬عبر‭ ‬كلمات‭ ‬نشاز‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬ترامب‭!‬

{‭ ‬أي‭ ‬سلام‭ ‬إذًا‭ ‬بالإمكان‭ ‬أن‭ ‬يتحقق،‭ ‬وأي‭ ‬حروب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بالإمكان‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يقول‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي؟‭! ‬هل‭ ‬العالم‭ ‬أمام‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬الفانتازيا‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬يألفها‭ ‬ترامب‭ ‬بلغة‭ ‬الاستعراض‭ ‬والصفقات‭ ‬والضغوط؟‭! ‬وهل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬ناضل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬منذ‭ ‬النكبة‭ ‬سيتخلى‭ ‬عن‭ ‬وطنه‭ ‬وأرضه‭ ‬وقضيته‭ ‬وحقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬ونضاله‭ ‬الطويل،‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬تصفية‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ببضع‭ ‬كلمات‭ ‬مجانية‭ ‬أطلقها‭ ‬وسماها‭ ‬مقترحا؟‭! ‬ما‭ ‬موقف‭ ‬العرب‭ ‬وموقف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المؤيدة‭ ‬للحقوق‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وموقف‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وموقف‭ ‬الشعوب‭ ‬المناصرة‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬أمريكا‭ ‬نفسها،‭ ‬وفي‭ ‬الغرب؟‭! ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬يحب‭ ‬اللعب‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الفانتازيا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مسؤولية،‭ ‬ولا‭ ‬يؤخذ‭ ‬كلامه‭ ‬بجدية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬يأمل؟‭! ‬لننتظر‭ ‬ونرى‭ ‬فالفشل‭ ‬حتما‭ ‬سابق‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬منطقي‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا