زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
لا للبدانة ولا للنحافة
شكوت في مقال لي هنا قبل شهور من أنني فقدت 11 كيلوجراما من وزن جسمي من دون أن أمارس ما يسمى الحمية (الرجيم)، وقد ناضلت خلال الفترة الماضية حتى استرددت 4 كيلو منها، وسأظل أناضل حتى استرد كل المفقود الذي كسبته بالحلال ومن عرق جبيني (بصراحة أريد استرداد المفقود من وزن جسمي كي لا اضطر إلى شراء ملابس جديدة).
معلوم أن الزيادة في وزن الجسم تسبب أمراضا قاتلة، ولكن الهوس بالرشاقة صار في حد ذاته مرضا نفسيا وعضويا وخاصة في أوساط النساء. ودعونا نتكلم حول هذا الموضوع بصراحة وعلى بلاطة: هناك آلاف أبيات الشعر بكافة اللغات تتحدث عن مفاتن النساء ذوات الجسم الممتلئ (نسبيا أو كليا)، ولكن لا يوجد بيت واحد من الشعر يتغزل بشكل أو حجم عظام امرأة: ساقاك يا حبيبتي ساقا نعام/ ويشبهان إصبعي الإبهام/ وأنت منبع الأحلام والإلهام. أتحدى من قرأ شعرا حتى بهذه الركاكة فيه تغزل بامرأة عظامها تكاد تخترق جلدها. وما أعنيه هو أن الجمال والنعومة لدى المرأة يتمثلان في اللحم الذي يكسو العظم. وليس هناك أي قيمة أو مسحة جمالية في بروز عظام الوجه أو الرقبة أو الترقوة، بعبارة أكثر وضوحا وصراحة فإن «الهيكل العظمي» قبيح ومنفر، وما من رجل عاقل يشتهي زوجة تعطيه الانطباع بأنه في «سنة أولى طب» يدرس مبادئ علم التشريح ووظائف الأعضاء، وكلما كان جسم الانسان عموما قريبا من شكل الهيكل العظمي كان قبيحا ومنفرا.
هنا قد تطرح امرأة سؤالا: من تكون أنت حتى تفتي في شؤون جمال المرأة؟ الإجابة سهلة: المرأة تتزين كي تبدو جميلة في نظر الرجل، والرجل يميل الى القيافة والأناقة كي تراه المرأة وسيما.. طبعا هناك المرأة التي تتزين لإغاظة الأخريات، واستعراض «الإمكانات»، وهناك الرجل الذي يتأنق ليتملق رؤساءه أو كي يعطي الانطباع بأنه من الناس اللي فوق. ويبقى سؤال آخر: هل مازلت يا أبو الجعافر تتمسك بمقاييس جمال العصر الجاهلي حيث كان الشعراء يهيمون بحب المرأة التي تتهادى من فرط تراكم الشحوم في جسمها كما ناقة في الربع الخالي؟.. أبدا.. لست ممن يقيمون جمال المرأة بالكيلو.. وأعرف أن معظم الناس الذين يعانون من البدانة المفرطة عرضة لأمراض قاتلة. ولكنني ضد الهوس بالرشاقة إلى درجة حرمان النفس من واحدة من أهم متع الحياة، ألا وهي «الأكل».. شخصيا أتناول كل ما يوضع أمامي من طعام (ما عدا الكوسة والقرنبيط ربما بسبب اسميهما البشعين).. لا أقول ان هذا الصنف يحتوي على كذا سعرة حرارية وأن الآخر يرفع نسبة الدهون والجلوكوز في الجسم.. وبالمقابل فإنني –مثلا– لا يمكن أن أشتري حلويات شرقية مثل البقلاوة والكنافة والبسبوسة من حر مالي؛ لأنني لا أتعاطى تلك المأكولات عمدا.. يعني، إذا صادفتني في ذات وليمة فإنني أتناولها بقلب جامد.
تقول دراسة شارك فيها أطباء أمريكان وألمان وسويسريون إن الشخص الممتلئ الجسم أكثر عافية وأقل عرضة للأمراض القاتلة من الشخص النحيف، وإن البدين الذي يمارس الرياضة ويتمتع بلياقة بدنية طيبة أقل عرضة للذبحات الصدرية والجلطات والنوبات القلبية. يعني الرياضة وليس فقدان الوزن بـ«التجويع» والحرمان من أطايب الطعام هي العامل الحاسم في كون شخص ما عرضة أم لا للأمراض التي تقترن بزيادة وزن الجسم.. فيا فتياتنا عليكن باكتساب الرشاقة بالحركة وليس بالرقاد أمام التلفزيون ثم النوم 12 ساعة وعندما يأتي موعد الطعام: أعطيني خيار وجزر.. أنا مسوية رجيم.. حتى الماء يزيد وزن الشخص الكسول (ولتطييب خاطر الذين لا يمارسون أي رياضة أقول ان السلحفاة تعيش أكثر من 100 سنة ولا يستطيع كائن ما ان يزعم ان السلحفاة رياضية وهو منطق من يرفض الاستحمام لأنه لو كان الماء ينظف البدن ويطهره من الروائح الكريهة لما كان السمك من أعفن الكائنات).
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك