العدد : ١٧٣٣٧ - الأربعاء ١٠ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٧ - الأربعاء ١٠ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

وخاب فأل العرافين

إن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يدعوني‭ ‬الى‭ ‬الفخر‭ ‬فهو‭ ‬أنني‭ ‬منذ‭ ‬سن‭ ‬مبكرة‭ ‬لم‭ ‬أصدق‭ ‬حكايات‭ ‬الدجالين‭ ‬والمشعوذين‭ ‬عن‭ ‬قدراتهم‭ ‬الخارقة،‭ ‬وكنت‭ ‬وأنا‭ ‬صبي‭ ‬أستهجن‭ ‬جلوس‭ ‬أمي‭ ‬وجاراتها‭ ‬حول‭ ‬غجرية‭ ‬تزعم‭ ‬أنها‭ ‬تقرأ‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬الأصداف‭ ‬البحرية‭ ‬الصغيرة،‭ ‬ويبذلن‭ ‬لها‭ ‬قليلا‭ ‬المال‭ ‬الذي‭ ‬عندهن‭ ‬لتأتيهن‭ ‬بالبشارات،‭ ‬ولم‭ ‬يخطر‭ ‬ببال‭ ‬إحداهن‭ ‬كيف‭ ‬تكون‭ ‬حياة‭ ‬مجموعتهن‭ ‬كلهن‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬العثرات‭ ‬والأحزان‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الأيام‭.‬

المنظمة‭ ‬العربية‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭ (‬عربسات‭) ‬من‭ ‬قصص‭ ‬النجاح‭ ‬النادرة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك،‭ ‬هي‭ ‬ناجحة‭ ‬فنيا‭ ‬وماليا،‭ ‬بس‭ ‬العيب‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬أقمارها‭ ‬موصولة‭ ‬بشبكات‭ ‬مجاري‭ ‬التلفزة‭ ‬الفضائية‭ ‬العربية،‭ ‬ولكن‭ ‬أعجبني‭ ‬ما‭ ‬سمعته‭ ‬من‭ ‬مسؤول‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬قرار‭ ‬حجب‭ ‬المنظمة‭ ‬قنوات‭ ‬التنجيم‭ ‬والشعوذة‭ ‬والخرافة‭ ‬التلفزيونية‭ ‬التي‭ ‬تبث‭ ‬عبر‭ ‬أقمارها،‭ ‬مما‭ ‬يفقدها‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬بها‭ ‬نتيجة‭ ‬منع‭ ‬بث‭ ‬تلك‭ ‬القنوات،‭ ‬ولكنها‭ ‬أعطت‭ ‬الأولوية‭ ‬لمسؤوليتها‭ ‬الأخلاقية‭. ‬فلنرفع‭ ‬لها‭ ‬قبعاتنا‭ (‬خليها‭ ‬عمائمنا‭ ‬وعقالاتنا‭).‬

‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬نيبال‭ ‬الجبلية‭ ‬عاش‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الهلع‭ ‬والجزع‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬‮«‬قداسة‮»‬‭ ‬بشواشور‭ ‬تشودري‭ ‬أن‭ ‬نيبال‭ ‬ستشهد‭ ‬زلزالا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬وفاة‭ ‬130‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭.. ‬ولأن‭ ‬الرجل‭ -‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬عليه‭- ‬دقيق‭ ‬في‭ ‬تكهناته،‭ ‬فقد‭ ‬أفاد‭ ‬مريدوه‭ ‬بأن‭ ‬الزلزال‭ ‬سيبدأ‭ ‬في‭ ‬السادسة‭ ‬والربع‭ ‬من‭ ‬صبيحة‭ ‬23‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬ويستمر‭ ‬حتى‭ ‬الثلاثين‭ ‬منه،‭ ‬فيهلك‭ ‬بنو‭ ‬البشر،‭ ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬الموعود‭ ‬المشهود‭ ‬ترك‭ ‬الناس‭ ‬أعمالهم‭ ‬وبيوتهم‭ ‬ولجأوا‭ ‬الى‭ ‬السهول‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬الجبال،‭ ‬وجاء‭ ‬صباح‭ ‬اليوم‭ ‬الموعود،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬نسمة‭ ‬تحرك‭ ‬غصن‭ ‬شجرة‭. ‬وجاء‭ ‬الظهر‭ ‬والعصر‭ ‬والمساء‭ ‬والليل‭ ‬البهيم‭.. ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬ساكن‭.. ‬حتى‭ ‬الناس‭ ‬ظلوا‭ ‬مشلولي‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬لحظة‭ ‬الزلزلة‭ ‬المدمرة،‭ ‬وجاء‭ ‬صباح‭ ‬اليوم‭ ‬التالي،‭ ‬واهتزت‭ ‬العاصمة‭ ‬النيبالية‭ ‬كاتمندو،‭ ‬حتى‭ ‬زلزلت‭ ‬جنباتها‭. ‬سبب‭ ‬الزلزلة‭ ‬صرخات‭ ‬الجماهير‭ ‬الغاضبة‭ ‬التي‭ ‬تدفقت‭ ‬على‭ ‬بيت‭ ‬‮«‬القديس‮»‬‭ ‬تشودري‭ ‬وأشبعته‭ ‬ضربا‭ ‬حتى‭ ‬أشرف‭ ‬على‭ ‬الموت‭.‬

حتى‭ ‬قبل‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬كان‭ ‬تشودري‭ ‬عامل‭ ‬بناء‭ ‬بسيطاً،‭ ‬ولكنه‭ ‬رأى‭ ‬انها‭ ‬‮«‬شغلانة‭ ‬مش‭ ‬جايبة‭ ‬همها‮»‬،‭ ‬يعمل‭ ‬طوال‭ ‬شهر‭ ‬كامل‭ ‬ولا‭ ‬يكسب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬دولارات‭ ‬في‭ ‬الشهر،‭ ‬فقرر‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬الى‭ ‬رجل‭ ‬‮«‬صالح‮»‬،‭ ‬وعاد‭ ‬الى‭ ‬العاصمة‭ ‬كاتمندو‭ ‬وأطلق‭ ‬شعر‭ ‬رأسه‭ ‬المطوق‭ ‬بعقد‭ ‬من‭ ‬الزهور،‭ ‬وأقنع‭ ‬عوام‭ ‬وخواص‭ ‬الهندوس‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬البركات‭ ‬والكرامات،‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬علاج‭ ‬كل‭ ‬الأمراض،‭ ‬وقرر‭ ‬خوض‭ ‬المياه‭ ‬الساخنة‭ ‬فكانت‭ ‬تكهناته‭ ‬الخائبة‭ ‬عن‭ ‬الزلزال‭. ‬حدث‭ ‬شيء‭ ‬مماثل‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬بونا‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬عام‭ ‬1925‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬الغورو‭ (‬وهو‭ ‬عند‭ ‬الهندوس‭ ‬من‭ ‬يزعم‭ ‬ان‭ ‬فيه‭ ‬قبسا‭ ‬من‭ ‬الآلهة‭) ‬مهير‭ ‬بابا‭ ‬حدوث‭ ‬حروب‭ ‬مدمرة‭ ‬وبراكين‭ ‬وزلازل‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬بني‭ ‬البشر‭. ‬ومر‭ ‬العام‭ ‬بسلام‭.. ‬وكان‭ ‬الناس‭ ‬وقتها‭ ‬مسالمين،‭ ‬واكتفوا‭ ‬بالتهكم‭ ‬على‭ ‬مهير‭ ‬بابا،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬صام‭ ‬عن‭ ‬الكلام‭ ‬طوال‭ ‬44‭ ‬سنة‭ ‬لم‭ ‬يقل‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬بِغِم‮»‬،‭ ‬وتوفي‭ ‬عام‭ ‬1969‭. ‬وفي‭ ‬مطلع‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تتسابق‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬عندنا‭ ‬لنقل‭ ‬تكهنات‭ ‬عتاة‭ ‬المستهبلين‭. ‬وحسبما‭ ‬قالوه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق،‭ ‬والذي‭ ‬جلب‭ ‬علينا‭ ‬الساحق‭ ‬والماحق،‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬مات‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬وجلست‭ ‬الليدي‭ ‬ديانا‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬بريطانيا‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬وتزوجت‭ ‬إلهام‭ ‬شاهين‭ ‬بصحفي‭ ‬شاب‭ ‬اسمه‭ ‬جعفر‭ ‬عباس‭ ‬وأعطته‭ ‬توكيلا‭ ‬لإدارة‭ ‬ممتلكاتها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اعتزلت‭ ‬التمثيل‭ ‬ولبست‭ ‬الحجاب،‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬السلفيين‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬إنها‭ ‬بتبادل‭ ‬العناق‭ ‬والقبلات‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬تصبح‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الكفر،‭ ‬وعليها‭ ‬ان‭ ‬تتوب‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬شخص‭ ‬مبروك‭ ‬مثل‭ ‬سي‭. ‬دي‭. ‬جعفر‭ ‬بن‭ ‬عباس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يبوس‭ ‬ولا‭ ‬ينباس،‭ ‬وتبتعد‭ ‬عن‭ ‬الوسواس‭ ‬الخناس‭.‬

أعرف‭ ‬بلطجيا‭ ‬هاربا‭ ‬من‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬هاجر‭ ‬الى‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭ ‬وصار‭ ‬شيخا‭ ‬يفكّ‭ ‬العنوسة،‭ ‬ويجعل‭ ‬الحيزبون‭ ‬الدردبيس‭ ‬عروسة،‭ ‬ولديه‭ ‬لكل‭ ‬داء‭ ‬دواء،‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬من‭ ‬يلجأون‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬والسكري‭ ‬وخشونة‭ ‬الركبة‭ ‬وارتفاع‭ ‬الكولسترول‭ ‬وعلة‭ ‬أخرى‭ ‬أستحي‭ ‬أن‭ ‬أتطرق‭ ‬إليها‭!!!.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا