زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
لماذا أسيء الظن بهم؟
قبل أن أخوض في موضوع اليوم أقر وأعترف بما تبقى من قواي العقلية، أنني سيئ الظن بأهل الغرب عموما في الأمور السياسية والاقتصادية، ثم تؤكد لي وقائع عديدة أنهم دون سوء الظن بكثير، خاصة فيما يتصل برؤيتهم لبقية شعوب العالم، ولتجد لي التبرير لمشاعري تلك نحو الغرب، أرجو أن تسنح لك الفرصة إذا كنت تجيد الإنجليزية ولو بتقدير «وسط» أن تقرأ كتاب الصحفية الكندية سونيا شاه وعنوانه «صائدو الأجساد»، مع عنوان تكميلي: اختبار الأدوية الجديدة على المرضى الأكثر فقرا في العالم:The Body Hunters: Testing New drugs on the World’s Poorest Patients
قرأت ذلك الكتاب على كيندل (أمري لله فمعظم الذين «عاملين فيها» من جماعة التكنولوجيا لأنهم يستخدمون فسيبوك وواتساب ووزم ومختلف الوسائط الحديثة لم يسمعوا بكيندل وقد كتبت عنه هنا في أخبار الخليج قبل نحو عشر سنوات، وعن شركة أمازون التي تقوم بتسويقه وهو عبارة عن جهاز إلكتروني لوحي يحوي عشرات الآلاف من الكتب وتستطيع شراء أي كتاب تريده من موقع أمازون وتدفع قيمته ببطاقة الائتمان ويكون الكتاب أمامك خلال دقائق، وتستطيع تكبير وتصغير الخط بكيفك وعلى كيفك بل تستطيع أن تقرأ كتب كيندل في غرفة مظلمة تماما، مما يجعله مفيدا للمتزوج الذي لا ينام مبكرا ولا يريد مضايقة من يشاركه الفراش بالإبقاء على الإضاءة مفتوحة). المهم أنني قرأت الكتاب، وأصبت بالإحباط نيابة عنك، لأنني أدركت أنك عزيزي القارئ قد تكون فأرا. لا تغضب مني فأنا أيضا فأر مثلك.. ولا تزعل مني لأنني لم أقل «لا مؤاخذة» قبل كلمة فأر، فأنا لا أحب استخدام عبارات مثل «لا مؤاخذة»، عند التحدث عن الأحذية والحمير وحتى دورات المياه، فهذه أشياء موجودة وضرورية فعلام التحرج والاعتذار عند ذكرها. أما السبب الرئيسي الذي يجعلني أنفر من تلك العبارة فهو أن بعض رجالنا النشامى والبواسل يستخدمونها قبل ذكر كلمة امرأة أو زوجة، ورجل يرى أن الزوجة أو أي امرأة في مرتبة دورة المياه أو الحمار أو الحذاء يستحق الـ«لا مؤاخذة» عن جدارة إلى ان نتوصل الى عبارة أكثر قسوة منها لوصفه بها! كتاب شاه يتناول تكالب شركات الأدوية على الدول النامية لجعل مواطنيها فئران تجارب للأدوية الجديدة. مختبرات بروينغر إينغلهايم لديها مبنى في أفقر أحياء مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا، وشركة الأدوية العملاقة نورفاتيس شيدت مبنى في حي فقير في مدينة مومباي (بومباي سابقاً) في الهند.. ولحقت بها شركات أكثر شهرة مثل فايزر وغلاكسو سميث آند كلاين واسترازينيكا. في بلد مثل الولايات المتحدة ينسحب نحو 70% من المشاركين في اختبارات الأدوية قبل اكتمال الاختبارات، بينما تبلغ نسبة الصمود والتصدي!! بين المشاركين في تلك الاختبارات في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فوق الـ99%.. والأهم من كل ذلك ان الفقير الإفريقي أو الآسيوي كائن بلا حقوق، ولو مات نتيجة لاستخدام دواء جديد تحت التجريب فالتعويض الذي يناله ذووه هو تحويل واحد منهم الى فأر ليحصل على بضع مئات من الدولارات نظير الاشتراك في تجارب تستمر ما بين العام والعامين.
في الولايات المتحدة وأوروبا يجب إخضاع الدواء لاختبارات سريرية يشارك فيها أكثر من 4000 شخص، وللوصول الى قرار حاسم حول صلاحية الدواء لا بد من إخضاع أكثر من مائة ألف شخص للتجارب... طيب وين تلاقي ناس بسعر التكلفة وتموت أو تعيش «زي بعضه». سيم، سيم؟ شوف لك بلد مواطنيها عيشتهم «زي قِلِّتها» ووزع عليهم الدواء الجديد، ولو نفع خير وبركة، ولو ما نفع خيرها في غيرهم. في بريطانيا فشلت تجربة عقار طبي جديد وأصيب نحو أربعة من المشاركين فيها بحالات تسمم خطيرة فقامت القيامة ودفعت الشركات تعويضات للضحايا بـ«القنطار»، لأنه فئران عن فئران تفرق.. صح؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك