العدد : ١٧١١١ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١١ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

اليوم التالي: كشف حساب سريع!

{ مشهد‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الاتفاق‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬كان‭ ‬مشهداً‭ ‬فيه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المفارقات،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توجه‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬مدنهم‭ ‬المدمرة‭ ‬وبخطاب‭ (‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬بيوتنا‭) ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬ستكون‭ ‬تلك‭ ‬العودة‭ ‬والركام‭ ‬والأنقاض‭ ‬يملآن‭ ‬كل‭ ‬مكان‭! ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفرحة‭ ‬العارمة‭ ‬التي‭ ‬غطت‭ ‬وجوه‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والأهالي‭ ‬جميعاً‭ ‬بوقف‭ ‬النار،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يفكرون‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬فالأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬الهدنة‭ ‬بدأت‭ ‬وتوكلهم‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يملأ‭ ‬قلوبهم‭ ‬لما‭ ‬سيحدث‭ ‬لاحقاً‭.‬

المشهد‭ ‬مختلط‭ ‬وعناصر‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬محاطة‭ ‬بالمئات‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الآلاف‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي،‭ ‬يشرفون‭ ‬على‭ ‬تسليم‭ ‬الرهائن‭ ‬الثلاث،‭ ‬مقابل‭ ‬الإفراج‭ ‬مساء‭ ‬عن‭ ‬فلسطينيين‭ ‬أسرى‭ ‬أو‭ ‬مختطفين‭ ‬أو‭ ‬معتقلين‭ ‬يبلغ‭ ‬عددهم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المائة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬وأصرت‭ ‬قيادات‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تصوير‭ ‬الرهائن‭ ‬الثلاث‭ ‬عند‭ ‬الاستلام،‭ ‬وكان‭ ‬خوف‭ ‬الصورة‭ ‬يلاحقها‭ ‬منذ‭ ‬اتفاق‭ ‬تبادل‭ ‬الأسرى‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬أهدافه‭ ‬المعلنة‭!‬

{ كل‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يهم‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬المعطى‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬بقدر‭ ‬أهميته‭ ‬الآتية،‭ ‬لأن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬وبما‭ ‬يخص‭ (‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬نهائيا‭) ‬هو‭ ‬الأهم،‭ ‬والأهم‭ ‬منه‭ ‬هو‭ ‬كيفية‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ونشر‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقلق‭ ‬الجميع‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تصريحات‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬باستمرار‭ ‬الحرب‭ ‬بعد‭ ‬الاتفاق،‭ ‬وحيث‭ ‬بإمكان‭ ‬الكيان‭ ‬أن‭ ‬يختلق‭ ‬أي‭ ‬ذريعة‭ ‬لذلك‭ ‬الاستمرار،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬فشله‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬وتهجير‭ ‬أهالي‭ ‬غزة‭ ‬بل‭ ‬والضفة‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يطمح‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬فلسطين‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬خاضعة‭ ‬لليهود‭ ‬واعتبارها‭ ‬دولة‭ ‬يهودية‭ ‬تسعى‭ ‬بعدها‭ ‬لتحقيق‭ ‬مشروعها‭ ‬التوسعي‭!‬

{ في‭ ‬كشف‭ ‬حساب‭ ‬سريع،‭ ‬فإن‭ ‬الجانبين‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وصهاينة‭ ‬الكيان‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وقفة‭ ‬نقدية‭ ‬جادة‭ ‬للذات‭! ‬فالجانب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬أحدثته‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والمعاناة‭ ‬غير‭ ‬المتخيلة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غرة،‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لقادتها‭ ‬ومثقفيها‭ ‬وسياسييها‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ (‬وحدة‭ ‬الصفوف‭ ‬الفلسطينية‭) ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ترفاً‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬بعضهم،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كيان‭ ‬صهيوني‭ ‬محتل‭ ‬يريد‭ ‬إنهاء‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬داخل‭ ‬فلسطين،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ -‬وحماس‭ ‬مجرد‭ ‬فصيل‭ ‬واحد‭ ‬فيها‭- ‬أو‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭! ‬الكيان‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أي‭ ‬مقاومة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬توجه‭ ‬كان،‭ ‬مثلما‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬سلطة‭ ‬فلسطينية‭ ‬حقيقية‭ ‬لأنه‭ ‬بالأساس‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭! ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬إعادة‭ ‬الحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بل‭ ‬يريد‭ ‬القضاء‭ ‬الكامل‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬والواقفين‭ ‬خلفها‭!‬

ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬شرط‭ ‬التوحد‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هو‭ ‬شرط‭ ‬بقاء‭ ‬ووجود‭! ‬

{ ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬مقاومة‭ ‬فلسطينية‭ ‬وطنية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬الأرض‭ ‬ومواجهة‭ ‬الكيان‭ ‬المحتل،‭ ‬مطالبة‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬أجندتها‭ ‬وطنية‭ ‬خالصة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬شرك‭ ‬مقاومة‭ ‬المحتل‭ ‬الصهيوني،‭ ‬بدعم‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬أجندة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬باستغلال‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والمتاجرة‭ ‬بها،‭ ‬ودعم‭ ‬مقاومتها‭ ‬لمصالحها‭ ‬الخاصة‭ ‬ونفوذها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭! ‬

ومعروف‭ ‬عن‭ ‬ماذا‭ ‬وعمن‭ ‬نتحدث‭ ‬هنا‭! ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬القيادات‭ ‬والفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬اليوم‭ ‬بحاجة‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬‮«‬رؤية‭ ‬فلسطينية‭ ‬استراتيجية‮»‬‭ ‬جديدة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يعترف‭ ‬بها‭ ‬الجميع‭ ‬كممثل‭ ‬شرعي‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وما‭ ‬على‭ ‬الفصائل‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تتوحد‭ ‬خلفها،‭ ‬وتنتهي‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الانقسام‭ ‬الخطير‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬بمعاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬منذ‭ ‬1948‭ ‬وهي‭ ‬معاناة‭ ‬كبيرة‭ ‬واستثنائية‭!‬

{ أما‭ ‬الجانب‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬ومتطرفيه‭ ‬والصهيونية‭ ‬الدينية،‭ ‬فإن‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬الذي‭ ‬تخطط‭ ‬له‭ ‬بنصب‭ ‬المكائد‭ ‬والأفخاخ‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬15‭ ‬شهراً‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تنظر‭ ‬بواقعية‭ ‬الى‭ ‬خسائرها‭ ‬أيضا‭ ‬وهي‭ ‬كثيرة‭ ‬وأهمها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والإنساني‭ ‬والقانوني‭ ‬دولياً،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ركام‭ ‬خسائرها‭ ‬المادية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعمل‭ ‬والهجرة‭ ‬المضادة‭ ‬للصهاينة‭ ‬لديها،‭ ‬واستنزاف‭ ‬جيشها‭ ‬وانخفاض‭ ‬معنويات‭ ‬جنودها،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬المترف‭ ‬الذي‭ ‬حظيت‭ ‬به‭ ‬عسكريا‭ ‬ولوجستيا‭ ‬ومشاركة‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬الهمجية‭!‬

{ على‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬اللقيط‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬قادة‭ ‬غربيون‭ ‬بأنفسهم‭ ‬هي‭ ‬فكرة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القضاء‭ ‬عليها‭! ‬ونضيف‭ ‬أنه‭ ‬طالما‭ ‬هناك‭ ‬احتلال‭ ‬فهناك‭ ‬مقاومة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬قضى‭ ‬الكيان‭ ‬كما‭ ‬يتصور‭ ‬على‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭! ‬فالقصة‭ ‬أكبر‭ ‬وأبعد‭ ‬من‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬طالما‭ ‬احتلالها‭ ‬مستمر،‭ ‬وطالما‭ ‬تطرفها‭ ‬وإرهابها‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬مستمر،‭ ‬وطالما‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬باق‭ ‬ومتجدد‭ ‬في‭ ‬نضاله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حريته‭ ‬واستعادة‭ ‬أرضه‭ ‬وحقوقه،‭ ‬وقد‭ ‬جرب‭ ‬الكيان‭ ‬خلال‭ ‬470‭ ‬يوماً‭ ‬على‭ ‬أشكال‭ ‬الإبادة‭ ‬والتطهير‭ ‬والتهجير،‭ ‬وآن‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يعترف‭ ‬أنه‭ ‬فشل‭! ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬حل‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬لوجوده‭ ‬حتى‭ ‬المؤقت‭ ‬أو‭ ‬المرحلي،‭ ‬إلا‭ ‬بالرضوخ‭ ‬لمتطلبات‭ ‬السلام‭ ‬وحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حلاً‭ ‬عادلاً‭! ‬ومهما‭ ‬صال‭ ‬وجال‭ ‬وتلقى‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وبشكل‭ ‬كامل،‭ ‬فإن‭ ‬التاريخ‭ ‬سجل‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد،‭ ‬أن‭ ‬إرادة‭ ‬الشعوب‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تنتصر‭ ‬في‭ ‬النهاية‭! ‬وقد‭ ‬جربت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬مكان‭! ‬كما‭ ‬جرب‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬استعمروها‭! ‬

الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬صاحب‭ ‬أكثر‭ ‬قضية‭ ‬عادلة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ومصر‭ ‬على‭ ‬نيل‭ ‬حريته‭ ‬وحقوقه،‭ ‬مهما‭ ‬مورس‭ ‬ضده‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬القمع‭ ‬والوحشية‭ ‬وحتى‭ ‬الإبادة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬رآه‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬المزروع‭ ‬أن‭ ‬يعترف‭ ‬بذلك‭!‬

 

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا