العدد : ١٧١٠٣ - الأحد ١٩ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٠٣ - الأحد ١٩ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ رجب ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

في حساب الربح والخسارة: الأساس حلّ القضية الفلسطينية!

{ أخيراً‭ ‬وبعد‭ ‬15‭ ‬شهراً‭ ‬من‭ ‬أشرس‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وقد‭ ‬هزت‭ ‬الضمائر‭ ‬الحية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬و«حماس‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يدخل‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأحد‭ ‬19‭ ‬يناير،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فاقت‭ ‬عذابات‭ ‬الغزاويين‭ ‬كل‭ ‬حدود‭ ‬التصور‭ ‬والخيال‭! ‬وبما‭ ‬تابعه‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬470‭ ‬يوماً‭! ‬وفقط‭ ‬لأن‭ ‬آلة‭ ‬القتل‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬حتى‭ ‬الساعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬تنفيذ‭ ‬اتفاق‭ ‬الصفقة‭ ‬المبرمة‭ ‬برعاية‭ ‬مصر‭ ‬وقطر‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬توقفت‭ ‬ولو‭ ‬لفترة‭ ‬قادمة،‭ ‬وتم‭ ‬إعطاء‭ ‬آلة‭ ‬القتل‭ ‬الهمجية‭ ‬هدنة‭! ‬فإن‭ ‬الفرحة‭ ‬عمت‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬وكل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬لعل‭ ‬الصدأ‭ ‬يصيبها‭ ‬فتتوقف‭ ‬نهائياً‭ ‬بعد‭ ‬هدنة‭ ‬الـ42‭ ‬يوما‭ ‬الأولى‭ ‬كمرحلة‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يأمل‭ ‬به‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أحرار‭ ‬العالم‭!‬

{ تلك‭ ‬الفرحة‭ ‬لتوقّف‭ ‬الإبادة‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الشهور‭ ‬الطويلة،‭ ‬ستبقى‭ ‬ممزوجة‭ ‬بذاكرة‭ ‬الألم‭ ‬الكبير‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬الوحشية‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬وهواء‭ ‬وسماء‭ ‬غزة‭! ‬ونهشت‭ ‬أرواح‭ ‬المدنيين‭ ‬الأبرياء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تجاوز‭ ‬شهداؤهم‭ ‬الـ50‭ ‬ألف‭ ‬شهيد،‭ ‬وجرحاهم‭ ‬والمعاقون‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬ألف‭ ‬مصاب‭! ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬إنهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭ ‬سواء‭ ‬الشهداء‭ ‬أو‭ ‬المصابون‭!‬

وفي‭ ‬حساب‭ ‬الانتصار‭ ‬أو‭ ‬الخسارة‭ ‬فإن‭ ‬موازين‭ ‬الجرد‭ ‬ستتوقف‭ ‬قليلاً،‭ ‬حتى‭ ‬تتضح‭ ‬الصورة‭ ‬النهائية‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬الشرسة‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬الآلة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بدعم‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الغربية‭! ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬رموز‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭.. ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭ ‬ومن‭ ‬خلفهم‭ ‬من‭ ‬المتطرفين‭ ‬الإرهابيين،‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬مصرين‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬بعد‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الهدنة‭! ‬ولكان‭ ‬حساب‭ ‬الرهان‭ ‬الصهيوني‭ ‬هو‭ ‬استعادة‭ ‬الرهائن‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬ثم‭ ‬إعادة‭ ‬الإبادة‭ ‬بأشرس‭ ‬مما‭ ‬كان‭! ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الترويج‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬النصير‭ ‬للكيان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ (‬ترامب‭) ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬حرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب،‭ ‬حيث‭ ‬صرح‭ ‬بعد‭ ‬إنجاز‭ ‬اتفاق‭ ‬الهدنة‭ ‬بأنه‭ ‬يريد‭ ‬ضمان‭ ‬أن‭ (‬غزة‭ ‬لن‭ ‬تتحول‭ ‬أبداً‭ ‬ملاذاً‭ ‬للإرهاب‭ ‬من‭ ‬جديد‭)! ‬وبذلك‭ ‬فهو‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وأي‭ ‬حركة‭ ‬تحرّر‭ ‬أو‭ ‬مقاومة‭ ‬فلسطينية‭ ‬هي‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭! ‬متجاهلاً‭ ‬أسس‭ ‬القضية‭ ‬وجذورها،‭ ‬كانعكاس‭ ‬لانتزاع‭ ‬وطن‭ ‬من‭ ‬شعبه‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬وما‭ ‬تم‭ ‬ارتكابه‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بدعم‭ ‬غربي،‭ ‬أنجلو‭ ‬ساكسوني،‭ ‬في‭ ‬الأغلب،‭ ‬من‭ ‬مجازر‭ ‬ومذابح‭ ‬وإبادة‭ ‬وتشريد‭ ‬لشعب‭ ‬تم‭ ‬تجاهله‭ ‬طويلاً‭ ‬والدوس‭ ‬على‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭! ‬فهل‭ ‬من‭ ‬خجل‭!‬

{ في‭ ‬الخلاصة‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬صرحت‭ ‬به‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودية‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬البناء‭ ‬عليه‭ (‬لمعالجة‭ ‬أساس‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمكين‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬قيام‭ ‬دولته‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬والقابلة‭ ‬للحياة‭)! ‬وبدون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬نهائي‭ ‬وعادل‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وقضيته‭: ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الطموحات‭ ‬الصهيونية‭ ‬لاحتلال‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بحقوق‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فإن‭ ‬المعادلة‭ ‬ستبقى‭ ‬مختلّة‭ ‬سواء‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحل‭ ‬القضية‭: ‬أو‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والتطبيع‭ ‬المجاني‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬له‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭!‬

{ هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغريب‭ ‬والنشاز‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬زرعه‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬لأداء‭ ‬دور‭ ‬وظيفي‭ ‬استعماري‭ ‬سواء‭ ‬له‭ ‬أو‭ ‬للغرب‭ ‬الكولونيالي‭: ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬إثارة‭ ‬الصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬الوحشية‭ ‬والإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭! ‬مثلما‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬مشروعه‭ ‬التوسعي‭ ‬المريب‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬وقف‭ ‬العرب‭ ‬وقفة‭ ‬حقيقية‭ ‬وجادة‭ ‬في‭ ‬لجم‭ ‬وحشيته‭ ‬وأطماعه‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وإذا‭ ‬كف‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬عن‭ ‬دعمه‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭ ‬لضمان‭ ‬استمراره‭ ‬واستمرار‭ ‬أدائه‭ ‬لدور‭ ‬‮«‬حصان‭ ‬طروادة‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬لسلب‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬سلبه‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬وثروات‭ ‬وتقسيم‭ ‬للدول،‭ ‬بحسب‭ ‬مخيلته‭ ‬الاستعمارية‭ ‬لشرق‭ ‬أوسط‭ ‬جديد‭ ‬يحكمه‭ ‬بعد‭ ‬إعادة‭ ‬هندسته‭!‬

{ في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬ستتوقف‭ ‬باتفاق‭ ‬هدنة‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬بعدها‭! ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التوقف‭ ‬أمام‭ ‬الصمود‭ ‬الأسطوري‭ ‬لأهل‭ ‬غزة‭ ‬الذين‭ ‬تجرعوا‭ ‬كل‭ ‬المرارات‭ ‬والآلام‭ ‬وأعنف‭ ‬أشكال‭ ‬القتل‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬المستمر‭ ‬لكي‭ ‬يفشلوا‭ ‬مخطط‭ ‬التهجير‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬كاملاً،‭ ‬بحسب‭ ‬المخطط‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وبذلك‭ ‬فهم‭ ‬بإفشالهم‭ ‬هذا‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬مرسوماً‭ ‬لهم‭ ‬ولأرضهم،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬كانت‭ ‬حربه‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬هي‭ ‬حرب‭ ‬شراكة‭ ‬كاملة‭ ‬مع‭ ‬أقوى‭ ‬وأعتى‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬وتم‭ ‬استخدام‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬الإبادة‭! ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المخطط‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬فيما‭ ‬أراد،‭ ‬وكان‭ ‬نجاحه‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬وأضعافهم‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المصابين،‭ ‬وتدمير‭ ‬غزة‭ ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬كامل،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬ورغم‭ ‬الجوع‭ ‬والحصار‭ ‬والقصف‭ ‬سجلوا‭ ‬للتاريخ‭ ‬صمودهم‭ ‬الأسطوري‭ ‬عبر‭ ‬15‭ ‬شهراً‭ ‬في‭ ‬البرد‭ ‬والحرّ،‭ ‬وكشفوا‭ ‬الوجه‭ ‬الحقيقي‭ ‬البشع‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬وتم‭ ‬إسقاطه‭ ‬قانونيًّا‭ ‬وأخلاقيًّا‭ ‬وإنسانيًّا‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬يتساءل‭ ‬حول‭ ‬من‭ ‬المنتصر‭ ‬ومن‭ ‬المهزوم،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬الصندوق‭ ‬ويفكر‭ ‬خارجه‭ ‬وخارج‭ ‬الحسابات‭ ‬العسكرية‭ ‬وميزان‭ ‬القوى‭ ‬فقط،‭ ‬لأن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ستبقى‭ ‬مستمرة‭ ‬وحركة‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬للأرض‭ ‬والشعب‭ ‬ستبقى‭ ‬مستمرة‭! ‬وحسابات‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬مقاومتها‭ ‬للاحتلال‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬حسابات‭ ‬المنظرين‭ ‬والمحللين‭ ‬في‭ ‬البرج‭ ‬العالي،‭ ‬لأن‭ ‬الخسائر‭ ‬والأرباح‭ ‬لها‭ ‬قوانين‭ ‬أخرى‭ ‬لدى‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬حريتها‭ ‬وكرامتها،‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬خسائره‭ ‬منذ‭ ‬1948،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬مآسيه‭ ‬وأوجاعه‭ ‬ومكابداته‭ ‬مع‭ ‬أعتى‭ ‬احتلال‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ضرب‭ ‬أروع‭ ‬مثال‭ ‬لذلك‭ ‬وللصمود‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬وبِما‭ ‬أبهر‭ ‬به‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا