العدد : ١٧٠٩٩ - الأربعاء ١٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٩ - الأربعاء ١٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ رجب ١٤٤٦هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

البحرين وعُمان.. مرحلة نوعية جديدة في علاقات البلدين

تأتي‭ ‬زيارة‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬لسلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬الشقيقة‭ ‬بدعوة‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬أخيه‭ ‬جلالة‭ ‬السلطان‭ ‬هيثم‭ ‬بن‭ ‬طارق‭ ‬لتجسد‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬العلاقات‭ ‬العريقة‭ ‬الوطيدة‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬الشقيقين،‭ ‬ولكن‭ ‬لتترجم‭ ‬ملامح‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬علاقات‭ ‬البلدين‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭.‬

فمنذ‭ ‬زيارة‭ ‬جلالة‭ ‬السلطان‭ ‬هيثم‭ ‬بن‭ ‬طارق‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬توقيع‭ ‬6‭ ‬اتفاقيات‭ ‬للتعاون‭ ‬المتبادل‭ ‬و18‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬غطت‭ ‬معظم‭ ‬المجالات‭ ‬الحيوية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬البلدين،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬العلاقات‭ ‬البحرينية‭ ‬العمانية‭ ‬بدأت‭ ‬تشهد‭ ‬تطورا‭ ‬كبيرا‭ ‬ومتسارعا‭ ‬باتجاه‭ ‬تعميق‭ ‬علاقات‭ ‬البلدين،‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬الطموحات‭ ‬المستقبلية‭ ‬الواعدة‭ ‬للشعبين‭ ‬الشقيقين‭.‬

ولعل‭ ‬أبلغ‭ ‬توصيف‭ ‬للعلاقات‭ ‬البحرينية‭ ‬العمانية‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬العلاقات‭ ‬البحرينية‭ ‬العمانية‭ ‬علاقات‭ ‬قوية‭ ‬وراسخة،‭ ‬وهي‭ ‬نموذج‭ ‬للعلاقات‭ ‬المتميزة‭ ‬بين‭ ‬الأشقاء،‭ ‬وتستند‭ ‬إلى‭ ‬أسس‭ ‬متينة‭ ‬من‭ ‬الأخوة‭ ‬والترابط‭ ‬والرؤى‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتنسيق‭ ‬الوطيد‮»‬‭.‬

ويمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الدافع‭ ‬الواضح‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الطفرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬علاقات‭ ‬البلدين‭ ‬هو‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬والعزم‭ ‬الأكيد‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬وجلالة‭ ‬السلطان‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬علاقات‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬تطورها‭ ‬وتكاملها،‭ ‬بما‭ ‬يجسد‭ ‬علاقات‭ ‬التلاحم‭ ‬بين‭ ‬شعبين‭ ‬وبلدين‭ ‬يربط‭ ‬بينهما‭ ‬تاريخ‭ ‬حضاري‭ ‬عريق،‭ ‬ورؤى‭ ‬متشابهة‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬للمستقبل‭ ‬تتجسد‭ ‬ملامحه‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬2030‭ ‬ورؤية‭ ‬عُمان‭ ‬2040،‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬والتطور‭ ‬في‭ ‬البلدين‭.‬

ويمكن‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬الأعظم‭ ‬في‭ ‬خطط‭ ‬التنمية‭ ‬والتطور‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المواطن‭ ‬باعتباره‭ ‬ركيزة‭ ‬في‭ ‬المسيرة‭ ‬التنموية،‭ ‬وأنه‭ ‬يمثل‭ ‬مصدر‭ ‬الثروة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬البلدين‭.‬

فمعروف‭ ‬لكل‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وسلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬ليست‭ ‬لديهما‭ ‬موارد‭ ‬نفطية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يأتي‭ ‬تركيزهما‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬باعتبارها‭ ‬مصدر‭ ‬الثروة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬إشراقا‭ ‬في‭ ‬البلدين‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬نلاحظ‭ ‬تركيز‭ ‬البحرين‭ ‬وعُمان‭ ‬في‭ ‬خططهما‭ ‬المستقبلية‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التعليم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الرقمي‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬وتنمية‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬النفطية،‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬تحديات‭ ‬المتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الرؤى‭ ‬المشتركة‭ ‬للبلدين‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬للمستقبل‭ ‬تشكل‭ ‬قاعدة‭ ‬محورية‭ ‬في‭ ‬المساعي‭ ‬المبذولة‭ ‬لتحقيق‭ ‬آفاق‭ ‬أوسع‭ ‬للتكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تعميق‭ ‬اتجاهات‭ ‬التعاون‭ ‬والترابط‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الذي‭ ‬يحرص‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬التنموية‭ ‬والتكاملية‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬المجالات؛‭ ‬باعتباره‭ ‬ركيزة‭ ‬التلاحم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬وسط‭ ‬تحولات‭ ‬عالمية‭ ‬عاصفة‭ ‬وأوضاع‭ ‬إقليمية‭ ‬غير‭ ‬مستقرة،‭ ‬تفرض‭ ‬ضرورة‭ ‬تعميق‭ ‬علاقات‭ ‬التكامل‭ ‬والتلاحم‭ ‬بين‭ ‬المنظومة‭ ‬الخليجية‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬والمجموعة‭ ‬العربية‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭.‬

ولعل‭ ‬ملامح‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬البحرينية‭ ‬العمانية‭ ‬قد‭ ‬انعكست‭ ‬بجلاء‭ ‬في‭ ‬مشاعر‭ ‬الترحيب‭ ‬الواسع‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الشعبية‭ ‬والإعلامية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين،‭ ‬وسط‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬التفاؤل‭ ‬بأن‭ ‬زيارة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬لسلطنة‭ ‬عُمان‭ ‬ومباحثاته‭ ‬مع‭ ‬أخيه‭ ‬جلالة‭ ‬السلطان‭ ‬ستكون‭ ‬بمثابة‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬واعدة‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬البلدين‭ ‬والشعبين‭ ‬الشقيقين،‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬آفاق‭ ‬التعاون‭ ‬والتكامل‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬أكثر‭ ‬تلاحما‭ ‬وترابطا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬فترة‭ ‬تاريخية‭ ‬سابقة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬أكثر‭ ‬تطلعًا‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬عامر‭ ‬بالتقدم‭ ‬والازدهار‭ ‬والتطور‭ ‬والنماء‭ ‬لكلا‭ ‬الشعبين‭ ‬الشقيقين‭.‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا