العدد : ١٧٠٩٩ - الأربعاء ١٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٩ - الأربعاء ١٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ رجب ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

من ثيوقراطية إيران إلى الصهيونية الدينية!

منذ‭ ‬أن‭ ‬اتجهت‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬نحو‭ ‬تكريس‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والحرب‭ ‬التدميرية‭ ‬الكاملة‭ ‬وقتل‭ ‬المدنيين،‭ ‬وصعود‭ ‬المتطرفين‭ ‬الدينيين‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نتنياهو‮»‬‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬والحرب‭! ‬تصاعدت‭ ‬التصريحات‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬هؤلاء‭ ‬معاً‭ ‬تجاه‭ (‬التوسيع‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭) ‬بنشر‭ ‬خرائط‭ ‬على‭ ‬الحسابات‭ ‬الرسمية‭ ‬للكيان‭! ‬مصحوبة‭ ‬بادعاءات‭ ‬وأوهام‭ ‬وتزوير‭ ‬للتاريخ‭ ‬يتبناها‭ ‬هؤلاء‭ ‬بلغة‭ ‬طامعة‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية‭! ‬وتغطية‭ ‬الشهية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬للكيان‭ ‬بغلاف‭ ‬التزوير‭ ‬الديني‭ ‬والتاريخي،‭ ‬الذي‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬نشأ‭ ‬على‭ ‬أساسه‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬منذ‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬هرتزل‮»‬،‭ ‬ووعد‭ ‬بلفور،‭ ‬ثم‭ ‬الضغط‭ ‬الاستعماري‭ ‬الغربي‭ ‬بقيادة‭ ‬بريطانيا‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتأسيس‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬عام‭ ‬1948‭!‬

هذه‭ ‬المرة‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التراجع‭ ‬العربي‭ ‬وغياب‭ ‬مشروع‭ ‬إستراتيجي‭ ‬للعرب‭ ‬وعبر‭ ‬السيطرة‭ ‬الاعلامية‭ ‬بوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬زاد‭ ‬حجم‭ ‬وتراكم‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والتلفيقات‭ ‬والمعلومات‭ ‬المشوهة،‭ ‬والخرائط‭ ‬الزائفة‭ ‬والمزورة‭ ‬لاختراع‭ ‬تاريخ‭ ‬لا‭ ‬أصل‭ ‬له‭ ‬حول‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬مرة،‭ ‬وإعلان‭ ‬‮«‬مملكة‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬كمرحلة‭ ‬أولى‭ ‬تضم‭ ‬فلسطين‭ ‬والأردن‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان،‭ ‬لتتوسع‭ ‬الخارطة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بذات‭ ‬الادعاءات‭ ‬والأوهام‭ ‬لتضم‭ ‬دولاً‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬تنشأ‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬‮«‬المملكة‭ ‬التلمودية‭ ‬العالمية‮»‬‭!‬

{‭ ‬كانت‭ ‬ردة‭ ‬الفعل‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬والداخل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬غاضبة‭ ‬فيما‭ ‬ساد‭ ‬الصمت‭ ‬في‭ ‬سوريا‭! ‬وأدانت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأردنية‭ ‬ما‭ ‬نشرته‭ ‬حسابات‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الرسمية‭ ‬عن‭ (‬خرائط‭ ‬للمنطقة‭ ‬زعمت‭ ‬أنها‭ ‬تاريخية‭) ‬وأكد‭ ‬الناطق‭ ‬الرسمي‭ ‬باسم‭ ‬الوزارة‭ ‬الوزير‭ ‬‮«‬سفيان‭ ‬القضاة‮»‬‭ ‬رفض‭ ‬المملكة‭ ‬المطلق‭ ‬لهذه‭ ‬السياسات‭ ‬والتصريحات‭ ‬التحريضية،‭ ‬والتي‭ ‬تستهدف‭ ‬إنكار‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولتهم‭ ‬المستقلة‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬عدوان‭ ‬يونيو‭ ‬1967‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القدس‭ ‬المحتلة،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الادعاءات‭ ‬والأوهام‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬‮«‬المتطرفون‮»‬‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الكيان‭ ‬وكلهم‭ ‬متطرفون،‭ ‬ويروجون‭ ‬لها‭! ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬دوامات‭ ‬العنف‭ ‬والصراع‭ ‬وهي‭ ‬بمثابة‭ ‬خرق‭ ‬فاضح‭ ‬للقوانين‭ ‬والأعراف‭ ‬الدولية،‭ ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬موقفاً‭ ‬دولياً‭ ‬واضحاً،‭ ‬والتحذير‭ ‬من‭ ‬عواقبها‭ ‬الوخيمة‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬واستقرارها‭.‬

ولكن‭ ‬الكيان‭ ‬سائر‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬توسعه‭ ‬وأطماعه‭ ‬الاستعمارية‭ ‬وتلفيقاته‭ ‬التاريخية‭ ‬والدينية،‭ ‬وحيث‭ ‬يستند‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬لمخططه‭ ‬التوسعي‭ ‬هذا‭!‬

{‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬استهدافها‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الطامعة‭ ‬فيها‭ ‬وفي‭ ‬جغرافيتها‭ ‬وثرواتها،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تشهد‭ ‬تربص‭ ‬تلك‭ ‬المشاريع‭ ‬بها،‭ ‬رغم‭ ‬النكسة‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬مؤخراً‭ ‬المشروع‭ ‬القومي‭ ‬الفارسي‭ ‬الأيديولوجي‭ ‬والثيوقراطي‭!‬

وقبله‭ ‬المشروع‭ ‬التركي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬ورقة‭ ‬الإخوان‮»‬‭ ‬كأداة‭ ‬استعمارية‭ ‬متعددة‭ ‬الأوجه‭ ‬والولاءات‭ ‬بين‭ ‬تركيا‭ ‬والغرب‭ ‬الأنجلو‭ ‬ساكسوني‭! ‬فإن‭ ‬أحد‭ ‬أخطر‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تستند‭ ‬بدورها‭ ‬على‭ ‬الأطماع‭ ‬التوسعية‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬الدينية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬الصهاينة‭ ‬لإعادة‭ ‬هندسة‭ ‬خارطة‭ ‬المنطقة‭ ‬وحدودها‭! ‬وحيث‭ ‬فتحت‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬سعير‭ ‬نيرانها‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬بتصريحات‭ ‬صهيونية‭ ‬متلاحقة،‭ ‬وخرائط‭ ‬مزورة،‭ ‬وادعاءات‭ ‬وأوهام‭ ‬تاريخية‭! ‬لا‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬امتداداتها‭ ‬الجديدة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬الدور‭ ‬الإيراني‭ ‬المنافس‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬لبنان‭ ‬،‭ ‬ليتوغل‭ ‬الكيان‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬وفي‭ ‬جنوب‭ ‬سوريا‭ ‬بادعاء‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭.‬

{‭ ‬المستهدف‭ ‬التاريخي‭ ‬والراهن‭ ‬هو‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬ودولها‭ ‬وشعوبها‭ ‬وجغرافيتها‭ ‬وثرواتها‭ ‬خاصة‭ ‬الغاز‭ ‬والنفط‭ ‬والثروات‭ ‬الأخرى‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الموقع‭ ‬الجغرافي،‭ ‬وطرق‭ ‬الملاحة،‭ ‬والمعادن‭ ‬وغيرها‭! ‬والمثير‭ ‬للقلق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وحول‭ ‬تلك‭ ‬التحركات‭ ‬والتصريحات‭ ‬وخرائط‭ ‬الكيان‭ ‬وخارطة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‭ ‬حسب‭ ‬التسمية،‭ ‬والذي‭ ‬عاد‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬بوتيرة‭ ‬ثقيلة‭ ‬ومشاركة‭! ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬الدور‭ ‬العربي،‭ ‬وغياب‭ ‬المشروع‭ ‬العربي‭! ‬وحيث‭ ‬النشاط‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والسياسي‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬هو‭ ‬المعادل‭ ‬الموضوعي‭ ‬لكل‭ ‬تلك‭ ‬التهديدات،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬تشهد‭ ‬غياب‭ ‬مشروع‭ ‬عربي‭ ‬موحد‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأطماع‭ ‬والاستهدافات‭ ‬وأكثرها‭ ‬خطورة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬عينها‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬ذات‭ ‬مراحل،‭ ‬يتم‭ ‬استكمالها‭ ‬بالسيطرة‭ ‬والاحتلال‭ ‬المباشر‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬والهيمنة‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭!‬

{‭ ‬هي‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تستوجب‭ ‬وبشكل‭ ‬جاد‭ ‬صياغة‭ ‬رؤية‭ ‬عربية‭ ‬جامعة،‭ ‬تتجاوز‭ ‬الرؤى‭ ‬القطرية‭ ‬الضيقة،‭ ‬والصراعات‭ ‬العربية‭ -‬العربية،‭ ‬التي‭ ‬يتغذى‭ ‬عليها‭ ‬أصحاب‭ ‬الأطماع‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬ويبنون‭ ‬على‭ ‬الضعف‭ ‬العربي‭ ‬العام‭ ‬وفراغ‭ ‬الساحة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬عربي،‭ ‬أغلب‭ ‬أجنداتهم‭ ‬واستراتيجياتهم‭ ‬لإعادة‭ ‬هندسة‭ ‬المنطقة،‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬أطماع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومشروعه‭ ‬التوسعي‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ - ‬بريطاني‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الغربية،‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬استعماري‭ ‬جديد،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬والهيمنة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وأهم‭ ‬دولها‭ ‬ممر‭ ‬آمن‭ ‬لمواجهة‭ ‬كبرى‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬المنافسة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الصين،‭ ‬لإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬مجدداً‭ ‬وبالعنوان‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭! ‬والسؤال‭: ‬هل‭ ‬العرب‭ ‬مستعدون‭ ‬لمواجهة‭ ‬المخاطر‭ ‬الكبرى‭ ‬والأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا