العدد : ١٧٠٩٩ - الأربعاء ١٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٩ - الأربعاء ١٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ رجب ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عينك مغشوشة؟ أنتِ طالق

هذه‭ ‬جملة‭ ‬أوردتها‭ ‬مرات‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬زاويتي‭ ‬الغائمة‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬من‭ ‬أهم‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يتخذها‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬حياته،‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مادة‭ ‬أكاديمية‭ ‬أتخصص‭ ‬وبمن‭ ‬أتزوج‮»‬،‭ ‬فهذان‭ ‬الأمران‭ ‬يؤثران‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬الى‭ ‬اللحد،‭ ‬وفي‭ ‬زمن‭ ‬صار‭ ‬فيه‭ ‬التواصل‭ ‬عبر‭ ‬البحار‭ ‬والقارات‭ ‬ميسورا،‭ ‬اضطربت‭ ‬المفاهيم‭ ‬والقيم،‭ ‬وصارت‭ ‬مقاييس‭ ‬اختيار‭ ‬المسارات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬عجيبة‭ ‬بل‭ ‬ومختلة‭.‬

هل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أو‭ ‬الوارد‭ ‬أن‭ ‬شخصا‭ ‬يختار‭ ‬امرأة‭ ‬ما‭ ‬زوجة‭ ‬لأن‭ ‬أنفها‭ ‬صغير‭ ‬ومدبب،‭ ‬أو‭ ‬لأن‭ ‬أذنها‭ ‬مستديرة‭ ‬وخالية‭ ‬من‭ ‬النتوءات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والمألوفة،‭ ‬أو‭ ‬لأن‭ ‬أصابع‭ ‬يدها‭ ‬رفيعة‭ ‬ومتناسقة؟‭ ‬الإجابة‭ ‬هي‭: ‬نعم‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬الجمال‭ ‬عنصر‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الرجل‭ ‬لشريكة‭ ‬الحياة،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يهمهم‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬شريكة‭ ‬الحياة‭ ‬فقط‭ ‬مظهرها‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬تفاصيل‭ ‬وتضاريس‭ ‬جسدها،‭ ‬وفي‭ ‬تقديري‭ ‬فإن‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يختار‭ ‬امرأة‭ ‬زوجة‭ ‬لأن‭ ‬مقاس‭ ‬قدمها‭ ‬37‭ ‬أو‭ ‬لأن‭ ‬أسنانها‭ ‬مستقيمة‭ ‬وبيضاء،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬أي‭ ‬أخلاقها‭ ‬وعقلها‭ ‬إلخ،‭ ‬يريد‭ ‬لتلك‭ ‬الزوجة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مزهرية،‭ ‬أو‭ ‬تحفة‭ ‬أو‭ ‬قطعة‭ ‬ديكور‭ ‬يستمتع‭ ‬هو‭ ‬بالنظر‭ ‬إليها،‭ ‬ولأن‭ ‬الإنسان‭ ‬يفقد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬ميزاته‭ ‬ومواصفاته‭ ‬الجمالية‭ ‬بمرور‭ ‬الزمن،‭ ‬فإن‭ ‬الزوجة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬اختيارها‭ ‬بمعايير‭ ‬اختيار‭ ‬الأثاث‭ ‬تتعرض‭ ‬حتما‭ ‬‮«‬للتفنيش‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الأرشيف‮»‬‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬تلك‭ ‬الميزات‭ ‬والمواصفات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬للفتاة‭ ‬التي‭ ‬التقت‭ ‬فتى‭ ‬الأحلام‭ ‬على‭ ‬شواطئ‭ ‬مرسى‭ ‬مطروح‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وكانت‭ ‬عيناها‭ ‬زرقاوين،‭ ‬كماء‭ ‬البحر،‭ ‬ورآها‭ ‬شاب‭ ‬كان‭ ‬يحلم‭ ‬بالحب‭ ‬والزواج‭ ‬فهام‭ ‬بعينيها،‭ ‬وقرر‭ ‬أنها‭ ‬الفتاة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يحلم‭ ‬بها‭. ‬بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬يلفت‭ ‬انتباه‭ ‬الشاب‭ ‬إلى‭ ‬الفتاة،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يهمه‭ ‬من‭ ‬أمرها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عينيها‭ ‬كانتا‭ ‬زرقاوين،‭ ‬وتقدم‭ ‬لخطبتها‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يهتم‭ ‬بأي‭ ‬أمر‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬وعقل‭ ‬البنت،‭ ‬واستمرت‭ ‬الخطبة‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭ ‬أحس‭ ‬بعدها‭ ‬الشاب‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يشبع‭ ‬من‭ ‬عينيها،‭ ‬فأكمل‭ ‬مراسيم‭ ‬الزواج‭ ‬على‭ ‬عجل،‭ ‬وانتهى‭ ‬حفل‭ ‬الزفاف‭ ‬وانفض‭ ‬السامر‭ ‬واختلى‭ ‬الشاب‭ ‬بعروسه‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مجهدة‭ ‬وبدلت‭ ‬ملابسها،‭ ‬ثم‭... ‬يا‭ ‬للهول‭! ‬أخرجت‭ ‬شيئين‭ ‬من‭ ‬عينيها‭ ‬ووضعتهما‭ ‬في‭ ‬علبة‭. ‬فلم‭ ‬يأبه‭ ‬الزوج‭ ‬لكل‭ ‬ذلك‭ ‬واقترب‭ ‬منها‭ ‬ليستمتع‭ ‬بعينيها‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وأمسك‭ ‬وجهها‭ ‬بكفيه‭ ‬برفق،‭ ‬ثم‭ ‬صدرت‭ ‬منه‭ ‬شهقة،‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الشهقة‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬الفتاة‭ ‬المسكينة‭ ‬التي‭ ‬وجدتني‭ ‬داخل‭ ‬حمام‭ ‬نساء‭ ‬دخلته‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬السعودية،‭ ‬الرياض،‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬سنوات،‭ ‬لاحظ‭ ‬الزوج‭ ‬أن‭ ‬عيني‭ ‬زوجته‭ ‬لم‭ ‬تعودا‭ ‬زرقاوين‭ ‬بل‭ ‬كانتا‭ ‬‮«‬عاديتين‮»‬،‭ ‬وطفق‭ ‬يصيح‭: ‬مش‭ ‬ممكن‭.. ‬حرام‭.. ‬يا‭ ‬مصيبتي،‭ ‬يا‭ ‬لهو‭ ‬بالي‭!! ‬جات‭ ‬الحزينة‭ ‬تفرح‭ ‬ما‭ ‬لقلتهاش‭ ‬مطرح‭!! ‬هنا‭ ‬حاولت‭ ‬العروس‭ ‬أن‭ ‬تشرح‭ ‬له‭ ‬بهدوء‭ ‬أنها‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬عينيها‭ ‬زرقاوين‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بوضع‭ ‬العدسات‭ ‬اللاصقة‭ ‬عليهما،‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬انفعال‭ ‬الزوج‭ ‬الذي‭ ‬ارتفع‭ ‬صوته‭ ‬بالصراخ‭: ‬يا‭ ‬غشاشة‭ ‬يا‭ ‬خاينة‭. ‬تعملي‭ ‬فيا‭ ‬كده‭ ‬ليه؟‭ ‬يا‭ ‬شماتة‭ ‬أبله‭ ‬ظاظا‭ ‬فيّا‭! ‬فاكر‭ ‬نفسي‭ ‬اشتريت‭ ‬مرسيدس‭ ‬طلعت‭ ‬كيا‭!! ‬ده‭ ‬كان‭ ‬مستخبيلي‭ ‬فين؟‭ ‬أودي‭ ‬وشي‭ ‬فين‭ ‬لما‭ ‬الناس‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬عيون‭ ‬مراتي‭ ‬مش‭ ‬زرقا؟‭ ‬ياما‭ ‬تحت‭ ‬السواهي‭ ‬دواهي،‭.. ‬معليش‭ ‬الحق‭ ‬مش‭ ‬عليكي‭.. ‬الحق‭ ‬علي‭ ‬أنا‭ ‬اللي‭ ‬طلعت‭ ‬خُرُنق،‭ ‬واتجوزت‭ ‬واحدة‭ ‬عينها‭ ‬سودا‭ ‬وأنا‭ ‬فاكرها‭ ‬زرقا‭!! ‬روحي‭ ‬منك‭ ‬لله‭ ‬يا‭ ‬مفترية‭ ‬يا‭ ‬ظالمة‭.. ‬روحي‭ ‬إنتي‭ ‬طالق‭...‬وهكذا‭ ‬انتهت‭ ‬زيجة‭ ‬استمرت‭ ‬ساعتين‭ ‬كاملتين،‭ ‬ومن‭ ‬‮«‬الكوشة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬حيث‭ ‬طالبت‭ ‬العروس‭ ‬بالنفقة‭ ‬ومؤخر‭ ‬الصداق‭ ‬بينما‭ ‬طلب‭ ‬الزوج‭ ‬من‭ ‬القاضي‭ ‬تجاهل‭ ‬مطالبها‭ ‬لأنها‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬الغش‭ ‬والخديعة‭. ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬بم‭ ‬حكم‭ ‬القاضي،‭ ‬ولكنني‭ ‬باركت‭ ‬في‭ ‬سري‭ ‬للبنت‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الشاب‭ ‬الخرنق‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬واستحقاق‭.. ‬وقياسا‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الحادثة‭ ‬على‭ ‬الأمهات‭ ‬والآباء‭ ‬أن‭ ‬يبلغوا‭ ‬من‭ ‬يتقدمون‭ ‬للزواج‭ ‬ببناتهم‭ ‬عن‭ ‬الأضراس‭ ‬‮«‬المحشوة‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬لون‭ ‬الشعر‭ ‬الأسود‭ ‬نجم‭ ‬عن‭ ‬الصبغة‭. ‬وأن‭ ‬الشامة‭ (‬الخال‭) ‬على‭ ‬الخد‭ ‬الأيسر‭ ‬مجرد‭ ‬لون‭ (‬اشمعنى‭ ‬السواد‭ ‬مطلوب‭ ‬في‭ ‬الشامة‭ ‬والشعر‭ ‬وكخة‭ ‬في‭ ‬العينين؟‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬تفاديا‭ ‬لتهمة‭ ‬الغش‭ ‬والجرجرة‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا