العدد : ١٧٠٩٦ - الأحد ١٢ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٦ - الأحد ١٢ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ رجب ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

أخيرا لبنان يدق باب الأمل!

{ بعد فراغ رئاسي دام عامين وأربعة أشهر، انتخب البرلمانُ اللبناني الخميس الماضي قائد الجيش «جوزيف عون» رئيسًا جديدًا للجمهورية، وبذلك فهو الرئيس الـ 114 وهو خامس قائد جيش في تاريخ لبنان يصل إلى الرئاسة والرابع على التوالي في فترة الفراغ الرئاسي حبلت الأيام والشهور بأحداث جسيمة وذات تأثير جيوإستراتيجي على المنطقة وليس على لبنان وحده، وأهمها أحداث حرب الإبادة في غزة بعد 7 أكتوبر 2023، وانكشاف محور الممانعة والمقاومة، وسقوط حكم بشار الأسد. في سوريا، وتراجع دور حزب الله كلاعب رئيسي ووكيل لإيران خاصة بعد القضاء على الصف الأول والثاني من كوادر قياداته وعلى رأسهم الأمين العام للحزب!

{ هذا المتغير الإستراتيجي قاد إلى تراجع الدور الإيراني في لبنان، وقريبا انتهاؤه خاصة على محك تغيرات أخرى حتمية قابلة للحدوث قريباً في العراق واليمن، انعكس على وقوع الثنائي الشيعي «أمل وحزب الله» في الزاوية الضيقة، بعد تعطيلهما لانتخاب رئيس جديد لأكثر من عامين. والإصرار على المرشح «سليمان فرنجية»، ولكن سقوط النظام السوري، وخسارة الحزب في قادته ومعداته مع الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، رفع أسهم، «جوزيف عون» مؤخراً والذي يحظى بدعم من عدد من الدول الإقليمية والدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة، خاصة بعد تنفيذ وقف إطلاق النار بين الكيان والحزب!

{ في خطاب القسم في البرلمان اللبناني وبعد فوزه بالرئاسة بغالبية الأصوات، تعهد الرئيس الجديد بالعمل الجاد لحل معظم القضايا! وهي المطالب التي كان الشعب اللبناني يطالب بها عبر سنوات طويلة، خاصة منذ إنشاء «حزب إيران اللبناني» دويلة داخل الدولة! والاستفراد بقرار الحرب والسلم، والتبعية المطلقة للمشروع الإيراني في المنطقة! والتي أوصلت لبنان الدولة والشعب الى أزمات متواصلة وعميقة، وانقسام شعبي، ليأتي «أخيراً خطاب الدولة المتماسك والجاد على لسان جوزيف عون» وكأنه دق عنيف على باب الأمل والعودة إلى الحضن العربي بعد غياب طال أمده! وبما هو معروف عن الرئيس الجديد من جدية وكفاءة أثبتها في إدارة الأزمات التي مر بها لبنان في السنوات الأخيرة، وإجماع كثيرين على أنه من النوع الذي يفي بما يطلقه من وعود، لتجعل الشعب اللبناني يعلق الكثير من آماله لتحقيق طموحاته على باب الأمل الذي فتحه خطاب القسم هذا!

{ قال الرئيس اللبناني الجديد: (نحن في أزمة حكم يُفترض فيها تغيير الأداء السياسي) ولمَّح إلى أن لبنان مقبل على معركة مهمة لاستعادة الدولة ودورها، وتعهد بممارسة صلاحيات الدولة كاملة) وقال إن السلاح مسؤولية الدولة، وأكد حلّ القضايا الداخلية المتعلقة بالمطالب الشعبية والتنموية في لبنان، كما أشار بثقة إلى اتخاذ «الحياد الإيجابي»، وأكد إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية ومنها الخليجية، مكرراً تأكيد حق الدولة في احتكار السلاح! وكثيرة هي القضايا والعناوين المهمة، التي تعهد بها في خطاب القسم، بما اعتبره كثيرون أنه خطاب «برنامج عمل» كبير وواسع وعالي السقف وغير مسبوق، وأن اللغة التي تحدث بها هي العناوين الطبيعية لمركزية الدولة التي غابت عقوداً عن الأداء السياسي في لبنان وبالتالي فخطابه الأول هو خارطة طريق أيضا!

{ ها هي دولة عربية أخرى بعد سوريا تستعيد أنفاسها، بعد أن كتمتها إيران بوكلائها وتدخلاتها طويلاً، لينقلب الميزان العربي والإقليمي ضدّها، وتنحسر لغة الغطرسة والمباهاة باحتلال أربع عواصم عربية عنها! وحيث الكل ينتظر المتغيرات التي لا بد منها في العراق واليمن ولتنكفئ التدخلات الإيرانية على نفسها! أخيرا استعداداً بما يترشح به الموقف الداخلي من عودة الانتفاضة الشعبية الإيرانية التي تم قمع مراحلها عدة مرات في الداخل الإيراني!

{ لبنان وقد أدرك ماهية أزماته ومآلات الطائفية البغيضة التابعة لإيران، وفقدانه الدعم العربي في ظل استشراء الأزمات الداخلية بسبب معادلة «الدولة داخل الدولة»، ها هو يقترب رويداً رويداً من الخلاص والعودة الى محيطه العربي، واستعادة سيادة الدولة واحتكار السلاح، وقد فتح خطاب القسم للرئيس الجديد بلغته الجديدة أبواب الحلم اللبناني لحل أزماته المعقدة، وقد أدرك أن المتغيرات الجديدة ستطال في هذه المرحلة على الأقل شأنه الداخلي، ليواجه بعدها ببعض الأريحية التهديدات الخارجية من جانب الكيان الصهيوني، في ظل تهديدات أخرى قد تأتي من الجانب الإيراني، الذي يعمل بكل وسيلة وفي كل خطاب على إدارة الفوضى في سوريا وحتما في لبنان، خاصة أن الحزب التابع له، لا يزال يتمتع بوجود سياسي، قد يعمل على عرقلة وإعاقة عمل الرئيس الجديد في استعادة الدولة ودورها بشكل كامل!

المهم الآن أن لبنان قد وضع قدمه وخطا خطوته الأولى في ساحة الأمل والخلاص نحو السيادة والدولة لتحقيق الأمن والاستقرار.

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا