عالم يتغير
فوزية رشيد
فرحة شعب ووطن!
{ كان يوم الرابع من يناير 2025 يوما جميلا وبداية خير لعام ميلادي وهجري جديد، وأجمل ما فيه هي تلك الفرحة الشعبية العارمة ورفرفة علم البحرين في كل مكان، لكأن الوطن والشعب قد دخلا من باب الفوز الكروي، في عناق حميم يجسد الوحدة والهوية الوطنية! ولذلك بارك الجميع بعضهم قيادة وشعبا وأبطال الكرة الفوز بكأس الخليج 26، لتتمازج الأهازيج والأغاني الوطنية في مناسبة هي واحدة من المناسبات الجميلة التي تمتزج فيها الروح البحرينية بولائها الجميل والرائع للوطن.
{ ليست الكرة هي وحدها التي وحدّت شعبنا وخليجنا في خليجي 26، وإنما ما تحمله المنافسة الأخوية والسباق المحموم من أجل إعلاء هوية واسم الوطن في إطار التفرد والإنجاز ضمن المجموع الخليجي، فكانت البحرين في أوج ألقها والقلوب تنشد (بلد عيني، بلد قلبي، بلد روحي، بلد مثل العشق، العشق يسري في دمي) هو الوطن الذي يجمع ولا يفرق، ولكأن الكرة التي ننتصر بها في مباراة أخيرة وكأس الفوز هما الوسيط المعجون بتلك الرابطة الأزلية القادمة من أعماق الماضي السحيق، منذ دلمون وأوال وتايلوس، ليتحرك دفعة واحدة أنبل ما ربط إنسان هذه الأرض بوطنه بحضارته، بهويته، بتاريخه، بطيبة أهله وجمال بحره ونخيله، وبذلك الرابط العميق والأزلي الذي يجعل من شعب ما فخورا بوطنه الذي سجل التاريخ له أنه أرض الخلود والأرض المباركة!
{ في ذات الوقت الذي تتأكد فيه تلك الروابط الوطنية من داخل النسيج الخليجي الملتحم، فإنه تتأكد الأبعاد الأخرى للهوية الخليجية المشتركة والبعد العربي، والتي تصنعها معا رابطة اللعب والتنافس الجميل، بعيدا عن أفخاخ ومصائد وفتن الاختلافات الإثنية أو الإيديولوجية أو المذهبية، فهنا الكل متوحد باسم الوطن وباسم الخليج العربي، والكل مشتعل بحبهما، والقلوب متوحدة والحبل الذي يشد الكل إلى بعضه هو حبل الانتماء الوطني والخليجي العربي، الداخل فيه والمتضافر معه نسيج الامتداد والبعد الجغرافي والتاريخي واللغوي والديني كأهم مقومات شعوب هذه المنطقة!
{ هنا نتعلم من الرياضة وكل القوى الناعمة كالثقافة المشتركة والفن والدراما والمسرح والشعر والأدب، كيف نحب بعضنا وكيف نتلاحم وكيف نسند بعضنا، وكيف ندرك أن أقوى الحبال التي تشدنا إلى بعض هو حبل الوطن بكل ما يحمله في جوانحنا من أبعاد ووشائج وعاطفة وشعور وتلاحم وطني واجتماعي مضفور بحبل آخر هو حبل الخليج وحبل العروبة، والحضن الدافئ هو الوطن الذي يحضننا معا في اللحظات الفارقة والمهمة كلحظات الفرح ولحظات الحزن! حين نفرح كشعب فرحا مشتركا تفرح معنا حتى الطرقات والشوارع والأزقة والبيوت والبحر والتراب والفضاء وحينه ندرك أننا بالأصل والفطرة قطعة واحدة متماسكة تحت سقف وحدتنا وهويتنا الوطنية! وكذلك حين نحزن حزنا عاما مشتركا نتلاحم أيضا بذات التلقائية ونتقاسم العبء معا من دون فوارق الاختلافات والخلافات والانقسامات!
{ في خليجي 26 وغيره من المناسبات الوطنية فرحنا ونفرح فرحة وطن وفرحة شعب ملتحم بهوية وطنية واحدة، وفرحة أننا معا وكأننا نكتشف أنفسنا مجددا! وهكذا تفعل الأفراح الكبيرة، ومثلها تفعل الأحزان العامة، جعل الله أيامنا البحرينية والخليجية والعربية مليئة بالفرح والآمال الكبيرة. قوة الوطن تتجلى فينا حين نتشبث بوحدتنا الوطنية ونجسد بالحب هويتنا الممتدة عبر التاريخ! حين نصبح جميعا كتلة واحدة يجمعها فرح واحد وشعور واحد وانتماء وطني وخليجي وعربي واحد! حينها نستشعر قوتنا في الوطن وقوة الوطن فينا قيادة وشعبا ونستشعر قوتنا في الخليج العربي والبحرين جزء أصيل فيه، ورغم جغرافيتها الصغيرة لكنها ممتدة عبر التاريخ والحضارات وزاخرة بأهلها وواسعة بحجم الكون كله في قلوبنا، ولذلك رفع شبابنا بكل صدق وحب لافتة «كبيرة يا البحرين»، لأنها كبيرة بحضارتها وتاريخها وريادتها وإنجازاتها وبما رسخ من حب أهلها لها، بل وحب كل الخليجيين والعرب ومن يزورها من شعوب العالم! دامت أفراح البحرين وإنجازاتها في كل مجال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك