زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
حطي كولونيا ليش؟
أزعجني وأزعج غيري كثيرا ما جاء حول قيام طبيب سعودي اسمه طالب عبدالمحسن، مقيم في ألمانيا منذ عشر سنوات، باجتياح ساحة تسوق في مدينة ماغدبورغ بسيارته وقتل خمسة أشخاص، وإصابة العشرات، يوم الجمعة الماضي الموافق 20 ديسمبر الجاري، فقد توقعت أن يسبب الحادث اشتعال حمى معاداة المسلمين، ولكن إذا بكل المصادر الألمانية تؤكد ان الرجل اشتهر بمعاداة الإسلام، مما يرجح أنه مصاب بلوثة عقلية، ومن ثم لم يتم تحميل السعوديين أو المسلمين عامة دماء من قتلهم.
ذكرني ذلك بحكاية الطالب السعودي الذي، عندما نزل في مطار فلادلفيا بالولايات المتحدة قبل سنوات ليست بالبعيدة، سبّب حالة من الذعر، استوجبت إعلان حالة الطوارئ القصوى، فقد وجدوا بين أمتعته قارورة فيها سائلا ملونا، ولأنه عربي ومسلم فإن ذلك السائل أثار الشبهات: ربما هو مكلّفٌ من قبل منظمة إرهابية لرشّ السموم في الأجواء أو خزانات المياه المركزية في مدينة ما في الولايات المتحدة!! ربما طوّر تنظيم متطرف قنبلة سائلة صغيرة الحجم وشديدة التدمير. تراجع موظف الجمارك مترين عن الطالب وسأله: وات إز إن ذات بوتل؟ ماذا تحوي تلك القارورة؟ ابتسم الطالب بعد أن أدرك أن عقل الموظف «يودي ويجيب»، وتذكّر أنه من قوم موصومين بالإرهاب، فرأى أن يطمئن الموظف بأن السائل غير سام وغير قاتل، ومد يده متناولا القارورة، وخلال ثوان كانت ثلة من رجال الأمن تحيط به دون أن يتجرأ أحدهم على الاقتراب منه لأنه «مسلح» بمادة قد تكون متفجرة أو جرثومية او كيمائية أو إشعاعية، ولتقديم الدليل العملي والعلمي القاطع بأن السائل مجرد كولونيا مصنوعة في فرنسا نثر الطالب قليلا منها على نفسه، ولكنه كاد يفقد عقله لما رأى رجال الأمن يمدون أيديهم إلى مسدساتهم فاهتزت يده الممسكة بالقارورة وطاش بعض رذاذ الكولونيا وسقط على اثنين منهم!! هنا قامت القيامة، وهتف أحدهم عبر جهاز الراديو: اثنان من جماعتنا لحقت بهما «إصابات». وخلال ثوان كانت صافرات الإنذار تولول داخل المطار، وتدفق رجال المباحث الفيدرالية إلى البوابات لإحكام السيطرة عليها لمنع الإرهابي من الهرب، واقتحم المطار رجال الدفاع المدني مرتدين الأقنعة الواقية، واتخذ قناصو الشرطة المحلية في فلادلفيا مواقعهم وراء سواتر معدنية، وربما اتصل أحدهم بوزير الدفاع ليبلغه بوقوع إرهابي سعودي في كمين، فقالوا له إن سعادته في الحمام، وربما اتصلوا بمستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي ليأتي إلى المطار ليقود عمليات القبض على مسلح عربي يحمل الدليل الدامغ على أن صدام حسين أنتج فعلا المواد الجرثومية المحظورة بكميات تجارية وأنه نجح في تسليم كميات منها الى جماعة ارهابية، قبل سقوط حكومته، ووصل عضو فيها إلى فيلادلفيا، فقال لهم المستشار: ما يخصني.. أنا بتاع نظريات، ولا أتدخل في الأمور العملياتية، وإزاء كل هذا لم يجد ولدنا المسكين سوى أن يرفع يديه بعلامة الاستسلام وأن يقول بأعلى صوته: هاي... ذِس إز كولون! هذه كولونيا! فرد عليه قائد الشرطة: حُطي كولونيا؟ حُطي كولونيا ليه؟. المهم اعتقلوه ولكن حالة الذعر استشرت بعد أن قال رجلا الأمن اللذان تعرضا للهجوم بالرذاذ السام إنهما فرا من موقع العدوان إلى مطعم مجاور ثم صيدلية، فرأت السلطات أن ذلك قد يتسبب في نشر العدوى إذا كانت القارورة سلاحا جرثوميا، فأعلنت الحجر الصحي على المنطقة «اللي جوه جوه، واللي بره بره»، أي لا أحد يدخلها ولا أحد يغادرها، وفي تلك الأثناء انطلقت سيارة مصفحة حاملة قارورة العطر الملغوم داخل صندوق معدني مصفح، إلى المختبر حيث ارتدى العلماء الملابس الواقية وبدأوا في دراسة مكونات السائل، وخلال بضع دقائق استنتجوا أنها كولونيا عادية!
كانت فعلا كولونيا عادية ولكن مجرد العثور عليها لدى عربي ومسلم «كمان» يجعلها كولونيا معدية! بلاش كولونيا يا عرب ويا أمة محمد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك