العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

حطي كولونيا ليش؟

أزعجني‭ ‬وأزعج‭ ‬غيري‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬حول‭ ‬قيام‭ ‬طبيب‭ ‬سعودي‭ ‬اسمه‭ ‬طالب‭ ‬عبدالمحسن،‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬منذ‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬باجتياح‭ ‬ساحة‭ ‬تسوق‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ماغدبورغ‭ ‬بسيارته‭ ‬وقتل‭ ‬خمسة‭ ‬أشخاص،‭ ‬وإصابة‭ ‬العشرات،‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي‭ ‬الموافق‭ ‬20‭ ‬ديسمبر‭ ‬الجاري،‭ ‬فقد‭ ‬توقعت‭ ‬أن‭ ‬يسبب‭ ‬الحادث‭ ‬اشتعال‭ ‬حمى‭ ‬معاداة‭ ‬المسلمين،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬بكل‭ ‬المصادر‭ ‬الألمانية‭ ‬تؤكد‭ ‬ان‭ ‬الرجل‭ ‬اشتهر‭ ‬بمعاداة‭ ‬الإسلام،‭ ‬مما‭ ‬يرجح‭ ‬أنه‭ ‬مصاب‭ ‬بلوثة‭ ‬عقلية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تحميل‭ ‬السعوديين‭ ‬أو‭ ‬المسلمين‭ ‬عامة‭ ‬دماء‭ ‬من‭ ‬قتلهم‭.‬

ذكرني‭ ‬ذلك‭ ‬بحكاية‭ ‬الطالب‭ ‬السعودي‭ ‬الذي،‭ ‬عندما‭ ‬نزل‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬فلادلفيا‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬ليست‭ ‬بالبعيدة،‭ ‬سبّب‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الذعر،‭ ‬استوجبت‭ ‬إعلان‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬القصوى،‭ ‬فقد‭ ‬وجدوا‭ ‬بين‭ ‬أمتعته‭ ‬قارورة‭ ‬فيها‭ ‬سائلا‭ ‬ملونا،‭ ‬ولأنه‭ ‬عربي‭ ‬ومسلم‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬السائل‭ ‬أثار‭ ‬الشبهات‭: ‬ربما‭ ‬هو‭ ‬مكلّفٌ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭ ‬لرشّ‭ ‬السموم‭ ‬في‭ ‬الأجواء‭ ‬أو‭ ‬خزانات‭ ‬المياه‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭!! ‬ربما‭ ‬طوّر‭ ‬تنظيم‭ ‬متطرف‭ ‬قنبلة‭ ‬سائلة‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم‭ ‬وشديدة‭ ‬التدمير‭. ‬تراجع‭ ‬موظف‭ ‬الجمارك‭ ‬مترين‭ ‬عن‭ ‬الطالب‭ ‬وسأله‭: ‬وات‭ ‬إز‭ ‬إن‭ ‬ذات‭ ‬بوتل؟‭ ‬ماذا‭ ‬تحوي‭ ‬تلك‭ ‬القارورة؟‭ ‬ابتسم‭ ‬الطالب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬عقل‭ ‬الموظف‭ ‬‮«‬يودي‭ ‬ويجيب‮»‬،‭ ‬وتذكّر‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬قوم‭ ‬موصومين‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬فرأى‭ ‬أن‭ ‬يطمئن‭ ‬الموظف‭ ‬بأن‭ ‬السائل‭ ‬غير‭ ‬سام‭ ‬وغير‭ ‬قاتل،‭ ‬ومد‭ ‬يده‭ ‬متناولا‭ ‬القارورة،‭ ‬وخلال‭ ‬ثوان‭ ‬كانت‭ ‬ثلة‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتجرأ‭ ‬أحدهم‭ ‬على‭ ‬الاقتراب‭ ‬منه‭ ‬لأنه‭ ‬‮«‬مسلح‮»‬‭ ‬بمادة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬متفجرة‭ ‬أو‭ ‬جرثومية‭ ‬او‭ ‬كيمائية‭ ‬أو‭ ‬إشعاعية،‭ ‬ولتقديم‭ ‬الدليل‭ ‬العملي‭ ‬والعلمي‭ ‬القاطع‭ ‬بأن‭ ‬السائل‭ ‬مجرد‭ ‬كولونيا‭ ‬مصنوعة‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬نثر‭ ‬الطالب‭ ‬قليلا‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬ولكنه‭ ‬كاد‭ ‬يفقد‭ ‬عقله‭ ‬لما‭ ‬رأى‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬يمدون‭ ‬أيديهم‭ ‬إلى‭ ‬مسدساتهم‭ ‬فاهتزت‭ ‬يده‭ ‬الممسكة‭ ‬بالقارورة‭ ‬وطاش‭ ‬بعض‭ ‬رذاذ‭ ‬الكولونيا‭ ‬وسقط‭ ‬على‭ ‬اثنين‭ ‬منهم‭!! ‬هنا‭ ‬قامت‭ ‬القيامة،‭ ‬وهتف‭ ‬أحدهم‭ ‬عبر‭ ‬جهاز‭ ‬الراديو‭: ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬جماعتنا‭ ‬لحقت‭ ‬بهما‭ ‬‮«‬إصابات‮»‬‭. ‬وخلال‭ ‬ثوان‭ ‬كانت‭ ‬صافرات‭ ‬الإنذار‭ ‬تولول‭ ‬داخل‭ ‬المطار،‭ ‬وتدفق‭ ‬رجال‭ ‬المباحث‭ ‬الفيدرالية‭ ‬إلى‭ ‬البوابات‭ ‬لإحكام‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬لمنع‭ ‬الإرهابي‭ ‬من‭ ‬الهرب،‭ ‬واقتحم‭ ‬المطار‭ ‬رجال‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬مرتدين‭ ‬الأقنعة‭ ‬الواقية،‭ ‬واتخذ‭ ‬قناصو‭ ‬الشرطة‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬فلادلفيا‭ ‬مواقعهم‭ ‬وراء‭ ‬سواتر‭ ‬معدنية،‭ ‬وربما‭ ‬اتصل‭ ‬أحدهم‭ ‬بوزير‭ ‬الدفاع‭ ‬ليبلغه‭ ‬بوقوع‭ ‬إرهابي‭ ‬سعودي‭ ‬في‭ ‬كمين،‭ ‬فقالوا‭ ‬له‭ ‬إن‭ ‬سعادته‭ ‬في‭ ‬الحمام،‭ ‬وربما‭ ‬اتصلوا‭ ‬بمستشار‭ ‬الرئيس‭ ‬لشؤون‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬ليأتي‭ ‬إلى‭ ‬المطار‭ ‬ليقود‭ ‬عمليات‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬مسلح‭ ‬عربي‭ ‬يحمل‭ ‬الدليل‭ ‬الدامغ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬أنتج‭ ‬فعلا‭ ‬المواد‭ ‬الجرثومية‭ ‬المحظورة‭ ‬بكميات‭ ‬تجارية‭ ‬وأنه‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬تسليم‭ ‬كميات‭ ‬منها‭ ‬الى‭ ‬جماعة‭ ‬ارهابية،‭ ‬قبل‭ ‬سقوط‭ ‬حكومته،‭ ‬ووصل‭ ‬عضو‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬فيلادلفيا،‭ ‬فقال‭ ‬لهم‭ ‬المستشار‭: ‬ما‭ ‬يخصني‭.. ‬أنا‭ ‬بتاع‭ ‬نظريات،‭ ‬ولا‭ ‬أتدخل‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬العملياتية،‭ ‬وإزاء‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬ولدنا‭ ‬المسكين‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬يديه‭ ‬بعلامة‭ ‬الاستسلام‭ ‬وأن‭ ‬يقول‭ ‬بأعلى‭ ‬صوته‭: ‬هاي‭... ‬ذِس‭ ‬إز‭ ‬كولون‭! ‬هذه‭ ‬كولونيا‭! ‬فرد‭ ‬عليه‭ ‬قائد‭ ‬الشرطة‭: ‬حُطي‭ ‬كولونيا؟‭ ‬حُطي‭ ‬كولونيا‭ ‬ليه؟‭. ‬المهم‭ ‬اعتقلوه‭ ‬ولكن‭ ‬حالة‭ ‬الذعر‭ ‬استشرت‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قال‭ ‬رجلا‭ ‬الأمن‭ ‬اللذان‭ ‬تعرضا‭ ‬للهجوم‭ ‬بالرذاذ‭ ‬السام‭ ‬إنهما‭ ‬فرا‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬العدوان‭ ‬إلى‭ ‬مطعم‭ ‬مجاور‭ ‬ثم‭ ‬صيدلية،‭ ‬فرأت‭ ‬السلطات‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬العدوى‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬القارورة‭ ‬سلاحا‭ ‬جرثوميا،‭ ‬فأعلنت‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬اللي‭ ‬جوه‭ ‬جوه،‭ ‬واللي‭ ‬بره‭ ‬بره‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يدخلها‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يغادرها،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬الأثناء‭ ‬انطلقت‭ ‬سيارة‭ ‬مصفحة‭ ‬حاملة‭ ‬قارورة‭ ‬العطر‭ ‬الملغوم‭ ‬داخل‭ ‬صندوق‭ ‬معدني‭ ‬مصفح،‭ ‬إلى‭ ‬المختبر‭ ‬حيث‭ ‬ارتدى‭ ‬العلماء‭ ‬الملابس‭ ‬الواقية‭ ‬وبدأوا‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬مكونات‭ ‬السائل،‭ ‬وخلال‭ ‬بضع‭ ‬دقائق‭ ‬استنتجوا‭ ‬أنها‭ ‬كولونيا‭ ‬عادية‭!‬

كانت‭ ‬فعلا‭ ‬كولونيا‭ ‬عادية‭ ‬ولكن‭ ‬مجرد‭ ‬العثور‭ ‬عليها‭ ‬لدى‭ ‬عربي‭ ‬ومسلم‭ ‬‮«‬كمان‮»‬‭ ‬يجعلها‭ ‬كولونيا‭ ‬معدية‭!‬‮ ‬بلاش‭ ‬كولونيا‭ ‬يا‭ ‬عرب‭ ‬ويا‭ ‬أمة‭ ‬محمد‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا