العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

الجبهة الداخلية المتينة

في‭ ‬خضم‭ ‬المتغيرات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬المتلاحقة،‭ ‬يبقى‭ ‬تمتين‭ ‬وتحصين‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭ ‬إحدى‭ ‬الأولويات‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬للبلاد‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬مسيرة‭ ‬التقدم‭ ‬والتطور،‭ ‬ومواصلة‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطط‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬لأبناء‭ ‬الوطن‭ ‬تحقيق‭ ‬طموحاتهم،‭ ‬وتحفظ‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الذي‭ ‬يُعد‭ ‬عمود‭ ‬الاستدامة‭. ‬

وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‭ ‬المتنامية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتضافر‭ ‬جهود‭ ‬الحكومة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬لتحقيق‭ ‬شراكة‭ ‬مجتمعية‭ ‬متكاملة‭ ‬لحماية‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬الأحداث‭ ‬الخارجية،‭ ‬والنأي‭ ‬عن‭ ‬التجاذبات‭ ‬التي‭ ‬تُعيق‭ ‬مسيرة‭ ‬الوطن‭.‬

ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬التصعيد‭ ‬الخطير‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تبذل‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬جهودا‭ ‬حثيثة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬مكونات‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني،‭ ‬لذلك‭ ‬حملت‭ ‬سلسلة‭ ‬اللقاءات‭ ‬التي‭ ‬عقدها‭ ‬معالي‭ ‬الوزير‭ ‬مع‭ ‬أهالي‭ ‬محافظات‭ ‬المملكة‭ ‬الأربع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدلالات‭ ‬والرسائل‭ ‬الواضحة،‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬إيمان‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬بأهمية‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التشاركية‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والدولة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭.‬

وتؤسس‭ ‬لقاءات‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬لثقافة‭ ‬الحوار‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الفئات،‭ ‬وتعزز‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والدولة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حرص‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬على‭ ‬إطلاع‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬رؤيتها‭ ‬بشأن‭ ‬الأحداث‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬بوضوح‭ ‬وجلاء،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬التناغم‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭.‬

وهنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نرصد‭ ‬ونشد‭ ‬على‭ ‬أيادي‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬الذين‭ ‬يطبقون‭ ‬أحدث‭ ‬المفاهيم‭ ‬الأمنية‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬المجتمعي؛‭ ‬إذ‭ ‬بات‭ ‬للأفراد‭ ‬دور‭ ‬حيوي‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوعي‭ ‬والمشاركة‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار،‭ ‬لأن‭ ‬الأمن‭ ‬مسؤولية‭ ‬مشتركة‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬تتميز‭ ‬به‭ ‬اللقاءات‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬هي‭ ‬لغة‭ ‬الصراحة‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬التحديات‭ ‬ووضع‭ ‬التصورات‭ ‬المستقبلية‭ ‬أمام‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مواربة،‭ ‬لذلك‭ ‬جاء‭ ‬حديثه‭ ‬بشـأن‭ ‬أهمية‭ ‬مراجعة‭ ‬التحديات‭ ‬والأعمال‭ ‬المتوقعة‭ ‬واتخاذ‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬تجنبًا‭ ‬للمفاجآت‭ ‬والمواقف‭ ‬المحتملة‭ ‬والمؤثرة‭ ‬واضحا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬أمام‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬تجاه‭ ‬الوطن‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أمر‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية،‭ ‬وأهمس‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬آذان‭ ‬كل‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الإيمان‭ ‬بقضايا‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جبهة‭ ‬وطنية‭ ‬موحدة‭ ‬ملتفة‭ ‬حول‭ ‬قيادتها‭ ‬الحكيمة،‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬وضمان‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬لكل‭ ‬ربوع‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتعامل‭ ‬بأكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬الوطنية‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬مكتسبات‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬وأبنائه‭ ‬الكرام،‭ ‬فالتلاحم‭ ‬الوطني‭ ‬هو‭ ‬أهم‭ ‬لبنات‭ ‬قوة‭ ‬جبهتنا‭ ‬الداخلية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تضطلع‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬الدينية‭ ‬والتعليمية‭ ‬بأدوار‭ ‬حيوية‭ ‬في‭ ‬غرس‭ ‬قيم‭ ‬المواطنة‭ ‬الحقة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬كي‭ ‬تدرك‭ ‬حجم‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬للنهوض‭ ‬بالوطن‭ ‬إلى‭ ‬المكانة‭ ‬الرفيعة‭ ‬التي‭ ‬يستحقها،‭ ‬فالمنبر‭ ‬الديني‭ ‬والمدرسة‭ ‬لهما‭ ‬تأثير‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬بكافة‭ ‬فئاتهم‭ ‬العمرية‭.‬

ويجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬خطيب‭ ‬يعتلي‭ ‬المنبر‭ ‬الديني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مُدركا‭ ‬لعظم‭ ‬المسؤولية‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬وهو‭ ‬يلقي‭ ‬خطبته‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬وعقول‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬مستقبل‭ ‬الوطن،‭ ‬وأن‭ ‬يضع‭ ‬نصب‭ ‬عينه‭ ‬مبادئنا‭ ‬البحرينية‭ ‬الراسخة‭ ‬التي‭ ‬توارثناها‭ ‬عبر‭ ‬الأجيال،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬صمام‭ ‬الأمان‭ ‬لاستقرار‭ ‬الوطن‭ ‬وازدهاره،‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬صلب‭ ‬الهوية‭ ‬البحرينية‭ ‬الأصيلة‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬مفتاح‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬جبهتنا‭ ‬الداخلية‭.‬

ونحذر‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يعتلون‭ ‬المنابر‭ ‬ويحاولون‭ ‬استغلالها‭ ‬لترويج‭ ‬أفكار‭ ‬عقائدية‭ ‬أو‭ ‬آيديولوجيات‭ ‬مسيّسة‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬وتخدم‭ ‬أهدافا‭ ‬وأجندات‭ ‬خارجية‭.‬

وسوف‭ ‬أرصد‭ ‬هنا‭ ‬أمرا،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬النظر‭ ‬فيه‭ ‬بقدر‭ ‬من‭ ‬المسؤولية،‭ ‬لقد‭ ‬تربينا‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬مجالسنا‭ ‬هي‭ ‬مدارسنا،‭ ‬فمجالس‭ ‬البحرين‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬إحدى‭ ‬العادات‭ ‬البحرينية‭ ‬الأصيلة‭ ‬التي‭ ‬يتميز‭ ‬بها‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬وفيها‭ ‬يلتقي‭ ‬الكبير‭ ‬والصغير،‭ ‬وكانت‭ ‬الأحاديث‭ ‬فيها‭ ‬تتماوج‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والدينية‭ ‬بكل‭ ‬حرية،‭ ‬مع‭ ‬احترام‭ ‬واضح‭ ‬لكل‭ ‬اختلافات‭ ‬الرأي،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بات‭ ‬البعض‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬المجالس‭ ‬إلى‭ ‬منابر‭ ‬سياسية،‭ ‬فنجد‭ ‬من‭ ‬يقم‭ ‬ببث‭ ‬هذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ومن‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬التقاط‭ ‬الميكروفون‭ ‬ليدلي‭ ‬بدلوه‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يجدها‭ ‬فرصة‭ ‬لطرح‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬مغلوطة‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬أخرى،‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يلقون‭ ‬بالا‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬نشره‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬قد‭ ‬يتلقاه‭ ‬مغرض‭ ‬أو‭ ‬حاقد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬للمزايدة‭ ‬به‭ ‬ضده،‭ ‬متجاهلا‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تُبذل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نهضته‭ ‬وتطوره‭.‬

إنني‭ ‬أطرح‭ ‬هذه‭ ‬الأطروحات‭ ‬المتفرقة‭ ‬من‭ ‬وحي‭ ‬لقائي‭ ‬الأخير‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية؛‭ ‬لأن‭ ‬علينا‭ ‬مسؤولية‭ ‬وطنية‭ ‬مشتركة‭ ‬لحماية‭ ‬الأمن‭ ‬والالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬العام،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نحمي‭ ‬أنفسنا‭ ‬وأبناءنا‭ ‬من‭ ‬الانجرار‭ ‬وراء‭ ‬المواقف‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬أمننا‭ ‬الداخلي‭.‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا