مقال رئيس التحرير
أنـــور عبدالرحمــــــن
الجبهة الداخلية المتينة
في خضم المتغيرات الإقليمية والدولية المتلاحقة، يبقى تمتين وتحصين الجبهة الداخلية إحدى الأولويات الأساسية التي تضمن للبلاد المحافظة على مسيرة التقدم والتطور، ومواصلة تنفيذ خطط التنمية المستدامة التي تضمن لأبناء الوطن تحقيق طموحاتهم، وتحفظ للأجيال القادمة الأمن والاستقرار الذي يُعد عمود الاستدامة.
وفي مواجهة تلك التحديات المتنامية يجب أن تتضافر جهود الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لتحقيق شراكة مجتمعية متكاملة لحماية المجتمع من تأثيرات الأحداث الخارجية، والنأي عن التجاذبات التي تُعيق مسيرة الوطن.
ومنذ بداية التصعيد الخطير الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط تبذل وزارة الداخلية على رأسها الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية جهودا حثيثة في تحقيق التواصل مع مختلف مكونات الشعب البحريني، لذلك حملت سلسلة اللقاءات التي عقدها معالي الوزير مع أهالي محافظات المملكة الأربع العديد من الدلالات والرسائل الواضحة، التي تعكس إيمان الدولة ومؤسساتها بأهمية الشراكة المجتمعية، وتعزيز التشاركية بين المواطن والدولة في مواجهة التحديات.
وتؤسس لقاءات وزير الداخلية لثقافة الحوار والتعاون بين جميع الفئات، وتعزز الثقة بين المواطن والدولة، من خلال حرص المؤسسات الرسمية على إطلاع المواطنين على رؤيتها بشأن الأحداث الداخلية والخارجية بوضوح وجلاء، بما يضمن الوصول إلى التناغم المشترك بين الطرفين.
وهنا يجب أن نرصد ونشد على أيادي القائمين على وزارة الداخلية، الذين يطبقون أحدث المفاهيم الأمنية العالمية في ضمان الأمن والأمان، من خلال التعاون المجتمعي؛ إذ بات للأفراد دور حيوي في الحفاظ على الأمن من خلال الوعي والمشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والسياسية عن طريق التعاون مع الجهات الحكومية بما يعزز السلام والاستقرار، لأن الأمن مسؤولية مشتركة.
ومن أهم ما تتميز به اللقاءات مع وزير الداخلية هي لغة الصراحة في طرح التحديات ووضع التصورات المستقبلية أمام الجميع من دون مواربة، لذلك جاء حديثه بشـأن أهمية مراجعة التحديات والأعمال المتوقعة واتخاذ ما يلزم في هذا الصدد تجنبًا للمفاجآت والمواقف المحتملة والمؤثرة واضحا من أجل وضع كل الأطراف أمام مسؤولياتهم تجاه الوطن.
وهنا لا بد أن أشير إلى أمر في غاية الأهمية، وأهمس به في آذان كل أبناء الوطن، هو أن الإيمان بقضايا الأمة العربية والإسلامية والدفاع عنها على رأسها القضية الفلسطينية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال جبهة وطنية موحدة ملتفة حول قيادتها الحكيمة، التي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها كانت ولا تزال تسعى من أجل تحقيق وضمان السلام والاستقرار لكل ربوع الوطن العربي، لذلك يجب أن نتعامل بأكبر قدر ممكن من المسؤولية الوطنية للمحافظة على مكتسبات هذا الوطن وأبنائه الكرام، فالتلاحم الوطني هو أهم لبنات قوة جبهتنا الداخلية.
وفي هذا الإطار تضطلع مؤسساتنا الدينية والتعليمية بأدوار حيوية في غرس قيم المواطنة الحقة في نفوس الأجيال الجديدة كي تدرك حجم الجهود المبذولة للنهوض بالوطن إلى المكانة الرفيعة التي يستحقها، فالمنبر الديني والمدرسة لهما تأثير مباشر على المواطنين بكافة فئاتهم العمرية.
ويجب على كل خطيب يعتلي المنبر الديني أن يكون مُدركا لعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه وهو يلقي خطبته التي تؤثر في نفوس وعقول الشباب الذين هم مستقبل الوطن، وأن يضع نصب عينه مبادئنا البحرينية الراسخة التي توارثناها عبر الأجيال، التي تمثل صمام الأمان لاستقرار الوطن وازدهاره، هذه المبادئ التي تشكل صلب الهوية البحرينية الأصيلة التي تعتبر مفتاح المحافظة على جبهتنا الداخلية.
ونحذر من الذين يعتلون المنابر ويحاولون استغلالها لترويج أفكار عقائدية أو آيديولوجيات مسيّسة لا تتوافق مع مصلحة الوطن وتخدم أهدافا وأجندات خارجية.
وسوف أرصد هنا أمرا، علينا أن نعيد النظر فيه بقدر من المسؤولية، لقد تربينا جميعا على أن مجالسنا هي مدارسنا، فمجالس البحرين كانت ولا تزال إحدى العادات البحرينية الأصيلة التي يتميز بها المجتمع البحريني، وفيها يلتقي الكبير والصغير، وكانت الأحاديث فيها تتماوج بين جميع الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية بكل حرية، مع احترام واضح لكل اختلافات الرأي، ولكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة بات البعض يسعى إلى تحويل هذه المجالس إلى منابر سياسية، فنجد من يقم ببث هذه اللقاءات عبر منصات التواصل الاجتماعي، ومن يحرص على التقاط الميكروفون ليدلي بدلوه في قضية ما، أو من يجدها فرصة لطرح وجهة نظر مغلوطة في قضية أخرى، كل هؤلاء لا يلقون بالا بأن ما يتم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد يتلقاه مغرض أو حاقد على هذا البلد للمزايدة به ضده، متجاهلا كل الجهود التي تُبذل من أجل نهضته وتطوره.
إنني أطرح هذه الأطروحات المتفرقة من وحي لقائي الأخير مع وزير الداخلية؛ لأن علينا مسؤولية وطنية مشتركة لحماية الأمن والالتزام بالقانون والمحافظة على النظام العام، وعلينا أن نحمي أنفسنا وأبناءنا من الانجرار وراء المواقف الخارجية التي تؤثر على أمننا الداخلي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك