العدد : ١٧٠٣٨ - الجمعة ١٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٣٨ - الجمعة ١٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

مفتاح حل الأزمات في العالم!

{‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬أغلب‭ ‬مرشحيه‭ ‬لتوليّ‭ ‬المناصب‭ ‬العالية‭ ‬كوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬والخارجية‭ ‬وغيرهما‭ ‬ممن‭ ‬يتسمون‭ ‬بصفة‭ ‬الموالاة‭ ‬الكاملة‭ ‬لسياسته،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬بعضهم‭ ‬لا‭ ‬يتمتع‭ ‬بالكفاءة‭ ‬المطلوبة‭ ‬لتوليّ‭ ‬تلك‭ ‬المناصب،‭ ‬خاصة‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭! ‬فإن‭ ‬عين‭ ‬ترامب‭ ‬وحاشية‭ ‬إدارته‭ ‬الجديدة،‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬أولاً‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬التحقيق‭ ‬للقوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وسطوتها‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬حلّ‭ ‬الأزمات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وخاصة‭ ‬أزمة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لإحلال‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التطلع‭ ‬المريض‭ ‬لقادة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وإنما‭ ‬بإعادة‭ ‬احتلال‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭!‬

رغم‭ ‬الادعاءات‭ ‬الخطابية‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬عليها‭! ‬وما‭ ‬دام‭ ‬هناك‭ ‬لا‭ ‬حلّ‭ ‬عادل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬سلام‭ ‬أو‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭!‬

{‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لا‭ ‬يعمل‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تهويد‭ ‬كامل‭ ‬فلسطين،‭ ‬اتكاءً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يعوّل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬رئاسة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬القادمة‭ ‬بعد‭ ‬شهرين،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬يريد‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬بلغة‭ ‬السلام‭ ‬المتهافت‭ ‬والتطبيع‭ ‬المجاني،‭ ‬ولكأن‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬دول‭ ‬وشعوب‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬وإرادة‭!‬

وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يحمله‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬في‭ ‬حقيبته‭ ‬القادمة‭ ‬التي‭ ‬تدمج‭ ‬لغة‭ ‬الصفقات‭ ‬التجارية‭ ‬بأعقد‭ ‬القضايا‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬مدخل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لن‭ ‬يحمل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬المفتاح‭ ‬الصحيح‭ ‬لفتح‭ ‬أقفال‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭! ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬رؤيته‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الحلّ‭ ‬العادل‭ ‬لها‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬بكثرة‭ ‬حول‭ ‬المخطط‭ ‬القادم،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬رهن‭ ‬الإعداد‭ ‬مع‭ ‬مترشحي‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬يُعدون‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الوجوه‭ ‬انحيازاً‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬المتحدثين‭ ‬عن‭ ‬التطبيع‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬يهمهم‭ ‬بالتحديد‭ ‬في‭ ‬‮«‬صفقة‭ ‬القرن‮»‬‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬السعودية،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬فيه‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي،‭ ‬وأيضًا‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي،‭ ‬وكل‭ ‬الدوائر‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬السعودية‭ ‬أنه‭ (‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التطبيع‭ ‬إلا‭ ‬بالاتفاق‭ ‬على‭ ‬حلّ‭ ‬الدولتين‭ ‬والاتفاق‭ ‬الرسمي‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭)! ‬ولأن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وحسب‭ ‬كل‭ ‬تصريحاته،‭ ‬بل‭ ‬وتحرّكه‭ ‬لضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الشرط‭ ‬للتطبيع،‭ ‬فإن‭ ‬مفتاح‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬لن‭ ‬يفتح‭ ‬القفل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فتحه‭ ‬إلا‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بالحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ولجم‭ ‬التطلع‭ ‬الصهيوني‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الصفقات‭ ‬المريبة‭! ‬فهل‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك؟‭!‬

{‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬على‭ ‬ممارسات‭ ‬الكيان‭ ‬سواء‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬أو‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وتحمل‭ ‬الرفض‭ ‬الكامل‭ ‬لكل‭ ‬أسس‭ ‬التفكير‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬الداعمة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬بل‭ ‬واحتلال‭ ‬بعضها‭!‬

هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الدموي،‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬مكان‭ ‬أبيض‭ ‬أو‭ ‬نظيف‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬العربية،‭ ‬ولو‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭!‬

ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬‮«‬حصافة‭ ‬تجارية‮»‬‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬لوي‭ ‬عنق‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وبما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭!‬

{‭ ‬العدالة‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬مفتاح‭ ‬حلّ‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬وبناء‭ ‬القوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مجدّدًا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬إلاّ‭ ‬حين‭ ‬توضع‭ ‬الحلول‭ ‬الصحيحة‭ ‬للأزمات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بالحدّ‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ (‬التحكم‭ ‬الأمريكي‭ ‬المنفرد‭) ‬بالعالم‭ ‬وقضاياه‭ ‬بناءَ‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الباطشة‭ ‬والقوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المهيمنةّ‭! ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالعدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الثروات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬مثلما‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالتكاملية‭ ‬بين‭ ‬اقتصادات‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مركزية،‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬القارات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬ثرواتها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نهب‭ ‬استعماري‭ ‬لها‭!‬،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬تحكمّ‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬العابرة‭ ‬للقارات،‭ ‬وتحكم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬و«البنك‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬في‭ ‬مصائر‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إفقارها‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬القاتل‭ ‬الاقتصادي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬صنعه‭ ‬المستعمِر،‭ ‬لكي‭ ‬تبقى‭ ‬الدول‭ ‬المثقلة‭ ‬بالديون‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬سياساتها‭!‬

{ ‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يدّعي‭ ‬محاربة‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬أو‭ ‬القوة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬وفي‭ ‬العالم،‭ ‬للغرابة‭ ‬يتسلح‭ ‬في‭ ‬إدارته‭ ‬بوجوه‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النخبة،‭ ‬وبدعم‭ ‬الأثرياء‭ ‬الصهاينة،‭ ‬وبمهادنة‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭! ‬هؤلاء‭ ‬معًا‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬كقاعدة‭ ‬متقدمة‭ ‬لأجنداتهم‭ ‬ومصالحهم‭ ‬الاستعمارية‭! ‬وبالتالي‭ ‬هم‭ ‬منحازون‭ ‬تمامًا‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬بقائه‭ ‬وتوسعه‭! ‬مثلما‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬والقوى‭ ‬الأخرى‭ ‬المنافسة‭ ‬كعدّو‭ ‬كبير‭ ‬خاصة‭ ‬الصين،‭ ‬بما‭ ‬يستدعي‭ ‬الحرب‭ ‬الشاملة‭ ‬ضده‭ ‬لاحقًا،‭ ‬لكي‭ ‬تبقى‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬أولاً‮»‬‭ ‬ولكي‭ ‬يستمر‭ ‬استفرادها‭ ‬بالعالم‭ ‬رغم‭ ‬تغيرّ‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭! ‬ولذلك‭ ‬سواء‭ ‬بلغة‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬سيوقفها‭ ‬أو‭ ‬بلغة‭ ‬الصفقات،‭ ‬سيواصل‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬الأرضية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الكبرى‭! ‬وسيواصل‭ ‬صناعة‭ ‬العالم‭ ‬حسب‭ ‬الرؤية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أي‭ ‬عالم‭ ‬بلا‭ ‬عدالة‭! ‬وأزمات‭ ‬عالمية‭ ‬بلا‭ ‬حلول‭ ‬عادلة‭! ‬ونخبة‭ ‬ظلامية‭ ‬شيطانية،‭ ‬لا‭ ‬ترفع‭ ‬يدها‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬إلا‭ ‬بحرب‭ ‬شاملة‭ ‬قد‭ ‬تقضي‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تأكل‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭! ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة‭ ‬قد‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬فيها‭ ‬عجائب‭ ‬أمريكية‭ ‬جديدة‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا