زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
ليس بالحلاوة وحدها...
أصبحت معدلات الطلاق مرتفعة في كل الدول العربية، لأنه -في تقديري- يتم اختيار الطرف الثاني في العلاقة الزوجية في ضوء اعتبارات «هايفة وتافهة»، فالكثير من الرجال يجعلون «الجمال» العنصر الحاسم في اختيار الزوجة، يعني يرى بنتا جميلة، فيقرر «هذه زوجتي وحلم حياتي/ بين ماضٍ من الزمان وآتِ»، ولو كانت الفتاة تجمع بين الجمال والمال فإن فرص فوزها بعريس تصبح عالية منذ أن تبلغ الثانية عشرة، وتأتيك أختك أو خالتك وتقول لك إن لويزو (وهو اسم فبركته الآن ولن يدهشني أن هناك من سيختاره اسما لبنته المقبلة لأن أسماء البنات صارت مجرد تجميع حروف لتوليد كلمات بلا معنى، لأن المطلوب فقط هو أن يكون الاسم غريبا وله جرس وموسيقى) المهم أن يأتي من يقول لك إن لويزو تلك جميلة وأهلها «كويسين وزينين»، (يعني عندهم فلوس)، وتسأل الخالة أو الأخت عن مدى معرفتها بلويزو تلك، فتقول إنها رأتها في حفل زواج بنت عمها «كيكيكاكا»، ويتم الحصول على صورة فوتوغرافية لربة الحسن والدلال لويزو، ويجن جنونك: يا سلام، هاذي بنت تهبل.. اخطبوها لي الحين، ويخطبونها لك «الحين»، وتشب النيران في جسمك إلى أن تكتمل مراسيم الزواج، وتعيشان كزوجين، ثم تكتشف أنها فعلا «تهبل وتجنن» بمعنى أنها تكون بلهاء وتسبب الجنون لمن يعيش معها بسبب نقصان عقلها وسطحيتها، وبالمقابل كثيرا ما ترفض فتاة شابا ما لأنه ليس «كوول» وحليوة!! والسبب في كل ذلك أن وسائل الإعلام جعلت الكثيرين منا يقتنعون بأن جمال الشكل البرَّاني هو كل شيء، وأن الجميلات موجودات بالكوم، فصار الواحد منا يحلم بعروس كتلك التي رآها في إعلانات المكانس الكهربائية، أو فوط أولويز الصحية، وقد تصبح مذيعة تلفزيونية معينة هي «المثل الأعلى» للشبان كزوجة وللشابات كأنموذج يحتذى به في الأناقة والرشاقة،.. وعالم الغناء والموسيقى يشد الملايين، ولكن انتهى العصر الذي كانت فيه الموهبة هي مفتاح النجاح في دنيا الطرب، ومن ثم تجد أن كافة المطربات المعاصرات في منتهى الجمال، ورغم أن بعضهن يتمتعن بأصوات منكرة فإن هناك جيوشا من البلهاء الذين يستمعون للغناء بعيونهم يعتبرونهن في مصاف فيروز! وحتى المغنون الذين ينتمون إلى الذكور من الناحية البيولوجية التشريحية صاروا ينضحون أنوثة وخنوثة!
وإذا كنت عزيزي القارئ قد تعرضت للتمييز لأنك لست حليوة، ولأن عينيك على جانبي رأسك ويفصل بينهما جسر طوله 20 سنتيمترا، فعليك بنادي الـ«بروتي» في بلدة بيوبيكو في شرق إيطاليا، الذي يضم في عضويته 45 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم، ويتباهى أعضاؤه بقبح أشكالهم، وفي نفس الليلة التي تجرى فيها منافسات ملكة جمال إيطاليا، يقيم النادي مسابقة لاختيار صاحبة أقبح أنف أو سيقان أو عيون، والمسألة ليست مجرد دعابة بل المقصود منها تعليم الناس عدم الخجل من حالاتهم أو التشوهات التي يعانون منها، ولكن مدير ومؤسس النادي تليسفورو إياكوبيلي يقول إن عضوية النادي تتناقص كلما زادت نسبة العري في التلفزيون!! والمؤسف أن حكاية العري تلك حادثة عندنا أيضا، بل إن بعض مقدمات نشرات الأخبار يحرمننا من متابعة تلك النشرات، لأنهن يتعمدن التلاعب بنا بارتداء ملابس مزودة بنوافذ وأنظمة تهوية «تزغلل» العين،.. وقد تجد شابا يتابع نشرة أنباء وهو يهتف لها بحماس: يا سلام، في الوقت الذي تكون فيه المذيعة تتحدث عن مصرع 15 شخصا من عائلة واحدة على مشارف رفح في غزة.
وتحضرني هنا حكاية المرأة فائقة الجمال التي رضيت بزوج فائق القبح، كان سعيدا بها ويسعى لإسعادها فقالت له: أنا وأنت إن شاء الله في الجنة، لأنك تزوجتني فشكرت وأنا تزوجتك وصبرت!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك