العدد : ١٧٠٣٧ - الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٣٧ - الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

ليس بالحلاوة وحدها...

أصبحت‭ ‬معدلات‭ ‬الطلاق‭ ‬مرتفعة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬لأنه‭ -‬في‭ ‬تقديري‭- ‬يتم‭ ‬اختيار‭ ‬الطرف‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬اعتبارات‭ ‬‮«‬هايفة‭ ‬وتافهة‮»‬،‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬يجعلون‭ ‬‮«‬الجمال‮»‬‭ ‬العنصر‭ ‬الحاسم‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬الزوجة،‭ ‬يعني‭ ‬يرى‭ ‬بنتا‭ ‬جميلة،‭ ‬فيقرر‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬زوجتي‭ ‬وحلم‭ ‬حياتي‭/ ‬بين‭ ‬ماضٍ‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬وآتِ‮»‬،‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬الفتاة‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الجمال‭ ‬والمال‭ ‬فإن‭ ‬فرص‭ ‬فوزها‭ ‬بعريس‭ ‬تصبح‭ ‬عالية‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬الثانية‭ ‬عشرة،‭ ‬وتأتيك‭ ‬أختك‭ ‬أو‭ ‬خالتك‭ ‬وتقول‭ ‬لك‭ ‬إن‭ ‬لويزو‭ (‬وهو‭ ‬اسم‭ ‬فبركته‭ ‬الآن‭ ‬ولن‭ ‬يدهشني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬سيختاره‭ ‬اسما‭ ‬لبنته‭ ‬المقبلة‭ ‬لأن‭ ‬أسماء‭ ‬البنات‭ ‬صارت‭ ‬مجرد‭ ‬تجميع‭ ‬حروف‭ ‬لتوليد‭ ‬كلمات‭ ‬بلا‭ ‬معنى،‭ ‬لأن‭ ‬المطلوب‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الاسم‭ ‬غريبا‭ ‬وله‭ ‬جرس‭ ‬وموسيقى‭) ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬لك‭ ‬إن‭ ‬لويزو‭ ‬تلك‭ ‬جميلة‭ ‬وأهلها‭ ‬‮«‬كويسين‭ ‬وزينين‮»‬،‭ (‬يعني‭ ‬عندهم‭ ‬فلوس‭)‬،‭ ‬وتسأل‭ ‬الخالة‭ ‬أو‭ ‬الأخت‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬معرفتها‭ ‬بلويزو‭ ‬تلك،‭ ‬فتقول‭ ‬إنها‭ ‬رأتها‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬زواج‭ ‬بنت‭ ‬عمها‭ ‬‮«‬كيكيكاكا‮»‬،‭ ‬ويتم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬فوتوغرافية‭ ‬لربة‭ ‬الحسن‭ ‬والدلال‭ ‬لويزو،‭ ‬ويجن‭ ‬جنونك‭: ‬يا‭ ‬سلام،‭ ‬هاذي‭ ‬بنت‭ ‬تهبل‭.. ‬اخطبوها‭ ‬لي‭ ‬الحين،‭ ‬ويخطبونها‭ ‬لك‭ ‬‮«‬الحين‮»‬،‭ ‬وتشب‭ ‬النيران‭ ‬في‭ ‬جسمك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكتمل‭ ‬مراسيم‭ ‬الزواج،‭ ‬وتعيشان‭ ‬كزوجين،‭ ‬ثم‭ ‬تكتشف‭ ‬أنها‭ ‬فعلا‭ ‬‮«‬تهبل‭ ‬وتجنن‮»‬‭ ‬بمعنى‭ ‬أنها‭ ‬تكون‭ ‬بلهاء‭ ‬وتسبب‭ ‬الجنون‭ ‬لمن‭ ‬يعيش‭ ‬معها‭ ‬بسبب‭ ‬نقصان‭ ‬عقلها‭ ‬وسطحيتها،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬ترفض‭ ‬فتاة‭ ‬شابا‭ ‬ما‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬‮«‬كوول‮»‬‭ ‬وحليوة‭!! ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬جعلت‭ ‬الكثيرين‭ ‬منا‭ ‬يقتنعون‭ ‬بأن‭ ‬جمال‭ ‬الشكل‭ ‬البرَّاني‭ ‬هو‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وأن‭ ‬الجميلات‭ ‬موجودات‭ ‬بالكوم،‭ ‬فصار‭ ‬الواحد‭ ‬منا‭ ‬يحلم‭ ‬بعروس‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬رآها‭ ‬في‭ ‬إعلانات‭ ‬المكانس‭ ‬الكهربائية،‭ ‬أو‭ ‬فوط‭ ‬أولويز‭ ‬الصحية،‭ ‬وقد‭ ‬تصبح‭ ‬مذيعة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬معينة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬المثل‭ ‬الأعلى‮»‬‭ ‬للشبان‭ ‬كزوجة‭ ‬وللشابات‭ ‬كأنموذج‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الأناقة‭ ‬والرشاقة،‭.. ‬وعالم‭ ‬الغناء‭ ‬والموسيقى‭ ‬يشد‭ ‬الملايين،‭ ‬ولكن‭ ‬انتهى‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬الموهبة‭ ‬هي‭ ‬مفتاح‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬دنيا‭ ‬الطرب،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬كافة‭ ‬المطربات‭ ‬المعاصرات‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الجمال،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬بعضهن‭ ‬يتمتعن‭ ‬بأصوات‭ ‬منكرة‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬جيوشا‭ ‬من‭ ‬البلهاء‭ ‬الذين‭ ‬يستمعون‭ ‬للغناء‭ ‬بعيونهم‭ ‬يعتبرونهن‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬فيروز‭! ‬وحتى‭ ‬المغنون‭ ‬الذين‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬الذكور‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيولوجية‭ ‬التشريحية‭ ‬صاروا‭ ‬ينضحون‭ ‬أنوثة‭ ‬وخنوثة‭!‬

وإذا‭ ‬كنت‭ ‬عزيزي‭ ‬القارئ‭ ‬قد‭ ‬تعرضت‭ ‬للتمييز‭ ‬لأنك‭ ‬لست‭ ‬حليوة،‭ ‬ولأن‭ ‬عينيك‭ ‬على‭ ‬جانبي‭ ‬رأسك‭ ‬ويفصل‭ ‬بينهما‭ ‬جسر‭ ‬طوله‭ ‬20‭ ‬سنتيمترا،‭ ‬فعليك‭ ‬بنادي‭ ‬الـ«بروتي‮»‬‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬بيوبيكو‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬إيطاليا،‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬في‭ ‬عضويته‭ ‬45‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬ويتباهى‭ ‬أعضاؤه‭ ‬بقبح‭ ‬أشكالهم،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الليلة‭ ‬التي‭ ‬تجرى‭ ‬فيها‭ ‬منافسات‭ ‬ملكة‭ ‬جمال‭ ‬إيطاليا،‭ ‬يقيم‭ ‬النادي‭ ‬مسابقة‭ ‬لاختيار‭ ‬صاحبة‭ ‬أقبح‭ ‬أنف‭ ‬أو‭ ‬سيقان‭ ‬أو‭ ‬عيون،‭ ‬والمسألة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬دعابة‭ ‬بل‭ ‬المقصود‭ ‬منها‭ ‬تعليم‭ ‬الناس‭ ‬عدم‭ ‬الخجل‭ ‬من‭ ‬حالاتهم‭ ‬أو‭ ‬التشوهات‭ ‬التي‭ ‬يعانون‭ ‬منها،‭ ‬ولكن‭ ‬مدير‭ ‬ومؤسس‭ ‬النادي‭ ‬تليسفورو‭ ‬إياكوبيلي‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬عضوية‭ ‬النادي‭ ‬تتناقص‭ ‬كلما‭ ‬زادت‭ ‬نسبة‭ ‬العري‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭!! ‬والمؤسف‭ ‬أن‭ ‬حكاية‭ ‬العري‭ ‬تلك‭ ‬حادثة‭ ‬عندنا‭ ‬أيضا،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬مقدمات‭ ‬نشرات‭ ‬الأخبار‭ ‬يحرمننا‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬تلك‭ ‬النشرات،‭ ‬لأنهن‭ ‬يتعمدن‭ ‬التلاعب‭ ‬بنا‭ ‬بارتداء‭ ‬ملابس‭ ‬مزودة‭ ‬بنوافذ‭ ‬وأنظمة‭ ‬تهوية‭ ‬‮«‬تزغلل‮»‬‭ ‬العين،‭.. ‬وقد‭ ‬تجد‭ ‬شابا‭ ‬يتابع‭ ‬نشرة‭ ‬أنباء‭ ‬وهو‭ ‬يهتف‭ ‬لها‭ ‬بحماس‭: ‬يا‭ ‬سلام،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تكون‭ ‬فيه‭ ‬المذيعة‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬مصرع‭ ‬15‭ ‬شخصا‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬رفح‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

وتحضرني‭ ‬هنا‭ ‬حكاية‭ ‬المرأة‭ ‬فائقة‭ ‬الجمال‭ ‬التي‭ ‬رضيت‭ ‬بزوج‭ ‬فائق‭ ‬القبح،‭ ‬كان‭ ‬سعيدا‭ ‬بها‭ ‬ويسعى‭ ‬لإسعادها‭ ‬فقالت‭ ‬له‭: ‬أنا‭ ‬وأنت‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الجنة،‭ ‬لأنك‭ ‬تزوجتني‭ ‬فشكرت‭ ‬وأنا‭ ‬تزوجتك‭ ‬وصبرت‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا