عالم يتغير
فوزية رشيد
الانتخابات الأمريكية ولعبة الشيطان!
{ أكتب هذا المقال مساء الإثنين؛ أي قبل يوم وربما يومين من حسم المعركة الانتخابية بين ترامب وكاميلا هاريس، وحيث التوقعات تشير إلى المناصفة بينهما، بحيث يكون الفوز لأي منهما غير محسوم لدى الكثيرين! ومما ينذر بأنها أكثر الانتخابات الأمريكية ضبابية سواء في نتائجها أو فيما سيتبع تلك النتائج، وخاصة في حال عدم فوز ترامب الذي تعرض لمحاولة اغتيال أكثر من مرة في جولاته الانتخابية ويعلن عداءه للدولة العميقة التي تحكم أمريكا! وهناك من يثير المخاوف حول صدامات أو وجود أرضية شائكة لنشوب حرب أهلية، خاصة أن غالبية الأمريكيين مسلحون! بل تتخللهم عصابات ومافيات قد تدخل على الخط تلقائيا أو بتوجيه من مؤيدي أحد الطرفين!
{ الغريب أن كثيرين يؤكدون أن هذه الانتخابات ستكون لها انعكاسات مهمة ومؤثرة سواء في الداخل الأمريكي أو بما يتعلق بالقضايا الخارجية في العالم! وحيث للولايات المتحدة قدم في كل مكان وكل قضية إشكالية، بدءا من الشرق الأوسط إلى الحرب الأوكرانية، وصولا إلى التنافس الاستراتيجي بين أمريكا والصين والعقدة في تايوان، إلى جانب خيوط الولايات المتحدة الممتدة في كل قارات العالم وأزماتها! ورغم كل ذلك فإن المهم ليس من يفوز، ولكن المهم هو نتائج ذلك الفوز على الداخل الأمريكي والسياسات الأمريكية تجاه جدول القضايا منها الشرق الأوسط وكيفية التعامل مع ما يبدو أنه تصادم إيراني – إسرائيلي، والأهم الحرب الصهيونية على غزة ولبنان، وحيث حرب الإبادة في غزة تجاوزت عاما كاملا ودخلت منذ شهر عامها الثاني، على ضوء السياسة الصهيونية في المنطقة! والتي يعمل الكيان الصهيوني على توسيعها لتشمل دولا عربية أخرى تحت يافطة التوسع الجغرافي للكيان الذي ينسبه إلى تعاليم (التوراة الملفقة)! مما سيجعل المنطقة في حالة عدم استقرار أطول من تاريخ العقود الماضية أو منذ تأسيس الكيان الصهيوني بقرار من الأمم المتحدة 1948!
{ الولايات المتحدة وهي تمارس الحرب على المنطقة العربية من مدخل غزة ولبنان وباليد الصهيونية في الكيان، فقدت إدارتها وبالأحرى سياستها تجاه الشرق الأوسط والقضايا العالمية الكثير من مصداقيتها حتى بدا النظام العالمي الذي تقوده مع قوى غربية أخرى نظاما متهالكا في كل مؤسساته ومنظماته سواء السياسية أو الحقوقية أو الإنسانية أو القانونية! وهذا ما صنع المأزق الأمريكي الراهن كما لم يسبق له مثيل، رغم القبضة المعروفة (للدولة العميقة أو الحكومة الخفية أو النخبة الشيطانية) وأيًّا كانت التسميات الأخرى حول اليد التي تدير السياسة الأمريكية في الداخل والخارج، وحيث سرعان ما يقفز إلى الذهن المجمع الصناعي العسكري الذي يدير الحروب والصناعات والإعلام وصنع القرار في أمريكا، بل يدير الديمقراطية الأمريكية! وحيث الجمهوريين والديمقراطيين مجرد وجهين لعملة واحدة تتأرجح من يده إلى الهواء لتعود مجددا إلى يده! ولذلك فقدت الديمقراطية الأمريكية بريق نموذجها الذي كان قبل عقود وكان يُراد فرضه بالقوة على الكثير من دول العالم!
{ بعد أحداث غزة تعالى الصوت الأمريكي الداخلي، خاصة من الشباب وطلبة الجامعات والأصوات الأمريكية الحرة حول التناقضات الرهيبة في مبادئ ومصالح الولايات المتحدة وحول الانسياق خلف الكيان الصهيوني الذي فاجأ العالم كله بحجم وحشيته وهمجيته ولا إنسانيته في قتل الأطفال والنساء والمدنيين والتدمير الكامل لحياتهم وبنيتهم التحتية!
{ هذه الأصوات الأمريكية الحرة بدأت تتحدث أيضا عن حجم تحكم اليهود الصهاينة في أمريكا، ورغم أن تعدادهم لا يتجاوز الـ2% من الشعب الأمريكي فإنهم يسيطرون على كل المراكز المهمة في الإدارات الأمريكية المتعاقبة ويستعرضون مراكزهم بالأسماء والهوية! وأنهم يسيطرون أيضا على البنوك والبنك الفيدرالي الأمريكي، وعلى الإعلام والصحف والكثير من القنوات الأمريكية وعلى هوليوود ومراكز البحث والقرار إلى آخره! وأن كل ذلك تتم إدارته بلعبة شيطانية متقنة تجعل من الولايات المتحدة مستعمرة في أيديهم، ولذلك هم يطالبون بتحرير أمريكا من الصهيونية!
{ هذه النقطة، وبعيدا عن جدلية من يفوز ومن لا يفوز، هي البؤرة الحقيقية لكل مشاكل أمريكا في ديمقراطيتها الشكلية، وفي مشاكل العالم كله! وسواء جاءت (هاريس) أو جاء (ترامب) رغم ادعاءاته حول محاربة الدولة العميقة، إلا أن عدم قدرة أي منهما في النهاية على الخروج من دائرة اللعبة الشيطانية المتقنة ذات الوجوه المختلفة وذات الأقنعة اللامتناهية تضع الولايات المتحدة في مأزق خطير وغير مسبوق، وحيث الوعي الأمريكي الشعبي يتصاعد، وصوت الأحرار يكشف كل يوم آليات القبضة الصهيونية على بلادهم، وحيث ما قبل هذه الانتخابات لن يكون كما بعدها! وخاصة في ضوء لعنة غزة على الصهيونية العالمية في كل مكان وليس في الولايات المتحدة وحدها! المطلوب تحرير أمريكا أولا لكي يتحرر العالم من قيادتها! ولا يهم بعد ذلك من يرأسها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك