العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

الانتخابات الأمريكية ولعبة الشيطان!

{‭ ‬أكتب‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬مساء‭ ‬الإثنين؛‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬وربما‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬حسم‭ ‬المعركة‭ ‬الانتخابية‭ ‬بين‭ ‬ترامب‭ ‬وكاميلا‭ ‬هاريس،‭ ‬وحيث‭ ‬التوقعات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬المناصفة‭ ‬بينهما،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬الفوز‭ ‬لأي‭ ‬منهما‭ ‬غير‭ ‬محسوم‭ ‬لدى‭ ‬الكثيرين‭! ‬ومما‭ ‬ينذر‭ ‬بأنها‭ ‬أكثر‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضبابية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬نتائجها‭ ‬أو‭ ‬فيما‭ ‬سيتبع‭ ‬تلك‭ ‬النتائج،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬فوز‭ ‬ترامب‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬لمحاولة‭ ‬اغتيال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬جولاته‭ ‬الانتخابية‭ ‬ويعلن‭ ‬عداءه‭ ‬للدولة‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬أمريكا‭! ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يثير‭ ‬المخاوف‭ ‬حول‭ ‬صدامات‭ ‬أو‭ ‬وجود‭ ‬أرضية‭ ‬شائكة‭ ‬لنشوب‭ ‬حرب‭ ‬أهلية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الأمريكيين‭ ‬مسلحون‭! ‬بل‭ ‬تتخللهم‭ ‬عصابات‭ ‬ومافيات‭ ‬قد‭ ‬تدخل‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬تلقائيا‭ ‬أو‭ ‬بتوجيه‭ ‬من‭ ‬مؤيدي‭ ‬أحد‭ ‬الطرفين‭!‬

{‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬كثيرين‭ ‬يؤكدون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬ستكون‭ ‬لها‭ ‬انعكاسات‭ ‬مهمة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬أو‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضايا‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬وحيث‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قدم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وكل‭ ‬قضية‭ ‬إشكالية،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬التنافس‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والصين‭ ‬والعقدة‭ ‬في‭ ‬تايوان،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬خيوط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الممتدة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قارات‭ ‬العالم‭ ‬وأزماتها‭! ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬المهم‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬يفوز،‭ ‬ولكن‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬نتائج‭ ‬ذلك‭ ‬الفوز‭ ‬على‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬والسياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬جدول‭ ‬القضايا‭ ‬منها‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬تصادم‭ ‬إيراني‭ ‬‭ ‬إسرائيلي،‭ ‬والأهم‭ ‬الحرب‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬وحيث‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬تجاوزت‭ ‬عاما‭ ‬كاملا‭ ‬ودخلت‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬عامها‭ ‬الثاني،‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬السياسة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬والتي‭ ‬يعمل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬توسيعها‭ ‬لتشمل‭ ‬دولا‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬تحت‭ ‬يافطة‭ ‬التوسع‭ ‬الجغرافي‭ ‬للكيان‭ ‬الذي‭ ‬ينسبه‭ ‬إلى‭ ‬تعاليم‭ (‬التوراة‭ ‬الملفقة‭)! ‬مما‭ ‬سيجعل‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬أطول‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬أو‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬1948‭!‬

{‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وهي‭ ‬تمارس‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬مدخل‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭ ‬وباليد‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬الكيان،‭ ‬فقدت‭ ‬إدارتها‭ ‬وبالأحرى‭ ‬سياستها‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والقضايا‭ ‬العالمية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مصداقيتها‭ ‬حتى‭ ‬بدا‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬غربية‭ ‬أخرى‭ ‬نظاما‭ ‬متهالكا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مؤسساته‭ ‬ومنظماته‭ ‬سواء‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الحقوقية‭ ‬أو‭ ‬الإنسانية‭ ‬أو‭ ‬القانونية‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬صنع‭ ‬المأزق‭ ‬الأمريكي‭ ‬الراهن‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬مثيل،‭ ‬رغم‭ ‬القبضة‭ ‬المعروفة‭ (‬للدولة‭ ‬العميقة‭ ‬أو‭ ‬الحكومة‭ ‬الخفية‭ ‬أو‭ ‬النخبة‭ ‬الشيطانية‭) ‬وأيًّا‭ ‬كانت‭ ‬التسميات‭ ‬الأخرى‭ ‬حول‭ ‬اليد‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬وحيث‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يقفز‭ ‬إلى‭ ‬الذهن‭ ‬المجمع‭ ‬الصناعي‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬الحروب‭ ‬والصناعات‭ ‬والإعلام‭ ‬وصنع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬بل‭ ‬يدير‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭! ‬وحيث‭ ‬الجمهوريين‭ ‬والديمقراطيين‭ ‬مجرد‭ ‬وجهين‭ ‬لعملة‭ ‬واحدة‭ ‬تتأرجح‭ ‬من‭ ‬يده‭ ‬إلى‭ ‬الهواء‭ ‬لتعود‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬يده‭! ‬ولذلك‭ ‬فقدت‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بريق‭ ‬نموذجها‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬عقود‭ ‬وكان‭ ‬يُراد‭ ‬فرضه‭ ‬بالقوة‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭!‬

{‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬تعالى‭ ‬الصوت‭ ‬الأمريكي‭ ‬الداخلي،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬وطلبة‭ ‬الجامعات‭ ‬والأصوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحرة‭ ‬حول‭ ‬التناقضات‭ ‬الرهيبة‭ ‬في‭ ‬مبادئ‭ ‬ومصالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحول‭ ‬الانسياق‭ ‬خلف‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬فاجأ‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بحجم‭ ‬وحشيته‭ ‬وهمجيته‭ ‬ولا‭ ‬إنسانيته‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمدنيين‭ ‬والتدمير‭ ‬الكامل‭ ‬لحياتهم‭ ‬وبنيتهم‭ ‬التحتية‭!‬

{‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحرة‭ ‬بدأت‭ ‬تتحدث‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬تحكم‭ ‬اليهود‭ ‬الصهاينة‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬تعدادهم‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الـ2% من‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬فإنهم‭ ‬يسيطرون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المراكز‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬ويستعرضون‭ ‬مراكزهم‭ ‬بالأسماء‭ ‬والهوية‭! ‬وأنهم‭ ‬يسيطرون‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬البنوك‭ ‬والبنك‭ ‬الفيدرالي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وعلى‭ ‬الإعلام‭ ‬والصحف‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬القنوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وعلى‭ ‬هوليوود‭ ‬ومراكز‭ ‬البحث‭ ‬والقرار‭ ‬إلى‭ ‬آخره‭! ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬تتم‭ ‬إدارته‭ ‬بلعبة‭ ‬شيطانية‭ ‬متقنة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مستعمرة‭ ‬في‭ ‬أيديهم،‭ ‬ولذلك‭ ‬هم‭ ‬يطالبون‭ ‬بتحرير‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬الصهيونية‭!‬

{‭ ‬هذه‭ ‬النقطة،‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬جدلية‭ ‬من‭ ‬يفوز‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يفوز،‭ ‬هي‭ ‬البؤرة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لكل‭ ‬مشاكل‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬ديمقراطيتها‭ ‬الشكلية،‭ ‬وفي‭ ‬مشاكل‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬وسواء‭ ‬جاءت‭ (‬هاريس‭) ‬أو‭ ‬جاء‭ (‬ترامب‭) ‬رغم‭ ‬ادعاءاته‭ ‬حول‭ ‬محاربة‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬أي‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬اللعبة‭ ‬الشيطانية‭ ‬المتقنة‭ ‬ذات‭ ‬الوجوه‭ ‬المختلفة‭ ‬وذات‭ ‬الأقنعة‭ ‬اللامتناهية‭ ‬تضع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬خطير‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق،‭ ‬وحيث‭ ‬الوعي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الشعبي‭ ‬يتصاعد،‭ ‬وصوت‭ ‬الأحرار‭ ‬يكشف‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬آليات‭ ‬القبضة‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬بلادهم،‭ ‬وحيث‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬كما‭ ‬بعدها‭! ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬لعنة‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحدها‭! ‬المطلوب‭ ‬تحرير‭ ‬أمريكا‭ ‬أولا‭ ‬لكي‭ ‬يتحرر‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قيادتها‭! ‬ولا‭ ‬يهم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬يرأسها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا