عالم يتغير
فوزية رشيد
حين سألني البروفيسور الفرنسي!
{ البروفيسور د بنجامين أوغ زار البحرين يومين وهو بروفيسور علوم سياسية في باريس في الوقت ذاته ومحاضر في مؤسسة فرنسية للعلاقات الدولية وبشكل تخصصي في جيوسياسة الخليج وإفريقيا، كما عرَّف نفسه، وطلب اللقاء بي معرفا نفسه أيضا بأنه صديق «مليكة باراك» سفيرة فرنسا في البحرين سابقا والتي كانت تربطني بها صداقة قديمة وأنه جاء البحرين مدة يومين ويريد مقابلتي بين من سيقابلهم، لذلك رحبت به وذهبت للقائه الأحد الماضي وبدا لي أنه يستكشف الرأي الثقافي والسياسي في أحداث المنطقة ومعاهدات السلام من الجانب الأهلي أو الشعبي وأدركت أنه يعرف مسبقا رأي الشعوب العربية قاطبة من كل الملفات! وحاولت قدر الإمكان باللغة الإنجليزية الإجابة عن أسئلته رغم أن عمق الإجابة تكمن لدي في اللغة العربية الأم! إلا أنه قال لي وأنا أودعه إنه استفاد كثيرا من توصيفي للمآزق التي تحيط بالمنطقة بسبب تعدد المشاريع التي تستهدفها وكلها مشاريع توسعية ما بين مشروع الكيان الصهيوني ومشروع إيران التوسعي عبر التفرقة الطائفية بين الشعوب العربية، والمشروع التركي الإخواني الذي انتكس مؤخرا ثم المشروع الغربي الذي يستهدف تقسيم دول المنطقة!
{ طوال اللقاء كنت أخاطبه كيهودي فرنسي حتى صحح لي آخر اللقاء أنه مسيحي بروتستانتي، في اللقاء الذي امتد ساعة كان يسأل باقتضاب وكنت أجيبه قدر الإمكان بتوسع شارحة له أن دول الخليج والمنطقة العربية أنظمة وشعوبا هي ذات سيكولوجية مفطورة على السلام والتعايش بين كل المسلمين والأقليات المسيحية واليهودية ولم يكن تاريخيا هناك من فارق في التعامل على المستوى الرسمي والشعبي، حتى نكبة فلسطين 1948 وبداية تنفيذ المشروع الصهيوني في المنطقة والتي أدت إلى حروب عديدة على مستوى الدول وإلى رفض شعبي مطلق على مستوى الشعوب لاغتصاب بلد عربي هو فلسطين! والعمل اليوم وفق الأساطير والرؤى التوراتية الملفقة إلى التوسع على حساب دول المنطقة وشعوبها وجغرافيتها!
{ سألته كيف بإمكانك أن تحب فردا أو جهة أو كيانا يريد أن يستهدف الأوطان العربية؟! وكيف بالإمكان التعايش مع أجندة توسعية؟! أليس ذلك يشبه ما يفعله شخص يستولي على بيتك ويقتل أطفالك وعائلتك ثم يقول لك: أنا أريد السلام معك فلماذا لا تقبلني؟! أو أنا أريد التعايش معك فلماذا تكرهني؟! ألا يبدو هذا المنطق ساذجا أو غبيا أو مستهترا؟! ويزداد الاستهتار بالكرامة الإنسانية والمنطق والعقل حين يواصل هذا الطرف محاولاته لتنفيذ أجندته التوسعية في بلدان عربية أخرى بطرق وأساليب كثيرة وبدعم غربي، ثم يقول إنه يريد السلام؟! كيف تجتمع الرغبة في السلام مع مخططات العدوان والتوسع؟!
{ لذلك لن يفيد هذا الكيان التوسعي أية اتفاقيات أو محاولات اختراق للدول العربية لأن الشعوب بشكل عام لديها حدس قوي في معرفة الصحيح والخاطئ استنادا إلى تجاربها التاريخية الجمعية التي تشير لها من هو العدو ومن هو الصديق! لذلك فإن الرفض الشعبي العربي الجارف لهذا الكيان يؤكده لها تجارب التاريخ معه إلى جانب سلوكياته المتواصلة والمستمرة حتى الآن في تبني المخططات والرؤى التوسعية العدوانية! بما لا يترك مجالا لهذه الشعوب لكي تصدق ادعاءاته حول السلام! ولذلك فإن هذا الكيان ومن يدعمه في الغرب هو مرفوض اليوم حتى من الشعوب الغربية التي اكتشفت بعد أحداث غزة ماهية الصهيونية العالمية التي يستند عليها الكيان الصهيوني حتى داخل دولها في الغرب!
{ شعوبنا العربية وبحكم دينها الإسلامي الذي تنتمي إليه لا تفرق بين الدين الإسلامي والشرائع الأخرى كاليهودية والمسيحية ولا تفرق بين الأنبياء والرسل لأن ذلك جزء من عقديتها! ولكن هي تعرف الفارق الجوهري والكبير بين اليهودية والمسيحية وبين الصهيونية واليهودية وبين الصهيونية المسيحية والمسيحية كشريعة سماوية! وفي الوقت ذاته لا تتقبل كأي شعب طبيعي من يواصل الاعتداء على مقدساتها وعلى شعوبها ويطمح في أراضيها لأن السنة الكونية نفسها تدعو إلى تكامل الأمم والشعوب والحضارات والثقافات وليس إلى اعتداء البعض على الأمم الأخرى برؤية أسطورية عنصرية تجعل من اليهود شعب الله المختار، فيما بقية الشعوب عبيد لهم! هذه أبرز الأفكار التي أجبت بها وهناك تفاصيل كثيرة أخرى لا يتسع لها مقام هذا المقال، ولكنها تدور في الدائرة ذاتها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك