مقال رئيس التحرير
أنـــور عبدالرحمــــــن
كلمة البحرين للتاريخ
الكلمة التي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، خلال المناقشة العامة لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كلمة تاريخية بحق.
الكلمة لم تكن مجرد تعبير عن صوت البحرين ومواقفها من أزمات المنطقة والعالم والمستقبل، وإنما كانت كلمة حق وصدق ووضوح للتاريخ، في وقت يمر العالم فيه بأصعب الأوقات وبأعنف الأزمات.
قبل كل شيء، كان سمو ولي العهد رئيس الوزراء حريصا على أن يقدم بكل فخر واعتزاز إلى العالم صورة البحرين المتحضرة الإنسانية التي تحترم كرامة الإنسان وتنشد الخير لكل شعوب العالم.
كان سموه حريصا على أن يبرز للعالم حقيقة احترام البحرين ودعمها بقوة للتعددية والتنوع الثقافي كنهج ثابت، وكيف أنه من منطلق هذه الرؤية ومن منطلق قناعة جلالة الملك بضرورة الاحترام المتبادل لإنسانيتنا المشتركة أطلق جلالته جائزة الملك حمد للتعايش السلمي.
وكان سموه حريصا على أن يؤكد للعالم أن احترام البحرين للإنسان ليس مجرد شعار ترفعه، وإنما هو واقع عملي وهو جوهر عمل القيادة والحكومة إذ تضع المواطن محورا أساسيا لجميع برامج التنمية الوطنية، وتعمل بكل جهد للتواصل مع العالم لخلق الفرص الواعدة للمواطنين للتنافس والابتكار والنجاح.
الجانب الثاني المهم في كلمة سمو ولي العهد رئيس الوزراء أنه وضع أمام العالم القيم والمبادئ الكبرى التي يجب أن تتمسك بها كل دول العالم إن كنا نريد أن نبني عالما أفضل ونتجاوز الأزمات والصراعات الحالية.
في مقدمة هذه القيم والمبادئ على الإطلاق احترام الإنسان وكرامته، واعتبار أن حماية الحياة البشرية مقدسة. أيضا على رأس هذه المبادئ ضرورة الالتزام بالقانون الدولي واحترام القواعد الدولية وعدم اللجوء إلى القوة لتسوية أي منازعات.
ومن منطلق هذه القيم والمبادئ التي تحدث عنها سموه كان حرصه على أن ينبه العالم مجددا إلى الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وإلى حتمية إنهاء هذه الكارثة على اعتبار أن حماية الأرواح البريئة مسؤولية أخلاقية ودينية وقانونية، ومن ثم ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وتبني مسار لقيام الدولة الفلسطينية.
ومن أهم ما تضمنته كلمة سمو ولي العهد رئيس الوزراء أنه، في مواجهة أزمات العالم المتفجرة والأوضاع الصعبة التي يعيشها، كان سموه حريصا على أن يحدد باسم مملكة البحرين كيفية تجاوز هذا الوضع وما هو المطلوب تحديدا.
الهدف العالمي الكبير هنا كما حدده سموه هو أن يقوم نظام عالمي أكثر تعددية وعدلا وإنصافا واحتراما للإنسان. وهذا الهدف لا يمكن أن يتحقق كما قال سموه إلا بالإصلاح الشامل للأمم المتحدة وكل مؤسساتها ومنظماتها، في مقدمتها مجلس الأمن الدولي.
كما لا يمكن لهذا الهدف أن يتحقق إلا إذا التزم الجميع بالعمل الجماعي والإيمان بالتعددية، وقبل هذا وبعده إلا إذا توافرت الإرادة العالمية من أجل بناء عالم أفضل.
ومن منطلق هذه الرؤية العالمية الإنسانية طرح سمو ولي العهد رئيس الوزراء الاقتراح المهم بإقرار معاهدة دولية لتنظيم وحوكمة الذكاء الاصطناعي لضمان أن تسهم هذه التكنولوجيا في تحقيق السلام بدلا من تفاقم النزاعات القائمة، وأن تصبح هذه التقنيات دافعا للإبداع والابتكار، بدلا من التدمير والانقسام.
ومن هذا المنطلق أيضا دعا سموه إلى ضرورة إعلاء راية الدبلوماسية والحوار لا راية العنف العشوائي والصراع والانقسام.
وكان سمو ولي العهد رئيس الوزراء حريصا على أن ينهي كلمته بشيء من الأمل والتفاؤل بتأكيد أن «التحديات التي تواجه عالمنا اليوم ليست مُستعصية على الحل إذا ما سعينا بإرادة جماعية وتصميم على صياغة إطار دولي جديد مبني على القيم المشتركة، والتزام متجدد بتعددية الأطراف التي تعطي الأولوية لازدهار جميع الأمم، ويجب أن نتجاوز اختلافاتنا من أجل حل القضايا بالغة الأهمية، كما يجب أن نتحلى بالمسؤولية المشتركة في دعم وحماية الكرامة الإنسانية وضمان بقاء النظام الدولي قوة من أجل الخير، فنحن مدينون بذلك للأجيال القادمة، وللقيم التي نعتز بها، وللعالم الذي نسعى إلى حمايته».
كما نرى، هذه كلمة البحرين للتاريخ أمام العالم.. كلمة تضع العالم أمام مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية والقانونية من أجل حماية البشرية.
يحق لنا أن نفخر بقادتنا ووطننا.. يحق لنا أن نفخر بأن يكون هذا هو صوت البحرين العالمي كما عبر عنه سمو ولي العهد رئيس الوزراء أمام العالم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك