العدد : ١٦٩٨٨ - الخميس ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٨ - الخميس ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

كلمة البحرين للتاريخ

الكلمة‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬خلال‭ ‬المناقشة‭ ‬العامة‭ ‬لاجتماعات‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬كلمة‭ ‬تاريخية‭ ‬بحق‭.‬

الكلمة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرد‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬صوت‭ ‬البحرين‭ ‬ومواقفها‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬والمستقبل،‭ ‬وإنما‭ ‬كانت‭ ‬كلمة‭ ‬حق‭ ‬وصدق‭ ‬ووضوح‭ ‬للتاريخ،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يمر‭ ‬العالم‭ ‬فيه‭ ‬بأصعب‭ ‬الأوقات‭ ‬وبأعنف‭ ‬الأزمات‭.‬

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬كان‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭ ‬واعتزاز‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬صورة‭ ‬البحرين‭ ‬المتحضرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تحترم‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬وتنشد‭ ‬الخير‭ ‬لكل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭.‬

كان‭ ‬سموه‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يبرز‭ ‬للعالم‭ ‬حقيقة‭ ‬احترام‭ ‬البحرين‭ ‬ودعمها‭ ‬بقوة‭ ‬للتعددية‭ ‬والتنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬كنهج‭ ‬ثابت،‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬ومن‭ ‬منطلق‭ ‬قناعة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬بضرورة‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬لإنسانيتنا‭ ‬المشتركة‭ ‬أطلق‭ ‬جلالته‭ ‬جائزة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي‭. ‬

وكان‭ ‬سموه‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يؤكد‭ ‬للعالم‭ ‬أن‭ ‬احترام‭ ‬البحرين‭ ‬للإنسان‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬شعار‭ ‬ترفعه،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬عملي‭ ‬وهو‭ ‬جوهر‭ ‬عمل‭ ‬القيادة‭ ‬والحكومة‭ ‬إذ‭ ‬تضع‭ ‬المواطن‭ ‬محورا‭ ‬أساسيا‭ ‬لجميع‭ ‬برامج‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتعمل‭ ‬بكل‭ ‬جهد‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬لخلق‭ ‬الفرص‭ ‬الواعدة‭ ‬للمواطنين‭ ‬للتنافس‭ ‬والابتكار‭ ‬والنجاح‭.‬

الجانب‭ ‬الثاني‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬أنه‭ ‬وضع‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتمسك‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬إن‭ ‬كنا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نبني‭ ‬عالما‭ ‬أفضل‭ ‬ونتجاوز‭ ‬الأزمات‭ ‬والصراعات‭ ‬الحالية‭.‬

في‭ ‬مقدمة‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬احترام‭ ‬الإنسان‭ ‬وكرامته،‭ ‬واعتبار‭ ‬أن‭ ‬حماية‭ ‬الحياة‭ ‬البشرية‭ ‬مقدسة‭. ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬ضرورة‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬واحترام‭ ‬القواعد‭ ‬الدولية‭ ‬وعدم‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القوة‭ ‬لتسوية‭ ‬أي‭ ‬منازعات‭.‬

ومن‭ ‬منطلق‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬سموه‭ ‬كان‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينبه‭ ‬العالم‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وإلى‭ ‬حتمية‭ ‬إنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬حماية‭ ‬الأرواح‭ ‬البريئة‭ ‬مسؤولية‭ ‬أخلاقية‭ ‬ودينية‭ ‬وقانونية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ضرورة‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬وتبني‭ ‬مسار‭ ‬لقيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬تضمنته‭ ‬كلمة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬أنه،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمات‭ ‬العالم‭ ‬المتفجرة‭ ‬والأوضاع‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها،‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬باسم‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كيفية‭ ‬تجاوز‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬تحديدا‭.‬

الهدف‭ ‬العالمي‭ ‬الكبير‭ ‬هنا‭ ‬كما‭ ‬حدده‭ ‬سموه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬أكثر‭ ‬تعددية‭ ‬وعدلا‭ ‬وإنصافا‭ ‬واحتراما‭ ‬للإنسان‭. ‬وهذا‭ ‬الهدف‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬سموه‭ ‬إلا‭ ‬بالإصلاح‭ ‬الشامل‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وكل‭ ‬مؤسساتها‭ ‬ومنظماتها،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭.‬

كما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لهذا‭ ‬الهدف‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬التزم‭ ‬الجميع‭ ‬بالعمل‭ ‬الجماعي‭ ‬والإيمان‭ ‬بالتعددية،‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬وبعده‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬توافرت‭ ‬الإرادة‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬عالم‭ ‬أفضل‭.‬

ومن‭ ‬منطلق‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬العالمية‭ ‬الإنسانية‭ ‬طرح‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الاقتراح‭ ‬المهم‭ ‬بإقرار‭ ‬معاهدة‭ ‬دولية‭ ‬لتنظيم‭ ‬وحوكمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬النزاعات‭ ‬القائمة،‭ ‬وأن‭ ‬تصبح‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬دافعا‭ ‬للإبداع‭ ‬والابتكار،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬التدمير‭ ‬والانقسام‭.‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬أيضا‭ ‬دعا‭ ‬سموه‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬إعلاء‭ ‬راية‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والحوار‭ ‬لا‭ ‬راية‭ ‬العنف‭ ‬العشوائي‭ ‬والصراع‭ ‬والانقسام‭. ‬

وكان‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينهي‭ ‬كلمته‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬والتفاؤل‭ ‬بتأكيد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم‭ ‬ليست‭ ‬مُستعصية‭ ‬على‭ ‬الحل‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬سعينا‭ ‬بإرادة‭ ‬جماعية‭ ‬وتصميم‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬إطار‭ ‬دولي‭ ‬جديد‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬المشتركة،‭ ‬والتزام‭ ‬متجدد‭ ‬بتعددية‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬الأولوية‭ ‬لازدهار‭ ‬جميع‭ ‬الأمم،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نتجاوز‭ ‬اختلافاتنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حل‭ ‬القضايا‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتحلى‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬وحماية‭ ‬الكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬وضمان‭ ‬بقاء‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬قوة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخير،‭ ‬فنحن‭ ‬مدينون‭ ‬بذلك‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬وللقيم‭ ‬التي‭ ‬نعتز‭ ‬بها،‭ ‬وللعالم‭ ‬الذي‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬حمايته‮»‬‭. ‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬هذه‭ ‬كلمة‭ ‬البحرين‭ ‬للتاريخ‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭.. ‬كلمة‭ ‬تضع‭ ‬العالم‭ ‬أمام‭ ‬مسؤولياته‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬والقانونية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬البشرية‭. ‬

يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفخر‭ ‬بقادتنا‭ ‬ووطننا‭.. ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفخر‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬صوت‭ ‬البحرين‭ ‬العالمي‭ ‬كما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا