العدد : ١٦٩٨٠ - الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٠ - الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

العالم يتكلم والكيان يواصل الإبادة؟

{‭ ‬مجزرة‭ ‬تلو‭ ‬مجزرة‭ ‬ولا‭ ‬يمرّ‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قتل‭ ‬وإبادة‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الغارات‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬أخذت‭ ‬منحى‭ ‬جديدًا‭ ‬من‭ (‬الصواريخ‭ ‬الارتجاجية‭ ‬الثقيلة‭) ‬المحملة‭ ‬بأطنان‭ ‬من‭ ‬قنابل‭ ‬القتل‭ ‬التي‭ ‬تترك‭ ‬خلفها‭ ‬الحُفر‭ ‬الكبيرة‭ ‬كالتي‭ ‬أحدثتها‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬خيام‭ ‬النازحين‭ ‬في‭ ‬مواصي‭ ‬خان‭ ‬يونس‭ ‬جنوب‭ ‬غربي‭ ‬القطاع‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬المستشفى‭ ‬البريطاني‭! ‬لتسفر‭ ‬المجزرة‭ ‬الجديدة‭ ‬عن‭ ‬عشرات‭ ‬القتلى‭ ‬وعشرات‭ ‬الإصابات‭ ‬والجرحى،‭ ‬ولتختفي‭ ‬عائلات‭ ‬كاملة‭ ‬بين‭ ‬الرمال‭ ‬بفعل‭ ‬الصواريخ‭ ‬الارتجاجية،‭ ‬وليسجل‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬للخيام‭ ‬وحُفر‭ ‬بعمق‭ (‬9‭ ‬أمتار‭) ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬البشاعة‭ ‬وسط‭ ‬انقطاع‭ ‬كامل‭ ‬للتيار‭ ‬الكهربائي‭ ‬والحرائق‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬القصف‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬قصف‭ ‬المنازل‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬‮«‬حي‭ ‬التفاح‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬القتلى‭ ‬والإصابات‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الاستهدافات‭ ‬لبقايا‭ ‬حجارة‭ ‬بيوت‭ ‬تأوي‭ ‬النازحين‭! ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬العام‭!‬

{‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬الصواريخ‭ ‬الارتجاجية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬شراسة‭ ‬تحويل‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬حفر‭ ‬عميقة،‭ ‬وتحويل‭ ‬الجثث‭ ‬إلى‭ ‬أشلاء‭ ‬مقطعة‭ ‬ومشوهة،‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬إلى‭ ‬عجين‭ ‬مختلط‭ ‬بتراب‭ ‬الأرض‭! ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تُدلل‭ ‬به‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬هي‭ ‬حربها‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬وليست‭ ‬حرب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬فقط‭!‬،‭ ‬لتلتقي‭ ‬مدرسة‭ ‬الصهيونية‭ ‬الوحشية‭ ‬والهمجية‭ ‬والبربرية‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬غزة‭ ‬قتلاً‭ ‬وتميرًا‭ ‬وإبادة،‭ ‬وباستخفاف‭ ‬همجي‭ ‬بكل‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬دولة‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬أو‭ ‬شعوبه‭ ‬شيئًا‭ ‬غير‭ ‬الكلام‭ ‬والكلام‭!‬

وسواء‭ ‬بالإدانة‭ ‬أو‭ ‬الاستهجان‭! ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬تجرأت‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬بعض‭ ‬الكلام‭ ‬إلى‭ ‬فعل‭ ‬أو‭ ‬محاكمة‭ ‬أو‭ ‬اتهام‭ ‬بجرائم‭ ‬حرب‭ ‬تستدعي‭ ‬تسمية‭ ‬المجرمين‭ ‬الصهاينة،‭ ‬جاء‭ ‬التهديد‭ ‬الأمريكي‭ ‬واضحًا،‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يعلو‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حتى‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬معاقبته‭!‬

{‭ ‬الكل‭ ‬يقول‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬دول‭ ‬كبرى،‭ ‬مثلما‭ ‬صرّح‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ (‬استحالة‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حلّ‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬العدوان‭ ‬والقتل‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وأن‭ ‬العنف‭ ‬القائم‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬ولم‭ ‬تشهد‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬‮«‬العربية‭ ‬‭ ‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬مثله‭). ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وروسيا،‭ ‬ليبقى‭ ‬بدوره‭ ‬كتصريح‭ ‬في‭ ‬ملفات‭ ‬الكلام‭ ‬والكلام‭! ‬وليأتي‭ ‬الرد‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بمجزرة‭ ‬الـ«مواصي‮»‬‭!‬

{‭ ‬وبذلك‭ ‬فإن‭ ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬أنها‭ ‬تقود‭ ‬مفاوضات‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب،‭ ‬هي‭ ‬تُدلي‭ ‬بالكلمات‭ ‬الزائفة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وتزوّد‭ ‬الكيان‭ ‬بالصواريخ‭ ‬الثقيلة‭ ‬والأسلحة‭ ‬الفتاكة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬في‭ ‬جسر‭ ‬جوي‭ ‬وبحري‭ ‬مستمر‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬العام‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭! ‬هو‭ ‬أيضًا‭ ‬كلام‭ ‬ولكنه‭ ‬كلام‭ ‬زائف‭ ‬ومخادع‭ ‬لإعطاء‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يريده‭ ‬قادة‭ ‬الكيان‭ ‬لإنهاء‭ ‬الإبادة‭ ‬والتهجير‭ ‬والتدمير‭!‬

{‭ ‬بينما‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬الكبرى‭ ‬كالصين‭ ‬وروسيا‭ ‬ودول‭ ‬إسلامية‭ ‬كبرى‭ ‬وعربية،‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬معًا‭ ‬سوى‭ ‬الكلام‭ ‬والتنديد‭ ‬والاستهجان،‭ ‬والمطالبة‭ ‬الكلامية‭ ‬بحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬السلام‭! ‬فيأتي‭ ‬الرّد‭ ‬الصهيوني‭ ‬بنشر‭ ‬خريطة‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬الخريطة‭ ‬الملطخة‭ ‬بالأساطير‭ ‬والأوهام‭ ‬والتلفيق‭ ‬في‭ ‬الثورة‭! ‬ليعلن‭ ‬الكيان‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬معنيّ‭ ‬أصلاً‭ ‬لا‭ ‬بحلّ‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ولا‭ ‬بالسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وهو‭ ‬الطامع‭ ‬في‭ ‬جغرافيتها‭! ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬معلن‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬سرّاً‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭! ‬ولذلك‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬معني‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬ولا‭ ‬بالمنطق‭ ‬ولا‭ ‬الإنسانية‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬حاميه‭ ‬الأمريكي‭ ‬يتماهى‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مخططاته‭ ‬وأجندته‭ ‬وحرب‭ ‬إبادته‭!‬

{ هكذا‭ ‬الكل‭ ‬يواصل‭ ‬الكلام‭.. ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬والبرلمانات‭ ‬والشعراء‭ ‬والكتاب‭ ‬والمثقفون‭ ‬والأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬وغير‭ ‬السياسية‭!‬،‭ ‬وهذا‭ ‬الكل‭ ‬مدرك‭ ‬قبل‭ ‬غيره‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لكلامه‭ ‬أو‭ ‬تحليله‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬واقع‭ ‬في‭ ‬وحل‭ ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تستهزئ‭ ‬بكل‭ ‬الدول‭ ‬وبكل‭ ‬الشعوب‭ ‬وبكل‭ ‬القيم‭ ‬والأسس‭ ‬والمبادئ‭ ‬الدولية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬هدمت‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أطماعها‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬وقاعدتها‭ ‬الكبرى‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬ومن‭ ‬أجله‭ ‬وأجل‭ ‬أطماعه‭ ‬هدمت‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬ومؤسساته‭ ‬وقانونه‭ ‬ودساتيره‭ ‬الحقوقية،‭ ‬ليتضح‭ ‬أنها‭ ‬بدورها‭ ‬وجميعًا‭ ‬مجرد‭ ‬كلام‭ ‬في‭ ‬كلام،‭ ‬وسراب‭ ‬في‭ ‬سراب‭!‬

{‭ ‬هذه‭ ‬الظلامية‭ ‬التي‭ ‬يغرق‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬سوادها‭ ‬وهو‭ ‬يتفرج‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬سلخت‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬إنسانيته،‭ ‬والدول‭ ‬من‭ ‬سيادتها‭ ‬وكرامتها،‭ ‬والشعوب‭ ‬عن‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬التأثير‭! ‬وكأن‭ ‬الكل‭ ‬سادر‭ ‬في‭ ‬خِدر‭ ‬عالمي‭ ‬جماعي‭!‬

يطلق‭ ‬فيه‭ ‬البعض‭ ‬بعض‭ ‬الكلام،‭ ‬فيما‭ ‬يساوى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬بين‭ ‬جرائم‭ ‬الاحتلال‭ ‬وهي‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬كبرى‭ ‬وشعب‭ ‬فلسطيني‭ ‬يقاوم‭ ‬ويموت‭ ‬وهو‭ ‬يقاوم‭! ‬ليأتي‭ ‬هذا‭ ‬البعض‭ ‬فيقول‭ ‬إن‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬المقاومة‭! ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬طرقًا‭ ‬أخرى‭ ‬للنضال‭! ‬متجاهلاً‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬‮«‬محتل‮»‬‭ ‬وإنما‭ ‬مغتصب‭ ‬وطن‭ ‬استثنائي‭ ‬لا‭ ‬يشبه‭ ‬أي‭ ‬احتلال‭! ‬يدعّي‭ ‬أنه‭ ‬له‭ ‬بالكامل،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬جغرافيا‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬هي‭ ‬له‭ ‬أيضًا‭! ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الهمجي‭ ‬لم‭ ‬يفهم‭ ‬قط‭ ‬لغة‭ ‬غير‭ ‬لغة‭ ‬المجازر‭ ‬والإبادة‭ ‬منذ‭ ‬1948‭! ‬وأن‭ ‬سبب‭ ‬همجيته‭ ‬الراهنة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وإنما‭ ‬مخططه‭ ‬الاستيطاني‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬والمنطقة‭! ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬للتعامل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلا‭ ‬باللغة‭ ‬التي‭ ‬يفهمها‭ ‬وهي‭ ‬لغة‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها‭ ‬بل‭ ‬الكلام‭ ‬ثم‭ ‬الكلام‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا