العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

الأبوة المعاقة

في‭ ‬واقعة‭ ‬صادمة‭ ‬تم‭ ‬تداولها‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مؤخرا‭ ‬أقدم‭ ‬مهندس‭ ‬مصري‭ ‬على‭ ‬تطليق‭ ‬زوجته‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬سرير‭ ‬الولادة،‭ ‬بعد‭ ‬إنجابها‭ ‬طفلة‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الهمم،‭ ‬حيث‭ ‬فوجئت‭ ‬الأم‭ ‬بفعلة‭ ‬زوجها‭ ‬هذه‭ ‬بعد‭ ‬اكتشافه‭ ‬إصابة‭ ‬ابنته‭ ‬بمتلازمة‭ ‬داون،‭ ‬حيث‭ ‬تركها‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬وحيدة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حتى‭ ‬دفع‭ ‬المصاريف‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬مبخلفش‭ ‬بنات‭ ‬معاقة‮»‬‭!‬

ليست‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬المتخلف‭ ‬وتلك‭ ‬العقلية‭ ‬المريضة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تواجه‭ ‬معه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المطلقات‭ ‬معاناة‭ ‬شديدة‭ ‬عقب‭ ‬ولادتهن‭ ‬لأطفال‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الهمم،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يصل‭ ‬الحال‭ ‬ببعضهن‭ ‬إلى‭ ‬الطرد‭ ‬من‭ ‬شقة‭ ‬الزوجية،‭ ‬وتحميلها‭ ‬كافة‭ ‬الالتزامات‭ ‬المادية‭ ‬لسدّ‭ ‬احتياجاتها‭ ‬هي‭ ‬ومن‭ ‬تعوله‭ ‬من‭ ‬أبناء‭. ‬

شخصيا‭ ‬عايشت‭ ‬بنفسي‭ ‬قصة‭ ‬إحدى‭ ‬الأمهات‭ ‬التي‭ ‬رزقها‭ ‬الخالق‭ ‬ابنا‭ ‬معاقا‭ ‬فلم‭ ‬يتقبله‭ ‬زوجها،‭ ‬وراح‭ ‬يهددها‭ ‬بالزواج‭ ‬من‭ ‬أخرى،‭ ‬وابتعد‭ ‬وقرر‭ ‬الانفصال‭ ‬عنها،‭ ‬ناهيك‭ ‬عما‭ ‬عانته‭ ‬من‭ ‬إهانات‭ ‬من‭ ‬عائلته،‭ ‬وكأنها‭ ‬هي‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬إعاقة‭ ‬هذا‭ ‬الطفل،‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثيرات‭ ‬من‭ ‬أمهات‭ ‬أطفال‭ ‬ذوي‭ ‬إعاقة‭ ‬بتن‭ ‬مهددات‭ ‬بالهجر‭ ‬أو‭ ‬الانفصال‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭.. ‬

مشكلة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأزواج‭ ‬أنهم‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬اختلال‭ ‬في‭ ‬صحتهم‭ ‬النفسية،‭ ‬ومن‭ ‬عدم‭ ‬الرضا‭ ‬بقضاء‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬بحق‭ ‬الأبوة‭ ‬المعاقة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تطرق‭ ‬إليه‭ ‬د‭. ‬ماهر‭ ‬السوسي‭ ‬أستاذ‭ ‬الشريعة‭ ‬والقانون‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬تجاه‭ ‬الأطفال‭ ‬ذوي‭ ‬الاعاقات‭ ‬يخالف‭ ‬تعاليم‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معايرة‭ ‬الأهالي‭ ‬بأطفالهم‭ ‬غير‭ ‬مبررة‭ ‬ويحاسب‭ ‬عليها‭ ‬الشرع،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬بمجرد‭ ‬ولادته‭ ‬وجب‭ ‬على‭ ‬ذويه‭ ‬احتضانه‭ ‬وتقديم‭ ‬كل‭ ‬احتياجاته‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬حالته‭ ‬الصحية،‭ ‬ومن‭ ‬يتأخر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬يعتبر‭ ‬آثما‭ ‬وعاصيا‭ ‬لرب‭ ‬العالمين،‭ ‬داعيا‭ ‬إلى‭ ‬السعي‭ ‬لتغيير‭ ‬المصطلحات‭ ‬الشائعة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتوعية‭ ‬المواطنين‭ ‬بدرجة‭ ‬أكبر‭ ‬لتقبل‭ ‬وجود‭ ‬أطفال‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬والتأكيد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬للمرأة‭ ‬بإنجاب‭ ‬طفل‭ ‬بعيب‭ ‬خلقي‭.‬

يؤكد‭ ‬الاخصائيون‭ ‬النفسانيون‭ ‬أن‭ ‬الوالدين‭ ‬اللذين‭ ‬يكتشفان‭ ‬إعاقة‭ ‬طفلهما‭ ‬يمرّان‭ ‬بعدة‭ ‬مراحل‭: ‬هي‭ ‬الصدمة،‭ ‬الانكار،‭ ‬الحزن‭ ‬والأسى،‭ ‬الخجل‭ ‬والخوف،‭ ‬اليأس‭ ‬والاكتئاب،‭ ‬الغضب‭ ‬وإسقاط‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الآخرين،‭ ‬التمني‭ ‬والآمال‭ ‬غير‭ ‬الواقعية،‭ ‬الحماية‭ ‬الزائدة،‭ ‬فالتكيف،‭ ‬ثم‭ ‬التقبل‭.‬

نعم‭ ‬الشعور‭ ‬بتقبل‭ ‬مشيئة‭ ‬الرحمن‭ ‬هو‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬سواء‭ ‬للأم‭ ‬أو‭ ‬الأب،‭ ‬وعندئذ‭ ‬فقط‭ ‬لن‭ ‬يعرف‭ ‬الحزن‭ ‬أو‭ ‬الخراب‭ ‬طريقا‭ ‬إليهما‭!!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا