زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
هذا فندق أم فندك
لم أسافر خارج المنطقة العربية طوال السنوات الأخيرة، ويفسر هذا حالة الاكتئاب والإحباط التي ربما لمستموها في مقالاتي مؤخرا، وفي نفس الوقت فإنني على العهد بأنني لن أزور أي دولة عربية كسائح، (يعني فقط للشديد القوي كالمهمة الرسمية التي يعني رفض القيام بها التفنيش)، وذلك صونا لنفسي من البهدلة والمرمطة في السفارات، حيث تتقدم بطلب تأشيرة سياحية فيتعاملون معك وكأنك شخص ملغوم أو مفخخ وقابل للانفجار، (في سفارة دولة عربية «سياحية» طلبت استمارة تأشيرة فأعطوني ورقة نظير ان اسلمهم جواز سفري كتعهد وتأمين وابحث عن مكان لتصوير نسخة منه واعادة الاستمارة اليهم، فتعهدت لهم بعدم زيارة بلدهم حتى لو نقلوها الى الساحة التي أمام بيتي).
وبعد أن تبتلع كرامتك وتحصل على التأشيرة وتنزل في مطار البلد المنشود، يعاملونك وكأنك قادم من كولمبيا حاملا طنا من الهيرويين. وبعض ضباط الجمارك العرب يفتح فمك ويسألك: دي حشوة ذهب أم زئبق؟ تود لو تصيح: مالك أنت لو كانت حشوة من صفيح أو تبن؟ ولكنك تضطر إلى إدخال إصبعك في فمك لتشد جانبا من فمك وتقترب من صاحب السيادة ليتأكد بأن الحشوة طبية ولا تخفي قنبلة عنقودية أو عشرة آيفونات تهربا من الجمارك! وتفاديا لمثل هذه المواقف، فإنني أكثر من أكل البصل قبل الهبوط في المطارات العربية حتى يضطر مسؤولو الجوازات والجمرك إلى التخلص مني بسرعة، لأنني أحرص على نفث عطر البصل في وجوههم أثناء الرد على أسئلتهم العجيبة!
ثم اكتشفت مكانا رهيبا لقضاء العطلة الصيفية. إنه فندق ماركيز لوس كارلوس في باخا كليفورنيا في المكسيك المطل على بحر كورتيز، ويضع الفندق تحت تصرفك يختاً فارهاً، وحوض استحمام يتسع لخمسة أشخاص. لماذا؟ كلك نظر! ويقوم طباخ خاص بك بإعداد الطعام حسب مزاجك (المكسيكيون مثل السودانيين يحبون الشطة وبيننا وبينهم ود، فقد حاربت كتيبة سودانية في المكسيك خلال النصف الأول من القرن الماضي ومن أفرادها من بقي هناك لتحسين النسل – نسل المكسيكيين طبعا – ومنهم من عاد إلى الوطن بعد أن كتبت له السلامة.. ولكن قولوني لا يسمح لي بتعاطي الشطة ومن ثم فإنني سأطالب بطباخ يجيد إعداد الفول والطعمية/الفلافل)، ولا تسأل عن نوعية السكن في الفندق، لأنه يقدم لك غرفا تسمح لك باستضافة عائلتك وأصدقائك وحماتك (لو كنت ناقص العقل). وكل هذا ببلاش تقريبا: ثلاث ليال فقط بثمانية ملايين وأربعمائة ألف دولار! ولا يخفى عليكم أن أبا الجعافر لن يستطيع تحقيق هذا الحلم حتى لو نجح في الزواج بمطربة هيفاء فرعاء مصقول عوارضها، وجعلته وصيا على ما تبقى من ثروتها التي ضاع معظمها في عمليات شد الوجه وتقويم الأنف والأذن والحنجرة! لكن أملي عظيم في أن أجد «فاعل خير» يتبناني في هذا المشروع الحيوي، علما بأن الحجز يجب أن يتم قبل موعد الوصول المحدد بستة أشهر، وها هو الصيف على وشك الانقضاء، فأرجو التعجيل بمسألة التبني والتبرع، أخذا في الاعتبار أن أشهر من أقام في ذلك الفندق هم أوبرا وينفري مقدمة البرنامج الحواري الأمريكي الذي يحمل اسمها، وهالي بيري الممثلة التي حصلت على الأوسكار، وبيونسي ناولز المطربة التي حصدت عشرات الجوائز منذ أن تركت فرقة «ديستينيز تشايلد». والثلاث سوداوات، ولكن سوادهن مغشوش لأنهن أمريكيات بينما أبو الجعافر أسود «أصل بلاده».
هل تريدون الصراحة: والله لو عرض علي صاحب الفندق ذاك أن أقيم فيه مجانا لأي فترة أريد لما قبلت العرض لأن مجرد التفكير في أن شخصا ناقص العقل يقيم إلى جواري نظير قرابة 3 ملايين دولار سيجعلني أفكر في قتله!
- الفندك في السودان هو الهاون اليدوي المستخدم لسحق البهارات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك