العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

د. غازي القصيبي.. الحاضر دائما

يوم‭ ‬الخميس‭ ‬القادم‭ ‬15‭ ‬أغسطس‭ ‬يوافق‭ ‬الذكرى‭ ‬الـ‮«‬14‮»‬‭ ‬لرحيل‭ ‬الوزير‭ ‬والسفير‭ ‬والشاعر‭ ‬السعودي‭ ‬‮«‬د‭. ‬غازي‭ ‬القصيبي‮»‬‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬صاحب‭ ‬الشخصية‭ ‬الخليجية‭ ‬الاستثنائية،‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬والمناصب‭ ‬والمسؤوليات‭.‬

كان‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭.. ‬الأرض‭ ‬والقيادة‭ ‬والشعب‭.. ‬المكان‭ ‬والنشأة‭ ‬والزمان‭.. ‬المسؤوليات‭ ‬والذكريات‭ ‬والأصدقاء‭.. ‬مكانة‭ ‬رفيعة‭ ‬ومتميزة‭ ‬لدى‭ ‬د‭. ‬غازي‭ ‬القصيبي،‭ ‬وسجل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مواقفه‭ ‬المشرفة‭ ‬وقصائده‭. ‬

في‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬حينما‭ ‬تم‭ ‬افتتاح‭ ‬جسر‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الشقيقة‭ ‬كتب‭ ‬قصيدة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬درب‭ ‬من‭ ‬العشق‮»‬،‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬درب‭ ‬من‭ ‬العشق‭ ‬لا‭ ‬درب‭ ‬من‭ ‬الحجر‭.. ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬طار‭ ‬بالواحات‭ ‬للجزر‭.. ‬نسيتُ‭ ‬أين‭ ‬أنا‭ ‬إن‭ ‬الرياض‭ ‬هنا‭.. ‬مع‭ ‬المنامةِ‭ ‬مشغولانِ‭ ‬بالسمَرِ‭.. ‬أم‭ ‬هذه‭ ‬جدةٌ‭ ‬جاءت‭ ‬بأنجُمِهَا‭.. ‬أم‭ ‬المُحَرقُ‭ ‬زارتَنا‭ ‬معَ‭ ‬القَمَرِ‭.. ‬وهذه‭ ‬ضحكاتُ‭ ‬الفجرِ‭ ‬في‭ ‬الخُبرِ‭.. ‬أم‭ ‬الرفاعُ‭ ‬رنت‭ ‬في‭ ‬موسمِ‭ ‬المطرِ‭..‬‮»‬‭.‬

نحن‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬قرأ‭ ‬وتأثر‭ ‬بكتابه‭ ‬‮«‬حياة‭ ‬في‭ ‬الإدارة‮»‬،‭ ‬وتعرف‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬المسؤول‭ ‬إنسانا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وزيرا،‭ ‬وكيف‭ ‬يصبح‭ ‬إيجابيا‭ ‬ويتفاعل‭ ‬مع‭ ‬الموظفين‭ ‬والمراجعين‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬رقيبا‭ ‬ومحاسبا‭. ‬

حدث‭ ‬خلال‭ ‬توليه‭ ‬وزارة‭ ‬الكهرباء‭ ‬السعودية‭ ‬أن‭ ‬انقطع‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬أحياء‭ ‬العاصمة‭ ‬الرياض‭ ‬فذهب‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬العمل‭ ‬باكرا،‭ ‬وجلس‭ ‬في‭ ‬مكتب‭ ‬السنترال،‭ ‬ليتلقى‭ ‬الشكاوى‭ ‬الهاتفية‭ ‬مع‭ ‬الموظفين،‭ ‬وأثناء‭ ‬تلقيه‭ ‬الاتصالات‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬المواطنين‭ ‬غاضبا‭ ‬ولم‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬رد‭ ‬على‭ ‬المكالمة‭ ‬هو‭ ‬د‭. ‬غازي‭ ‬القصيبي‭: ‬‮«‬قل‭ ‬لوزيركم‭ ‬الشاعر‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬ترك‭ ‬شعره‭ ‬واهتم‭ ‬بعمله‭ ‬لما‭ ‬انقطعت‭ ‬الكهرباء‭ ‬عن‭ ‬الرياض‮»‬‭ ‬فرد‭ ‬عليه‭ ‬الوزير‭ ‬القصيبي‭: ‬‮«‬شكراً‭.. ‬وصلت‭ ‬الرسالة‮»‬‭.. ‬فقال‭ ‬له‭ ‬المواطن‭: ‬ماذا‭ ‬تعني؟‭ ‬فقال‭ ‬له‭: ‬أنا‭ ‬الوزير‭ ‬شخصيا،‭ ‬فاستغرب‭ ‬المواطن‭ ‬وتعجب‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬احلف‭ ‬بالله؟‭ ‬فقال‭ ‬له‭: ‬والله‭.. ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المواطن‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أغلق‭ ‬الهاتف‭ ‬متعجبا‭ ‬ومحرجا‭ ‬من‭ ‬الموقف‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬بمناسبة‭ ‬مرور‭ ‬13‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬رحيل‭ ‬د‭. ‬غازي‭ ‬القصيبي،‭ ‬كتب‭ ‬الدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬بن‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬التركي‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬واحد‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬متعدّد‭.. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬شاعر،‭ ‬أو‭ ‬روائي‭ ‬فحسب‭.. ‬أو‭ ‬باحث‭ ‬أو‭ ‬أكاديمي‭ ‬أو‭ ‬وزير‭ ‬أو‭ ‬سفير‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تلا‭ ‬هذا‭ ‬أو‭ ‬تبعه‭.. ‬وما‭ ‬اهتم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أنشطة‭ ‬متعدّدة‭.. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬بقاء‭ ‬القصيبي‭ ‬بيننا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬ثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬وفاته‭ ‬وبجذوة‭ ‬لم‭ ‬تختلف‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُعزى‭ ‬الى‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬آخر‭ ‬أو‭ ‬الى‭ ‬أي‭ ‬وسيط‭ ‬آخر،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬رحلوا‭ ‬وربما‭ ‬كانوا‭ ‬أكثر‭ ‬وجاهة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وأكثر‭ ‬مقدرة‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الآخرين،‭ ‬ولكن‭ ‬حضور‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬امتدّ‭ ‬بيننا‭ ‬وسيظلّ‭ ‬ممتدّا‭ ‬أكثر‮»‬‭.‬

لذلك‭ ‬أرى‭ ‬من‭ ‬الوفاء‭ ‬الجميل‭ ‬لو‭ ‬بادرت‭ ‬مؤسسة‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بتنظيم‭ ‬جلسة‭ ‬حوارية‭ ‬عن‭ ‬فكر‭ ‬وإدارة‭ ‬د‭. ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬بمناسبة‭ ‬ذكرى‭ ‬‮«‬14‮»‬‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬رحيله‭.‬

ذات‭ ‬مرة‭ ‬سُئل‭ ‬‮«‬د‭. ‬غازي‭ ‬القصيبي‮»‬‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬أفضل‭ ‬شيء‭ ‬عملته‭ ‬في‭ ‬حياتك؟‭ ‬فأجاب‭ ‬قائلا‭: ‬بـ«المعيار‭ ‬التعليمي‮»‬،‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬عملته‭ ‬هو‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬الجامعة،‭ ‬لأنه‭ ‬مكنني‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬تلاميذي‭ ‬أساتذة‭ ‬ومسؤولين‭ ‬يخدمون‭ ‬الوطن‭.. ‬وبـ«المعيار‭ ‬التنموي‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬عملته‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬التنموية‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المملكة‭.. ‬وبـ«المعيار‭ ‬الحقيقي‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬أفضل‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬للإنسان‭ ‬أن‭ ‬يعمله‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يراد‭ ‬به‭ ‬وجه‭ ‬الله‭ ‬وحده،‭ ‬الباقيات‭ ‬الصالحات‭.. ‬فرصيدي‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬رحمة‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا