زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
دروس لمن يرغب في الفهم
في لحظات الضعف قد يصيح الواحد منا إزاء مواقف وأحداث تؤلمه أو تحزنه أو لا تروق له: هذا ظلم.. أين العدل... اشمعنى أنا؟ ولكن لو تأملنا الأشياء والناس حولنا لهانت علينا مصائب كثيرة، خذ مثلا ذلك الرجل الذي أسس شركة مالبره التي ننطقها خطأ مارلبورو) للسجائر المعروفة، وصار من أغنى أغنياء العالم. ذلك الرجل مات بسرطان الرئة، لأنه كما يقول المثل المصري «طباخ السم لا بد أن يذوقه»، وكان الرجل قد حارب بشراسة وسائل الإعلام ومؤسسات البحث الطبي التي قالت إن السجائر تسبب أمراض الرئة والبلعوم والحلقوم، بل تصيب تلك الأعضاء من الجسم بالسرطان، واستعان في حملته تلك لتبرئة التبغ وشركته من إنتاج وتسويق منتج يسبب الإبادة الجماعية بباحثين عديمي الضمير لإثبات أن السجائر مفيدة للصحة لأن التبغ نوع من النبات والنباتات غنية بفيتامين سي ودبليو سي والألياف، وبموته بسرطان الرئة لم يعد في مقدور شركة تبغ أن تنفي مضار التدخين.
وبالمقابل انظر حال لاعب كرة السلة الأمريكي مايكل جوردان، الذي اعتزل اللعب وعمل فورا اعتزاله في مجال الإعلانات الخاصة بشركة نايكي للمنتجات الرياضية، وجنى نظير الظهور نحو خمس دقائق في السنة في تلك الإعلانات أكثر مما يجنيه جميع العمال في مصنع نايكي في ماليزيا في سنة كاملة، ثم صار جوردان ينتج أحذية رياضية تحمل اسمه وقيمة فردة واحدة من ذلك الحذاء تعادل راتب أبي الجعافر في أسبوع.
وخذ مثالا النجمة الفاتنة الراحلة مارلين مونرو، التي دوخت الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي، هذه الحسناء كانت بستة أصابع في كل رجل، وكانت تحسب أنها ملكت الكون بعد أن استدرجت كينيدي إلى فراشها، ولكن الكون ضاق بها فانتحرت! ومن عجائب الأمور أن والت ديزني ذلك الأمريكي الذي أسس أكبر امبراطورية للترفيه في العالم، وشيد مجده المالي بأفلام الكرتون التي يقوم بأدوار البطولة فيها الفأر الشهير ميكي ماوس، كان يخاف من الفئران ويستنجد بسكرتيرته إذا رأى فأرا في مكتبه؟ يعنى الخوف من الفئران ليس وقفا على النساء، رغم أن بعض النساء مخيفات أكثر من الفئران، أنا شخصيا أخاف من الجمال (بكسر الجيم وأحيانا بفتحها)، ولو صادفت قطة في مكان ما ليلا، تراجعت تكتيكيا حتى لو اضطررت إلى العودة من حيث أتيت، ولكن أكثر كائن حي يرعبني هو الوطواط، وشاء حظي العاثر أن أعمل في أول عهدي بالتدريس في مدرسة في أواسط السودان، وكانت سقوف المدرسة ومساكن الطلاب موبوءة بالوطاويط وكنت مشرفا على أحد تلك المساكن ومقيما فيه، وبدلا من أن أوفر الرعاية للطلاب كنت أستعين بهم لتطهير غرفتي من الوطاويط.
واستغل العفاريت نقطة ضعفي تلك فكانوا يسربون صغار الوطاويط إلى غرفتي ثم يصطنعون النوم، وذات مرة أضأت مصباحا كهربائيا صغيرا مثبتا على قرن ثور في غرفتي، فاندفع منه وطواط وخبطني على وجهي، فاضطررت إلى اللجوء إلى بيت أحد الزملاء المعلمين وهكذا كانوا يستعينون بالوطاويط لإبعادي من غرفتي، فيخلو لهم الجو، فيسمرون ويهيصون حتى مطلع الفجر! أما زوجتي فإنها تخاف من الصراصير ولحسن حظها فإن منطقة الخليج تعج بالصراصير الفارهة، وبعضها من النوع الطيار القادر على القيام بمناورات أكروباتية، ما يعطيها العذر بعدم دخول المطبخ من حين إلى آخر بحجة وجود صرصار بداخله.
ومن عجائب هذا الكون أن أم ادولف هتلر سعت للإجهاض عندما كانت حاملا به، ولو فعلت لما كانت المحرقة اليهودية (الهولوكوست)، ولما كان اليهود يتاجرون بها ويستدرون بها عطف الغرب الذي بات يعتبر الشهيد العربي «فطيسا»، وهكذا كتب علينا أن نتعايش مع الصراصير والفئران والخفافيش الصهيونية التي تخيفنا رجالا ونساء، في انتظار أن تهشها أمريكا عنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك