العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

دروس لمن يرغب في الفهم

في‭ ‬لحظات‭ ‬الضعف‭ ‬قد‭ ‬يصيح‭ ‬الواحد‭ ‬منا‭ ‬إزاء‭ ‬مواقف‭ ‬وأحداث‭ ‬تؤلمه‭ ‬أو‭ ‬تحزنه‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تروق‭ ‬له‭: ‬هذا‭ ‬ظلم‭.. ‬أين‭ ‬العدل‭... ‬اشمعنى‭ ‬أنا؟‭ ‬ولكن‭ ‬لو‭ ‬تأملنا‭ ‬الأشياء‭ ‬والناس‭ ‬حولنا‭ ‬لهانت‭ ‬علينا‭ ‬مصائب‭ ‬كثيرة،‭ ‬خذ‭ ‬مثلا‭ ‬ذلك‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬شركة‭ ‬مالبره‭ ‬التي‭ ‬ننطقها‭ ‬خطأ‭ ‬مارلبورو‭) ‬للسجائر‭ ‬المعروفة،‭ ‬وصار‭ ‬من‭ ‬أغنى‭ ‬أغنياء‭ ‬العالم‭. ‬ذلك‭ ‬الرجل‭ ‬مات‭ ‬بسرطان‭ ‬الرئة،‭ ‬لأنه‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬المصري‭ ‬‮«‬طباخ‭ ‬السم‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يذوقه‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬الرجل‭ ‬قد‭ ‬حارب‭ ‬بشراسة‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬ومؤسسات‭ ‬البحث‭ ‬الطبي‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬السجائر‭ ‬تسبب‭ ‬أمراض‭ ‬الرئة‭ ‬والبلعوم‭ ‬والحلقوم،‭ ‬بل‭ ‬تصيب‭ ‬تلك‭ ‬الأعضاء‭ ‬من‭ ‬الجسم‭ ‬بالسرطان،‭ ‬واستعان‭ ‬في‭ ‬حملته‭ ‬تلك‭ ‬لتبرئة‭ ‬التبغ‭ ‬وشركته‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬وتسويق‭ ‬منتج‭ ‬يسبب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬بباحثين‭ ‬عديمي‭ ‬الضمير‭ ‬لإثبات‭ ‬أن‭ ‬السجائر‭ ‬مفيدة‭ ‬للصحة‭ ‬لأن‭ ‬التبغ‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬النبات‭ ‬والنباتات‭ ‬غنية‭ ‬بفيتامين‭ ‬سي‭ ‬ودبليو‭ ‬سي‭ ‬والألياف،‭ ‬وبموته‭ ‬بسرطان‭ ‬الرئة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬مقدور‭ ‬شركة‭ ‬تبغ‭ ‬أن‭ ‬تنفي‭ ‬مضار‭ ‬التدخين‭.‬

وبالمقابل‭ ‬انظر‭ ‬حال‭ ‬لاعب‭ ‬كرة‭ ‬السلة‭ ‬الأمريكي‭ ‬مايكل‭ ‬جوردان،‭ ‬الذي‭ ‬اعتزل‭ ‬اللعب‭ ‬وعمل‭ ‬فورا‭ ‬اعتزاله‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإعلانات‭ ‬الخاصة‭ ‬بشركة‭ ‬نايكي‭ ‬للمنتجات‭ ‬الرياضية،‭ ‬وجنى‭ ‬نظير‭ ‬الظهور‭ ‬نحو‭ ‬خمس‭ ‬دقائق‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الإعلانات‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يجنيه‭ ‬جميع‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬مصنع‭ ‬نايكي‭ ‬في‭ ‬ماليزيا‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬كاملة،‭ ‬ثم‭ ‬صار‭ ‬جوردان‭ ‬ينتج‭ ‬أحذية‭ ‬رياضية‭ ‬تحمل‭ ‬اسمه‭ ‬وقيمة‭ ‬فردة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الحذاء‭ ‬تعادل‭ ‬راتب‭ ‬أبي‭ ‬الجعافر‭ ‬في‭ ‬أسبوع‭.‬

وخذ‭ ‬مثالا‭ ‬النجمة‭ ‬الفاتنة‭ ‬الراحلة‭ ‬مارلين‭ ‬مونرو،‭ ‬التي‭ ‬دوخت‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬جون‭ ‬كينيدي،‭ ‬هذه‭ ‬الحسناء‭ ‬كانت‭ ‬بستة‭ ‬أصابع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬رجل،‭ ‬وكانت‭ ‬تحسب‭ ‬أنها‭ ‬ملكت‭ ‬الكون‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استدرجت‭ ‬كينيدي‭ ‬إلى‭ ‬فراشها،‭ ‬ولكن‭ ‬الكون‭ ‬ضاق‭ ‬بها‭ ‬فانتحرت‭! ‬ومن‭ ‬عجائب‭ ‬الأمور‭ ‬أن‭ ‬والت‭ ‬ديزني‭ ‬ذلك‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬أكبر‭ ‬امبراطورية‭ ‬للترفيه‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وشيد‭ ‬مجده‭ ‬المالي‭ ‬بأفلام‭ ‬الكرتون‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بأدوار‭ ‬البطولة‭ ‬فيها‭ ‬الفأر‭ ‬الشهير‭ ‬ميكي‭ ‬ماوس،‭ ‬كان‭ ‬يخاف‭ ‬من‭ ‬الفئران‭ ‬ويستنجد‭ ‬بسكرتيرته‭ ‬إذا‭ ‬رأى‭ ‬فأرا‭ ‬في‭ ‬مكتبه؟‭ ‬يعنى‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الفئران‭ ‬ليس‭ ‬وقفا‭ ‬على‭ ‬النساء،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬مخيفات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الفئران،‭ ‬أنا‭ ‬شخصيا‭ ‬أخاف‭ ‬من‭ ‬الجمال‭ (‬بكسر‭ ‬الجيم‭ ‬وأحيانا‭ ‬بفتحها‭)‬،‭ ‬ولو‭ ‬صادفت‭ ‬قطة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬ليلا،‭ ‬تراجعت‭ ‬تكتيكيا‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬اضطررت‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أتيت،‭ ‬ولكن‭ ‬أكثر‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬يرعبني‭ ‬هو‭ ‬الوطواط،‭ ‬وشاء‭ ‬حظي‭ ‬العاثر‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬عهدي‭ ‬بالتدريس‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬في‭ ‬أواسط‭ ‬السودان،‭ ‬وكانت‭ ‬سقوف‭ ‬المدرسة‭ ‬ومساكن‭ ‬الطلاب‭ ‬موبوءة‭ ‬بالوطاويط‭ ‬وكنت‭ ‬مشرفا‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬تلك‭ ‬المساكن‭ ‬ومقيما‭ ‬فيه،‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أوفر‭ ‬الرعاية‭ ‬للطلاب‭ ‬كنت‭ ‬أستعين‭ ‬بهم‭ ‬لتطهير‭ ‬غرفتي‭ ‬من‭ ‬الوطاويط‭.‬

واستغل‭ ‬العفاريت‭ ‬نقطة‭ ‬ضعفي‭ ‬تلك‭ ‬فكانوا‭ ‬يسربون‭ ‬صغار‭ ‬الوطاويط‭ ‬إلى‭ ‬غرفتي‭ ‬ثم‭ ‬يصطنعون‭ ‬النوم،‭ ‬وذات‭ ‬مرة‭ ‬أضأت‭ ‬مصباحا‭ ‬كهربائيا‭ ‬صغيرا‭ ‬مثبتا‭ ‬على‭ ‬قرن‭ ‬ثور‭ ‬في‭ ‬غرفتي،‭ ‬فاندفع‭ ‬منه‭ ‬وطواط‭ ‬وخبطني‭ ‬على‭ ‬وجهي،‭ ‬فاضطررت‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬أحد‭ ‬الزملاء‭ ‬المعلمين‭ ‬وهكذا‭ ‬كانوا‭ ‬يستعينون‭ ‬بالوطاويط‭ ‬لإبعادي‭ ‬من‭ ‬غرفتي،‭ ‬فيخلو‭ ‬لهم‭ ‬الجو،‭ ‬فيسمرون‭ ‬ويهيصون‭ ‬حتى‭ ‬مطلع‭ ‬الفجر‭! ‬أما‭ ‬زوجتي‭ ‬فإنها‭ ‬تخاف‭ ‬من‭ ‬الصراصير‭ ‬ولحسن‭ ‬حظها‭ ‬فإن‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬تعج‭ ‬بالصراصير‭ ‬الفارهة،‭ ‬وبعضها‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الطيار‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بمناورات‭ ‬أكروباتية،‭ ‬ما‭ ‬يعطيها‭ ‬العذر‭ ‬بعدم‭ ‬دخول‭ ‬المطبخ‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬بحجة‭ ‬وجود‭ ‬صرصار‭ ‬بداخله‭.‬

ومن‭ ‬عجائب‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬أن‭ ‬أم‭ ‬ادولف‭ ‬هتلر‭ ‬سعت‭ ‬للإجهاض‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬حاملا‭ ‬به،‭ ‬ولو‭ ‬فعلت‭ ‬لما‭ ‬كانت‭ ‬المحرقة‭ ‬اليهودية‭ (‬الهولوكوست‭)‬،‭ ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬اليهود‭ ‬يتاجرون‭ ‬بها‭ ‬ويستدرون‭ ‬بها‭ ‬عطف‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يعتبر‭ ‬الشهيد‭ ‬العربي‭ ‬‮«‬فطيسا‮»‬،‭ ‬وهكذا‭ ‬كتب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتعايش‭ ‬مع‭ ‬الصراصير‭ ‬والفئران‭ ‬والخفافيش‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬تخيفنا‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء،‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬تهشها‭ ‬أمريكا‭ ‬عنا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا