عالم يتغير
فوزية رشيد
محاولات بائسة لإنهاء القضية الفلسطينية !
{ جاء اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس »إسماعيل هنية« في طهران بعد وضعه على قائمة الاستهدافات التي حددتها حكومة الكيان الصهيوني بعد السابع من أكتوبر الماضي، ليضع النظام الإيراني في مأزق إعلامي وسياسي كبير، بما تم اعتباره (فشلاً أمنيا) يشير إلى اختراق أمني سواء في تأمين حياة «هنية» أو في تأمين المكان الذي تم وضعه فيه كضيف كبير من جانب «الحرس الثوري» والمكان تابع له! وتضارب التصريحات حول إن كان استهداف بقذيفة تم إطلاقها من الخارج، أو إن كانت عبوة ناسفة داخل غرفة «هنية» فكلا الأمرين يدلان على فشل ومأزق أمني كبير، يلفهما الغموض كما حدث بالنسبة إلى حادث انفجار طائرة الرئيس الإيراني »رئيسي« قبل ذلك !
{ الحدث مجرد صفحة أخرى في كتاب استهداف القادة الفلسطينيين المؤثرين، ولا يهم الى أي فصيل أو إيديولوجيا ينتمون، سواء من فتح أو حماس أو الشعبية أو الديمقراطية.. إلخ، مثلما يحوي كتاب الاغتيالات صفحات وافرة لاغتيال كتاب وصحفيين ومفكرين وفنانين فلسطينيين! حيث تتكاثر الأسماء في كل المجالات التي تحمل في داخلها أي تأثير سياسي أو فكري أو فني، يصب في حراك الشعب الفلسطيني المصرّ على تحرير أرضه منذ عام النكبة! فاعتمد الكيان الصهيوني منذ البداية حرب الإبادة على يد التجمعات الإرهابية العسكرية مثل «ألهاجاناه» وتنظيمات إرهابية أخرى تحولت فيما بعد إلى سياسة مستمرة لحكومة الكيان عبر العقود المتلاحقة منذ نشوئه! لتتوازى حروب الإبادة للشعب الفلسطيني واستهداف قادته، فتتداخل حركة «التظهير العرقي والعنصري» داخل فلسطين المحتلة مع استهداف «القيادات» باعتقاد أن تلك الاغتيالات مدخل مهم لإنهاء القضية الفلسطينية، وإن على مراحل، وبأساليب تداخلت فيها الوحشية والفاشية بشكل غير مسبوق في تاريخ الاحتلالات الاستعمارية !
{ هذا الكيان الغاصب الذي لا يزال يعيش صدمة عدم القدرة على تطويع الشعب الفلسطيني أو القضاء عليه، لا يدرك أن إرادة هذا الشعب لا تزال تذهل العالم كله، رغم كل ما قام به الكيان من إبادة في «غزة» تساوى فيها البشر والحجر! لا يدرك هذا الكيان الغاصب، أن الشعب كل مرة يتم فيه اغتيال قادته، يأتي قادة من داخله أكثر إصراراً وعزماً على تحرير أرضه ومقدساته، ويبتكر كل مرة أساليب مقاومته رغم كل الابتلاءات والكوارث التي ينزلها العدو الصهيوني على حياته، التي امتلأت بالفقد وتم شطب عوائل بأكملها من السجل المدني، مثلما مورس ضده التجويع والإمراض المتعمد أو الناتج من الظروف القاسية في ظل التدمير الشامل! ناهيك عن التعذيب الوحشي غير المسبوق والممنهج في سجون الاحتلال! ورغم ذلك وعبر وحشية غير مسبوقة تاريخياً ضد هذا الشعب، ورغم تخلي أو تقاعس العرب والمسلمين عن نصرته، فإنه يواجه وحده وبإرادة غير مسبوقة أيضاً آلة الحرب العسكرية والنفسية مثلما يواجه الغرب الاستعماري الداعم للكيان بشكل مطلق!
{ مهما فعل هذا الكيان والغرب الداعم له، فإن الشعب الفلسطيني لايزال مستمراً في نضاله، وسيبقى كذلك، فهو شعب الرباط، الذي يحمل إيمانه في داخله كأقوى سلاح، سواء الإيمان بالله أو الإيمان بعدالة قضيته وتحرير مقدساته! اغتالوا «ياسر عرفات» و«أبو إياد» من حركة فتح وغيرهما كثير، مثلما اغتالوا، «أحمد ياسين» و«الرنتيسي» واليوم إسماعيل هنية وغيرهم كثير ومن كل الحركات الفلسطينية، ليتضح أن الكيان الصهيوني لا يحارب «حماس» وحدها أو غيرها، وإنما هو يحارب أي قيادة مهمة لهذا الشعب، وتتساوى في نظره كل الانتماءات والإيديولوجيات! مثلما تتساوى عنده في حرب الإبادة الرجال والأطفال والنساء!
{ الهدف هو القضاء على أي شكل من المقاومة سواء بالحجر أو بالكلاشينكوف، أو المقاومة بالفن والفكر والكتابة ورسوم الكاريكاتير أو بالشعر أو الصحافة أو الإعلام! فهو يقتل كل طائر فلسطيني يغرد للحرية ولتحرير أرضه، أينما كان سواء داخل فلسطين أو خارجها! إنه يريد يوماً أن يصحو فلا يجد أي فلسطيني، وهو لا يدرك أنه سيصحو يوماً فلا يجد نفسه في أرض فلسطين التاريخية، وما ذلك على الله بعسير!
رحم الله على شهداء فلسطين الذين يناضلون من أجل قضيتهم العادلة، ويدفعون أكثر الأثمان الباهظة، بأرواحهم وأولادهم وبيوتهم وحياتهم، وينجبون ليكون أغلبهم مشاريع شهادة! هؤلاء لن يتم هزيمتهم مهما فعل الكيان الغاضب، ومهما مارس من وحشية وقتل!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك