عالم يتغير
فوزية رشيد
حين تبدأ الألغاز تضيع الحقيقة!
{ في قصص الحوادث الغامضة عبر التاريخ، تبدأ الحكاية عادة بلغز واحد لتصبح بعد ذلك ألغازًا كثيرة! ثم من بين تلك الألغاز ينسج الغموض خيوطه، فتتفاوت الآراء وتختلف التحليلات وتتناقض الخلاصات، والضحية في كل ذلك هي الحقيقة دائمًا! وخاصة إذا كانت أصابع الجاني غير واضحة وأصابع المتواطئين معه قد دخلت في الضبابية! حينها يتمّ تسجيل الحادثة أو الأحداث بأنها غامضة ويتم قفل القضية، لتدور دائرة النسيان فتأخذها في دورتها معها، انتظارًا لأحداث غامضة أخرى! هكذا يتم نسج قصص «أجاثا كريستي» المعروفة بقصصها البوليسية الغامضة، وحيث لا يوجد في عالمنا الحقيقي مثلا من يرصد الأحداث كما كان يفعل «شارلوك هولمز» في متابعة الخيوط حتى يكتشف الحقيقة ويبدّد الغموض!
{ اليوم اغتيال «إسماعيل هنية» في طهران يلفه الغموض، رغم أن بعض خيوط الجريمة تتسرب من هنا وهناك!
«نيويورك تايمز» في تقرير لها، ولا أحد يعرف مدى موثوقية ما جاء فيه، حيث لا فيديوهات ولا صور تم إعلانها، لتوضح كيف حدث الانفجار أبصاروخ من الخارج أم بعبوة ناسفة من داخل غرفة نوم هنيّة؟! إلا أن التقرير يقول (تم زرع العبوات الناسفة في 3 غرف مختلفة في منشأة الحرس الثوري من قبل عملاء إيرانيين استأجرهم الموساد، وكانت الخطة الأصلية هي تفجير المبنى في شهر مايو، وقت وصول «هنيّة» لحضور جنازة الرئيس السابق «رئيسي»، لكن كان هناك الكثير من الأشخاص في المبنى وكان هناك خوف من فشل العملية)!
ويضيف التقرير: (تم تسجيل العملاء بواسطة الكاميرات الأمنية على الفور، ولاذوا بالفرار من الأراضي الإيرانية بعد وقت قصير، وبحسب شكوك الإيرانيين فإن هؤلاء عملاء من «الوحدة الأمنية» التابعة للحرس الثوري، وقد تم لاحقًا اعتقال أكثر من 24 مشتبها في تورطهم في القضية من بينهم كبار ضباط المخابرات والمسؤولين العسكريين والعاملين في منشأة الإقامة التي أقام فيها «هنية»)!
{ هذا التقرير يثير الكثير من الأسئلة، التي من المفترض أن تملك إيران جرأة البحث فيها، ولكنها لن تفعل لأن إعلان (اختراق أمني متواصل في إيران وبشكل خطير) هو نقطة ضعف كبرى في نظامها! لماذا لا توجد صورة للانفجار في المبنى حتى الآن؟! لماذا تخفي إيران الرواية الحقيقية حول مقتل «رئيسي» ومقتل علمائها وعدد من عناصرها في سوريا مثلاً؟! كل تلك الأحداث التي بقيت غامضة تدل على أن النظام مخترق بقوة، وعلى أعلى مستوى، من «الموساد»!
{ «خليل الحيّة» من عناصر حماس القيادية قال: (إن الامن الإيراني تولى مسؤولية حماية الأخ الشهيد «إسماعيل هنية» منذ وصولنا، وأبعد حراسه الشخصيين، وخصص لهم مكانا آخر من دون توضيح سبب هذا الإجراء! والشهيد «وسيم» طلب إيصال الهاتف إليه ولم يعد)! «خليل الحية» من ضمن الوفد الذي رافق «إسماعيل هنية» إلى إيران.
وأضاف: (إن كل الأجهزة الخلوية سُحبت من جميع المرافقين الذين تم سحبهم إلى مكان آخر! وإن «هنية» كان يقوم بتغيير غرفته كل ربع ساعة)! هل كان يراوده إحساس غامض بأنه عرضة للاغتيال؟!
{ المهم في تلك السرديات التي يتم تداولها على المنصات الإلكترونية بشكل واسع أن الجميع يشعر بغموض الحدث! وبسؤال لماذا لم يتم استهدافه من الكيان الصهيوني في «الدوحة» أو تركيا ولماذا نجح الكيان في طهران؟!
لماذا لم ينجح الكيان في اغتيال القيادات الرئيسية لحماس رغم مرور عشرة أشهر في رقعة صغيرة مثل غزة، وأجواؤها مليئة بكل تقنيات التجسس والرصد؟!
{ هذا الاغتيال وقبله اغتيال «رئيسي» كما يصفه الكثير من المراقبين، وقد تم مجددًا فتح ملفه لحل اللغز في كيفية سقوط طائرته! وكل الأحداث المختلفة التي تمت في طهران، تشي بأن (الاختراق الأمني) من جانب «الموساد» قد وصل إلى درجة عالية، جعلت من إيران مسرحًا مريحًا لعملياتها الاستخباراتية وللاغتيالات! ومثلها ما حدث من عمليات عسكرية في سوريا ولبنان والعراق، تطرح ذات الأسئلة والشكوك!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك