العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

قاع نهر السين «النتن»

منذ‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬سياحية‭ ‬لمدينة‭ ‬باريس‭ ‬بلد‭ ‬الأناقة‭ ‬والجمال‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬عنها،‭ ‬وقد‭ ‬شاهدت‭ ‬بعيني‭ ‬حالة‭ ‬الاستنفار‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬استعداد‭ ‬لاستضافة‭ ‬الاولمبياد‭ ‬سواء‭ ‬أمنيا‭ ‬أو‭ ‬تجهيزيا،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يخطر‭ ‬ببالي‭ ‬حينئذ‭ ‬حدوث‭ ‬هذا‭ ‬السقوط‭ ‬المدوي‭ ‬لحفل‭ ‬الافتتاح‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬الإعداد‭ ‬له‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬اللافتة‭ ‬المبهرة‭.‬

نعم‭ ‬سقوط‭ ‬مدو‭ ‬بل‭ ‬فضيحة‭ ‬أخلاقية‭ ‬تركت‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬بلد‭ ‬عُرف‭ ‬عنه‭ ‬أنه‭ ‬الأكثر‭ ‬جذبا‭ ‬للسياحة‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬الدول،‭ ‬وبين‭ ‬ليلة‭ ‬وضحاها‭ ‬فقدت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬محبيها‭ ‬وعشاقها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأطياف‭ ‬والديانات‭ ‬والأجناس،‭ ‬وذلك‭ ‬جراء‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬واهتز‭ ‬لها‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬شرقه‭ ‬إلى‭ ‬غربه‭.‬

لقد‭ ‬أدان‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬تلك‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬تصدرت‭ ‬افتتاح‭ ‬دورة‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬بباريس‭ ‬وأثارت‭ ‬غضبا‭ ‬عالميا‭ ‬واسعا‭ ‬وتظهر‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬مسيئة‭ ‬لشخصه‭ ‬الكريم‭ ‬ولمقام‭ ‬النبوة‭ ‬الرفيع‭ ‬بهذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬الهمجي‭ ‬الطائش‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحترم‭ ‬مشاعر‭ ‬المؤمنين‭ ‬بالأديان‭ ‬وبالأخلاق‭ ‬وبالقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الراقية،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬رفضه‭ ‬الدائم‭ ‬لكل‭ ‬محاولات‭ ‬المساس‭ ‬بأي‭ ‬نبي‭ ‬من‭ ‬أنبياء‭ ‬الله،‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬استغلال‭ ‬المناسبات‭ ‬العالمية‭ ‬لتطبيع‭ ‬الاساءة‭ ‬للدين‭ ‬وترويج‭ ‬الشذوذ‭ ‬والتحول‭ ‬الجنسي‭.‬

كما‭ ‬أعربت‭ ‬الكنيسة‭ ‬القبطية‭ ‬الأرثوذكسية‭ ‬برئاسة‭ ‬قداسة‭ ‬البابا‭ ‬تواضروس‭ ‬الثاني‭ ‬عن‭ ‬استيائها‭ ‬واستنكارها‭ ‬البالغين‭ ‬مما‭ ‬تضمنه‭ ‬الحفل‭ ‬من‭ ‬تجسيد‭ ‬مشهد‭ ‬العشاء‭ ‬الأخير‭ ‬للسيد‭ ‬المسيح‭ ‬مع‭ ‬تلاميذه‭ ‬والذي‭ ‬أسس‭ ‬فيه‭ ‬سر‭ ‬الافخارستيا‭ ‬أقدم‭ ‬وأقدس‭ ‬أسرار‭ ‬الكنيسة‭ ‬وممارساتها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬مطالبة‭ ‬باعتذار‭ ‬واضح‭ ‬وجاد‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬المنظمة‭ ‬لكل‭ ‬المسيحيين‭ ‬الذين‭ ‬استاؤوا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬المخجل‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬إدخال‭ ‬الفرح‭ ‬والبهجة‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬المشاركين‭ ‬والمشاهدين‭. ‬

صحيح‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬الاعتذار‭ ‬للعالم‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬المؤسفة،‭ ‬وتم‭ ‬حذف‭ ‬الفيديو‭ ‬الرسمي‭ ‬لحفل‭ ‬افتتاح‭ ‬أولمبياد‭ ‬باريس‭ ‬من‭ ‬قناة‭ ‬الأولمبياد‭ ‬الرسمية‭ ‬على‭ ‬يوتيوب‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وقع‭ ‬الفأس‭ ‬في‭ ‬الرأس،‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬جروح‭ ‬غائرة‭ ‬أليمة‭ ‬في‭ ‬أدمغة‭ ‬وعقول‭ ‬ونفوس‭ ‬المليارات‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬مداواتها‭.‬

المدير‭ ‬الإبداعي‭ ‬للحفل‭ ‬الموسيقي‭ ‬الفرنسي‭ ‬الشهير‭ ‬توماس‭ ‬جولي‭ ‬دافع‭ ‬عن‭ ‬قراراته‭ ‬قبل‭ ‬انطلاق‭ ‬حفل‭ ‬الافتتاح‭ ‬قائلا‭:‬

‮«‬إن‭ ‬مشهد‭ ‬العشاء‭ ‬الأخير‭ ‬كان‭ ‬متوافقا‭ ‬مع‭ ‬تقاليد‭ ‬فرنسا‭ ‬الطويلة‭ ‬من‭ ‬العلمانية،‭ ‬وأنه‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬لدينا‭ ‬حرية‭ ‬الإبداع‭ ‬والفن،‭ ‬ونحن‭ ‬محظوظون‭ ‬لأننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬ولدينا‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬من‭ ‬نريد‭ ‬ولدينا‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬ألا‭ ‬نكون‭ ‬من‭ ‬المصلين‮»‬‭.‬

فبئس‭ ‬تلك‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬يتحدث‭ ‬عنها‭ ‬ويتشدق‭ ‬بها‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الغربي،‭ ‬التي‭ ‬يتخلوا‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬الروابط‭ ‬الروحية‭ ‬والفكرية‭ ‬مع‭ ‬الخالق‭ ‬والوطن‭ ‬والأسرة‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تدهور‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم،‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المجري‭ ‬فيكتور‭ ‬أوربان‭ ‬تعليقا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬به‭ ‬حفل‭ ‬الافتتاح‭ ‬المشين‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أعربت‭ ‬عنه‭ ‬ببراعة‭ ‬المتحدثة‭ ‬باسم‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسية‭ ‬حين‭ ‬قالت‭: ‬

‮«‬فعلا‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬قاع‭.. ‬بل‭ ‬قاع‭ ‬نهر‭ ‬السين‭ ‬النتن‭.. ‬يحاولون‭ ‬تلويث‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬له‭ ‬قيمة‭ ‬بأمراضهم‮»‬‭!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا