العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن الوفاق والفراق الزوجي

على‭ ‬ذمة‭ ‬صحيفة‭ ‬إلكترونية‭ ‬خليجية،‭ ‬شهدت‭ ‬إحدى‭ ‬مدن‭ ‬دولة‭ ‬شقيقة،‭ ‬امتلاء‭ ‬قصر‭ ‬الاحتفالات‭ ‬الفخم،‭ ‬بمئات‭ ‬النساء‭ ‬اللواتي‭ ‬دعين‭ ‬إلى‭ ‬زفاف‭ ‬إحدى‭ ‬بنات‭ ‬المدينة،‭ ‬وكما‭ ‬هي‭ ‬العادة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬عموما،‭ ‬فإن‭ ‬حفلات‭ ‬الزفاف‭ ‬خاصة‭ ‬فقط‭ ‬بالنساء،‭ ‬ويسمح‭ ‬فقط‭ ‬للمعرس‭/ ‬العريس‭ ‬وربما‭ ‬‮«‬بالكتير‮»‬‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬أشقائه‭ ‬بالدخول‭ ‬إلى‭ ‬قاعة‭ ‬الاحتفال‭ ‬لالتقاط‭ ‬صور‭ ‬مع‭ ‬العروس‭. ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحفل‭ ‬بالتحديد‭ ‬توجه‭ ‬العريس‭ ‬صوب‭ ‬الكوشة‭ (‬وأعرب‭ ‬للمرة‭ ‬التريليون‭ ‬عن‭ ‬عجبي‭ ‬لاستخدام‭ ‬أهلي‭ ‬السودانيين‭ ‬لهذه‭ ‬الكلمة‭ ‬لوصف‭ ‬المنصة‭ ‬التي‭ ‬يجلس‭ ‬عليها‭ ‬العريس‭ ‬والعروس،‭ ‬لأنها‭ ‬تعني‭ ‬في‭ ‬العامية‭ ‬السودانية‭ ‬‮«‬مكب‭ ‬النفايات‮»‬‭!)‬،‭ ‬ليجد‭ ‬زوجة‭ ‬المستقبل‭ ‬ترتدي‭ ‬فستانا‭ ‬غير‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬فيه‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬عملة‭ ‬بلاده‭.‬

كانت‭ ‬بالتحديد‭ ‬ترتدي‭ ‬كفنا‭. ‬نعم‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إلباسه‭ ‬للميت‮»‬،‭ ‬وعليه‭ ‬عبارات‭ ‬تذكر‭ ‬بعذاب‭ ‬القبر‭ ‬وأهوال‭ ‬القيامة،‭ ‬و«كل‭ ‬من‭ ‬عليها‭ ‬فان‮»‬‭ ‬و«وإنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‮»‬‭. ‬وران‭ ‬على‭ ‬القاعة‭ ‬صمت‭ ‬تام،‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬الطبول‭ ‬والدفوف‭ ‬المعتادة‭ ‬شق‭ ‬السكون‭ ‬صوت‭ ‬مقرئ‭ ‬معروف‭ ‬يتلو‭ ‬آيات‭ ‬كلها‭ ‬تتعلق‭ ‬بالموت‭ ‬وأهوال‭ ‬القبر‭ ‬و«هذه‭ ‬جهنم‭ ‬التي‭ ‬كنتم‭ ‬توعدون‮»‬‭. ‬وما‭ ‬أثار‭ ‬عجب‭ ‬المدعوات‭ ‬والعريس‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬العروس‭ ‬كانت‭ ‬هاشة‭ ‬باشة‭ ‬وباسمة،‭ ‬وكأنها‭ ‬‮«‬ضامنة‭ ‬الجنة‮»‬،‭ ‬ورصد‭ ‬العريس‭ ‬الموقف‭ ‬لدقائق‭ ‬معدودة‭ ‬ثم‭ ‬وقف‭ ‬أمام‭ ‬الجميع‭ ‬وقال‭ ‬لعروسه‭: ‬أنت‭ ‬طالق،‭ ‬فازداد‭ ‬وجهها‭ ‬بشرا‭ ‬وتألقا،‭ ‬لأنها‭ ‬نالت‭ ‬مرادها،‭ ‬فقد‭ ‬تعمدت‭ ‬لبس‭ ‬الكفن‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬رفضها‭ ‬للزيجة‭ ‬وفهم‭ ‬العريس‭ ‬‮«‬المسج‮»‬‭ ‬وطلقها‭ ‬معلنا‭ ‬بدوره‭ ‬رفضه‭ ‬للزيجة‭.‬

وكتبت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عن‭ ‬شقيقين‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬السعودية‭ ‬قررا‭ ‬الاحتفال‭ ‬بزواجهما‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬ونفس‭ ‬القاعة،‭ ‬ودخلت‭ ‬عروس‭ ‬الشقيق‭ ‬الأكبر‭ ‬القاعة‭ ‬تصاحبها‭ ‬المغنيات‭ ‬بالدفوف،‭ ‬ثم‭ ‬جلست‭ ‬على‭ ‬الكوشة،‭ ‬وبعد‭ ‬قليل‭ ‬وتوجهت‭ ‬عروس‭ ‬الشقيق‭ ‬الأصغر‭ ‬نحو‭ ‬الكوشة‭ ‬الملاصقة‭ ‬للعروس‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬الأخيرة‭ ‬منعتها‭ ‬من‭ ‬الجلوس‭ ‬قائلة‭: ‬حنا‭ ‬دفعنا‭ ‬فلوس‭ ‬القاعة‭ ‬والزينات،‭ ‬روحي‭ ‬شوفي‭ ‬لك‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬مستواك‭ ‬يا‭ ‬كحيانة‭ ‬يا‭ ‬مقطّعة،‭ ‬ثم‭ ‬غمزت‭ ‬للطقاقات‭ ‬فرددن‭ ‬أغنية‭ ‬تعاير‭ ‬العروس‭ ‬التي‭ ‬بدون‭ ‬كوشة‭ ‬بفقر‭ ‬أهلها،‭ ‬وسمع‭ ‬الأخ‭ ‬الأكبر‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬ودخل‭ ‬القاعة‭ ‬وتوجه‭ ‬الى‭ ‬عروسه‭ ‬بنت‭ ‬العز‭ ‬وسليلة‭ ‬بيت‭ ‬المال،‭ ‬ووقف‭ ‬أمامها‭ ‬وطلب‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬الصمت‭ ‬ونظر‭ ‬إلى‭ ‬عروسه‭ ‬تلك‭ ‬وقال‭ ‬لها‭: ‬أنت‭ ‬طالق‭ ‬ثم‭ ‬صافح‭ ‬عروس‭ ‬شقيقه‭ ‬وقال‭ ‬لها‭: ‬مبروك‭.‬

يقال‭ ‬إنه‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬عام‭ ‬كان‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الخويطر‭ ‬في‭ ‬صحبة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬الراحل‭ ‬الأمير‭ ‬سلطان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬لتبوك،‭ ‬عندما‭ ‬طلب‭ ‬الخويطر‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬القضاة‭ ‬أن‭ ‬يسرد‭ ‬تجربته‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬فوق‭ ‬زوجته‭ ‬الأولى،‭ ‬فابتسم‭ ‬القاضي‭ ‬وقال‭: ‬تزوجت‭ ‬بالثانية‭ ‬سرا،‭ ‬ولكن‭ ‬زوجتي‭ ‬الأولى‭ ‬ظلت‭ ‬تطاردني‭ ‬بشكوكها‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬زواجي‭ ‬عليها،‭ ‬ولما‭ ‬طال‭ ‬الموال‭ ‬قلت‭ ‬للزوجة‭ ‬الثانية‭ ‬تعالي‭ ‬زوريني‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬زوجتي‭ ‬الأولى‭ ‬طالبة‭ ‬المشورة‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬شرعي،‭ ‬وهكذا‭ ‬ذهبت‭ ‬الأخيرة‭ ‬الى‭ ‬بيت‭ ‬ضرتها‭ ‬وطلبت‭ ‬منها‭ ‬مساعدتها‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬‮«‬الشيخ‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬أبلغت‭ ‬الزوجة‭ ‬الأولى‭ ‬مولانا‭ ‬القاضي‭ ‬بالأمر‭ ‬حتى‭ ‬قال‭ ‬لزوجته‭: ‬لا‭ ‬مانع‭ ‬بس‭ ‬لازم‭ ‬تجلسي‭ ‬ويانا‭.. ‬ما‭ ‬يصير‭ ‬أجلس‭ ‬بروحي‭ ‬مع‭ ‬واحدة‭ ‬غريبة‭. ‬وبدأت‭ ‬‮«‬الضيفة‮»‬‭ ‬تحكي‭ ‬للقاضي‭ ‬عن‭ ‬شكوكها‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬زوجها‭ ‬متزوج‭ ‬عليها‭ ‬سرا،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬القاضي‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قال‭ ‬لها‭: ‬يا‭ ‬بنتي‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الشيطان‭ ‬يوسوس‭ ‬لك‭ ‬لخراب‭ ‬بيتك‭. ‬ولماذا‭ ‬نذهب‭ ‬بعيدا‭. ‬زوجتي‭ ‬الجالسة‭ ‬أمامك‭ ‬مسكونة‭ ‬بنفس‭ ‬الشكوك‭ ‬والوساوس،‭ ‬ومن‭ ‬يستسلم‭ ‬لهمس‭ ‬الشيطان‭ ‬يسعى‭ ‬لخراب‭ ‬بيته،‭ ‬وشكرته‭ ‬الضيفة‭ ‬وخرجت،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الزوجة‭ ‬الأولى‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قبلت‭ ‬رأس‭ ‬الزوج‭ ‬القاضي‭ ‬طالبة‭ ‬العفو‭ ‬والسماح،‭ ‬لأنها‭ ‬حاصرته‭ ‬بشكوكها‭ ‬‮«‬الإبليسية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬اليمن‭ ‬ظل‭ ‬صحفي‭ ‬متزوج‭ ‬من‭ ‬اثنتين‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ثرثرتهما‭. ‬لم‭ ‬تكونا‭ ‬تتشاجران‭ ‬بل‭ ‬كانتا‭ ‬‮«‬منسجمتين‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬تكفان‭ ‬عن‭ ‬الحديث‭ ‬والسعي‭ ‬لجرجرته‭ ‬إلى‭ ‬الثرثرة،‭ ‬فلم‭ ‬يجد‭ ‬مخرجا‭ ‬سوى‭ ‬الزواج‭ ‬بثالثة‭ ‬عمرها‭ ‬19‭ ‬سنة،‭ ‬كانت‭ ‬تتميز‭ ‬على‭ ‬الاثنتين‭ ‬الأخريين‭ ‬بكونها‭ ‬بكماء‭ ‬صماء‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا