عالم يتغير
فوزية رشيد
نتنياهو والكونجرس: أمريكا تحتاج إلى من يحررها!
{ في الواقع كلنا ندرك أن الولايات المتحدة واقعة في قبضة الدولة العميقة التي يديرها الصهاينة والماسون اليهود! ولكن قط لم أتخيل أن يصل الخضوع ومشهد الذل، خاصة في الكونجرس، باعتباره ممثلا للشعب الأمريكي، تلك الدرجة التي وصل إليها الساسة والمشرعون الأمريكيون وهم يستقبلون مجرم الحرب نتنياهو الذي تطارده قضايا الإجرام في محكمة الجنايات الدولية، وتطارده الإدانة المباشرة هو وحكومته محكمة العدل الدولية ويطارده ضمير شعوب العالم كلها، وتطارده المظاهرات الإسرائيلية، بل حتى الشعب الأمريكي نفسه بمن فيهم اليهود، بسبب صدمة المجازر والإبادة الجماعية التي ارتكبها في غزة وفشله في تحرير الرهائن! ولكن وحده الكونجرس ورؤساء أمريكا لا يرون فيه مجرم حرب! بل وحده الكونجرس استقبله منذ دخوله القاعة بالتصفيق الحار واستمر يصفق كأنه يقوم بدور تمثيلي يملي عليه التصفيق طوال الخطبة المليئة بالأكاذيب والغرور والتلفيق التي حاول أن يغطي بها فشله في حرب غزة وسقوط حكومته والكيان أخلاقيا وإنسانيا قبل سقوطهما عسكريا وسياسيا! لقد تفوق نتنياهو على «جوبلز» صاحب مقولة (اكذب اكذب حتى يصبح كذبك حقيقة)! ولكن العالم كله رأى ويرى الحقيقة، ولذلك رأى أيضا حجم الذل في الكونجرس الأمريكي!
{ كان المشهد في الكونجرس مريعا وذا دلالة التقطها كل من شاهده في العالم، إنه السقوط المدوي لدولة عظمى تقود النظام العالمي بوحشية غير معهودة، ولكن حين يصل الأمر إلى الكيان الصهيوني، فإن قادتها ورؤساءها بل والكونجرس فيها يتصرف كقطيع صهيوني! بل كقطيع ذليل أمام مجرم الحرب نتنياهو! فأين المبادئ الأمريكية وأين ادعاءات الحرية وتمثال الحرية، حين يتصرف قادتها والكونجرس بمثل ذلك الذل، في مشهد تراجيدي يتم التصفيق فيه لمجرم الإبادة والتطهير العرقي والتجويع والدوس على القانون الدولي؟! أي عبث هذا الذي جعل هذا المجرم وهو يواصل سرديته الكاذبة ليتعامل مع الكونجرس باعتباره محرر أمريكا ونموذجا للحرية والإنسانية! فيصدقه الكونجرسيون ولا يتوقفون عن التصفيق لصلافته ووقاحته تلك وتحديه للقانون الدولي ولمعايير حقوق الإنسان، بل للمتظاهرين الأمريكيين فينعتهم أمام ممثليهم بأنهم إرهابيون تابعون لإيران! القطيع الصهيوني في الكونجرس يجلس ثواني ثم يقف مجددا فيصفق، ولا يكف عن التصفيق بين كل أكذوبة ووقاحة يطلقها مجرم الحرب!
{ هؤلاء المصفقون لمرتكب التطهير العرقي والجرائم التي ليس لها سابقة يعرفون أن 52% أي 112 عضوا من أصل 212 من مجلس النواب قاطعوا خطاب نتنياهو! وأن 47% أي 24 من أصل 51 من مجلس الشيوخ قاطعوه! والكونجرس يتكون من المجلسين النواب والشيوخ. أما المصفقون الذين ساعدوا صهاينة الكونجرس في التصفيق فكانوا من الكومبارس لملء المقاعد الفارغة أو التي قاطع أصحابها الخطاب! ليصبح مشهد التصفيق هستيريا بما يعادل 79 مرة خلال الـ54 دقيقة منها 58 مرة وهم يقفون على أقدامهم! وهنا نصل إلى ماهية الغضب لدى الشعب الأمريكي الرافض لعبوديته للصهيونية وللمجازر والتطهير العقي والعنصري والغاضب من قادته وممثليه! وطوال الشهور العشرة الماضية تحدث كثير من المفكرين والمواطنين الأمريكيين عن حاجتهم إلى تحرير أمريكا من الصهيونية والصهاينة! وبعد خطاب الكونجرس تجدد ذلك القول ومنه ما قالته «جيل ستاين» مرشحة الرئاسة الأمريكية: (نحن سنحرر فلسطين وفلسطين ستحررنا)! إنه الشعور بالفاجعة بأن احتجاجاتهم هي لفلسطين ولكنها بالدرجة الأولى لتحرير بلدهم من ذل الانقياد الأعمى للصهاينة الذين يتحكمون في كل شيء في بلادهم! بما فيه شراء الذمم في الكونجرس أي ممثل الشعب الأمريكي! وشراء الرؤساء الأمريكيين أو تهديدهم وإجبارهم على الخضوع من خلال «إيباك» أو المجلس الصهيوني الأمريكي الذي كان وقوف الرئيس كينيدي ضده أحد أسباب اغتياله!
{ حين تكون الدولة التي تدير وتقود النظام العالمي خاضعة لمافيا سياسية وعقدية كالتي يمثلها الصهاينة، فإن ذلك لا يؤثر فقط على الداخل الأمريكي بل إنه يهدد العالم كله، ويهدد القانون الدولي وكل المؤسسات الأممية، لأن تلك الدولة المهيمنة تتحول إلى قطيع صهيوني يقودها عبر المال والضغط والهيمنة على المؤسسات، وهي تقود العالم (برؤية صهيونية عقدية متطرفة)، فيحدث ما يحدث في عالم اليوم من اختلال وسقوط وفشل لكل مؤسسات النظام العالمي! هذا يعني وكما قالت «جين ستاين» (لابد من تحرير أمريكا لابد من تحرير أنفسنا)! وهذا ما فعلته غزة في الوعي الأمريكي، الذي أدرك أنه مستعمَر (بفتح الميم الثانية) ولا بد أن تتحرر أمريكا لكي يتحرر الغرب والعالم كله من قبضة الصهيونية! ومشهد الكونجرس خير دليل!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك