العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

لماذا فلسطين قضيتنا الأهم!

{‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يدمر‭ ‬أي‭ ‬أمة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬استلاب‭ ‬الوعي‭ ‬أو‭ ‬سباته‭ ‬أو‭ ‬دخوله‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬التضليل‭ ‬الفكري‭ ‬والاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬التضليل‭ ‬هو‭ ‬الحقيقة‭! ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬حدس‭ ‬الشعوب‭ ‬يبقى‭ ‬متيقظا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أحلك‭ ‬مراحل‭ ‬الظلمات،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬أصاب‭ ‬التضليل‭ ‬جماعات‭ ‬أو‭ ‬أفرادا‭ ‬فيها‭! ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الجماعات‭ ‬أو‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬يروج‭ ‬لفكرة‭ ‬تضليلية‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬فلسطين‭ ‬ليست‭ ‬قضيتي‭! ‬وهؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يقرأون‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يفهمونه‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬مصير‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬هو‭ ‬مصير‭ ‬مترابط‭ ‬لا‭ ‬بحكم‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والحضارة‭ ‬والدين‭ ‬واللغة‭ ‬والتاريخ‭ ‬المشترك،‭ ‬كما‭ ‬حفظنا‭ ‬في‭ ‬أدبيات‭ ‬المدارس،‭ ‬ولكن‭ ‬بحكم‭ ‬رؤية‭ ‬المستعمر‭ (‬بكسر‭ ‬الميم‭) ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬المنطقة‭ ‬منطقة‭ ‬مترابطة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الاستهداف‭ ‬ووضع‭ ‬المخططات‭ ‬سواء‭ ‬لإضعافها‭ ‬أو‭ ‬لتقسيمها‭ ‬لكي‭ ‬يسهل‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تلك‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الاستهدافية‭ ‬التي‭ ‬تحركها‭ ‬الصهيونية‭ ‬المسيحية‭ ‬والماسونية‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬استطاعت‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬سياسي‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬تلفيق‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ديني‭ ‬وصناعة‭ ‬فكرة‭ ‬الأرض‭ ‬الموعودة‭ ‬للصهاينة‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬لتحكم‭ ‬وتمتد‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬لتحقيق‭ ‬الرؤية‭ ‬أو‭ ‬الرواية‭ ‬التوراتية‭ ‬الملفقة‭ ‬بنشوء‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬التهويد‭ ‬الكامل‭ ‬لفلسطين‭ ‬أولا‭ ‬ثم‭ ‬الامتداد‭ ‬نحو‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬وخرائطها‭ ‬التقسيمية‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬المرويات‭ ‬والأساطير‭ ‬والخزعبلات‭ ‬الصهيونية‭ ‬المسيحية‭ ‬هي‭ ‬خرائط‭ ‬معلنة‭ ‬كمرتكز‭ ‬أساسي‭ ‬لخروج‭ ‬أو‭ ‬عودة‭ ‬المسيح‭ ‬الثانية‭ ‬أو‭ ‬الدجال‭ ‬الذي‭ ‬سيحكم‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تأسيسه‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬أساطير‭ ‬وتلفيقات‭! ‬وتضم‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬فلسطين‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬فإن‭ ‬فلسطين‭ ‬هي‭ ‬البداية‭ ‬وهي‭ ‬النهاية،‭ ‬وخطر‭ ‬سقوطها‭ ‬الكامل‭ ‬واستمرار‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬شعبها‭ ‬هو‭ ‬الخطر‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تشيع‭ ‬فيها‭ ‬اليوم‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الفتن‭ ‬والتضليل‭ ‬السياسي‭ ‬والفكري‭ ‬والديني‭ ‬والسرديات‭ ‬التاريخية‭ ‬المغلوطة‭ ‬أو‭ ‬المزورة‭ ‬أو‭ ‬الملفقة‭! ‬ليعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬فلسطين‭ ‬ليست‭ ‬قضيتنا‭! ‬فيما‭ ‬الحقيقة‭ ‬كما‭ ‬تدركها‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬غالبيتها‭ ‬المطلقة،‭ ‬أن‭ ‬العقل‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطاباته‭ ‬وسردياته‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬أي‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬كمنطلق‭ ‬للتوسع‭ ‬العقائدي‭ ‬المتطرف‭ ‬الذي‭ ‬تستند‭ ‬عليه‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬بلباس‭ ‬ديني‭ ‬للصهاينة‭ ‬اليهود‭ ‬والمسيحيين‭ ‬الذين‭ ‬يتحركون‭ ‬استعماريا‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بدوافع‭ ‬اقتصادية‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬موارد‭ ‬وإمكانيات‭ ‬وموقع‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وإنما‭ ‬بدوافع‭ ‬معتقدية‭ ‬لظهور‭ ‬المسيح‭ ‬الدجال‭ ‬الذي‭ ‬يمهدون‭ ‬لظهوره‭! ‬

{‭ ‬إن‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬عنونها‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بأنها‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬هي‭ ‬الحرب‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬انتصار‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭ ‬أو‭ ‬هزيمتها‭! ‬وهي‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وصمود‭ ‬شعبها،‭ ‬بل‭ ‬سيكون‭ ‬إن‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أبعاد‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المستهدفة‭ ‬بالتقسيم‭! ‬وعلى‭ ‬كامل‭ ‬المنطقة‭ ‬المستهدفة‭ ‬بالهيمنة‭ ‬والاستلاب‭ ‬الكلي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حققت‭ ‬الصهيونية‭ ‬نجاحا‭ ‬في‭ ‬اختراق‭ ‬الوعي‭ ‬العربي‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ليبقى‭ ‬ذلك‭ ‬الاختراق‭ ‬ساري‭ ‬المفعول‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬والأفراد‭ ‬العرب‭ ‬المتصهينين‭ ‬الذين‭ ‬يروجون‭ ‬للسردية‭ ‬الصهيونية‭ ‬حول‭ ‬أرض‭ ‬الميعاد،‭ ‬وحق‭ ‬الصهاينة‭ ‬التاريخي‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬وأرض‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفككوا‭ ‬تلك‭ ‬السرديات‭ ‬ويعرفوا‭ ‬حجم‭ ‬التزوير‭ ‬والتلفيق‭ ‬فيها‭ ‬سواء‭ ‬بالمقاس‭ ‬التاريخي‭ ‬أو‭ ‬الديني‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬أمام‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬كل‭ ‬عورات‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬ومؤسساته‭ ‬وحجم‭ ‬سيطرة‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬أعادت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬المربع‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬النكبة‭ ‬1948،‭ ‬لتكشف‭ ‬لكل‭ ‬العالم‭ ‬حقيقة‭ ‬المرامي‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭! ‬ولتكشف‭ ‬للعرب‭ ‬خاصة‭ ‬حقيقة‭ ‬تلك‭ ‬المرامي‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭! ‬لا‭ ‬باعتبارها‭ ‬نظرية‭ ‬للمؤامرة،‭ ‬وإنما‭ ‬باعتبار‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬مخططات‭ ‬أوسع‭ ‬بكثير،‭ ‬وخير‭ ‬من‭ ‬يعبر‭ ‬عنها‭ ‬المتطرفون‭ ‬الصهاينة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وفي‭ ‬الغرب،‭ ‬وآخرها‭ ‬ما‭ ‬أنتجه‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬ومفضوحة‭ ‬حول‭ ‬رفضه‭ ‬المطلق‭ ‬لإقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬واعتبار‭ ‬قبول‭ ‬ذلك‭ ‬تهديدا‭ ‬وجوديا‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬وبهذا‭ ‬فقد‭ ‬وضع‭ ‬أصحاب‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬بغالبية‭ ‬كبيرة‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬متطرفون‭ ‬وتابعون‭ ‬للرؤية‭ ‬الصهيونية‭ ‬العقدية‭ ‬نقول‭ ‬إنهم‭ ‬وضعوا‭ ‬مجددا‭ ‬كل‭ ‬ادعاءات‭ ‬السلام‭ ‬والمؤسسة‭ ‬الأممية‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬الحقيقة‭ ‬الفاقعة‭ ‬لنوايا‭ ‬هذا‭ ‬الكيان،‭ ‬بعد‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬المفاوضات‭ ‬الفارغة‭ ‬منذ‭ ‬أوسلو‭ ‬واتفاقياتها‭! ‬أما‭ ‬الجزء‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬النوايا‭ ‬الصهيونية‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬فيبدو‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬سينتظرون‭ ‬حدوث‭ ‬الكارثة‭ ‬بدولهم‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭ ‬ويدركون‭ ‬أن‭ ‬فلسطين‭ ‬هي‭ ‬بالفعل‭ ‬قضيتهم‭ ‬الأولى‭ ‬والأهم،‭ ‬بل‭ ‬قضيتهم‭ ‬الوجودية‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا