عالم يتغير
فوزية رشيد
لماذا فلسطين قضيتنا الأهم!
{ لا شيء يدمر أي أمة أكثر من استلاب الوعي أو سباته أو دخوله في حالة التضليل الفكري والاعتقاد بأن ذلك التضليل هو الحقيقة! ولكن من المؤكد أن حدس الشعوب يبقى متيقظا حتى في أحلك مراحل الظلمات، حتى وإن أصاب التضليل جماعات أو أفرادا فيها! اليوم بين تلك الجماعات أو الأفراد من يروج لفكرة تضليلية مفادها أن فلسطين ليست قضيتي! وهؤلاء لا يقرأون التاريخ أو لا يفهمونه أو لا يدركون أن مصير المنطقة العربية هو مصير مترابط لا بحكم الجغرافيا والحضارة والدين واللغة والتاريخ المشترك، كما حفظنا في أدبيات المدارس، ولكن بحكم رؤية المستعمر (بكسر الميم) الذي يرى المنطقة منطقة مترابطة من حيث الاستهداف ووضع المخططات سواء لإضعافها أو لتقسيمها لكي يسهل السيطرة عليها!
{ في إطار تلك الرؤية الاستعمارية الاستهدافية التي تحركها الصهيونية المسيحية والماسونية في الغرب، استطاعت من منظور سياسي قائم على تلفيق ما هو ديني وصناعة فكرة الأرض الموعودة للصهاينة في فلسطين، لتحكم وتمتد بعد ذلك إلى دول عربية أخرى لتحقيق الرؤية أو الرواية التوراتية الملفقة بنشوء إسرائيل الكبرى بدءا من التهويد الكامل لفلسطين أولا ثم الامتداد نحو الدول العربية الأخرى وخرائطها التقسيمية أو التي تدخل في نطاق المرويات والأساطير والخزعبلات الصهيونية المسيحية هي خرائط معلنة كمرتكز أساسي لخروج أو عودة المسيح الثانية أو الدجال الذي سيحكم المنطقة والعالم من أرض فلسطين، بحسب ما تم تأسيسه أيضا من أساطير وتلفيقات! وتضم مساحة واسعة من الجغرافيا العربية إلى جانب فلسطين!
{ من هنا فإن فلسطين هي البداية وهي النهاية، وخطر سقوطها الكامل واستمرار حرب الإبادة ضد شعبها هو الخطر الأكبر على كامل المنطقة التي تشيع فيها اليوم كل أشكال الفتن والتضليل السياسي والفكري والديني والسرديات التاريخية المغلوطة أو المزورة أو الملفقة! ليعتقد البعض أن فلسطين ليست قضيتنا! فيما الحقيقة كما تدركها الشعوب العربية في غالبيتها المطلقة، أن العقل الصهيوني في كل خطاباته وسردياته إنما هو ينظر إليها أي إلى فلسطين كمنطلق للتوسع العقائدي المتطرف الذي تستند عليه الرؤية الاستعمارية بلباس ديني للصهاينة اليهود والمسيحيين الذين يتحركون استعماريا ليس فقط بدوافع اقتصادية للهيمنة على كل موارد وإمكانيات وموقع المنطقة العربية، وإنما بدوافع معتقدية لظهور المسيح الدجال الذي يمهدون لظهوره!
{ إن الحرب التي عنونها العالم كله بأنها حرب إبادة على غزة، هي الحرب الفاصلة بين انتصار الصهيونية العالمية أو هزيمتها! وهي الحرب التي لن تقف عند حدود القضاء على المقاومة الفلسطينية وصمود شعبها، بل سيكون إن تم ذلك لها ما لها من أبعاد كارثية على أغلب الدول العربية المستهدفة بالتقسيم! وعلى كامل المنطقة المستهدفة بالهيمنة والاستلاب الكلي بعد أن حققت الصهيونية نجاحا في اختراق الوعي العربي قبل الحرب على غزة ليبقى ذلك الاختراق ساري المفعول على عقول بعض الجماعات والأفراد العرب المتصهينين الذين يروجون للسردية الصهيونية حول أرض الميعاد، وحق الصهاينة التاريخي في أرض فلسطين وأرض العرب من دون أن يفككوا تلك السرديات ويعرفوا حجم التزوير والتلفيق فيها سواء بالمقاس التاريخي أو الديني!
{ إن حرب الإبادة على غزة التي كشفت أمام شعوب العالم كل عورات النظام الدولي ومؤسساته وحجم سيطرة الصهيونية على الغرب الاستعماري أعادت القضية الفلسطينية أيضا إلى المربع الأول الذي كانت عليه في عام النكبة 1948، لتكشف لكل العالم حقيقة المرامي الصهيونية في فلسطين! ولتكشف للعرب خاصة حقيقة تلك المرامي في كامل المنطقة العربية! لا باعتبارها نظرية للمؤامرة، وإنما باعتبار تلك الحرب جزءا من مخططات أوسع بكثير، وخير من يعبر عنها المتطرفون الصهاينة اليوم في الكيان الصهيوني وفي الغرب، وآخرها ما أنتجه هذا الكيان من رؤية واضحة ومفضوحة حول رفضه المطلق لإقامة دولة فلسطينية واعتبار قبول ذلك تهديدا وجوديا للكيان الصهيوني! وبهذا فقد وضع أصحاب هذا القرار، الذي جاء بغالبية كبيرة تدل على أن الجميع في هذا الكيان متطرفون وتابعون للرؤية الصهيونية العقدية نقول إنهم وضعوا مجددا كل ادعاءات السلام والمؤسسة الأممية «الأمم المتحدة» أمام الحقيقة الفاقعة لنوايا هذا الكيان، بعد رحلة طويلة من المفاوضات الفارغة منذ أوسلو واتفاقياتها! أما الجزء الآخر من النوايا الصهيونية تجاه المنطقة العربية، فيبدو أن العرب سينتظرون حدوث الكارثة بدولهم بعد فوات الأوان ويدركون أن فلسطين هي بالفعل قضيتهم الأولى والأهم، بل قضيتهم الوجودية!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك