العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

محكمة العدل الدولية: الإقرار بالحق ولا تنفيذ له!

{‭ ‬حين‭ ‬تقر‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬وهي‭ ‬أعلى‭ ‬هيئة‭ ‬قضائية‭ ‬تابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أي‭ ‬أعلى‭ ‬هيئة‭ ‬قضائية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬بأن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭ ‬ممكن،‭ ‬وأن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يمارس‭ ‬التمييز‭ ‬بصورة‭ ‬منهجية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وأن‭ ‬سياساته‭ ‬تنتهك‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬ولتدعو‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬جميع‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاستيطانية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتقديم‭ ‬تعويضات‭ ‬عن‭ ‬الأضرار‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭! ‬فهذا‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬الإقرار‭ ‬بالحق،‭ ‬وإن‭ ‬تأخر‭ ‬صدوره‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬يعرفه‭ ‬الجميع‭ ‬اليوم،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬لأحد‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬يستلزمه‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬من‭ ‬إجراءات،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬رأي‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬غير‭ ‬ملزم‭! ‬وأن‭ ‬دعوتها‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬كافة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بسيادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬هي‭ ‬دعوة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬التصويت‭ ‬عليه‭ ‬بالغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬الفيتو‭ ‬الأمريكي‭ ‬جاهز‭ ‬بالمرصاد‭! ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬حاولت‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬عدم‭ ‬إصدار‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬يحمل‭ ‬صفة‭ ‬انتصار‭ ‬معنوي‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭! ‬طالما‭ ‬ليس‭ ‬بإمكان‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ (‬تنفيذ‭ ‬القرار‭ ‬بما‭ ‬يستحقه‭ ‬من‭ ‬آليات‭ ‬النبذ‭ ‬الدولي‭ ‬العام‭ ‬وفرض‭ ‬العقوبات‭ ‬والمقاطعة‭) ‬لكيان‭ ‬جعله‭ ‬النظام‭ ‬الغربي‭ ‬الاستعماري‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وخارج‭ ‬نطاق‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬بحيث‭ ‬تم‭ ‬فرضه‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بصفة‭ ‬الاستثنائي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬واستقواء‭ ‬بأمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬والفيتو،‭ ‬جاء‭ ‬الرد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬استفزازيا‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬حد،‭ ‬ويتسم‭ ‬بالوقاحة‭ ‬وتزييف‭ ‬التاريخ‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬نتنياهو‭ ‬إن‭ (‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬هي‭ ‬أرض‭ ‬آبائه‭ ‬وأجداده،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬عليه‭ ‬صفة‭ ‬المحتل‭)! ‬ووصف‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬بأنه‭ ‬سخيف‭ ‬ومعاد‭ ‬للسامية‭! ‬وهكذا‭ ‬مرر‭ ‬قادة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬أمرا‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬يمثل‭ ‬احتلالا‭ ‬استعماريا،‭ ‬بأنه‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬له‭! ‬بما‭ ‬يحيلنا‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬دخلاء‭ ‬على‭ ‬أرضهم‭ ‬التاريخية،‭ ‬وبذلك‭ ‬يجب‭ ‬قتلهم‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬إبادتهم‭ ‬لتصفو‭ ‬الأرض‭ ‬للصهاينة‭ ‬وحدهم،‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬هم‭ ‬الدخلاء‭ ‬والمستعمرون‭!‬

{‭ ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬التصريح‭ ‬بعد‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬الكنيست‭ ‬الصهيوني‭ ‬بأن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬له،‭ ‬وأنه‭ ‬تهديد‭ ‬وجودي‭ ‬للكيان‭! ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬والمزور‭ ‬للتاريخ‭ ‬والحقائق‭ ‬ليستمر‭ ‬وجوده‭! ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬تم‭ ‬بالتالي‭ ‬قفل‭ ‬أي‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الصهاينة‭! ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الكلام‭ ‬الدولي‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬أجندتهم‭! ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مستمرة،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الوجع‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬اليومية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬سابق‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الحروب‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬تأسيس‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬جماجم‭ ‬الهنود‭ ‬الحمر‭ ‬وفي‭ ‬أستراليا،‭ ‬وحيث‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬عار‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وعلى‭ ‬الإنسانية‭ ‬وعلى‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وكل‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحقوقية‭ ‬عبر‭ ‬العالم،‭ ‬وحيث‭ ‬القتل‭ ‬اليومي‭ ‬للأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمدنيين‭ ‬بالعشرات‭ ‬والمئات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التجويع‭ ‬والتعذيب‭ ‬في‭ ‬المعتقلات،‭ ‬يراد‭ ‬لكل‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره،‭ ‬أن‭ ‬يتعود‭ ‬العالم‭ ‬عليه‭ ‬وكأنه‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬ويتم‭ ‬التعايش‭ ‬معه‭!‬

{‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ‮«‬10‭ ‬شهور‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬ومعه‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬يعيشان‭ ‬الحياة‭ ‬بذات‭ ‬الرتابة‭ ‬والروتين،‭ ‬ولكأن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬إلى‭ ‬النهر،‭ ‬ولكأن‭ ‬استغاثة‭ ‬الأبرياء‭ ‬وجثث‭ ‬الأطفال‭ ‬المشوهة‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬لا‭ ‬تستدعي‭ ‬الإغاثة‭ ‬أو‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬والمقاطعات‭ ‬ضد‭ ‬الكيان‭ ‬وضد‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬الداعمة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يرتكبه‭ ‬من‭ ‬وحشية‭ ‬يراها‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬مباشرة‭! ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬اتفق‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ ‬على‭ ‬ذلك؟‭! ‬

{‭ ‬يعجز‭ ‬الكلام‭ ‬وتعجز‭ ‬الأوصاف،‭ ‬ويعجز‭ ‬القلب‭ ‬والعقل‭ ‬معا‭ ‬عن‭ ‬تحمل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬منذ‭ ‬شهور‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬مشاهد‭ ‬مروعة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬يعجز‭ ‬المنطق‭ ‬عن‭ ‬استيعاب‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬العالمي‭ ‬أمام‭ (‬فيتو‭) ‬دولة‭ ‬إرهابية‭ ‬مارقة‭ ‬هي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تدعم‭ ‬به‭ ‬كيان‭ ‬مارق‭ ‬أيضا‭ ‬خارج‭ ‬كل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬إن‭ ‬صحت‭ ‬تسميته‭ ‬بذلك‭ ‬كمجتمع‭ ‬دولي‭ ‬لأنه‭ ‬أثبت‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬له‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يريد‭ ‬توسيع‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬إقليمية‭! ‬ينفذ‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬جعبته‭ ‬من‭ ‬أجندة‭ ‬معتقدية‭ ‬للتوسع‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية،‭ ‬فيما‭ ‬العرب‭ ‬يضعون‭ ‬احتمال‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الغريب‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬احتمال‭ ‬وأي‭ ‬احتمال‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا