العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

لن أسكت أو أجامل

من‭ ‬المعروف‭ ‬عني‭ ‬أنني‭ ‬مدافع‭ ‬شرس‭ ‬عن‭ ‬ثوابت‭ ‬أمتنا،‭ ‬وكنت‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬دق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬عندما‭ ‬تمت‭ ‬سرقة‭ ‬مايوه‭ ‬يخص‭ ‬الراقصة‭ ‬فيفي‭ ‬عبده،‭ ‬وذاع‭ ‬أمر‭ ‬السرقة‭ ‬لأن‭ ‬قيمة‭ ‬المايوه‭ ‬كانت‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬وكانت‭ ‬به‭ ‬خاصية‭ ‬الإضاءة‭ ‬في‭ ‬الظلام،‭ ‬كما‭ ‬لن‭ ‬أنسى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬التاريخي‭: ‬يوم‭ ‬وصلت‭ ‬نانسي‭ ‬عجرم‭ ‬بكل‭ ‬أبهتها‭ ‬إلى‭ ‬منتجع‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭ ‬لإحياء‭ ‬حفل‭ ‬جماهيري،‭ ‬فإذا‭ ‬بلصين‭ ‬حقيرين‭ ‬من‭ ‬أعداء‭ ‬أمتنا‭ ‬وأعداء‭ ‬الجمال‭ ‬يقتحمون‭ ‬غرفتها‭ ‬في‭ ‬الفندق‭ (‬في‭ ‬غيابها‭!! ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تسيء‭ ‬الظن‭ ‬أكثر‭ ‬باللصين‭) ‬وسرقا‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العقود‭ ‬الماسية‭ ‬والأساور‭ ‬والسلاسل‭ ‬الذهبية‭ ‬وثلاث‭ ‬ساعات‭.‬

وبكل‭ ‬تواضع‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬قاسما‭ ‬مشتركا‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬نانسي‭ ‬هذه،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬أنني‭ ‬مثلها‭ ‬عندي‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات،‭ ‬ولكن‭ ‬الفرق‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ساعاتها‭ ‬وساعاتي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ساعاتها‭ ‬مطعمة‭ ‬بالأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬بينما‭ ‬ساعاتي‭ ‬مطعمة‭ ‬بالأحجار‭ ‬الخسيسة‭ ‬اللئيمة‭ (‬‮«‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬متى‭ ‬وكيف‭ ‬يستحق‭ ‬حجر‭ ‬لقب‭ ‬كريم‮»‬‭!). ‬أما‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أختلف‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬العجرمية‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬أين‭ ‬أجد‭ ‬ساعاتي‭ ‬الثلاث‭ ‬تلك،‭ ‬ذلك‭ ‬أنني‭ ‬ومنذ‭ ‬أن‭ ‬اقتنيت‭ ‬هاتفاً‭ ‬جوالا‭ ‬استغنيت‭ ‬عن‭ ‬الساعات‭ ‬لأن‭ ‬الهاتف‭ ‬مزود‭ ‬بساعة‭ ‬ومنبه‭ ‬وأنا‭ ‬مش‭ ‬ناقص‭ ‬‮«‬أعباء‮»‬‭ ‬كي‭ ‬أرتدي‭ ‬ساعة‭ ‬حول‭ ‬معصمي‭! ‬مسكينة‭ ‬نانسي‭ ‬فربما‭ ‬كان‭ ‬هاتفها‭ ‬الجوال‭ ‬من‭ ‬الموديلات‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬ليست‭ ‬بها‭ ‬ساعة،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬نفسي‮»‬‭ ‬أعرف‭ ‬لماذا‭ ‬يحمل‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬سفرة‭ ‬واحدة‭! ‬وهل‭ ‬الساعة‭ ‬المطعمة‭ ‬بالأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬والنبيلة‭ ‬تفعل‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬الساعة‭ ‬التي‭ ‬اشتريتها‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬شبردس‭ ‬بوش‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬بعشر‭ ‬جنيهات‭ ‬إسترلينية؟‭  ‬يعني‭ ‬هل‭ ‬مثلا‭ ‬تلتقط‭ ‬قناة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‭ ‬وستار‭ ‬أكاديمي؟‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬تقيس‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬وتقرأ‭ ‬نسبة‭ ‬الكوليسترول‭ ‬في‭ ‬الدم؟‭ ‬

على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬حصل‭ ‬خير،‭ ‬والشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬لم‭ ‬تقصر،‭ ‬وقامت‭ ‬بواجبها‭ ‬خير‭ ‬قيام‭ ‬وطلع‭ ‬المصريون‭ ‬براءة‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬نانسي،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬روسي‭ ‬وآخر‭ ‬جورجي‭ ‬وهما‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬ركوب‭ ‬طائرة‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭ ‬وبحوزتهما‭ ‬المسروقات‭ ‬العجرمية‭.  ‬وأطالب‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬قطع‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والتجارية‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬وجورجيا‭ ‬حتى‭ ‬يعرف‭ ‬العالم‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نسكت‭ ‬على‭ ‬المساس‭ ‬برموزنا‭ ‬وثوابتنا‭ ‬ومفكرينا،‭ ‬بل‭ ‬أطالب‭ ‬شرائح‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ ‬العربي‭ ‬بقطع‭ ‬العلاقات‭ ‬‮«‬العاطفية‮»‬‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬و«بالمرّة‮»‬‭ ‬أوكرانيا‭.‬

ويا‭ ‬بنت‭ ‬عجرم‭ ‬تعيشي‭ ‬وتتملكي‭ ‬ساعة‭ ‬بيغ‭ ‬بن‭ ‬وتحمليها‭ ‬معك‭ ‬أينما‭ ‬نزلت‭ ‬أهلا‭ ‬وحللت‭ ‬سهلا‭.  ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬ضاعت‭ ‬مجوهراتك‭ ‬بالتعرض‭ ‬للسرقة،‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تشيلي‭ ‬هم‮»‬،‭ ‬فهناك‭ ‬أشاوس‭ ‬نشامى‭ ‬مستعدون‭ ‬لتزويدك‭ ‬بالماس‭ ‬والزمرد‭ ‬والياقوت‭. ‬ولا‭ ‬عليك‭ ‬بالحاقدين‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬أبي‭ ‬الجعافر‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬تزويدك‭ ‬بالترباس‭ ‬والمبرد‭ ‬والنبوت‭.  ‬فجماهيرك‭ ‬الوفية‭ ‬مستعدة‭ ‬لشراء‭ ‬تذاكر‭ ‬حفلاتك‭ ‬حتى‭ ‬تركبي‭ ‬أسنانا‭ ‬صناعية‭ ‬من‭ ‬الماس‭ ‬الحر،‭ ‬لأنه‭: ‬من‭ ‬اشتراكِ‭ ‬اشترى‭ ‬فوح‭ ‬القرنفل‭/ ‬من‭ ‬أنفاس‭ ‬أمسية‭/ ‬أو‭ ‬السواحل‭ ‬من‭ ‬خصر‭ ‬الجزيرة‭/ ‬أو،‭ ‬خصر‭ ‬الجزيرة‭ ‬من‭ ‬موج‭ ‬المحيط‭/ ‬وأحضان‭ ‬الصباحية‭/ ‬من‭ ‬اشتراك‭ ‬اشترى‭ ‬للجرح‭ ‬غمدا‭/ ‬وللأحزان‭ ‬مرثية‭/ ‬من‭ ‬اشتراك‭ ‬اشترى‭ ‬مني‭ ‬منك‭ ‬تواريخ‭ ‬البكاء‭ ‬وأجيال‭ ‬العبودية‭/ ‬من‭ ‬اشتراك‭ ‬اشتراني‭ ‬يا‭ ‬خلاسية‭ (‬معليش‭ ‬يا‭ ‬نانسي‭ ‬الكلام‭ ‬الحلو‭ ‬قاله‭ ‬شاعر‭ ‬سوداني‭ ‬في‭ ‬أنثى‭ ‬غير‭ ‬عجرمية‭).‬

ولا‭ ‬بد‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬الإشادة‭ ‬بقناة‭ ‬دبي‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬بصدد‭ ‬إنتاج‭ ‬مسلسل‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬المطربة‭ ‬الراحلة‭ ‬أسمهان،‭ ‬ثم‭ ‬تراجعت‭ ‬عن‭ ‬الفكرة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رفضت‭ ‬الجهة‭ ‬المنفذة‭ ‬للمسلسل‭ ‬إسناد‭ ‬البطولة‭ ‬لننوسة‭ ‬البسبوسة‭ ‬العجرمية‭. ‬وأنا‭ ‬واثق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬قراء‭ ‬زاويتي‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬شيئاً‭ ‬عن‭ ‬أسمهان،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يسمعوا‭ ‬بأغنيتها‭ ‬الرائعة‭ ‬ذات‭ ‬الكلمات‭ ‬البليغة‭: ‬يا‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬لي‭ ‬أهوى‭/ ‬أسقيه‭ ‬بإيدي‭ ‬أهوه‭ (‬قهوة‭).. ‬شفت‭ ‬الحب‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات؟‭ ‬تقول‭ ‬لواحدة‭ ‬أحبك‭ ‬فتسقيك‭ ‬قهوة‭ ‬من‭ ‬يديها‭ ‬الناعمتين‭. ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فإنك‭ ‬قد‭ ‬تقول‭ ‬لفتاة‭ ‬أموت‭ ‬فيكِ‭. ‬فتطلب‭ ‬هي‭ ‬منك‭ ‬أن‭ ‬تسقيها‭ ‬كابوتشينو‭ (‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أعوام‭ ‬قليلة‭ ‬كنت‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬كابوتشينو‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬إيطاليا‭ ‬ثم‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنه‭ ‬اسم‭ ‬الدلع‭ ‬للقهوة‭ ‬بالزبادي‭).‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا