العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن حامد نجيب النجيب

اعترف‭ ‬للمرة‭ ‬الـ87399735‭ ‬بأنني‭ ‬لا‭ ‬أخوض‭ ‬في‭ ‬مقالاتي‭ ‬الصحفية‭ ‬في‭ ‬بحار‭ ‬السياسة‭ ‬لأنني‭ ‬جبان،‭ ‬وصاحب‭ ‬عيال،‭ ‬وأعمل‭ ‬بمقتضى‭ ‬المثل‭ ‬القائل‭ ‬‮«‬الخوّاف‭ ‬ربى‭ ‬عياله‮»‬‭. ‬هذا‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬عملي‭ ‬‮«‬الأصلي‮»‬‭ ‬الصحفي‭ ‬تلزمني‭ ‬برصد‭ ‬الوقائع‭ ‬السياسية‭ ‬وتوثيقها‭ ‬بإعدادها‭ ‬للنشر‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬او‭ ‬للبث‭ ‬التلفزيوني،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬نسبة‭ ‬ما‭ ‬أصوغ‭ ‬وأكتب‭ ‬الى‭ ‬مصدر‭ ‬متفق‭ ‬عليه‭: ‬مراسل‭ ‬معتمد،‭ ‬رويترز،‭ ‬اسوشييتد‭ ‬برس،‭ ‬الوكالة‭ ‬الفرنسية‭ ‬او‭ ‬الوكالة‭ ‬البطيخية‭ ‬إلخ

وفي‭ ‬المقابل‭ ‬هناك‭ ‬حامد‭ ‬نجيب،‭ ‬وهو‭ ‬رجل‭ ‬مصري‭ ‬قصير‭ ‬القامة،‭ ‬يرتدي‭ ‬نظارات‭ ‬كعب‭ ‬الفنجان،‭ ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬قليل‭ ‬الكلام،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬العرب‭ ‬فصاحة،‭ ‬وعمل‭ ‬نجيب‭ ‬رساما‭ ‬للكاريكاتور‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاماراتية‭ ‬نحو‭ ‬40‭ ‬سنة،‭ ‬وأعتبره‭ ‬أحد‭ ‬أميز‭ ‬الرسامين‭ ‬السياسيين‭ ‬المعاصرين،‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬قطّع‭ ‬مصاريني‭ ‬بالضحك‭ ‬قبل‭ ‬حين‭ ‬من‭ ‬الدهر‭ ‬برسم‭ ‬لزعيم‭ ‬سياسي‭ ‬عربي‭ ‬يقرأ‭ ‬نبأ‭ ‬اعتزال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الماليزي‭ ‬السابق‭ ‬مهاتير‭ ‬محمد‭ ‬السلطة،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬اكتساح‭ ‬أي‭ ‬انتخابات‭ ‬بشرف‭ ‬ونزاهة،‭ ‬لأن‭ ‬الشعب‭ ‬يعرف‭ ‬أنه‭ ‬راعي‭ ‬نهضة‭ ‬ماليزيا‭. ‬المهم،‭ ‬تبدو‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الزعيم‭ ‬العربي‭ ‬علامات‭ ‬الضيق‭ ‬والقرف‭ ‬فيصيح‭: ‬أعوذ‭ ‬بالله‭... ‬رؤساء‭ ‬آخر‭ ‬زمن‭!! ‬بكلمات‭ ‬معدودة‭ ‬قال‭ ‬حامد‭ ‬نجيب‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬الاحوال‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬حيث‭ ‬تدعي‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬أنها‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وتفصل‭ ‬حكومتها‭ ‬دستورا‭ ‬من‭ ‬الكستور‭ ‬قابلا‭ ‬للترقيع‭ ‬والكشكشة‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬فضفاضا‭ ‬ويتسع‭ ‬للعيال‭ ‬بعد‭ ‬عمر‭ ‬طويل‭!! ‬وقبلها‭ ‬بأشهر‭ ‬رسم‭ ‬حامد‭ ‬نجيب‭ ‬مذيعا‭ ‬يسأل‭ ‬مواطنا‭ ‬عربيا‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬في‭ ‬الديمقراطية‭ ‬فردّ‭ ‬عليه‭ ‬المواطن‭: ‬أي‭ ‬ديمقراطية‭ ‬تقصد؟‭ ‬اللي‭ ‬بالفرن‭ ‬وللا‭ ‬اللي‭ ‬بالمكسرات؟‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬البريء‭ ‬لا‭ ‬يفضح‭ ‬جهل‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬بأمور‭ ‬السياسة،‭ ‬بل‭ ‬يفضح‭ ‬ذكاءه‭ ‬ودهاءه،‭ ‬فهو‭ ‬بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬يقول‭ ‬للمذيع‭: ‬أي‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وأي‭ ‬بطيخ؟‭ ‬خلينا‭ ‬في‭ ‬حالنا‭! ‬وقد‭ ‬يرمي‭ ‬الى‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬لدينا‭ ‬ديمقراطية‭ ‬تفتح‭ ‬النفس‭ ‬أُعدت‭ ‬في‭ ‬مطبخ‭ ‬عربي،‭ ‬فمنها‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬بالبشاميل،‭ ‬ونوع‭ ‬آخر‭ ‬يشبه‭ ‬أم‭ ‬علي‭ ‬في‭ ‬الطعم‭ ‬والمذاق،‭ ‬والنوع‭ ‬الذي‭ ‬بالشاميل‭ ‬مخصص‭ ‬للعامة‭ ‬لأنه‭ ‬يحوي‭ ‬نسبة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬النشويات‭ ‬والكولسترول‭ ‬ويسبب‭ ‬ضيق‭ ‬وانسداد‭ ‬الشرايين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬بالمكسرات‭ ‬مخصص‭ ‬للنخبة‭ ‬لأنه‭ ‬لذيذ‭ ‬الطعم،‭ ‬ولكن‭ ‬النخبة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬انه‭ ‬ضار‭ ‬بالصحة‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭!!‬

ولكن‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬اخرى‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التسليم‭ ‬بأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المصطلحات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬المعاصر‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬شيئا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمواطن‭ ‬العربي‭ ‬العادي،‭ ‬فقد‭ ‬كتبت‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬متهكما‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬الشفافية‭ ‬التي‭ ‬يطالب‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬المتحذلقين‭ ‬دعوة‭ ‬مستترة‭ ‬إلى‭ ‬التبرج‭ ‬وكشف‭ ‬العورات،‭ ‬وجاءتني‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬قارئ‭ ‬يشكرني‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬ايضاح‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬فهم‭ ‬تلك‭ ‬الكلمة‭ ‬‮«‬غلط‮»‬‭ ‬بحسبان‭ ‬انها‭ ‬أمر‭ ‬مستحسن،‭ ‬ولكنه‭ ‬أدرك‭ ‬بعد‭ ‬قراءة‭ ‬كلامي‭ ‬ان‭ ‬المراد‭ ‬بها‭ ‬مجاراة‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬التفسخ‭ ‬الاخلاقي،‭ ‬ويذكرني‭ ‬هذا‭ ‬بأول‭ ‬مقال‭ ‬لي‭ ‬تحدثت‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬الأضرار‭ ‬الجانبية‭ ‬للإكثار‭ ‬من‭ ‬أكل‭ ‬الفول،‭ ‬وقلت‭ ‬ان‭ ‬أنواع‭ ‬الفول‭ ‬غير‭ ‬الجيد‭ ‬تسبب‭ ‬العقم‭ ‬للنساء‭ ‬لأنها‭ ‬تتسلل‭ ‬الى‭ ‬قناة‭ ‬فالوب‭ ‬وتسدها،‭ ‬فجاءتني‭ ‬زميلة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وعلى‭ ‬وجهها‭ ‬علامات‭ ‬الجزع‭!! ‬كانت‭ ‬منزعجة‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تحبل‭ ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬تنجب‭ ‬طوال‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬رغم‭ ‬انها‭ ‬أنجبت‭ ‬اثنين‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬الأولين‭ ‬من‭ ‬الزواج،‭ ‬وبعد‭ ‬ان‭ ‬قرأت‭ ‬مقالي‭ ‬ذاك‭ ‬أدركت‭ ‬ان‭ ‬إدمانها‭ ‬الفول‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬وصاحت‭: ‬قطيعة‭ ‬تقطع‭ ‬الفول‭ ‬وسنينه‭. ‬حسبتها‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬‮«‬تستعبط‮»‬،‭ ‬فقلت‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬أكل‭ ‬الملوخية‭ ‬قبل‭ ‬النوم‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬قناة‭ ‬بنما‭ ‬فتقوم‭ ‬مقام‭ ‬قناة‭ ‬فالوب‭ ‬فيحدث‭ ‬الحمل‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬ولكنني‭ ‬أدركت‭ ‬ان‭ ‬المسكينة‭ ‬عبيطة‭ ‬فعلا‭ ‬ولا‭ ‬تستعبط‭ ‬عندما‭ ‬انبسطت‭ ‬أساريرها،‭ ‬وقالت‭ ‬انها‭ ‬تحب‭ ‬الملوخية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬شفاءها‭ ‬من‭ ‬العقم‭ ‬الفولي‭ ‬المؤقت‭ ‬مضمون‭ ‬ان‭ ‬شاء‭ ‬الله،‭ ‬فشرحت‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬الأمر‭ ‬مزحة‭ ‬وشطحت‭ ‬وقلت‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬الفول‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬حمض‭ ‬الفوليك‭ ‬الضروري‭ ‬لنمو‭ ‬وسلامة‭ ‬الأم‭ ‬والجنين‭!!‬

معظمنا‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬العباطة‭ ‬والبله‭ ‬إما‭ ‬بالتعمد‭ ‬طلبا‭ ‬للسلامة‭ ‬وإما‭ ‬لأننا‭ ‬نتلقى‭ ‬المعرفة‭ ‬بالتلقين‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬معلمين‭ ‬بارعين‭ ‬في‭ ‬غسل‭ ‬الأدمغة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا