زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عن حامد نجيب النجيب
اعترف للمرة الـ87399735 بأنني لا أخوض في مقالاتي الصحفية في بحار السياسة لأنني جبان، وصاحب عيال، وأعمل بمقتضى المثل القائل «الخوّاف ربى عياله». هذا رغم أن طبيعة عملي «الأصلي» الصحفي تلزمني برصد الوقائع السياسية وتوثيقها بإعدادها للنشر في الصحف او للبث التلفزيوني، ولكن مع نسبة ما أصوغ وأكتب الى مصدر متفق عليه: مراسل معتمد، رويترز، اسوشييتد برس، الوكالة الفرنسية او الوكالة البطيخية إلخ
وفي المقابل هناك حامد نجيب، وهو رجل مصري قصير القامة، يرتدي نظارات كعب الفنجان، ورغم أنه قليل الكلام، فإنه في تقديري من أكثر العرب فصاحة، وعمل نجيب رساما للكاريكاتور في جريدة الاتحاد الاماراتية نحو 40 سنة، وأعتبره أحد أميز الرسامين السياسيين المعاصرين، وكان قد قطّع مصاريني بالضحك قبل حين من الدهر برسم لزعيم سياسي عربي يقرأ نبأ اعتزال رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد السلطة، رغم أنه كان قادرا على اكتساح أي انتخابات بشرف ونزاهة، لأن الشعب يعرف أنه راعي نهضة ماليزيا. المهم، تبدو على وجه الزعيم العربي علامات الضيق والقرف فيصيح: أعوذ بالله... رؤساء آخر زمن!! بكلمات معدودة قال حامد نجيب كل ما يمكن أن يقال عن الاحوال في العالم العربي حيث تدعي كل دولة أنها ديمقراطية وتفصل حكومتها دستورا من الكستور قابلا للترقيع والكشكشة حتى يكون فضفاضا ويتسع للعيال بعد عمر طويل!! وقبلها بأشهر رسم حامد نجيب مذيعا يسأل مواطنا عربيا عن رأيه في الديمقراطية فردّ عليه المواطن: أي ديمقراطية تقصد؟ اللي بالفرن وللا اللي بالمكسرات؟ هذا التساؤل البريء لا يفضح جهل المواطن العربي بأمور السياسة، بل يفضح ذكاءه ودهاءه، فهو بعبارة أخرى يقول للمذيع: أي ديمقراطية وأي بطيخ؟ خلينا في حالنا! وقد يرمي الى القول بأن لدينا ديمقراطية تفتح النفس أُعدت في مطبخ عربي، فمنها النوع الذي بالبشاميل، ونوع آخر يشبه أم علي في الطعم والمذاق، والنوع الذي بالشاميل مخصص للعامة لأنه يحوي نسبة عالية من النشويات والكولسترول ويسبب ضيق وانسداد الشرايين، في حين ان النوع الذي بالمكسرات مخصص للنخبة لأنه لذيذ الطعم، ولكن النخبة لا تعرف انه ضار بالصحة السياسية على المدى البعيد!!
ولكن من جهة اخرى لا بد من التسليم بأن العديد من المصطلحات في العالم المعاصر لا تعني شيئا بالنسبة للمواطن العربي العادي، فقد كتبت ذات مرة متهكما عن ان الشفافية التي يطالب بها بعض المتحذلقين دعوة مستترة إلى التبرج وكشف العورات، وجاءتني رسالة من قارئ يشكرني فيها على ايضاح هذا الأمر لأنه كان قد فهم تلك الكلمة «غلط» بحسبان انها أمر مستحسن، ولكنه أدرك بعد قراءة كلامي ان المراد بها مجاراة الغرب في التفسخ الاخلاقي، ويذكرني هذا بأول مقال لي تحدثت فيه عن الأضرار الجانبية للإكثار من أكل الفول، وقلت ان أنواع الفول غير الجيد تسبب العقم للنساء لأنها تتسلل الى قناة فالوب وتسدها، فجاءتني زميلة في العمل وعلى وجهها علامات الجزع!! كانت منزعجة لأنها لم تحبل وبالتالي لم تنجب طوال ثلاث سنوات رغم انها أنجبت اثنين خلال العامين الأولين من الزواج، وبعد ان قرأت مقالي ذاك أدركت ان إدمانها الفول هو السبب وصاحت: قطيعة تقطع الفول وسنينه. حسبتها في بادئ الأمر «تستعبط»، فقلت لها ان أكل الملوخية قبل النوم يسهم في تنشيط قناة بنما فتقوم مقام قناة فالوب فيحدث الحمل بإذن الله، ولكنني أدركت ان المسكينة عبيطة فعلا ولا تستعبط عندما انبسطت أساريرها، وقالت انها تحب الملوخية ومن ثم فإن شفاءها من العقم الفولي المؤقت مضمون ان شاء الله، فشرحت لها ان الأمر مزحة وشطحت وقلت لها ان الفول يحتوي على حمض الفوليك الضروري لنمو وسلامة الأم والجنين!!
معظمنا يعاني من العباطة والبله إما بالتعمد طلبا للسلامة وإما لأننا نتلقى المعرفة بالتلقين على يد معلمين بارعين في غسل الأدمغة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك