العدد : ١٧٢٦٨ - الخميس ٠٣ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٨ - الخميس ٠٣ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ محرّم ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

صديقي متعدد الأضلاع

أذكر‭ ‬جيدا‭ ‬أنني‭ ‬أوردت‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج،‭ ‬قبل‭ ‬سنوات،‭ ‬طرفا‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬طريفة‭ ‬لصديقي‭ ‬السعودي‭ ‬محمد‭ ‬بي‭ ‬سليمان‭ ‬الضالع،‭ ‬قبل‭ ‬سنوات،‭ ‬ولأنني‭ ‬أحبه‭ ‬وأريد‭ ‬لكم‭ ‬أن‭ ‬تحبوه،‭ ‬فسأحدثكم‭ ‬عنه‭ ‬اليوم‭. ‬هو‭ ‬مواطن‭ ‬سعودي‭ ‬مستطيل‭ ‬الشكل،‭ ‬ولولا‭ ‬بسطة‭ ‬في‭ ‬الطول‭ ‬حباه‭ ‬بها‭ ‬الله‭ ‬لكان‭ ‬‮«‬مربعا‮»‬‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬مكعبا،‭ ‬وهو‭ -‬عيني‭ ‬عليه‭ ‬باردة‭ ‬لأنني‭ ‬أحبه‭- ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬لو‭ ‬التقيت‭ ‬به‭ ‬ليلا‭ ‬في‭ ‬زقاق‭ ‬مظلم،‭ ‬أيقنت‭ ‬أنك‭ ‬من‭ ‬الهالكين،‭ ‬ولعله‭ ‬المعني‭ ‬بقول‭ ‬الشاعر‭ ‬أمرؤ‭ ‬القيس‭ ‬الكندي‭: ‬كجلمود‭ ‬صخر‭ ‬حطه‭ ‬السيل‭ ‬من‭ ‬علِ‭!! ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬تطالع‭ ‬تقاطيع‭ ‬وجهه‭ ‬حتى‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الجسم‭ ‬الضخم‭ ‬ينتهي‭ ‬عند‭ ‬وجه‭ ‬عذب‭ ‬الطفولة،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤذي‭ ‬بعوضة‭ (‬مع‭ ‬أن‭ ‬عطسة‭ ‬منه‭ ‬تكفي‭ ‬لإبادة‭ ‬البعوض‭ ‬في‭ ‬قارة‭ ‬كاملة‭)‬،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬تكلم‭ ‬فإنك‭ ‬تدرك‭ ‬أنه‭ ‬برغم‭ ‬ضخامته‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬فقر‭ ‬الدم‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬خفة‭ ‬الدم،‭ ‬وتقول‭ ‬مصادر‭ ‬موثوق‭ ‬بها‭ ‬إنه‭ ‬ولد‭ ‬ووزنه‭ ‬عشرة‭ ‬كيلوغرامات‭ ‬و430‭ ‬جراما،‭ ‬ويقال‭ ‬إن‭ ‬أهل‭  ‬بريدة‭ ‬‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭- ‬اختاروا‭ ‬لعائلته‭ ‬اسم‭ ‬الضالع‭ ‬بعد‭ ‬ميلاده‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬رأوا‭ ‬أنه‭ ‬متعدد‭ ‬الأضلاع،‭ ‬ولعلكم‭ ‬الآن‭ ‬أدركتم‭ ‬لماذا‭ ‬قام‭ ‬ولاة‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬بريدة‭ ‬بإعداد‭ ‬أضخم‭ ‬طبق‭ ‬كبسة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬خلال‭ ‬مهرجان‭ ‬تحت‭ ‬مراقبة‭ ‬منظمة‭ ‬غينيس‭ ‬للأرقام‭ ‬القياسية،‭ ‬وكان‭ ‬يتألف‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬كيلومترا‭ ‬من‭ ‬الرز،‭ ‬ومائة‭ ‬كيلو‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬المكسرات،‭ ‬وتسع‭ ‬من‭ ‬النوق‭ ‬وسبعة‭ ‬وسبعين‭ ‬خروفا‭!! ‬نعم،‭ ‬كان‭ ‬محمد‭ ‬الضالع‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬المهرجان‭!!‬

‭ ‬وكي‭ ‬لا‭ ‬تتهموني‭ ‬بالمبالغة‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬البناء‭ ‬الجسماني‭ ‬للضالع‭ ‬أترككم‭ ‬مع‭ ‬قصيدة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬ديوان‭ ‬له‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الجمعية‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬للثقافة‭ ‬والفنون‭ ‬فرع‭ ‬القصيم‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬شيء‭ ‬من‭ ‬حتى‮»‬،‭ ‬ويتحدث‭ ‬في‭ ‬القصيدة‭ ‬عن‭ ‬تجربته‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬عندما‭ ‬فاض‭ ‬الكيل‭ ‬بزائدته‭ ‬الدودية‭ ‬فهددت‭ ‬بالانفجار‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إخراجها‭ ‬من‭ ‬تلافيف‭ ‬بطنه‭: ‬وبعدما‭ ‬تفحصوا‭ ‬‮«‬الإشاعة‮»‬‭/ ‬علمت‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬بعد‭ ‬ساعة‭/ ‬وجرجروني‭ ‬داخل‭ ‬الأقسام‭/ ‬وبعدها‭ ‬ألزمت‭ ‬بالصيام‭/ ‬وفي‭ ‬الصباح‭ ‬جاءني‭ ‬الزبانية‭/ ‬فحلقوا‭ ‬الشعر‭ ‬بأيد‭ ‬حانية‭/ ‬ثم‭ ‬أتوني‭ ‬بقميص‭ ‬عار‭/ ‬مفتح‭ ‬خلا‭ ‬من‭ ‬الأزرار‭ (‬عندما‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬البيت‭ ‬حمدت‭ ‬الله‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أزره‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬لأراه‭ ‬بقميص‭ ‬عار‭ ‬بلا‭ ‬أزرار،‭ ‬ولا‭ ‬أظن‭ ‬أنهم‭ ‬زودوه‭ ‬بأي‭ ‬قميص‭ ‬بسبب‭ ‬مشكلة‭ ‬‮«‬المقاس‮»‬‭).. ‬ووضعوا‭ ‬في‭ ‬رأسي‭ ‬الطاقية‭/ ‬وأصبحت‭ ‬أقدامنا‭ ‬مخفية‭ (‬لاحظ‭ ‬أنه‭ ‬يقول‭ ‬أقدامنا‭ ‬ولا‭ ‬يتكلم‭ ‬عن‭ ‬قدمين‭ ‬كسائر‭ ‬خلق‭ ‬الله‭)!! ‬ألمهم‭ ‬أن‭ ‬الأطباء‭ ‬خدروه‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ويقال‭ ‬إنهم‭ ‬استخدموا‭ ‬لتلك‭ ‬الغاية‭ ‬لترين‭ ‬من‭ ‬المورفين،‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬تأثيرها،‭ ‬فشعره‭ ‬وحكاياته‭ ‬كلها‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬مسطول،‭ ‬ولا‭ ‬تثريب‭ ‬عليه‭ ‬فهو‭ ‬رجل‭ ‬حسن‭ ‬التدين‭ ‬ولا‭ ‬يبدأ‭ ‬قصائده‭ ‬إلا‭ ‬بشكر‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬نعمائه،‭ ‬ولكن‭ ‬الضرورات‭ ‬تبيح‭ ‬المحظورات‭.‬

واستيقظ‭ ‬محمد‭ ‬الضالع‭ ‬صبيحة‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬ليتحدث‭ ‬عن‭ ‬معاناته‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬العملية‭ ‬الجراحية‭: ‬وعندما‭ ‬صحوت‭ ‬من‭ ‬بلوائي‭/ ‬شعرت‭ ‬بالآلام‭ ‬والأرزاء‭/ ‬وبعدها‭ ‬أتى‭ ‬لي‭ ‬الدكتور‭/ ‬مطمئنا‭ ‬يقول‭ ‬يا‭ ‬صبور‭ (‬يا‭ ‬مفتري‭ ‬هل‭ ‬الصبور‭ ‬أنت‭ ‬الذي‭ ‬خضعت‭ ‬للعملية‭ ‬تحت‭ ‬التخدير‭ ‬أم‭ ‬الجراح‭ ‬الذي‭ ‬عانى‭ ‬الأمرين‭ ‬كي‭ ‬يعثر‭ ‬على‭ ‬زائدتك‭ ‬الدودية‭ ‬كما‭ ‬سنرى؟‭)... ‬يقول‭ ‬له‭ ‬الدكتور‭: ‬بشراك‭ ‬قد‭ ‬حالفنا‭ ‬النجاح‭/ ‬والنصر‭ ‬والتوفيق‭ ‬والفلاح‭/ ‬فبعد‭ ‬‮«‬جهد‮»‬‭ ‬دخل‭ ‬المنظار‭/ ‬وبعده‭ ‬توالت‭ ‬الأخطار‭/ ‬إذ‭ ‬تاه‭ ‬بين‭ ‬اللحم‭ ‬والشحوم‭/ ‬ولم‭ ‬يسر‭ ‬في‭ ‬خطه‭ ‬المرسوم‭/ ‬فعاود‭ ‬الكرّة‭ ‬والنزالا‭/ ‬ليدخل‭ ‬المجهول‭ ‬والأهوالا‭/ ‬لكنه‭ ‬قد‭ ‬عاد‭ ‬بالخسران‭/ ‬بعد‭ ‬اختلاط‭ ‬الرأس‭ ‬بالمصران‭/ ‬فقمت‭ ‬باستبداله‭ ‬في‭ ‬الحال‭/ ‬فهو‭ ‬قصير‭ ‬ضاع‭ ‬في‭ ‬التلال‭. ‬وقد‭ ‬صدرت‭ ‬مناشدة‭ ‬لوزير‭ ‬الصحة‭ ‬السعودي‭ ‬بأن‭ ‬يمنح‭ ‬الجراح‭ ‬الذي‭ ‬استأصل‭ ‬زائدة‭ ‬الضالع‭ ‬اللولبية‭ ‬ترقية‭ ‬استثنائية‭ ‬ثم‭ ‬إحالته‭ ‬إلى‭ ‬التقاعد‭ ‬لأنه‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الشد‭ ‬العصبي‭ ‬والعضلي‭ ‬والنفسي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أضاع‭ ‬المنظار‭ ‬في‭ ‬بطن‭ ‬الضالع‭ ‬ثم‭ ‬أتى‭ ‬بغيره‭ ‬ونجحت‭ ‬العملية‭!! ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬استأجر‭ ‬مثقابا‭ ‬كهربائيا‭ (‬دريل‭ ‬‭ ‬وروار‭ ‬باللهجة‭ ‬الخليجية‭ ‬ودربكين‭ ‬بالعامية‭ ‬السودانية‭( ‬للتنقيب‭ ‬عن‭ ‬الزائدة‭) ‬فانكسر‭ ‬المثقاب‭ ‬واضطر‭ ‬إلى‭ ‬دفع‭ ‬قيمته‭ ‬من‭ ‬جيبه‭.‬

لك‭ ‬يا‭ ‬حبيبي‭ ‬محمد‭ ‬كل‭ ‬العافية‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا