العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن الحب والزوجة المستوردة

كتبت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عن‭ ‬محاولات‭ ‬بنات‭ ‬بريطانيا‭ ‬إغوائي،‭ ‬وكيف‭ ‬تعرضت‭ ‬للتحرش‭ ‬من‭ ‬عارضة‭ ‬الأزياء‭ ‬نايومي‭ ‬كامبل،‭ ‬داخل‭ ‬مصعد‭ ‬كهربائي‭ ‬في‭ ‬مبنى‭ ‬تلفزيون‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬كخبير‭ ‬أجنبي،‭ ‬فتجاهلت‭ ‬كل‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬المصعد‭ ‬ورشقتني‭ ‬بنظرة‭ ‬ثاقبة‭ ‬وابتسامة‭ ‬صاعقة‭ ‬فتجاهلتها‭ ‬بدوري‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬حولي‭ ‬نظروا‭ ‬الي‭ ‬بعيون‭ ‬تقطر‭ ‬حسدا،‭ ‬تقول‭ ‬في‭ ‬صمت‭: ‬الجنس‭ ‬على‭ ‬الجنس‭ ‬رحمة،‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬نايومي‭ ‬سمراء‭ ‬مثلي‭.‬

ولست‭ ‬ممن‭ ‬ينفرون‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬غربي‭ ‬او‭ ‬يعتقدون‭ ‬ان‭ ‬نساء‭ ‬الغرب‭ ‬غير‭ ‬جديرات‭ ‬بالحب‭ ‬‮«‬الصافي‮»‬‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يظلمهن‭ ‬ويصمهن‭ ‬بالجملة‭ ‬بعدم‭ ‬الوفاء،‭ ‬ولست‭ ‬ممن‭ ‬يعتقدون‭ ‬ان‭ ‬الزواج‭ ‬بالأجنبيات‭ (‬وأعني‭ ‬بذلك‭ ‬نساء‭ ‬الغرب‭) ‬ينتهي‭ ‬حتما‭ ‬بالفشل،‭ ‬لأنني‭ ‬أعرف‭ ‬العشرات‭ ‬الذين‭ ‬تزوجوا‭ ‬بأجنبيات‭ ‬وكونوا‭ ‬أسرا‭ ‬متماسكة‭ ‬وناجحة،‭ ‬ولكنني‭ ‬أعرف‭ ‬أيضا‭ ‬ان‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الزيجات‭ ‬ينتهي‭ ‬بالفشل‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬أصلا‭ ‬محكومة‭ ‬بالفشل،‭ ‬لكونها‭ ‬جاءت‭ ‬نتيجة‭ ‬نزوة‭.‬

فما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬شخصا‭ ‬عربيا‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬بلد‭ ‬أجنبي‭ ‬للدراسة‭ ‬أو‭ ‬للعمل،‭ ‬وفي‭ ‬الغربة‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬ضعيفا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العاطفية،‭ ‬وقد‭ ‬يلتقي‭ ‬بامرأة‭ ‬تبادله‭ ‬الحديث‭ ‬الودي‭ ‬وتشرب‭ ‬معه‭ ‬الشاي‭ ‬والقهوة‭ ‬مرتين‭ ‬خلال‭ ‬أسبوع‭ ‬واحد،‭ ‬فيجد‭ ‬فيها‭ (‬ملاذا‭) ‬يخرجه‭ ‬من‭ ‬وحدته،‭ ‬ومع‭ ‬فنجان‭ ‬الشاي‭ ‬الثالث‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬عرض‭ ‬عليها‭ ‬الزواج،‭ ‬وتنتهي‭ ‬الدراسة‭ ‬أو‭ ‬المهمة‭ ‬الرسمية‭ ‬ويحين‭ ‬موعد‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الوطن،‭ ‬وقد‭ ‬تتحمس‭ ‬بنت‭ ‬الخواجات‭ ‬لتجربة‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬عربي،‭ ‬وبعد‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬النفخ‭:  ‬أففففف‭.. ‬أختك‭ ‬قضت‭ ‬معنا‭ ‬3‭ ‬أيام‭ ‬متصلة‭! ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭.. ‬أمك‭ ‬تأتينا‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بطعام‭ ‬لا‭ ‬أستسيغه‭ ‬وأنت‭ ‬تجبرني‭ ‬على‭ ‬أكله‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬نكسر‭ ‬خاطرها‭.. ‬بصراحة‭ (‬مليت‭) ‬الزيارات‭ ‬لعماتك‭ ‬السبع‭ ‬وخالاتك‭ ‬التسع‭..  ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تساعدني‭ ‬في‭ ‬غسل‭ ‬أواني‭ ‬الطعام‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬تفعل‭ ‬قبل‭ ‬عودتنا‭ ‬إلى‭ ‬بلدك؟‭.. ‬لماذا‭ ‬ترغمني‭ ‬على‭ ‬الاختباء‭ ‬داخل‭ ‬غرفة‭ ‬كلما‭ ‬ضرب‭ ‬جرس‭ ‬الباب؟‭  ‬لماذا‭ ‬تمنعني‭ ‬من‭ ‬التدخين‭ ‬في‭ ‬حضور‭ ‬الضيوف؟‭ ‬لن‭ ‬أخرج‭ ‬معك‭ ‬طالما‭ ‬أنك‭ ‬تمنعني‭ ‬من‭ ‬ارتداء‭ ‬البنطلون‭ ‬والشورت‭! ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ (‬صراع‭ ‬الحضارات‭) ‬ودعني‭ ‬مما‭ ‬قاله‭ ‬صمويل‭ ‬هنتغتون‭!! ‬يفشل‭ ‬الزواج‭ ‬بأجنبيات‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الرجل‭ ‬غير‭ ‬أمين‭ ‬مع‭ ‬الزوجة‭ ‬الأجنبية‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العلاقة‭ ‬ولا‭ ‬يصارحها‭ ‬بثقافة‭ ‬وعادات‭ ‬مجتمعه‭ ‬وبما‭ ‬هو‭ ‬ممنوع‭ ‬ومسموح‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬تقبل‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬ترفضه‭ ‬وهي‭ (‬على‭ ‬بصيرة‭).‬

وغالبا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬أمثال‭ ‬من‭ ‬يعتبرون‭ ‬قبول‭ ‬خواجية‭ ‬تناول‭ ‬بضع‭ ‬فناجين‭ ‬شاي‭ ‬معهم‭ ‬دليل‭ ‬حب،‭ ‬ثم‭ ‬يتورطون‭ ‬في‭ ‬الزواج،‭ ‬يتصرفون‭ ‬أمامهن‭ ‬قبل‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الأوطان‭ ‬كأشخاص‭ ‬‮«‬متحضرين‮»‬‭ ‬بالمعايير‭ ‬الغربية‭: ‬تشرب‭ ‬الست‭ ‬سجائر‭ ‬أو‭ ‬نبيذ؟‭ ‬عادي‭.. ‬تنزل‭ ‬البحر‭ ‬بمايوه‭ ‬قطعتين؟‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬شيء،‭ ‬ويعودون‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بلاد‭ ‬العرب‭ ‬أوطاني‮»‬،‭ ‬فتسمع‭ ‬الزوجات‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬عيب‮»‬‭ ‬تتردد‭ ‬كلما‭ ‬مارست‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬عادي،‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬شيء‮»‬

عندما‭ ‬سافر‭ ‬أكبر‭ ‬أولادي‭ ‬إلى‭ ‬نيوزيلندا‭ ‬للدراسة‭ ‬الجامعية‭ ‬جلست‭ ‬معه‭ ‬لأحدثه‭ ‬حول‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الأشياء‭ ‬وقلت‭ ‬له‭: ‬لا‭ ‬تحسب‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تبتسم‭ ‬لك‭ ‬تحبك‭. ‬ولا‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تقول‭ ‬لك‭ ‬هاي‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أيام‭ ‬الأسبوع‭ (‬مشروع‭ ‬زوجة‭). ‬وقاطعني‭ ‬الولد‭ ‬بكل‭ ‬وقاحة‭: ‬كفاية‭ ‬يا‭ ‬أبوي‭ (‬ولد‭ ‬متخلف‭ ‬ولا‭ ‬يناديني‭ ‬دادي‭ ‬أو‭ ‬بابي‭ ‬رغم‭ ‬إنه‭ ‬نال‭ ‬تعليماً‭ ‬افرنجيا‭).. ‬كفاية‭.. ‬واطمئن‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬وقف‭ ‬طابور‭ ‬من‭ ‬بنات‭ ‬الخواجات‭ ‬وقلن‭ ‬أنهن‭ ‬سينتحرن‭ ‬جماعيا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬أتزوج‭ ‬بواحدة‭ ‬منهن،‭ ‬وصدرت‭ ‬مناشدة‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بمنع‭ ‬المذبحة،‭ ‬أو‭ ‬اختطفتك‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية‭ ‬وقالت‭ ‬انها‭ ‬ستصفيك‭ ‬جسديا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تقنع‭ ‬ابنك‭ ‬بالزواج‭ ‬من‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬البيضاوات‭ ‬أولئك،‭ ‬فإنني‭ ‬وبلا‭ ‬تردد‭ ‬سأشجعهن‭ ‬على‭ ‬الانتحار‭. ‬يعني‭ ‬لن‭ ‬أتزوج‭ ‬بخواجية‭ ‬لأنني‭ ‬أصلا‭ (‬متخلف‭) ‬أكثر‭ ‬منك،‭ ‬وأمي‭ ‬متخلفة‭ ‬أكثر‭ ‬مني‭ ‬ومنك

وأنا‭ ‬‭ ‬والكلام‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬لولدي‭ ‬‭ ‬عايشت‭ ‬الخواجات‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬ان‭ ‬التجربة‭ ‬كانت‭ ‬ممتعة‭!  ‬ثم‭ ‬ذكرني‭ ‬بحكاية‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬نسيتها‭: ‬عندما‭ ‬انتقلنا‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬التسعينيات‭ ‬سجلوه‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬ثانوية‭ ‬مختلطة‭ ‬وكان‭ ‬يعود‭ ‬منها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬وهو‭ ‬يشتكي‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬حياء‭ ‬البنات،‭ ‬وركب‭ ‬رأسه‭ ‬وانتقل‭ ‬إلى‭ ‬مدرسة‭ ‬كلها‭ ‬ذكور‭ ‬وسألته‭: ‬كيف‭ ‬المدرسة‭ ‬الجديدة‭ ‬فقال‭: ‬أقل‭ ‬سوءا‭ ‬من‭ ‬المختلطة‭ ‬بنصف‭ ‬درجة‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا