العدد : ١٧١٨١ - الاثنين ٠٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٨١ - الاثنين ٠٧ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ شوّال ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

كيف نجوت من الخلع

قبل‭ ‬أعوام،‭ ‬نشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬المصري‭ ‬اليوم‮»‬‭ ‬حكاية‭ ‬مهندسة‭ ‬بترول،‭ ‬طلبت‭ ‬الطلاق‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الزواج،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬السيدة‭ ‬قد‭ ‬جلست‭ ‬مصادفة‭ ‬خلال‭ ‬رحلة‭ ‬جوية‭ ‬جوار‭ ‬رجل‭ ‬اتضح‭ ‬أنه‭ ‬مهندس،‭ ‬فكانت‭ ‬نظرة‭ ‬فهمسة‭ ‬فلمسة،‭ ‬وبعدها‭ ‬بأسبوع‭ ‬حدث‭ ‬الزواج‭. ‬الحب‭ ‬‮«‬في‭ ‬طيارة‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬الحب‭ ‬عبر‭ ‬فيسبوك،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الحب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فيسبوك‭ ‬يستغرق‭ ‬عادة‭ ‬شهورا‭ ‬وربما‭ ‬سنوات،‭ ‬وعندما‭ ‬ينتهي‭ ‬حب‭ ‬كهذا‭ ‬بالزواج،‭ ‬ينتهي‭ ‬الزواج‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحوال‭ ‬بالفراق،‭ ‬وهكذا‭ ‬تكون‭ ‬عادة‭ ‬نهاية‭ ‬الحب‭ ‬الترانزيت‭. ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬أحيانا‭ ‬يتزوج‭ ‬طرفان‭ ‬بعد‭ ‬تعارف‭ ‬ولقاءات‭ ‬متكررة‭ ‬وتزكيات‭ ‬من‭ ‬الأقارب‭ ‬والأصدقاء‭ ‬ثم‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الطرفين‭ ‬أو‭ ‬كليهما‭ ‬كان‭ ‬يجيد‭ ‬‮«‬التمثيل‮»‬،‭ ‬ويظهر‭ ‬على‭ ‬حقيقته‭ ‬بعد‭ ‬الزواج،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بزواج‭ ‬ينجم‭ ‬عن‭ ‬سوالف‭ ‬وأنس‭ ‬داخل‭ ‬طائرة‭ ‬ثم‭ ‬تتواصل‭ ‬السوالف‭ ‬عبر‭ ‬التلفون‭ ‬وبعد‭ ‬سبعة‭ ‬أيام‭ ‬يقرر‭ ‬المتسولفان‭ ‬الزواج،‭ ‬وما‭ ‬بالك‭ ‬بزواج‭ ‬ينجم‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬الكترونية‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ (‬لو‭ ‬رأيت‭ ‬صورتي‭ ‬في‭ ‬صفحتي‭ ‬في‭ ‬فيسبوك،‭ ‬لحسبت‭ ‬أنني‭ ‬ملك‭ ‬جمال‭ ‬إفريقيا‭). ‬المهم‭ ‬في‭ ‬المغازلة‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭ ‬يرسم‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬صورة‭ ‬زاهية‭ ‬لنفسه‭ ‬ويتم‭ ‬تبادل‭ ‬عبارات‭ ‬من‭ ‬نوع‭: ‬سبحان‭ ‬الله‭.. ‬أنا‭ ‬وأنت‭ ‬نتفق‭ ‬في‭ ‬الطباع‭ ‬والعادات‭ ‬والمزاج‭.. ‬ويتم‭ ‬تبادل‭ ‬أرقام‭ ‬الهواتف‭ ‬و‭: ‬سبحان‭ ‬الله‭.. ‬صوتك‭ ‬يطابق‭ ‬صورتك‭.. ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬مرحلة‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬لقاء‭ ‬ولو‭ ‬تطلب‭ ‬ذلك‭ ‬الضرب‭ ‬على‭ ‬أكباد‭ ‬الإيرباص‭ ‬أو‭ ‬البوينغ‭.. ‬وعند‭ ‬اللقاء‭: ‬يا‭ ‬سلام‭.. ‬شخصيتك‭ ‬الحقيقية‭ ‬أحلى‭ ‬من‭ ‬شخصيتك‭ ‬الافتراضية‭ (‬اقرأ‭ ‬العبارات‭ ‬أعلاه‭ ‬وأدناه‭ ‬بصيغتي‭ ‬المذكر‭ ‬والمؤنث‭).. ‬ثم‭ ‬يقرران‭ ‬التصعيد‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬التصديقات‭ ‬والموافقات‭ ‬الرسمية‭: ‬أنا‭ ‬لقيت‭ ‬شريك‭ ‬الحياة‭ ‬اللي‭ ‬كنت‭ ‬بحلم‭ ‬به،‭ ‬ومش‭ ‬هتنازل‭ ‬عنه‭ ‬أبداً‭ ‬مهما‭ ‬يكون‭.. ‬أبداً‭.. ‬‮«‬أبدن‮»‬،‭ ‬ولكيلا‭ ‬أستمر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬الافتراضي‭ ‬تعالوا‭ ‬نسمع‭ ‬من‭ ‬مهندسة‭ ‬البترول‭ ‬المصرية‭ ‬لماذا‭ ‬طلبت‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬عشقته‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬كلمة‭ ‬ونظرة؟

يا‭ ‬حضرة‭ ‬القاضي،‭ ‬إحنا‭ ‬متجوزين‭ ‬من‭ ‬شهر،‭ ‬وأحلف‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬جوزي‭ ‬ما‭ ‬استحماش‭ ‬ولا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬الجوازة‭ ‬المهببة‭ ‬د‭.. ‬قال‭ ‬إيه؟‭ ‬قال‭ ‬عندي‭ ‬حساسية‭ ‬من‭ ‬الميّه‭! ‬بالذمة‭ ‬ده‭ ‬اسمه‭ ‬كلام؟‭ ‬يعني‭ ‬الميه‭ ‬بتعمل‭ ‬له‭ ‬حساسية‭ ‬لما‭ ‬تلمس‭ ‬جلده‭ ‬وما‭ ‬بتعملهاش‭ ‬لما‭ ‬يشربها؟‭ ‬طنطنت‭ ‬ونقنقت‭ ‬عشان‭ ‬اقنعه‭ ‬يستحم‭ ‬بس‭ ‬مفيش‭ ‬فايدة‭.. ‬قال‭ ‬لي‭ ‬بصريح‭ ‬العبارة‭: ‬ديه‭ ‬عادتي‭.. ‬ما‭ ‬بحبش‭ ‬استحم‭!! ‬ولما‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬الطلاق،‭ ‬رفض،‭ ‬وأديني‭ ‬قدامك‭ ‬يا‭ ‬سعادة‭ ‬القاضي‭ ‬طالبة‭ ‬الطلاق‭ ‬للضرر‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬جيوبي‭ ‬الأنفية‭ ‬وسبب‭ ‬لي‭ ‬عسر‭ ‬الهضم‭! ‬تخيل‭ ‬لما‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬تربيزة‭ ‬السفرة‭ ‬ويرفع‭ ‬إيده‭ ‬عشان‭ ‬يتناول‭ ‬حاجة‭.. ‬يييع‭.. ‬يييخ‭.. ‬بروح‭ ‬في‭ ‬غيبوبة‭! ‬ولما‭ ‬اعترف‭ ‬الرجل‭ ‬أمام‭ ‬القاضي‭ ‬بأنه‭ ‬يكره‭ ‬الاستحمام‭ ‬صدر‭ ‬الحكم‭ ‬بالتفريق‭ ‬بينهما‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬قرأت‭ ‬حكاية‭ ‬السيدة‭ ‬التي‭ ‬اتضح‭ ‬لها‭ ‬أنها‭ ‬تزوجت‭ ‬رجلا‭ ‬من‭ ‬فصيلة‭ ‬التيوس‭ (‬لو‭ ‬عندك‭ ‬مخ‭ ‬ستستنتج‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬لا‭ ‬يصلي‭!! ‬أخذا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬الزوجة‭ ‬لم‭ ‬تذكر‭ ‬في‭ ‬شكواها‭ ‬منه‭ ‬أمراً‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحرمان‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الفراش‭ ‬الشرعية‭!!).. ‬المهم‭ ‬أنني‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قرأت‭ ‬تلك‭ ‬الحكاية‭ ‬حمدت‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬أنني‭ ‬عقدت‭ ‬قراني‭ ‬ثم‭ ‬سافرت‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬لدراسة‭ ‬فنون‭ ‬العمل‭ ‬التلفزيوني‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬اصطحب‭ ‬زوجتي‭ ‬معي‭!! ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬قد‭ ‬تابعت‭ ‬هذه‭ ‬السلسلة‭ ‬من‭ ‬المقالات،‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬فقد‭ ‬تتذكر‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬عن‭ ‬إقامتي‭ ‬في‭ ‬سكن‭ ‬طلابي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬أماكن‭ ‬الاستحمام‭ ‬بلا‭ ‬أبواب،‭ ‬فمكثت‭ ‬10‭ ‬أيام‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬بلا‭ ‬استحمام‭ ‬طلبا‭ ‬للستر‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬المواقف‭! ‬وتخيل‭ ‬حالي‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬معي‭ ‬زوجة‭. ‬فضيحة‭ ‬خلع‭ ‬في‭ ‬محاكم‭ ‬الخواجات‭!! ‬لا‭ ‬أفهم‭ ‬لماذا‭ ‬يستحم‭ ‬الخواجات‭ ‬وهم‭ ‬عرايا‭ ‬أمام‭ ‬آخرين‭ ‬عرايا؟‭ ‬غزوا‭ ‬الفضاء‭ ‬واخترعوا‭ ‬كل‭ ‬الضروريات‭ ‬والكماليات،‭ ‬وينفقون‭ ‬التريليونات‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬لقتل‭ ‬مواطني‭ ‬الدول‭ ‬الغلبانة،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالستر‭ ‬وتركيب‭ ‬أبواب‭ ‬للحمامات‭ ‬يقولون‭: ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬ترشيد‭ ‬الإنفاق‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا