العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

منذ تأسيس الكيان الصهيوني والمنطقة في قلاقل!

{‭ ‬عادة‭ ‬بحجم‭ ‬التحدي‭ ‬تأتي‭ ‬الاستجابة‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬عايشت‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬منذ‭ ‬قرون‭ ‬طويلة‭! ‬ولكن‭ ‬التحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬كان‭ ‬تأسيس‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ليشق‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬منتصفها‭! ‬وليتم‭ ‬وضعها‭ ‬على‭ ‬مرجل‭ ‬ساخن‭ ‬لم‭ ‬تهدأ‭ ‬نيرانها‭ ‬قط‭ ‬لا‭ ‬بالحروب‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬ولا‭ ‬بالاعتراف‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اتفاقيات‭ ‬السلام‭! ‬لأنه‭ ‬تم‭ ‬تصنيعه‭ ‬استعماريا‭ ‬ليؤدي‭ ‬دورا‭ ‬وظيفيا‭ ‬مستمرا‭ ‬خارج‭ ‬نطاقات‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬السلام‭! ‬ولأنه‭ ‬كيان‭ ‬غريب‭ ‬وسر‭ ‬بقائه‭ ‬واستمراره‭ ‬هو‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬الاستعماري‭ ‬المطلق‭ ‬له‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬يفتح‭ ‬الحرب‭ ‬عليه‭ ‬لكأنه‭ ‬يحارب‭ ‬دول‭ ‬الصهيونية‭ ‬الغربية‭ ‬والاستعمارية‭ ‬ككل‭! ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬ومن‭ ‬يدعمه‭ ‬يحمل‭ ‬هو‭ ‬أولا‭ ‬بذرة‭ ‬فنائه‭ ‬من‭ ‬داخله‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بسالة‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬يخطئ‭ ‬كثيرون‭ ‬أنها‭ ‬بدأت‭ ‬مع‭ ‬حماس‭ ‬لأنها‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬العقود‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وقبل‭ ‬تأسيس‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬أصلا‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يرجح‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المقاومة‭!‬

{‭ ‬العرب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قدَّروا‭ ‬أن‭ ‬الحروب‭ ‬ليست‭ ‬هي‭ ‬الحل‭ ‬في‭ ‬نظرهم‭ ‬اتجهوا‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالكيان‭ ‬ووضع‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬معه‭ ‬منذ‭ ‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أخرى،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬تهدأ‭ ‬المنطقة‭ ‬ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬نزيفها‭ ‬لأن‭ ‬الشرط‭ ‬الثاني‭ ‬لبقاء‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬واستمراره‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬الخارجي‭ ‬هو‭ ‬إبقاء‭ ‬العرب‭ ‬ككل‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضعف‭ ‬مستمر‭ ‬وخاصة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬فيها‭ ‬الطموحات‭ ‬التوسعية‭ ‬التي‭ ‬يضعها‭ ‬الكيان‭ ‬في‭ ‬الخارطة‭ ‬وأعلنها‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭! ‬وحملها‭ ‬الجندي‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬كتفه‭ ‬ويرى‭ ‬الكيان‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬هي‭ ‬مسألة‭ ‬وقت‭ ‬وتحين‭ ‬الفرصة‭ ‬الملائمة‭!‬

{‭ ‬استمر‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬للكيان‭ ‬بشكل‭ ‬هائل‭ ‬ومعه‭ ‬استمر‭ ‬مخطط‭ ‬إضعاف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وإفشالها‭ ‬وتقسيم‭ ‬بعضها‭ ‬ولاحقا‭ ‬تقسيم‭ ‬كلها‭ ‬بحسب‭ ‬المنظور‭ ‬الاستعماري‭! ‬وتم‭ ‬إعلان‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬صريح‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬العرب‭ ‬تصديقه‭! ‬لكنه‭ ‬موجود‭ ‬ومستمر‭ ‬ويتحين‭ ‬كل‭ ‬فرصة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬ما‭ ‬تأخر‭ ‬تنفيذه‭! ‬والذي‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬إضعاف‭ ‬العراق‭ ‬بغزوه‭ ‬واحتلاله‭ ‬وإدخاله‭ ‬في‭ ‬فوضى‭ ‬الطائفية‭ ‬ثم‭ ‬إضعاف‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬وليبيا‭ ‬والسودان‭ ‬والصومال‭ ‬واليمن‭ ‬ولكل‭ ‬منها‭ ‬حكاية‭ ‬تتناسل‭ ‬منها‭ ‬حكايات‭ ‬كألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‭!‬

{‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ولأن‭ ‬وظيفته‭ ‬إضعاف‭ ‬العرب‭ ‬بالحرب‭ ‬أو‭ ‬السلام‭ ‬الوهمي‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يريد‭ ‬إضعاف‭ ‬العرب‭ ‬وإضعاف‭ ‬أية‭ ‬قوة‭ ‬لديهم،‭ ‬إما‭ ‬بالحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬والنزاعات‭ ‬والفتن‭ ‬الطائفية‭ ‬والعرقية‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬يعلنوا‭ ‬استسلامهم‭ ‬لمخططاته‭ ‬وأطماعه‭ ‬وهذا‭ ‬مفهومه‭ ‬الحقيقي‭ ‬لما‭ ‬يسميه‭ ‬بالسلام‭!‬

وفي‭ ‬كلتا‭ ‬الحالتين‭ ‬فإن‭ ‬المنطقة‭ ‬لم‭ ‬تهدأ‭ ‬ولن‭ ‬تهدأ‭ ‬وستبقى‭ ‬على‭ ‬الصفيح‭ ‬الساخن‭ ‬طالما‭ ‬بقي‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬مزروعا‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬جغرافيتها‭! ‬وهو‭ ‬يعلن‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬الحرب‭ ‬الشاملة‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬السلام‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬أو‭ ‬اللاحقة‭! ‬هو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وخانة‭ ‬القلاقل‭ ‬والأزمات‭ ‬والصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬والفوضى‭ ‬الفكرية‭ ‬والسياسية،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الضعف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الكامن‭ ‬حتى‭ ‬تتهيأ‭ ‬الأرضية‭ ‬بعدها‭ ‬لحرب‭ ‬شاملة‭ ‬ختامية‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬العراب‭ ‬الصهيوني‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬كيسنجر‮»‬‭! ‬وهذا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬السلام‭ ‬عند‭ ‬الصهاينة‭ ‬هو‭ ‬للخداع‭ ‬فقط‭!‬

إنهم‭ ‬يعلنون‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التصريحات‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تطرح‭ ‬مخططاتهم‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬وفي‭ ‬منتدى‭ ‬لندن‭ ‬بين‭ ‬1905‭ ‬و1907‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬هو‭ ‬صراع‭ ‬حضاري‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭! ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬طرح‭ ‬زرعه‭ ‬منذئذ‭ ‬هو‭ ‬لمنع‭ ‬أي‭ ‬وحدة‭ ‬عربية‭ ‬وإبقاؤها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الاستنزاف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬الطويلة‭ ‬وربما‭ ‬لمئات‭ ‬السنين‭! ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬الصهاينة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الوظيفي‭ ‬استعماريا‭ ‬من‭ ‬ابتلاع‭ ‬كل‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية‭! ‬ولهذا‭ ‬دخلت‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحروب‭ ‬العسكرية،‭ ‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع‭ ‬وما‭ ‬بعده‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬الناعمة‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الأفكار‭ ‬لدى‭ ‬العرب‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬الديني‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬قوة‭ ‬عربية‭ ‬دينية‭ ‬ومعنوية‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬كسرها‭ ‬وتفتيتها‭ ‬وهزيمتها‭! ‬ودخلت‭ ‬في‭ ‬حيثيات‭ ‬تلك‭ ‬الحروب‭ ‬الناعمة‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬إنشاء‭ ‬طوابير‭ ‬عربية‭ ‬خامسة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬الفكرية‭ ‬والدينية‭ ‬والسياسية‭ ‬للترويج‭ ‬لذلك‭ ‬الاختراق‭ ‬الفكري‭ ‬والديني‭! ‬بل‭ ‬اختراق‭ ‬الأنظمة‭ ‬التعليمية‭ ‬والإعلامية‭ ‬العربية‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬الكيان‭ ‬بعد‭ ‬العدوان‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وانقلاب‭ ‬الرأي‭ ‬الشعبي‭ ‬العالمي‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬هو‭ ‬الباب‭ ‬الذي‭ ‬انفتح‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تقدير‭ ‬عربي‭ ‬للحدث‭ ‬وما‭ ‬بعده،‭ ‬بما‭ ‬يتطلب‭ ‬رؤية‭ ‬عربية‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬لكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الكيان،‭ ‬وتفعيل‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬والإمكانيات‭ ‬العربية‭ ‬لمساندة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬يقاوم‭ ‬اليوم‭ ‬أبشع‭ ‬احتلال‭ ‬استيطاني‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭! ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬تقاوم‭ ‬اليوم‭ ‬الصهاينة‭ ‬والصهيونية‭ ‬العالمية‭ ‬وليس‭ ‬الكيان‭ ‬وحده‭! ‬فماذا‭ ‬ينتظر‭ ‬العرب‭ ‬لكي‭ ‬يغيروا‭ ‬رؤيتهم‭ ‬تجاه‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬بعد‭ ‬تهويدها‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخططه‭ ‬التوسعي‭ ‬الإقليمي‭ ‬وانتزاع‭ ‬السيادة‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬لتضعها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الاستسلام‭ ‬المطلق؟‭! ‬هل‭ ‬يرى‭ ‬العرب‭ ‬كيف‭ ‬يفكر‭ ‬القادة‭ ‬الصهاينة‭ ‬أم‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يروا‭ ‬لأن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أمام‭ ‬أعينهم‭ ‬بطعم‭ ‬ومرارة‭ ‬الحنظل؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا